المحتوى الرئيسى

آيَاتٌ بَيّنَاتٌ | المصري اليوم

06/19 22:08

«إِيَّاكَ نَعْبُدُ»، فى هذه الآية الكريمة نقرأ لفظا كريما لم يرد ذكره فى القرآن الكريم بصيغته تلك إلا هنا فى سورة الفاتحة (إياك)، وهو ضمير واجب التقديم على فعله، ولما كان الفعل هنا هو العبادة استلزم هذا أن يتقدم المفعول وجوبا عليه ليفيد أنه لا معبود إلا أنت يارب، فلا نعبد إلا أنت، فلو قلت لواحد مثلا: أكرمتُك، يحتمل المعنى أنك أكرمتَه وأكرمتَ غيرَه أيضا، لكن عندما تقول له: إياك أكرمتُ، فمعناه: ما أكرمتُ إلا أنت، فهو تخصيص لله تعالى بالعباده وحده، تعالى ربنا عن الشريك.

فلو قال: نعبدك، ما أفاد نفى العبادة لغيره، فأراد الله تعالى أن يجرد قلوبنا من التعلق إلا به ومن العبادة إلا له، وفى الآية نوع من البلاغة يسميه علماؤها الالتفات، وهو أن يتحول الأسلوب من ضمير الغائب إلى ضمير المخاطب أو غيره، حيث كان السياق يقتضى فى غير القرآن الكريم (الحمد لله رب العالمين* الرحمن الرحيم* مالك يوم الدين* إياه نعبد وإياه نستعين) فجاء القرآن وتحول من خطاب الغائب (هو) إلى خطاب المخاطب (إياك) بلفظ فريد، وفائدة الالتفات أنه يلفت نظر القارئ وسمعه وعقله إلى أهمية المعنى، وفيه تنشيط للسمع لئلا يملّ السامع من الحديث إذا كان على نسق واحد وأسلوب ثابت، كيف لا نلتفت ونحن نتحدث عن العبودية لله؟ تلك العبودية التى خُلِق الإنسان من أجلها، «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)» (الذاريات) (ومعنى العبودية فى الأصل: الخضوع والذلة والانكسار) ولا تكون إلا لله تعالى، ويقولون: طريق مُعَبَّد، أى: مُذَلّل، فهى الإذعان والامتثال لكل أمور الله تعالى ونواهيه فى أمور الدنيا والدين، وتكون العبودية محققة إذا التزم العبد المؤمن بما شرعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل