المحتوى الرئيسى

عبدالناصر عزل "الشرقاوي" من الجمهورية و السادات أقاله من روزاليوسف

06/20 09:43

يقول «لويس جريس» عن عبدالرحمن الشرقاوى إنه كان شخصية إيجابية فى مواقفه، وكان يحب أصدقاءه، وكان يهتم جدًا بما كان يطلق عليه الرئيس «السادات» أخلاق القرية التى منها الشهامة والأمانة والطيبة، ونصرة الضعيف، ونجدة الملهوف، وكان يطبقها على نفسه، ورغم أنه كان رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير «روزاليوسف» التى تصدر عنها مجلة «صباح الخير» التى كان يرأس تحريرها «فتحى غانم» إلا أنه لم يفرق بين أى منهما.

وكان الرئيس «السادات» استبعد «صلاح حافظ» من «روزاليوسف» فاستفسر «الشرقاوى» عن هذا الاستبعاد من «لويس جريس» وبمنتهى الجرأة أعاد «صلاح حافظ» للكتابة مرة أخرى، ولم يعترض «السادات» على عودة «صلاح».. وبدأ «الشرقاوى» و«حافظ» يجتهدان فى الكتابات فى «روزاليوسف» إلى أن وصل التوزيع فى عهد «الشرقاوى» إلى 165 ألف نسخة، بعد أن كانت توزع 7 آلاف نسخة، حيث اهتما بنشر المذكرات، وكانت أشهرها وأهمها مذكرات «سعد زغلول».

يحكى لويس جريس ذكرياته عن عبدالرحمن الشرقاوى، حيث عرفه عندما قام «الشرقاوى» بكتابة رواية «الأرض» وقام حسن فؤاد برسمها، وتم نشرها فى جريدة «المصرى»، وعمل «الشرقاوى» فى مجلة «الطليعة» ثم مجلة «الفجر»، وبعد ثورة 23 يوليو عمل فى صحيفة «الشعب» ثم صحيفة «الجمهورية»، وتمر الأيام والسنوات ويعين «الشرقاوى» رئيساً لمجلس إدارة «روزاليوسف» فى منتصف الستينيات، وكانت توزيع «روزاليوسف» فى ذلك الوقت منخفضًا، وهذا شيء كان يقلقه ويزعجه.. وكان يسأل «لويس» قائلاً: لماذا لا تشترى الناس المجلة؟ لويس: لأنها بدون الشيء الذى يجعلهم يشترونها. الشرقاوى: تقصد إيه؟ لويس: عندما كان «إحسان عبدالقدوس» ينشر قصة، كان التوزيع يرتفع، وعندما كان يتوقف كان التوزيع ينخفض. الشرقاوى: إذن التوزيع مرتبط بشيء يستهوى الناس؟ لويس: فعلاً وبيحصل... وإذاً بزميلهم «عبدالستار الطويلة» يجرى حوارًا مع «السادات» وينشر فيرتفع التوزيع، وهنا أدرك «الشرقاوى» أنه لا بد من العثور على شيء ينشر كمسلسل يهم القارئ ويجذب اهتمامه، وفى تلك الفترة حدثت وفاة «مصطفى النحاس»، وحينها فكر «الشرقاوى» بالاتصال بأحد أقاربه للحصول على مذكرات «النحاس باشا» لنشرها، ولكنه لم يتمكن من هذا، وقيل له توجد مذكرات «سعد زغلول» وفعلاً تم نشرها.

وعن شخصية «الشرقاوى».... ويذكر «لويس» أن بعض المشاكل الإدارية بدأت تواجه «الشرقاوى» حيث كان يبحث عن أحد يثق فيه ليدير مؤسسة «روزاليوسف» لأن مدير عام المؤسسة حينها «عبدالغنى عبدالفتاح» كان تولى رئاسة مجلس الإدارة بالإنابة لفترة، ويبدو أن أحداً أفهمه أنه يمكن أن يكون رئيس مجلس الإدارة، وبدأ يناكف «الشرقاوى» فى أمور عديدة منها مثلاً: كل آخر شهر يقول: لا توجد أموال كافية لصرف الرواتب، فقرر «الشرقاوى» أن يتخلص من «عبدالغنى» وبدأ يبحث عن بديل له، وكان يصطحب معه «لويس» فى هذه المهمة، فعرض على «فؤاد صروف» وكان مدير أحد البنوك فاعتذر، ثم عرض المهمة على «عدلى أمين» الذى كان مدير توزيع الأخبار واعتذر، ثم عرضها على شخص ثالث وأيضًا رفض.. فضحك «لويس» وقال: يا ريس عرضت على 3 أفراد واعتذروا، ما تعرض على أنا. فسأله الشرقاوى: وهل تترك الصحافة؟ لويس: لا ولكن بجوار عملى كصحفى.. حيث كان «لويس» و«السعدنى» رؤساء تحرير مجلة «صباح الخير».. يقول لويس: وافق «الشرقاوى» وأصدر قراراً جاء فيه: يعين «لويس جريس» أمين عام لمؤسسة «روزاليوسف» بالإضافة إلى عمله كرئيس تحرير «صباح الخير». ويقول جريس: كانت مهمة جديدة عليه وكانت شاقة، لأن الذين يتولون الإدارات المختلفة مثل المطابع، والمالية، والتوزيع، جميعهم كانوا رجال «عبدالغنى» المدير العام السابق الذى تشاجر مع «الشرقاوى»، وقام بإعطائه إجازة طويلة لأنه كان يريد إحراج «عبدالرحمن الشرقاوى» بعدم توفير أموال الرواتب.. ولكن «عبدالغنى» جاء فى يوم وجلس فى مكتبه، وكتب منشوراً ووزعه فى المؤسسة يقول: إن «عبدالرحمن الشرقاوى» و«لويس جريس» أشاعا الفوضى والارتباك فى المؤسسة، وأصدر قراراً يقول: إن كل ما أصدره «لويس» من قرارات لاغية.. وذهب «لويس» إلى «الشرقاوى» قائلاً: أستاذ «عبدالرحمن» أنا فوجئت بوجود منشور ضدى يوزع فى المؤسسة، فأرسل «عبدالرحمن» أحدًا يحضر له المنشور، وقال: «عبدالغنى» لن يسكت، وأصدر قراراً بمنحه إجازة مفتوحة اعتبارًا من ذلك اليوم الذى وزع فيه المنشورات. واختار «لويس» تحديدًا ليعطيه خطاب القرار، وكان يجلس فى المكتب الدكتور «صوفى أبو طالب» و«فهمى حسين».. أخذ «لويس» الخطاب وأعطاه إلى «عبدالغنى» قائلاً: أستاذ «عبدالرحمن» أرسل لك هذا. عبدالغنى: طيب أرجوك خليك هنا أستاذ «لويس» وأنا نازل له، ولكن «عبدالرحمن» رفض مقابلته، وقال للسكرتيرة: أخبريه بأنه أرسل له خطابًا وعليه تنفيذ ما جاء فيه من تعليمات، ثم تحدث «الشرقاوى» مع الرئيس «السادات» الذى تحدث مع «ممدوح سالم» رئيس الوزراء، الذى أخبر مباحث أمن الدولة، فاستدعت «عبدالغنى» وسألته أين تسكن؟ فقال: فى مصر الجديدة. فقالوا له: لو أردت أن تذهب إلى الجيزة، فلا تذهب عن طريق شارع «القصر العينى»، بل اذهب عن طريق آخر، ونحذرك من المرور فيه نهائيًا.. ثم سافر «عبدالرحمن» مع الرئيس «السادات» فى رحلة خارجية، فاتصل الدكتور «رفعت المحجوب» وكان أمين عام الاتحاد الاشتراكى، بـ«لويس جريس» وكانت الصحف والمجلات تتبع الاتحاد الاشتراكى الذى يرأسه الرئيس «السادات» وطلب منه دفع راتب «عبدالغنى»، واتصل «لويس» بـ«الشرقاوى». فقال له: لا تدفع راتبه وسأكلم الرئيس فى هذا الأمر، والرئيس أخبر «ممدوح سالم» الذى اتصل يقول له: أستاذ «لويس» فيه إيه؟ الرئيس كلمنى وقال: لا تدفعوا راتب «عبدالغنى» ماذا حدث؟ لويس: الدكتور «رفعت المحجوب» كلمنى وقال لى أنا آمرك أن تدفع راتب «عبدالغنى».. وقلت له: مع احترامى وتقديرى لسيادتك، «عبدالرحمن الشرقاوى» أوقف راتب «عبدالغنى» ولابد من قرار منه. فقال المحجوب: إذن كلمه وقول له إنى أطالبكم بدفع راتب «عبدالغنى». وكلمه «لويس» ورفض الشرقاوى وقال: خليه يخبط راسه فى الحيط.. وفى النهاية يقول «لويس»: الاتحاد الاشتراكى هو الذى دفع له راتبه، مع تحذيره مرة أخرى بعدم المرور فى شارع القصر العينى.

وبعد تعين «لويس» أمين عام المؤسسة... يقول: إن اى قرار كان يصدره أو أية تعليمات كانت تصدر باسم «الشرقاوى» ويعلن أنها أوامره، وبسبب هذه القرارات التى كان يصدرها باسم «الشرقاوى» يؤكد «لويس جريس» حدوث تقارب شديد بينه وبين «الشرقاوى»، وأصبح يوجد ثقة كاملة بينهما، ويقول كاتبنا الكبير: فى تلك الفترة اهتم «عبدالرحمن الشرقاوى» برفع توزيع أعداد «روزاليوسف» و«صباح الخير» وبعد نشر مذكرات «سعد زغلول» ارتفع التوزيع حلقة بعد الأخرى، إلى ان وصل التوزيع إلى (100) ألف نسخة، وجهز «لويس» أمر الطبع، حيث كان المفترض أن يوقعه بصفته المدير العام للمؤسسة، ولكنه ذهب إلى «الشرقاوى»، وقال: أستاذ «عبدالرحمن» هذا موقف تاريخى فى «روزاليوسف» أن يطبع منها (100) ألف نسخة، فأرجوك أن توقع أمر الطبع، وكان أمر الطبع فى ذلك اليوم بتوقيع «الشرقاوى» واستمر التوزيع يزداد كل أسبوع من 5 آلاف إلى 10 آلاف إلى أن وصل التوزيع إلى (165) ألف نسخة من «روزاليوسف» و(155) ألف نسخة من «صباح الخير» لدرجة أن مطابع المؤسسة لم تكن تستطيع ملاحقة نسخ الطبع التى ستصدر كل يوم اثنين، وكانوا يظلون يطبعونها حتى الساعة 11 صباحًا وتنزل كمية الصعيد 30 ألف، والخارج 45 ألفًا، وبدأوا يشعرون بالفرحة والزهو بسبب هذا التوزيع المرتفع، وأصبحت رئاسة «الشرقاوى» لمجلس إدارة «روزاليوسف» من المحطات الكبرى فى تاريخ المؤسسة. مع أن كثيرًا ما كان يأتى لـ«الشرقاوى» ملحوظات من الرئاسة تعترض على بعض الرسوم الكاريكاتورية التى كانت تنشرها المؤسسة.

ويؤكد «لويس جريس»... أن «عبدالرحمن الشرقاوى» كان يتمتع بشخصية ودودة ومحبة للعاملين معه، وكان يتحلى بأخلاق القرية من الشهامة والجدعنة، والوقوف إلى جانب الأصدقاء، وكانت مواقفه واضحة دون مواربة أو مداراة، وكان سريعًا فى قراراته ولهذا كان من الشخصيات التى لا تنسى. ويذكر «لويس» مشاجرة حدثت بين «الشرقاوى» بعد ما أصبح رئيس مجلس إدارة «روزاليوسف» وبين «إحسان عبدالقدوس» فى «أخبار اليوم»، وكانت لدى «إحسان» رواية ويريد نشرها.. فقال له «لويس»: سأنشرها لك يا أستاذ «إحسان» فى «صباح الخير». إحسان: «عبدالرحمن» سيرفض نشرها. لويس: ولو جعلته يوافق؟ إحسان: ومالوا إيدى على كتفك. وذهب «لويس» إلى «الشرقاوى» قائلاً: أستاذ «عبدالرحمن» الأستاذ «إحسان» لديه سيناريو فيلم، ويريد أن ينشره، وأنا قلت له سأنشره لدى فى صباح الخير»، فقال: إنك لن توافق. الشرقاوى: يعنى عاوز إيه يا «لويس»؟ لويس: سأطلب أستاذ «احسان» حالاً، وحضرتك تقول له أهلاً بك ومرحبًا على صفحات «صباح الخير». الشرقاوى: يعنى انت شايف كده؟ لويس: ياريت.. وبالفعل طلب الأستاذ «احسان» وأعطى السماعة للأستاذ «عبدالرحمن» الذى قال: اهلاً بيك ومرحبًا فى مجلة «صباح الخير».. وانتهى الخلاف بينهما.. ويرى «لويس» هذا الموقف دليل على شهامة «الشرقاوى» وسماحة «إحسان».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل