المحتوى الرئيسى

ثلاثة أفلام في «أشغال فيديو»... سحر الحاضر

06/20 00:53

في سياق «أشغال فيديو» 2016، الذي أقامته «جمعية أشكال ألوان»، عرضت ستة أعمال فيديو تم تمويلها من خلال صندوق الدعم الخاص بالأفلام وأعمال الفيديو الذي تنظمه الجمعية. الأعمال هي «يباندجو» لبانوس أبراهميان، «الشجرة» لهبة فرحات، «شارع الموت وقصص أخرى» لكرم غصين، «متنا وما زلنا هنا» لمحمد كنعان، «صَدَفة» لألان كنتارجيان، و «لايم سونغ» لليا لحود. اللافت في العروض أن ثلاثة من الأعمال الستة تتبنى بناء يعتمد على نوع من الذاكرة الطفولية إلى الأماكن، وهي نظرة تحتمل البراءة، الحنين، أو النكران.

في «يباندجو» لبانوس أبراهميان، تعبر الدراجة الهوائية التي يقودها طفل شوارع مدينة عنجر، شوارع شبه فارغة في هذه المدينة الهادئة على سفوح سلسلة جبال لبنان الشرقية على بعد كيلومترات قليلة من الحدود السورية. العين ترافق الدراجة في تنقلها، ترافق الختيار الذي يعدو، تراقب العمال في مشاغلهم، والعائلات في جلسات مصارحة حول الماضي والقلق على المستقبل. هذه العين لا تتدخل في تنظيم العلاقات بين مواضيعها، تريد أن تكون محايدة، إلا أن هذا الحياد مبني على علاقة من الحب، تماماً كما يراقب طفل صغير المشاهد التي يراها. هو لا يملك الأدوات كي يتدخل في الأحاديث أو تنظيم الأحداث، إلا أنها تشكل ذاكرته، بلا منطق واضح من الربط سوى المكان. فتتحول الكاميرا إلى أداة للوصف، ويتحول الشريط إلى نظرة تأملية، من خلال النظرة هذه تتحوّل الشخصيات العديدة إلى انعكاس بشري عن المكان الذي تصفه الكاميرا، هم جزء من المكان، كانوا هنا وباقون هنا كما هي باقية شوارع وبيوت هذه المدينة.

فيما يزور أبراهاميان المكان النائي بنظرة طفل يريد بناء الذاكرة، يعمل «صَدَفة» على الخط المعاكس. يبني آلان كنتارجيان فيلمه على محاولة طفل التخلص من المكان والرحيل لمحاولة اكتشاف المجهول. هو طفل تغريه المناظر الطبيعية للغابة وجداول الماء المتدفقة بأن يسير فيها لاكتشافها، تاركاً خلفه منزل الأهل. طفل يختار الغموض ويختار لحكايته أن تكون مشاهد مشوشة. بمعنى آخر يحاول الفيلم تدمير الذاكرة عن المكان، تشويشها وإعادة إنتاجها بأشكال سحرية خيالية، هو نوع من رحلة «هنسل أند غريتيل» عبر الغابة وصولاً إلى بيت الحلوى، إلا أن بيت الحلوى في «صَدَفة» ليس سوى جبل النفايات. في مغامرة سمعية بصرية متقنة تقودنا نظرة الطفل التحررية هذه عبر خطورتها إلى مكان، على الرغم من كونه مكب نفايات، إلا أنه يبدو سحرياً ومليئاً بالمفاجآت.

أما في «شارع الموت وقصص أخرى» فيبني كرم غصين زمناً متأرجحاً ما بين فن الفيديو والفيلم، يحمل في طياته هذه الطفولة التي تحاول أن تصف المكان لإعادة بنائه في الذاكرة، كما تلك التي تفكك الذاكرة كي تبني مكاناً من خيال. يعود غصين إلى حيه القديم على أطراف المدينة، ليروي حكايات من الضواحي على طريقة فن القصص القصيرة. يستعيد غصين المكان في زمنه الحاضر، يصوره كما يراه الآن، إلا أنه يعيد توليفه لإضفاء مشاعره الخاصة التي تمزج بين الحب والنفور. يحاول الشريط البصري أن يعيد إنتاج الحاضر في صور لرجال يحملون السلاح ويقودون الدراجات النارية بتهور، لحفلات راقصة وزواج شعبي، وطائرات تمر حاملةً حكايات الهجرة، فتحاصر القاطنين على الأرض. تختلط المشاهد بطريقة عنيفة بين الدراجات التي تمشي على عجلة واحدة، والرصاص المطلق في السماء، والطائرات المارة، فيصير الحاضر شريطاً سحرياً ومشوباً بالتشوش والعنف، فلا يبقى للراوي إلا أن يستذكر سير الأشخاص في حكايات تبدأ وتنتهي بالهجرة، الموت أو المصير المجهول.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل