المحتوى الرئيسى

«بروكنجز»: الآثار السياسية لتغير طبيعة الاقتصادين السعودي والإيراني - ساسة بوست

06/22 14:14

منذ 13 دقيقة، 22 يونيو,2016

تحدث تقرير كتبته سوزان مالوني على موقع معهد بروكنجز عن الصعاب والتداعيات المحتملة التي تواجه كلًّا من السعودية وإيران، في أعقاب تدشين كلا الدولتين خطة طموحة للتخلي عن النفط كمصدر أساسي للدخل، والتحول إلى اقتصاد إنتاجي.

أنهى ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان زيارة معقدة إلى واشنطن، تهدف إلى إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة إلى سابق عهدها بعد توترها في السنوات الأخيرة؛ بسبب التقارب الدبلوماسي بين إدارة أوباما وإيران.

تصاعد العداء بين الرياض وطهران بشدة في أعقاب إبرام إيران الصفقة النووية مع الغرب، ليمتد التنافس بين الدولتين إلى أبعد من حدود الخليج، فتأجج العنف في سوريا والعراق واليمن. وقد زاد ذلك من أزمة أسواق الطاقة، والأسواق الدولية.

تقول الكاتبة إن الشك يسود بين الدولتين، وقد نسفت الخلافات الحادة بينهما جهود تحديد سقف للإنتاج في آخر اجتماع لمنظمة أوبك. كما تعطلت جهود تجميد الإنتاج بين بعض دول الأوبك، ودول من خارجها في أبريل (نيسان). ولم تستمر جهود وقف تدهور سعر النفط بعد أن وصل سعر البرميل إلى 50 دولارًا للبرميل.

تحاول إيران تعويض ما فاتها من الإيرادات بزيادة الإنتاج إلى معدلات غير مسبوقة منذ عام 2011، وخفض السعر بشدة بعد رفع العقوبات عنها كجزء من الاتفاق النووي.

بينما تحاول السعودية الحفاظ على حصتها من السوق بالضخ بمستويات قياسية. ويرافق تلك الإستراتيجية الاقتصادية تنافس جيوستراتيجي وطائفي حاد، الذي بلغ ذروته بمنع إيران من المشاركة في مراسم شعيرة الحج في مكة.

ولكن بعيدًا عن ذلك التنافس، تعمل الدولتان على الاستعداد لمرحلة ما بعد النفط في المستقبل. حيث تخططان لإستراتيجيات طموحة لإعادة هيكلة اقتصادهما، ما سيؤثر بشكل جذري في البلدين والمنطقة بأسرها. ويبدو أن تطبيق تلك الخطط هو أكثر من مجرد حملة دعائية، ولكن دعونا نتخيل الآثار المترتبة على تبني مثل تلك الخطط.

إن خطة إيران للتحول من اقتصاد يعتمد على النفط، إلى اقتصاد إنتاجي خدمي ليست وليدة اللحظة، إذ إنها أعلنت «رؤية 20 سنة قادمة» قبل عقد من الزمان تقريبًا. وتعتمد الخطة على تسريع النمو، وخلق الوظائف، وتنويع مصادر الدخل، وبناء اقتصاد يعتمد على المعرفة. وقد دعم هذا الاتجاه العقوبات الغربية التي فُرضت على طهران بسبب برنامجها النووي.

صرح مرشد الجمهورية الإسلامية في 2014 بالقول: «إن إحدى كبرى خسائرنا هي الاعتماد على النفط. ويجب علينا التقليل من الاعتماد على بيع النفط الخام قدر المستطاع».

وفي المقابل، يقول الكاتب، أعلن محمد بن سلمان «رؤية 2030» للتخلص من الاعتماد على النفط. تهدف الخطة إلى خلق اقتصاد مزدهر بحلول عام 2020. وتشمل الخطة عرض جزء من شركة أرامكو السعودية للنفط للبيع، وتدشين أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم، فضلًا عن إضافة حوالي 450000 وظيفة إلى القطاع الخاص، وخفض الرواتب الحكومية، ومضاعفة صادرات البلاد غير النفطية.

إلا أن الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة تمثل عقبةً في سبيل تحقيق خطط البلدين. تتركز السلطة في أيدي مؤسسات الحكم في البلدين؛ حيث تسيطران على توزيع السلع والخدمات الحيوية. ويتطلب تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط إدخال إصلاحات سياسية واجتماعية جوهرية، بما يحد من سلطة الدولة. وقد يهدد ذلك أيديولوجية النظام، ويضعف من شرعيته.

يعتمد النظام في المملكة على توزيع المعونات، وتوفير فرص العمل للحفاظ على شرعيته. ويتعين على الرياض إحداث خفض شديد في النفقات الحكومية في سبيل تنويع مصادر الدخل. وسيؤدي خفض المعونات، وزيادة الضرائب إلى اتجاه العمالة السعودية نحو القطاع الخاص الذي يشكل الأجانب حوالي 80% منه. وسيتطلب ذلك أيضًا إعادة هيكلة نظام الأجور، وتحسين نظام التعليم، والإنتاجية لرفع مستوى الفرد السعودي بما يزيد من فرص التحاقه بالقطاع الخاص.

يشير التقرير إلى أن على السعودية إحداث تغيير جذري في حياة مكون رئيسي في المجتمع، وهو المرأة. وتهدف رؤية 2030 إلى أن يكون نصف الخريجين الجامعيين من النساء «لمواصلة تطوير مواهبهن وتمكينهن من تعزيز المستقبل والمساهمة في تطور المجتمع».

إلا أن معظم العمالة السعودية من الرجال، وتفتقر النساء في السعودية إلى الكثير من حقوقهن، بما فيها قيادة السيارة، إذ أعلن ابن سلمان أن المرأة السعودية ليست مستعدة لذلك بعد.

تشير الكاتبة إلى أن المرأة في إيران تتمتع بحقوق أفضل من المملكة، لكن تفسير إيران للإسلام ما يزال يحد من مشاركة النساء بفعالية في قوة العمل.

يتمثل التحدي الحقيقي أمام الاقتصاد الإيراني في الانفتاح على الاستثمار الأجنبي المباشر. ثمة خلاف بين القيادة الإيرانية حول الانفتاح على الاقتصاد الغربي، حيث يرى خامنئي والمتشددون أن الاقتصاد العالمي ما هو إلا «نظام أسسه الصهاينة الرأسماليون وغيرهم لاستنزاف الموارد الاقتصادية للعالم».

يقول الكاتب إن الجمهورية الإسلامية اعتمدت في استقطاب ولاء الشعب على هذه الرواية. وتقف حجر عثرة أمام إدخال تدابير لتحسين الشفافية والأمن، وتطوير أطر مالية وقانونية أكثر مصداقية، وتقليص دور الدولة. وبدون ذلك، ستهدر طهران فرصة ذهبية لإعادة الاندماج مجددًا في المجتمع الدولي.

لطالما حمى دور طهران والرياض في سوق الطاقة العالمي البلدين من الانجراف نحو مستنقع الاضطرابات الذي تغرق فيه المنطقة. فحاجة الدول الكبرى للنفط تجعلها تعمل على تأمين نقل الإمدادات، ما يمنح قدرًا كبيرًا من الاستقلالية للبلدين. وقد حفز ذلك البلدين على تمويل أنشطة مشبوهة انتهكت حقوق مواطنيها والمقيمين فيها، دون أن يلحق أي أذى بإيراداتهما النفطية. ولا أدل على ذلك من رفع الأمم المتحدة اسم التحالف العربي الذي تقوده السعودية من القائمة السوداء.

يشير التقرير إلى أن تطورات المنطقة تقلل من فرص التخلي عن النفط، إذ إن نجاح هكذا خطة سيزيد من حساسية هذه التطورات. وقد يوفر النمو القوي، والحكم الرشيد في جميع أنحاء الشرق الأوسط، السياق الأمثل لمثل هذا التحول الاقتصادي، ولكن ثمة أولويات اقتصادية يجب على البلدين الاهتمام بها لخدمة شعبيهما بصرف النظر عن الأيديولوجيا والدين، بما يزيد من مستوى تأثيرهم الدولي ويوفر جزءًا كبيرًا من استقلالية سياستهما الخارجية.

يبدو من غير المرجح بشدة أن تتخلص السعودية وإيران من اعتمادهما على النفط، إذ إن إيران تسعى إلى زيادة إنتاجها إلى 4 مليون برميل يوميًّا بحلول مارس (آذار) 2017.

تقول الكاتبة إن السبب في التطور الذي تنعم به الدولتان اليوم، والهيمنة الإقليمية يعود الفضل فيه إلى النفط. كما أن الدولتين تستخدمان جزءًا من عوائد النفط لتمويل المنافسة في ساحات أخرى. وفي حال تطبيق خطط التحول، ستخاطر الدولتان بتلك العوائد والشرعية الداخلية.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل