المحتوى الرئيسى

الجيش الألماني يتأهب لمنع تهريب السلاح لـ"داعش" في ليبيا

06/23 09:24

تشمل منطقة عمل العملية "صوفيا" مساحة تقدر بمثل مساحة ألمانيا. فهي تشمل السواحل الليبية والسواحل الغربية لتونس وتصل باتجاه الشمال إلى جزيرة صقلية والسواحل الجنوبية لإيطاليا. ويشارك في العملية حوالي 400 جندي ألماني، يتموضعون على متن سفينتين بحريتين ألمانيتين وعلى السفينة الإيطالية القائدة للحملة وفي غرفة العمليات الرئيسية في روما. وتتركز مهمة عملية "صوفيا" على محاربة العصابات الإجرامية، والاستطلاع، وكبح جماح الهجرة غير القانونية إلى أوروبا. غير أن واقع الحال شيء آخر: الجزء الأساسي من العمل حتى الآن هو عمليات الإنقاذ البحرية، أي القيام بانتشال المهاجرين غير النظاميين من قوارب التهريب إلى متن السفن الألمانية والإيطالية.

منذ العام الفائت أنقذت العملية حوالي 15 ألف مهاجر غير نظامي وجلبتهم إلى إيطاليا. من يستطلع آراء المشاركين بالعملية، يتبين له عدم رضا الجنود عما يجري. فهم يشعرون بأنفسهم كما لو كانوا جزءاً من شبكات التهريب ويعتريهم القلق بأن يكونوا "المَرَاكِبِيّ الذي ينقل إرهابيي داعش إلى أوروبا"، كما صرح بذلك أحد القادة في برلين في إبريل/ نيسان الماضي. فهدفهم الأساسي والمعلن هو منع تهريب المهاجرين غير القانونيين، وهذه المهمة أصبحت صعبة التحقيق. وبحسب مصادر في الاتحاد الأوروبي، فقد تم إلقاء القبض على حوالي 70 مهرباً وتسليمهم للسلطات الإيطالية، وتدمير 140 مركب تهريب.

أهداف العملية لم تتحقق حتى الآن

يعود سبب الفشل في تحقيق الأهداف إلى أنه يتعين على جنود البحرية اقتصار عملياتهم على المياه الدولية وعدم دخول المياه الإقليمية الليبية. في المياه الإقليمية الليبية تقترب سفن الحملة من المهربين للمراقبة فقط، وليس لفعل شيء آخر. وعلى أية حال، لا تصل سفن الحملة إلى "رؤوس شبكات التهريب". فأولئك يقبعون في مكاتب فخمة في مبانٍ برجية على السواحل الليبية، ولا يمكن للاتحاد الأوروبي الوصول إليهم. يجمع المهربون ثروات طائلة: يحشرون من 350 إلى 600 مهاجر غير شرعي في قارب خشبي ويحصلون لقاء ذلك على مبلغ يقارب مليون دولار.

وتعتقد وكالة حماية الحدود الأوروبية، "فرونتيكس"، أنه تجري في مياه المتوسط أسبوعياً حوالي 10 آلاف عملية تهريب انطلاقاً من ليبيا. فقد أدت عمليات المراقبة الشديدة وعمليات إنقاذ اللاجئين وانتشالهم من مراكب قوارب إلى زيادة وتيرة التهريب؛ إذ يقوم المهربون بوضع المهاجرين غير النظاميين في مراكب غير صالحة للإبحار والدفع بهم إلى عرض البحر، كما صرح الرئيس الجديد لـ فرونتيكس، كلاوس روسلر، في بروكسل مؤخراً. وصرحت مصادر رسمية من برلين أن "الطريق الليبي" هو أكثر الطرق استخداماً من قبل المهربين.

مهاجرون غير نظاميين في مدينة زوارة الليبية

قررت الحكومة الألمانية تمديد وتوسيع مهمة عملية "صوفيا". إذ أن عمليات المراقبة ستتوسع باتجاه مصر. ويضاف إلى ذلك مهمتين: ستقوم الحملة بمكافحة تهريب السلاح ومساعدة الحكومة الليبية على تأسيس خفر سواحل وسلاح البحرية. وبشكل أدق من المفترض أنه سيكون بالإمكان من الآن فصاعداً إيقاف قوارب التهريب الكبيرة في أعالي البحار وتفتيشها ومصادرتها. وبالنسبة لقوارب تهريب السلاح، يُسمح-عند الشك- بتفتيش القوارب المبحرة من وإلى ليبيا.

يستند قرار توسيع مهمة عملية "صوفيا" إلى قرارين سياسيين. فمن جهة، قبلت حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج عرض الاتحاد الأوروبي بمساعدتها في إعادة بناء خفر السواحل. ومن المفترض أن يقوم خفر السواحل هذا، بعد تدريبه، بمكافحة المهربين في عقر دارهم، في ليبيا. وكخطوة أولى سيتم تدريب وتأهيل 100 ليبي على متن أحد سفن العملية "صوفيا". وتعتزم إيطاليا تقديم عشرة زوارق لليبيا للقيام بدوريات خفر السواحل. بعد ذلك من المقرر أن يجري عمليات التدريب والتأهيل على أراضي إحدى دول الاتحاد الأوروبي أو أراضي دولة ثالثة وفي النهاية على متن سفن خفر السواحل الليبية.

صار الآن بالإمكان تطبيق ومراقبة الالتزام بقرار الأمم المتحدة لحظر تصدير السلاح إلى ليبيا. وبذلك أصبح الطريق ممهداً لمكافحة تهريب السلاح. وبحسب رؤية الأمم المتحدة سيتم دعم وتقوية حكومة الوفاق الوطني الليبية عن طريق منع المتطرفين من الحصول على السلاح والذخائر عن طريق البحر. وبحسب تقارير الأمم المتحدة فإن السلاح يصل إلى ليبيا-بطريقة غير شرعية- من عدة دول، من بينها تركيا ومصر والإمارات العربية المتحدة. وتسود ظنون أن الفرع الليبي لتنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي يستفيد مادياً ويحصل على السلاح بهذه الطريقة. وكان متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية في برلين قد صرح بأن خطر الفرع الليبي لـ"داعش" على أوروبا أكبر من الخطر المتأتي من معقل التنظيم الأساسي في سوريا والعراق.

وزير الخارجية الألماني، فرانك شتاينمير، في مؤتمر صحفي له بعد لقائه ونظيره الفرنسي مع فايز السراج

هذا وكان وزارء خارجية الاتحاد الأوروبي قد أعلنوا في بداية الأسبوع الجاري أنه ينبغي تطبيق قرار الأمم المتحدة بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا، وهذا يتطلب توسيع مهمة عملية "صوفيا". ومن المفترض أن يقوم الجيش الألماني في الأسابيع المقبلة بتحضير نفسه للتعامل مع المخاطر المحتملة لتوسعة نطاق العملية. وبحسب ما صرح به متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية فإن الاتحاد الأوروبي هو من سيضع القواعد الجديدة للعملية، وسيجري ذلك خلال أربعة إلى ستة أسابيع. كما أن الاتحاد الأوربي سيحدد ترتيبات ومحتوى عمليات تدريب وتأهيل خفر السواحل الليبية ومن ثم سيبلغها للجيش الألماني.

تصويت البرلمان الألماني في بداية تموز/ يوليو المقبل

يبلغ عدد فراد الوحدة الألمانية المشاركة بعملية "صوفيا" حتى الآن 400 جندي. وبحسب السقف النهائي للمهمة يمكن زيادة عدد أفراد الحملة حتى 950 جندياً. وتجري مناقشات مع "وحدة الكوماندو الخاصة التابعة للبحرية" وذلك للقيام بإجبار سفن التهريب-عند الضرورة- على السماح بتفتيشها.

ستبدأ نهار الجمعة القادم، 24 حزيران، المشاورات في البرلمان الألماني لتمديد مهمة العملية "صوفيا" حتى عام 2017 وتوسيع نطاق المهمة. ومن المحتمل جداً أن يقوم البرلمان بالموافقة على تمديد وتوسيع المهمة في جلسته الأخيرة بداية تموز/ يوليو المقبل. وذلك قبل أن يدخل البرلمان في عطلته الصيفية. والجدير ذكره أن المشاركة بالعملية "صوفيا" سيكلف ألمانيا 45 مليون يورو.

يتكون أسطول الانقاذ في البحر الأبيض المتوسط "أم أس في" من ثلاث سفن. سفينة "الكرامة1" (دينيتي 1) التي يبلغ طولها 50 مترا هي إحدى سفن الأسطول. وقد جابت البحر الأبيض المتوسط هذا العام وأنقذت حياة أكثر من 5000 شخص، فيما تمكمنت سفن الأسطول جميعها من إنقاذ أكثر من 17 ألف شخص. وتتمركز سفن الأسطول على نحو 30 ميلا من السواحل الليبية.

القوارب التي تقل اللاجئين هي في الغالب صغيرة ومطاطية ويكتظ فيها مئات اللاجئين، كما يظهر في الصورة التي التقطها مراسل DW وسط البحر الأبيض المتوسط. وتبلغ تكلفة العبور في هذه القوارب نحو 500 يورو.

ذكرأغلب اللاجئين بعد إنقاذهم من قبل سفينة "الكرامة" إن مهربي البشر في ليبيا قالوا لهم بإن "سفينة كبيرة سوف تنقذهم وسط البحر وستنقلهم إلى إيطاليا". وأشارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيان بأن أكثر من 300 ألف لاجئ ومهاجر لجأوا هذا العام عبر "طريق البحر الأبيض المتوسط".

تسعى سفن أسطول الانقاذ في البحر الأبيض المتوسط "أم أس في" إلى إنقاذ النساء والأطفال أولا من "قوارب الموت". وتشكل النساء والأطفال نحو 10حتى 15 بالمائة من مجموع اللاجئين على متن السفن. بعض النساء حوامل أو يحملن أطفالا صغارا وأكثرهن بحاجة إلى معالجة طبية خاصة.

أغلب اللاجئين الذين يعبرون البحر انطلاقا من ليبيا هم من الأفارقة، على عكس طريق "رحلة البلقان" الذي يفضله لاجئو سوريا والعراق وأفغانستان. واغلب اللاجئين الأفارقة هم من منطقة جنوب الصحراء. وقد أصبحت ليبيا محطة رئيسية لهم للهجرة إلى أوروبا وتتحدث الأخبار عن حالات العنف والقتل والاغتصاب ضدهم في شمال أفريقيا.

يقول اللاجئ السنغالي أمين جابي عن تجربته في ليبيا: بعدما مسكوني في ليبيا وضعوني في مركز آو سجن خاص للاجئين وسلمني حارس السجن تلفونا خاصا للاتصل بعائلتي كي أقول لهم بأنني سأقتل في حال عدم أداء فدية". وعند ذلك اتضح لي بأن الذين لا يستطيعون دفع الفدية للحراس سيتم بيعهم للعمل كعبيد في قطاع البناء.

أشار الكثير من النساء إلى أعمال تحرش جنسي واغتصابات في مركز اللجوء في ليبيا. ويقدم أسطول الإغاثة العلاج الطبي والنفسي للاجئات. ويعرض طاقم الأسطول امكانية اختبار مرض الايدز على اللاجئات. وتقول لاورا باسكفيرو، وهي عاملة إنسانية على متن السفينة، في حوارها مع DW إن "الكثير من النساء يعانين من مشاكل نفسية".

إيفلين لاجئة من نيجيريا تحدثت مع DW وقالت: "مسك بي 5 رجال في نقطة تفتيش في محيط طرابلس وحاولوا اغتصابي، لكن كنت أمر بالدورة الشهرية. وهو ما أغضبهم واستمروا في ضربي إلى مرحلة فقدان الوعي. زوجي دفع لي تكاليف السفر وسأنتظره في إيطاليا".

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل