المحتوى الرئيسى

الصينيون المتهودين .. وإشكالية حق العودة ﻹسرائيل

06/18 21:18

تلقى الصينيون تحت قبضة الحكم الشيوعي تعليماً علمانياً صارماً، حيث بدت فكرة الدين غير موجودة، ورغم أنه تقليدياً فإن الصين ليست دولة إلحادية، فهناك مئات الملايين من البوذيين، الطاويين، والكونفوشيوسية. ولكن التفسير المقنع لدى الباحثة هو أن تأثير الحداثة الغربية على أفكار مثل الشيوعية والقومية بدت أقوى خاصة لدى جيل الشباب، وحتى العقلية الاستهلاكية الغربية أنتجت عنصراً ملحداً قوياً في الصين خاصة لدى جيل الشباب، ويمكن للباحثة تحليل بعض الحقائق عن هؤلاء الصينيين المتهودين - وهو الملف الأكثر خطورة - الذي تدرسه الباحثة المصرية بعناية بالغة، كالآتي:

1) الصينيون المتهودون وفقاً لـ "قانون العودة" ليسوا يهوداً

ذلك لأن الحديث عن هؤلاء المتهودون يدور حول اليهود بالمعنى الثقافي للكلمة بمعنى فكرة التعايش والتناغم مع هؤلاء اليهود الحقيقيون بلا أدنى متاعب أو قيود، ولكن بالمعنى الدقيق للكلمة، فإنه لا ينظر لهؤلاء الصينيون المتهودون على أنهم يهود، أو أنهم ينتمون إلى "سلالة يهودية" حقيقية.

ويرى قطاع واسع من الإسرائيليين أنه من المضحك لهؤلاء المتهودون الصينيون أنهم يريدون الهجرة فعلاً إلى إسرائيل وفقاً لقانون العودة، نظراً لافتقارهم لأدنى معايير تحويل الفرد إلى اليهودية، وهى كون الأم يهودية.

وبناء على هذه المعايير، فمن الواضح أنهم ليسوا يهوداً أنقياء، لأن أحفاد يهود الـ "كايفنغ" في الصين تتبع في الغالب نسب الأب وليس الأم، ولكن رغم هذا التعريف القانوني الدقيق للاعتراف بحق اليهود الصينيون في العودة، إلا أنه ومن الناحية التقليدية فأن هذه الشعوب تطلق على نفسها أنهم "يهود" رغم كل ما يلاقونه من اتهامات، وعلينا أن لا ننسى أنه خلال العصور القديمة كان النسب اليهودي أبوي (من جانب الأب)، وفقط بعد المنفى (586 قبل الميلاد)، تغير المعيار لأمومي.

وهذه المعلومة تحديداً عثرت عليها الباحثة في كتاب للباحثة اليهودية "إيرين إيبر" الذي أصدرته عام 2008، في كتابها حول "اليهود الصينيون في مواجهة بين الثقافات" Chinese Jews Encounters between Cultures وهذا الكتاب تحديداً من وجهة نظر الباحثة المصرية يمثل "وجهة نظر إسرائيلية بحثة" تجاه هذه المسألة.

وتتذكر الباحثة المصرية، أن الحكومة الصينية عكفت في بداية الخمسينيات على عمل فحص شامل لكل هؤلاء الأقليات الذين يعيشون على أرضها، وبحث مسئولي الحزب الشيوعي الصيني في تعريفه لمسألة من يمكن أن تنطبق عليه شروط "الأقليات القومية" في البلاد؟

ولكن الملاحظة التي توقفت عندها الباحثة كثيراً هي تلك الدعوة التي وجهتها الحكومة الصينية لليهود في الصين في "الاحتفال بيوم الأقليات القومية" في الصين لعام 1952، وذلك في اعتراف ضمنى من الحكومة الصينية في وقتها باليهود كممثل شرعي بين الأقليات القومية المتواجدة في الصين، حيث تمت دعوة وفدين من منطقة "كايفنغ" كي يمثلوا اليهود الصينيون في "الاحتفال بيوم الأقليات القومية" "National Minority Day Celebration".

ولكن ما حدث بعدها، توقفت عنده الباحثة المصرية بكثير من الدراسة والتحليل هو أنه في عام 1953 أكدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، تم وضع مادة في الدستور الصيني حتى الآن، وكانت [من القوانين الأساسية] في البلاد، وهى نفسها المادة التي أكدت أن هناك فقط 56 من الأقليات القومية المعترف بها في الصين، والغريب أن اليهود لم يكن من بين هؤلاء الأقليات وبالتالي، فليس لهؤلاء الصينيين اليهود نفس حقوق الأقليات الأخرى الملزمة للحكومة الصينية من حماية حقوقهم في الحفاظ على عاداتهم التقليدية.

وعكفت الباحثة المصرية لسنوات طويلة في الدراسة والبحث عن هذا التحول الغريب والمفاجئ في موقف الحكومة الصينية من "يهود الكايفنغ"، وما سر هذا التناقض الغريب ما بين دعوتهم في "الاحتفال بالعيد القومى للأقليات القومية في الصين" عام 1952، وبعدها بسنة فقط في عام 1953 تم تشكيل لجنة لبحث وحصر جميع الأقليات القومية المتواجدة في البلاد وتم من خلالها استبعاد الأقلية اليهودية كي تكون ضمن الـ 56 الأقلية الأخرى في البلاد.

وخلال تلك الرحلة البحثية الطويلة للباحثة المصرية ما بين الصين وأوروبا للبحث عن السبب الحقيقي لذلك واستطلاع آراء جميع الخبراء والمختصين القلائل حول العالم في هذه النقطة أو الإشكالية البحثية ما بين خبراء صينيين وإسرائيليين ويهود بشأن سبب هذا التحول المفاجئ في موقف الحكومة الصينية من هؤلاء، عثرت على إجابة قد تكون مقنعة وشافية، وهو أن الحقيقة تكمن في أنه خلال فترة الحرب العالمية الثانية عندما نزح اليهود الألمان إلى الصين وطلب حماية الحكومة الصينية لهم هرباً من "جرائم النازية" و "دموية هتلر" شكل هؤلاء اليهود الألمان ومعهم عدد كبير من يهود الجنسيات الأخرى في تلك الفترة "لجنة لحصر والتعرف على يهود الكايفنغ الصينيين" "Kaifeng" الذين تواجدوا خلال تلك الفترة في الصين.

وذهبوا بالفعل إلى إقليم "الكايفينغ" الصيني أملاً في الحفاظ على التراث اليهودي ومساعدة هؤلاء الصينيون اليهود على أداء شعائرهم اليهودية والتعرف عليهم عن قرب، إلا أن المفاجأة الصادمة  هي أنهم لم يعثروا على أي أثر لأي يهودي حقيقي صيني في الكايفنغ، حيث قد اندمجوا مع السكان الأصليين من غير اليهود بالتزاوج والاختلاط، وبالتالي ضاعت تلك الهوية اليهودية تماماً لدى يهود الكايفنغ، وتم تسجيل ما حدث بالوثائق والمستندات بشأن عدم وجود يهود حقيقيون في الكايفنغ.

وتعتقد الباحثة، أن هذه الوثائق لتلك اللجنة المشكلة إبان فترة الحرب العالمية الثانية بشأن عدم وجود يهود حقيقيون في الكايفنغ، هي نفسها وذاتها الوثائق التي تستند إليها الحكومة الصينية واستندت إليها خلال عام 1953 بشأن استبعاد "يهود الكايفنغ" من قائمة الأقليات القومية الـ 56 المعترف بها في البلاد.

ولكن بعد افتتاح السفارة الإسرائيلية في بكين عام 1992، جددت الحكومة الإسرائيلية الدعوة لنظيرتها الصينية لإعادة النظر في الاعتراف بيهود الكايفنغ ضمن الأقليات الحقيقة المعترف بها في البلاد، وعكف الإسرائيليون خلال ذلك على تشكيل الوفود وعمل "لجان" لزيارة الكايفنع ومحاولة إقناع الحكومة الصينية بالاعتراف بهم كأقلية حقيقية متواجدة في البلاد، ومع إصرار الحكومة الصينية على عدم الاعتراف بهم حتى هذه اللحظة رغم كل ما واجهته من ضغوط بل وإغراءات من قبل الإسرائيليون والغرب للاعتراف بهم، إلا أن موقفهم يظل ثابتاً لا يتزحزح حول عدم الاعتراف بيهود الكايفنغ ضمن قائمة الأقليات الـ 56 المعترف بهم في البلاد.

وبعد مضى عدة سنوات، عكفت خلالها منظمات صهيونية عاملة في الصين وتحديداً في إقليم "كايفنغ" الصيني بمساعدة السفارة الإسرائيلية في بكين على تشجيع هؤلاء الصينيين اليهود أو بمعنى أدق "المتهودين" على السفر إلى "إسرائيل" لاستكمال إجراءات تحولهم لليهودية تحت إشراف حاخامات إسرائيليين ومدارس دينية يهودية خصصت لذلك.

وهو الأمر الغريب أيضاً الذي توقفت عنده الباحثة المصرية بشأن ما هي تلك اللعبة المستقبلية التي يعتبر "الموساد" الإسرائيلي شريكاً فيها لتهويد هؤلاء المدعين الصينيون باليهودية بل وتسهيل مهمة سفرهم إلى "تل أبيب"، وتعتقد الباحثة أن مهمة "الموساد الإسرائيلي" حول هذا الملف الخطير بدأت منذ تاريخ افتتاح السفارة الإسرائيلية في الصين في بداية التسيعينات حتى الآن في ظل غياب البعد الأمني والمخابراتي العربي تماماً عن هذه المسألة الخطيرة، وهو ما لمسته الباحثة المصرية بنفسها خلال تواجدها للدراسة فى الصين منذ عدة سنوات.

والأمر الجديد الذي توقفت عنده الباحثة أيضاً هي أن هؤلاء الصينيين المتهودين لا يفهمون إسرائيل حقاً، إنهم يعتقدون أن الهجرة إليها هي مسألة جيدة ولكن يؤكد المستشارين الإسرائيليين لهم بشكل مباشر أن الهجرة هي قضية صعبة للغاية كونهم لا يتكلمون اللغة العبرية، ليس لديهم أي مهارات، فضلاً عن صعوبة الحياة ذاتها في إسرائيل، والباحثة هنا تورد بعض الحقائق، على النحو التالي:

أ) إسرائيل وهجرة اليهود الصينيين إليها

موضوع الهجرة لإسرائيل تعد من أكثر الموضوعات الشائكة منذ إنشاء دولة إسرائيل. دولة مثل إسرائيل قد بنيت تقريباً اعتماداً على الهجرة، مع ملاحظة أن عدد السكان في إسرائيل قد تضاعف عدة مرات على مدى السنوات الـ 60 عاماً الماضية بسبب تلك الهجرات اليهودية من أماكن متفرقة حول العالم إلى إسرائيل، الأمر الذي نتج عنه تتضاعف عدد سكان إسرائيل إلى حوالى 7.1 مليون نسمة.

ومنذ عام 1948 تم تسجيل أكثر من ثلاثة ملايين من المهاجرين لإسرائيل، وفي عام 1990 كانت إسرائيل تشكل أعلى نسبة للهجرات في العالم وفقاً لأعلى نسبة للهجرة إليها بما يتناسب وبالنظر لحجم سكانها. خاصة إذا ما أضفنا لهذه النسبة هؤلاء السكان العرب الفلسطينيين الأصليين التي تشكل حوالي 20٪ من إجمالي عدد السكان فى إسرائيل.

وبالعودة لموضوعنا الأساسي المتعلق بهجرة يهود الكايفنغ الصينيين إلى إسرائيل، فقد ظهرت مسائل أخرى أكثر تعقيداً من موضوع موافقة السلطات الإسرائيلية لهم على "حق العودة" لوطنهم الأم في إسرائيل وفقاً لقانون الهجرة الإسرائيلي، بل لاحت في الأفق مسائل أخرى، كالتكامل والتعايش بين المهاجرين الصينيين الجدد مع السكان الأصليين في إسرائيل، حيث تلعب كل هذه العوامل دوراً هاماً في مسألة الانتماء لدى إسرائيل.

وفي الآونة الأخيرة، واجهت سياسة الهجرة في إسرائيل مسائل أكثر تعقيداً تتعلق بتحديات جديدة ظهرت على السطح مثل: مسألة هجرة العمالة الأجنبية والصينية إلى إسرائيل وما نجم عنه من مشاكل وأزمات طاحنة، اللاجئين الفلسطينيين، والتحدي الأهم، المتعلق بمسألة الإقامة غير المشروعة، وهى ذاتها التحديات التي عكفت الحكومة الإسرائيلية على دراستها والحد من تأثيراتها الخطيرة على المجتمع الإسرائيلي.

ب) إسرائيل و "قانون حق العودة" لليهود الصينيين

قانون حق العودة في إسرائيل يعنى فتح الباب أمام كل يهود العالم في العودة لوطنهم الأم في إسرائيل، على اعتبار أن العودة إلى حضن الشعب اليهودي في إسرائيل هي المركزية لمصيرهم وهويتهم.

ومن هنا، تعكف الحكومة الإسرائيلية من خلال "وزارة الهجرة الإسرائيلية" واللجان الأخرى التي تشكلها دوماً لخدمة هذا الهدف الأسمى على مد يد العون لجميع اليهود في جميع أنحاء العالم من بولندا إلى بيرو، ومن البرازيل إلى الصين. ويظل الشعار الأساسي في ذلك هو "العودة للوطن في إسرائيل"، ومساعدة أحفاد اليهود حول العالم في إعادة الاتصال مع المواطنين اليهود ودولة إسرائيل.

وتقوم سياسة الهجرة الإسرائيلية على ما يعرف باسم "قانون العودة"، الذي اعتمد في 5 يوليو 1950. وتعتقد الباحثة أن هذا القانون بالذات هو مركز "الصهيونية" والفكر الصهيوني في إسرائيل. حيث يشير "حق العودة" تحديداً إلى أن كل شخص في العالم من أصل يهودي له الحق في العودة لحضن الدين اليهودي والعودة إلى أرض آبائهم في إسرائيل وتنص حرفياً على:

"كل يهودي في العالم له الحق في أن يأتي إلى هذا البلد فيما يعرف بــ "القادمين الجدد إلى أرض إسرائيل"، كما يعرف بأنه "حق كل شخص في الهجرة لدولة إسرائيل. والهجرة هنا توصف بأنها "العودة" أو "عودة" إلى وطنهم الأم في إسرائيل.، وتعنى حرفياً فكرة الصعود أي انتقال الفرد إلى اليهودية وصعوده من مرتبة أقل لأعلى تتمثل في الاعتناق الكامل لليهودية.

منذ بداية تأسيس إسرائيل، ظهرت حجم التحديات الهائلة من الاندماج في المجتمع الإسرائيلي منذ بداية الخمسينيات وفى وقت مبكر من إنشاء دولة إسرائيل، حاولت الحكومة الإسرائيلية في بعض الأحيان السيطرة على مسألة الهجرة من خلال وضع لوائح وشروط معينة لمن يهاجر إليها مثل: الشباب، والسلامة الصحية والبدنية الجسمانية والعقلية، وربما كان من المقرر أن تعطى الأسبقية في الممارسة العملية لمسألة المهاجرين الجدد في من سيرفعون مستوى وحجم الإنتاجية في إسرائيل، ومع ذلك، أثبتت القيود الصعبة الالتزام فعلاً بذلك.

وتظل المسألة الأهم والأخطر بعد بحث الباحثة المتعمق في هذه النقطة هي مسألة "لم شمل الأسرة" بمعنى هل يمكن لمن انطبق عليه قانون حق العودة إلى إسرائيل وهاجر إليها بالفعل أن يدعو باقي أفراد أسرته ممن لم تنطبق عليهم هذه الشروط أن يهاجروا معه بالفعل إلى إسرائيل؟

ومن هنا، دارت النقاشات المتعنقة في إسرائيل من أجل أن يتعامل مع واقع الهجرة العائلية وتمديد نطاق قانون العودة كي يشمل كل أفراد العائلة وليس فقط شخص واحد منها، لأنه وفقاً للقانون اليهودي (تمنع التعاليم الدينية) مسألة الهجرة لمن لا ينطبق عليه شروط "حق العودة" لإسرائيل، وهذه الشروط تتمثل في:

كل شخص أمه يهودية.. إذاً فهو يهودي وفقاً لقانون حق العودة، أو إذا كان قد تم تحويل الشخص إلى اليهودية بشرط أن يتم ذلك وفقاً لأحكام المحكمة الحاخامية الأرثوذكسية في إسرائيل. وهذا الأمر جعل جمع ولم شمل الأسرة أكثر صعوبة.

وحدثت تغييرات وتعديلات كبيرة وكثيرة جداً على "قانون حق العودة" الإسرائيلي، فمثلاً نجد في النسخة الأصلية من قانون العودة تعريف لمن لهم الحق في العودة وفقاً لتعريف "هلاشا" (Halacha) التي تعنى الانتماء كاملاً إلى اليهودية، وشملت في عام 1970 قانون الهجرة أيضاً مع وضع تسهيلات أكثر مثل حق العودة إذا كان لديهم جد يهودي واحد على الأقل. وتمنح الزوجين أيضا الحق القانوني في الهجرة والمواطنة سواء كانوا أنفسهم يهودا أو لا.

وفي مناطق أخرى من "إسرائيل" قدمت حوافز عديدة للمهاجرين المحتملين إليها نظراً لأنها مناطق استيطانية جديدة، وتشمل: الإعفاءات الضريبية والامتيازات الجمركية والمساعدة المادية كي يساعدنهم مع مسألة التكامل في المجتمع الإسرائيلي.

وينبغي أيضاً أن نشير أنه تعتبر بعض الإجراءات المنظمة تجاه الهجرة الجماعية لبعض الجماعات اليهودية كجزء من سياسة الهجرة الإسرائيلية، بالإضافة إلى سياسة الهجرة النشطة، وتعزيز الأسرة هي واحدة من أهداف إسرائيل الهامة من أجل تأمين متوسط وطويل الأجل لما يعرف بمسألة "الديموغرافية الأغلبية" أو زيادة سكان ديموغرافيا إسرائيل على حساب الفلسطينيين، ومحاولة إغراق الدولة بالطابع اليهودي على خلفية ارتفاع معدلات المواليد بين السكان العرب، حيث يعد مسألة تجنب الهجرة أو خوف بعض اليهود حول العالم من الهجرة إلى إسرائيل يشكل عنصر الخوف الثابت في منطق السياسة السكانية في إسرائيل. ومنذ نهاية 1960 شكلت برامج الدعم الخاصة لإقناع يهود العالم بالعودة، مع تشجيع أكثر من حوالي مائتي ألف من المواطنين الإسرائيليين الذين يعيشون في الخارج للعودة، ومع ذلك، لم تسفر عن نجاح يذكر في زيادة معدلات الهجرة لإسرائيل من يهود العالم.

وتعتقد الباحثة، أن شرح "قانون العودة" الإسرائيلي باستفاضة وذكر التحديات التي تواجهه قد يكون مفيداً في فهم النقطة البحثية الدقيقة – التي تتخصص فيها الباحثة المصرية – وهى مسألة "حق العودة" ليهود الكايفنغ في الصين. حيث وجدت الباحثة أنه دأبت إسرائيل على مر السنين السابقة، على إرسال الوفود واللجان إلى الكايفنغ الصيني لمساعدتهم في العودة لإسرائيل وتعريفهم على جذورهم اليهودية، وتعطشهم للتقاليد اليهودية.

وهو الأمر الذي دفع السفارة الإسرائيلية في الصين لإرسال رسالة للحكومة الإسرائيلية في "تل أبيب" مفادها: "أن هؤلاء جزءً منا يجب الاهتمام بهم"، ومن هنا أرسلت إسرائيل المبعوثين والمعلمين الإسرائيليين لــ "كايفنغ"، وساعدت على فتح مركز وكنيس يهودي جديد للمساعدة على "دراسة كتاب التوراة لين" التاريخية" بالصينية “Study of Torah Lane”، وهو كتاب التوراة الأول بالصينية الذي يدرس ويعرف عند يهود الكايفنغ، فضلاً عن إنشاء فصول لتعلم التوراة وتعاليم اليهودية هناك.

وتم خلال ذلك وضع سياسة إسرائيلية تتمثل في جلب هؤلاء الصينيين المتهودين الذي هاجروا لإسرائيل لتعلم العبرية ولاستكمال التحول لليهودية وفقاً لعملية "عالية" اليهودية وإرسالهم مرة أخرى إلى الكايفنغ لتعليم أقرانهم وذويهم الديانة اليهودية والدروس العبرية في فصول مخصصة لذلك وتتولى إدارتها والإشراف عليها مباشرة السفارة الإسرائيلية في بكين.

وتتذكر الباحثة المصرية في هذا الصدد، نجاح الشاب المتهود الصيني "يعقوب وانغ" Yaakov Wang الذي أرسلته إسرائيل لتعليم "يهود الكايفنغ" تعاليم ومبادئ اليهودية في جلب عدد من يهود الكايفنغ لإسرائيل من أجل استكمال عملية "عالية" Aliyah أي إجراءات التحول لليهودية.

لذا، نجد في الوقت الحالي تزايد المشاعر اليهودية لدى سكان الكايفنغ المتهودين من الاحتفال بعيد الفصح العبري التقليدي Traditional Passover Seder والتمسك بالتقاليد اليهودية أكثر من أي وقت، وهذه سياسة ممنهجة يقودها اليهود والمهاجرين الصينيين إلى إسرائيل، وهى العملية التي يطلق عليها بالصينية اسم "هاجاده"Haggadah أي الاهتمام بنشر اليهودية على نطاق المجتمع الصيني في الكايفنغ.

ودأبت الحكومة الإسرائيلية على ترجمة أجزاء من كتاب الحاخام الإسرائيلي السابق "إسرائيل مئير لاو" Israel Meir Lau بعنوان "اليهودية العملية" “Practical Judaism” إلى اللغة الصينية. كما احتفلت الحكومة الإسرائيلية بالعطلة السنوية لعيد العرش اليهودي في الكايفنغ والتي تعرف باسم "سوكوت" Sukkot. مع توفير الدعم الإسرائيلي الكامل للأنشطة اليهودية في الصين.

الأمر الذي نجم عنه في النهاية تزايد أعداد الصينيين المتهودين الذي يرغبون في العودة لوطنهم في إسرائيل، ووفقاً لـــ "قانون العودة"، سمحت الحكومة الإسرائيلية لبعض العائلات اليهودية الصينية للعودة إلى "أرض الوطن" في إسرائيل مرة أخرى.

ج) سياسات التكامل تجاه اليهود الصينيين المهاجرين لإسرائيل

تماشياً مع قانون الهجرة وحق العودة لإسرائيل، هناك في المقابل تدابير من الدولة الإسرائيلية لتعزيز التكامل والاندماج بين هؤلاء المهاجرين الجدد ومواطني إسرائيل. ومن الناحية التاريخية، فإن "الوكالة اليهودية" "Jewish Agency" قد لعبت دوراً هاماً منذ تأسيسها في عام 1968، لدعوة يهود العالم للهجرة ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع الإسرائيلي.

ومع ذلك، فإن وزارة الهجرة كان مسؤولة عن برامج التكامل للمهاجرين الجدد مع الدولة. وتشمل تدابير الاندماج للمهاجرين اليهود الجدد وأفراد أسرهم نحو التكامل السريع والعميق والدائم، وهو ما يعرف بمصطلح "الاستيعاب أو الامتصاص"“absorption” .

ويحق للمهاجرين الجدد وعائلاتهم التمتع بعدد كبير من الخدمات المادية التي تساعدهم على عملية التكامل والاندماج في المجتمع الإسرائيلي، ولكن ترى الباحثة أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال وصف اندماج اليهود الذين هاجروا حديثاً لإسرائيل باعتبارها قصة نجاح مستمرة نظراً لوجود مشاكل عنصرية مازالت تقابلهم داخل المجتمع الإسرائيلي خاصة من جانب المتشددين اليهود الذين لا يعترفون بهم كيهود حقيقيون على أرض إسرائيل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل