المحتوى الرئيسى

الهجمات القاتلة للزواحف الشبيهة بالتماسيح على البشر «نادرة»

06/22 13:24

رغم أن الزواحف التي تعرف باسم "القواطير"- وهي زواحف تنتمي إلى رتبة "التمساحيات"- تعد مفترسة وخطرة وتهاجم البشر أحيانا، فإنه من غير المعتاد حدوث وفيات للبشر جراء هجماتها.

في 15 يونيو/حزيران 2016؛ سحب "قاطور أمريكي"، وهو كائن زاحف ينتمي إلى فصيلة "القاطُوريات" المنتمية بدورها إلى رتبة "التمساحيات"، طفلاً لا يتجاوز عمره العامين إلى داخل مياه بحيرة في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا الأمريكية.

وبعد نحو 18 ساعة عُثر على جثة الطفل "غير ممزقة الأوصال"، وذلك بداخل البحيرة، وفي بقعة لا تبعد كثيراً عن تلك التي كان قد سُحب منها.

وفي مؤتمر صحفي، قال جيري دِمينغز المسؤول عن الشرطة في مقاطعة أورانج إن المنطقة لم تشهد أي حوادث مماثلة لذلك من قبل.

ودفعت هذه المأساة الكثيرين للتساؤل عن مدى خطورة "القواطير الأمريكية"، كما تساءلوا عما إذا كان من المأمون أن يزور المرء مناطق تعيش فيها هذه الزواحف أم لا، وهو ما حدا بنا للتواصل مع خبراء في هذا المجال للتعرف على الحقيقة.

يُقتل سنوياً نحو سبعة آلاف من القواطير المُصنّفة على أنها "قواطير مزعجة أو ضارة"، وبدايةً يتعين القول إن الزواحف التي تنتمي لفصيلة "القاطُوريات" تشبه التماسيح كثيراً، وإن كانت تختلف عنها في بعض الصفات التشريحية، ولاسيما في شكل الفم.

ولا يوجد سوى نوعيّن لهذه الفصيلة: الأصغر حجماً منهما هو "القاطور الصيني"، الذي لا يتجاوز طول الواحد منه خمسة أقدام (متراً ونصف المتر). أما الثاني فهو "القاطور الأمريكي"، الذي قد تكون زواحفه أكبر بكثير من زواحف النوع الأول.

وحتى الآن، لا نعلم على وجه التحديد حجم "القاطُور الأمريكي" الذي هاجم الطفل في فلوريدا؛ والذي قَدّرَ شهود عيان طوله بما يتراوح بين 4 و7 أقدام (من 1.2 إلى مترين)، وهو تقدير يعني – إنْ صح – أنه كان صغير الحجم نسبياً. فبحسب السجلات؛ عُثر على أطول "قاطُور أمريكي" في ولاية ألاباما عام 2014، وكان طوله يناهز 15 قدماً (4.5 أمتار).

وتوجد "القواطير الأمريكية" بوفرة شديدة في فلوريدا؛ إذ يبلغ عددها أكثر من مليون قاطور، تنتشر في كل المقاطعات الـ 67 التي تتألف منها الولاية، وذلك بفضل برنامج ناجح نُفذ هناك لحماية هذه الزواحف، التي توجد كذلك في العديد من الولايات الأمريكية الأخرى؛ من بينها لويزيانا وميسيسبي وكارولاينا الشمالية.

وصلت "القواطير" إلى شفا الانقراض بسبب الصيد، لكن أعدادها في تزايد حالياً

وخلال دراسة بحثية جرت في فلوريدا، تعرّف لوكاس نِل خبير شؤون البيئة والكائنات الحية بجامعة جورجيا الأمريكية على العديد من القواطير في هذه الولاية. ويقول إنه من المنطقي افتراض وجود واحد من هذه الزواحف على الأقل في كل مسطح مائي في فلوريدا.

وبالفعل توجد القواطير في غالبية البرك والمستنقعات بالولاية. ولكن رغم كثرة عددها فإن هجماتها نادرة.

وبحسب ما يقول نِل؛ عادة ما تخشى "القواطير الأمريكية" من البشر، إذ أنها "تُصاد منذ قَدِمَ الأوروبيون إلى الولايات المتحدة، بل وكادت تنقرض".

وقد أحصى تقرير صدر عام 2010 عدد الهجمات الموثقة التي شنتها "القواطير الأمريكية" على مدار 81 عاماً؛ تحديداً بين عامي 1928 و2009.

وبحسب التقرير؛ لم تشهد الولايات المتحدة خلال تلك الفترة سوى 24 حالة وفاة جراء مثل هذه الهجمات؛ غالبيتها في فلوريدا. كما تبين أن القواطير لم "تلتهم" سوى عددٍ محدودٍ من ضحاياها.

وفي هذه الحالات تحديدا، ليس من المعروف ما إذا كان هؤلاء الضحايا قد هوجموا أولاً، أم أنهم غرقوا ومن ثم التهمتهم القواطير بعد ذلك؛ كما يقول معد التقرير ريك لَنغلي، الذي يعمل في إدارة الصحة والخدمات البشرية بمدينة رالي الواقعة في ولاية كارولاينا الشمالية.

وذكر لَنغلي أن الفترة التي يغطيها التقرير شهدت كذلك 567 مما يُعرف بـ"الاحتكاكات الضارة" بين البشر والقواطير؛ كان العديد منها في صورة عضات. واحتاج نحو 260 شخصا من ضحايا هذه الاحتكاكات الحصول على رعاية طبية تتجاوز مجرد تلقي الإسعافات الأولية البسيطة. أما الحالات المتبقية فكانت الأضرار فيها طفيفة.

يتعرض البشر في فلوريدا سنوياً لنحو خمس عضات من القواطير دون مبرر

وإذا ما وضعنا في الاعتبار، عدد السكان القاطنين في المناطق التي تُوجد فيها "القواطير"، فسيتضح أن معدل الهجمات التي تشنها هذه الزواحف لا يتجاوز نحو 0.06 هجوم لكل مئة ألف شخص، وهو معدل متدنٍ بشكل ملحوظ.

ووفقا لما تذكره وحدة من الخبراء المتخصصين في شؤون التمساحيات تابعة للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة ومواردها؛ فإن هناك ثمانية من الأنواع الـ 23 التي تضمها رتبة التمساحيات؛ تُعرف بأنها تهاجم البشر دون مبرر أو استفزاز. ومن بين هذه الأنواع العدوانية "القاطور الأمريكي".

رغم ذلك، فلا تتجاوز نسبة الهجمات القاتلة التي تشنها "القواطير الأمريكية" ستة في المئة فحسب من إجمالي هجماتها، حسبما يقول الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة. ويعني ذلك أن هذا النوع يشكل خطراً محدوداً على حياة البشر، خاصة بالمقارنة مع أنواع شرسة كـ"تمساح النيل"؛ الذي تُزهق 63 في المئة من هجماته أرواح ضحاياها، أو "تمساح المياه المالحة"، الذي يلقى ما بين ربع إلى نصف ضحايا هجماته حتفهم.

وبحسب أرقام قاعدة بيانات، يُطلق عليها اسم "كروك بايت" وتستهدف توثيق كل الهجمات التي تشنها زواحف رتبة "التمساحيات" على البشر في شتى أنحاء العالم، يلقى نحو ألف شخص حتفهم سنوياً جراء هذه الهجمات. وتقع مئات من حالات الوفيات هذه؛ أو الجانب الأكبر منها بالأحرى، في أفريقيا.

وفي غالبية الأحيان؛ تشكل الزواحف المنتمية لفصيلة "التماسيح" خطراً أكبر على الإنسان، مقارنةً بنظيراتها التي تنتمي لفصيلة "القاطوريات"؛ نظراً لأن تلك الأخيرة، تميل أكثر إلى الانتقاء، فيما يتعلق باختيار فرائسها.

وفي هذا الصدد، يمكن الاستعانة برأي سايمون بوُلي الباحث في كلية بيركبِك بجامعة لندن، الذي يعمل مع وحدة خبراء شؤون التمساحيات التابعة للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة ومواردها؛ إذ يقول إن زواحف فصيلة "التماسيح" يمكن أن تلتهم أي شيء يتحرك، بما في ذلك الثدييات كبيرة الحجم.

تتغذى "القواطير" على العديد من المخلوقات صغيرة الحجم مثل الطيور

على النقيض من ذلك؛ تتسم هجمات زواحف فصيلة "القاطوريات" بالندرة؛ إذ أنها لا تستهدف سوى فرائس من الثدييات التي يقل حجمها عن حجم الإنسان البالغ. وتتضمن قائمة فرائسها المعتادة؛ الأسماك والطيور بجانب زواحف وثدييات أخرى صغيرة الحجم. ولأن الأطفال يقاربون في أحجامهم أحجام تلك المخلوقات؛ فقد يمثلون للأسف هدفاً لهجمات "القواطير".

ومع ذلك، فإن الهجمات على الأطفال لا تزال نادرة نسبياً، إذ لا تزيد نسبتها عن 13.1 في المئة من هجمات القواطير؛ وفقاً للتقرير الذي صدر عام 2010 وأشرنا إليه من قبل.

ورغم تدني خطورة هجمات هذه الفصيلة من "التمساحيات"، فإن لَنغلي يرى أنها ستصبح أكثر انتشاراً على الأرجح نظراً لأن "عدد البشر والقواطير آخذٌ في التزايد". كما أن موائل تلك الزواحف في العديد من المناطق الساحلية تتعرض لتعديات من البشر، وهو ما يزيد إمكانية حدوث لقاءات عَرَضية بين الجانبين.

وفي الوقت الراهن، تتلقى لجنة الحفاظ على الأسماك والحياة البرية في فلوريدا قرابة 16 ألف شكوى سنوياً تتعلق بـ"القواطير".

وتنفذ اللجنة حملة تحمل اسم "ستيت وايد نيوسينس أليغاتور بروغرام"، يمكن للمشاركين فيها إبعاد أي "قاطُور"، يزيد طوله على أربعة أقدام (نحو مترٍ وعشرين سنتيمتراً) إذا ما صُنّف على أنه "قاطُور مزعج" أو "ضار" يشكل "خطراً على البشر أو الحيوانات الأليفة أو الممتلكات".

ولا تدخل "القواطير" الأصغر حجماً ضمن هذا التصنيف، نظراً لأنها تتغذى على الفرائس الأصغر حجماً، ولذا فهي لا تشكل تهديداً "ما لم يتم الاحتكاك بها أو لمسها".

تعد مهاجمة القاطور للإنسان أمراً نادراً للغاية

وفي عام 2015، أبعد فريق الحملة 7513 قاطُوراً. ويشير تقرير صدر عام 2014 إلى أن 66 في المئة من "القواطير المزعجة" أُبعدِت "باستخدام وسائل مميتة"؛ أما تلك الأصغر حجماً فقد نُقلت إجمالاً إلى أماكن أخرى.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل