المحتوى الرئيسى

شهادة عماد الدين هلال يكتب عن الفنان عهدي شاكر بمناسبة تكريمه من وزارة الثقافة - الفيومية

06/20 18:53

الرئيسيه » رأي » شهادة عماد الدين هلال يكتب عن الفنان عهدي شاكر بمناسبة تكريمه من وزارة الثقافة

ليست الشهادة الإبداعية إلا شكل أدبي يعين على فهم تجربة المبدع بالنظر إلى البيئة التي شكلت وعيه ومحيطه الاجتماعي والثقافي وكيمياء التجربة الإبداعية ذاتها، وقد لعبت الفنون بشكل عام والموسيقى والغناء بشكل خاص دور هام في حياة الشعب المصري، ولأن الغناء فن لا تستطيع أن تخدع به أحدا من الناس فهو إما أن يصل سريعاً أو يرفض سريعا، ونحن أمام فنان صادق بكل ما تعنيه الكلمة ففي اللحظة التي حملت فيها يد الأخ الأكبر الطفل عهدي شاكر لتجلسه علي كرسي فوق مسرح مدرسة النهضة القبطية ليغني لسارق القلوب حينها عبد الحليم حافظ، “بتلموني ليه ” منذ هذه اللحظة تعلق مصير عهدي شاكر بصوته وموهبته، ولم ينس تلك اللحظة ولم تنساه، وحين استشهد الأخ الأكبر في حرب الاستنزاف دفاعاً عن الوطن، لم ينس عهدي شاكر تلك اللحظة أيضا، فكسا الحزن والشجن صوته وميزه ولازمه.

عقب انتصار حرب ٧٣  كان شباب مصر حينها مفعما بالحس الوطني، يصنعون الاسكتشات المسرحية كتابة وإخراجا وتمثيلا، ويعرضونها للناس، وشارك عهدي شاكر الموهوب ملحنا ومغنيا وممثلا ومن أشهر هذه الأعمال كانت “الناس الطيبين” هذا العمل المسرحي الذى جمع جماعة فنية رائعة “الناس الطيبين”  كان على رأسها الفنان الراحل شهيد المسرح صلاح حامد، والفنان الرائع محمود حويحي أطال الله عمره ، والفنان الراحل ممدوح حنظل ، وسمير محروس وأحمدي قاسم وصاحب هذه الشهادة.  وكانت هذه الجماعة تقضى معظم اليوم على خشبة مسرح مدرسة النهضة القبطية وفي المساء يكون اللقاء في منزل عهدي شاكر، نتناول العشاء من يد أمه، بعدها يغني عهدي ونغني معه، ونسهر مع حكايات صلاح حامد وقراءته لنص مسرحية “الحلاج” لـ صلاح عبد الصبور،  أو أحد دواوين الشعر.

تمر الأيام  بعد اجتازه للمرحلة الثانوية يتقدم عهدي شاكر، إلي معهد الموسيقي العربية، واختارت له تلك الجماعة الفنية”الناس الطيبين” رائعة أم كلثوم والسنباطي “هجرتك” ليغنيها أمام لجنة القبول بالمعهد، رجع عهدي شاكر، منتشيا وفرحا بقبوله في معهد الموسيقى العربية، فبكي صلاح حامد وبكي معه محمود حويحي فرحا بقبوله.

منذ هذه اللحظة احتضن عهدي شاكر، آلة العود التي لم تفارقه  حتى الآن ويقول عنه “ده صاحبي”  يحفظ عليه الأدوار مع فرقة الموسيقي العربية وفرقة منار أبو هيف يذهب إلى القاهرة في قيظ الصيف وبرد الشتاء لصقل موهبته بالدراسة، ويكتب الشاعر ممدوح عزوز ويلحن عهدي لفرقة “الناس الطيبين” “جوابات من أرض الغربة، ومذكرات عزت الأعمي، والناس اللي تاهو” وتاهت فرقة “الناس الطيبين” في بحر الحياة لكن عهدي شاكر استمر وظل يبدع من خلال مسرح هيئة قصور الثقافة، ومن ألحانه برز عشقه وقربه من البسطاء والفقراء والمهمشين، وجاب مع فرقة سنورس المسرحية، قرى الفيوم، كما زار محافظات صعيد مصر، وقدم ألحانه على تجربة مسرح “الجرن” حتي ارتبط اسمه بمسرح الثقافة الجماهيرية، وغنا للفلاحين والعمال والمهمشين، وللمسجونين في محبسهم ، وللمحبين والسهرانين، غنا للجمال والحرية ، للشجر والليل والعصافير والسواقي والأرض، حاز عهدي شاكر علي الكثير من الجوائز واعتمدا ملحنا من الإذاعة والتلفزيون، وشارك في العديد من برامجهما وقدم العديد من الأغاني السياسية والوطنية لكبار الشعراء فؤاد حداد وسيد حجاب والأبنودي وغيرهم.

ظل عهدي شاكر، وافياً لأصدقائه القدامي من الشعراء وغني لهم جميعا دون استثناء وامتد هذا العطاء النهري دون انقطاع  فكان دائما رفيق أحزانهم وأفراحهم، مسيرة من  العطاء لا تنتهي ولا تتوقف اسمها عهدي شاكر، ارتبط بأهله وناسه ولم يغادرهم رغم إغراءات المال، يشارك فى كل المناسبات، يستقبل زوار الفيوم من المبدعين والمثقفين والسياسيين ويغنى من أشعار أبنائها  المبدعين الكبارمحمد حمد شفاه الله، وذكي عمر، والراحل محمد عبد المعطي، وعبد الكريم عبد الحميد، ومحمد حسنى إبراهيم، ونادى حافظ ، غنا للسيد المسيح وأجراس الكنائس،غنا للنبي الكريم والمآذن   والمسحراتى،غنا للجنود علي خط النار،غنا لملح الأرض والنائمين علي الحصير، غنا للمحبين  والمعذبين غنا للأطفال والأمهات، غنا عهدي للحرية وضد الظلم والأسوار العالية، غنا للحب والخير والجمال، وغنا ساخرا من الكلب الامريكاني.

يتحدث عهدي شاكر، عن التلحين والغناء فيقول : كنت أتوقع بعد ثورتين أن يختار الشباب أغاني جميلة تعطي إحساسا أن الثورة مستمرة، لكن للأسف “شفت مغنيين بيغنوا من شيء أجوف يسمى حنجرتهم،لذلك أقول للمطربين من الشباب غنوا من قلبكم”  وعن أفضل أوقات التلحين يقول الفنان عهدي شاكر” فيه ألحان تطلع من غير وقت محدد وفيه ألحان مطلوبة منك زي أغانى المسرح وبرضوا تلحنها وأنت بتحبها  ومبسوط ، وممكن تسمع كلمات أغنية تعجبك وتبقي عايز تلحنها لكن تغيب منك وتتأخر هي دي اللحظة حتي لو كانت بالنهار تجد الدنيا غيمت وتبقي في حالة انفصال وتلحنها، لكن الليل حاجه تانية خالص أكثر وقت تتعامل معاه مع نفسك، وممكن وأنا نائم ساعات كثير بعمل ألحان لكن أنساها ثم بعد فترة استعيد تذكرها.

لعهدي شاكر، جوانب أخرى يعرفها القريبون منه فهو حكاء جميل وخفيف الظل وصاحب قفاشات فلا يترك حديثا لشخص ما إلا وينحت منه تعليق يميزه، كما أنه يستطيع أن يضحكك علي الدنيا كلها وعلي حالك وعلى نفسك.

كاتب المقال – باحث ثقافي ومدير بيت ثقافة سنورس

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل