المحتوى الرئيسى

بائع الزهور | المصري اليوم

06/17 23:09

أرسل لى القارئ «هانى عبدالجليل» هذه القصة الواقعية ذات الدلالة:

بعد تخرجه من الجامعة أرسل أوراقه إلى جهات كثيرة للحصول على عمل. أجرى كثيرا من المقابلات، طرق آلاف الأبواب ولكن بلا فائدة. ثم تذكر أنه يسكن هو وأمه فى شقة بالدور الأرضى بالحارة. ولأنه لا يحب أن ينضم إلى طابور العاطلين فإنه قرر أن يستغل حجرته التى تطل على الشارع لعمل مشروع. ولكن ما هو الشىء الذى سوف يتاجر فيه؟ محال الفول والطعمية يوجد منها الكثير. بيع كروت شحن يوجد أيضا منها الكثير. محل بقالة يوجد منه الكثير والكثير!.

وفجأة برقت الفكرة فى رأسه مثل شهاب يلمع فجأة فى السماء. قال فى نفسه: «ليس فى الحارة بائع زهور». هذا هو الشىء الوحيد الذى لا يوجد منه فى الحارة. ولكن فى هذه الحارة المعدمة من يفكر أن يشترى الورود؟ لكن الفكرة تمكنت منه وزادته إصرارا. وبالفعل فتح شباك حجرته ليطل على الشارع واشترى فتارين من زجاج. أحضر من أحد المشاتل زهورا ورصها بطريقة جذابة. كل من يمر عليه ينظر إليه باستخفاف مبشرا إياه بفشل المشروع، قائلين فى سخرية:

«هو احنا يا بنى قادرين نشترى العيش لما نشترى الورد!».

لم يثنه كل هذا عما عزم عليه بل زاده إصرارا. أخذ يصنع لوحات كبيرة مكتوبا عليها بخطه الجميل أوصاف الزهور، وكان يذيلها ببعض الأشعار التى كان ينظمها بنفسه.

وفى يوم جاءه طالب وقف أمامه مترددا سأله: «بكم الوردة دى؟». قال له: «باثنين جنيه ومعها كرت عليه بيتين شعر». أخذها الطالب وهو يتلفت يمينا ويسارا فوضعها بين كتبه وذهب مسرعا. فى اليوم التالى جاءه الطالب يشكره ويصف له فرحة حبيبته بالوردة والشعر. بعدها بأيام وجد عشرات الطلبة والطالبات يطلبون شراء الزهور والشعر. راجت بضاعته واشتهر فى الحارة بل الحارات المجاورة. أصبح قِبلة لكل العاشقين ورسولا للمحبين.

لم يقتصر الأمر على الطلبة والمخطوبين فقط، بل بدأ المتزوجون يفدون إليه أيضا، عاملين بنصائحه التى كان يكتبها على لوحاته المعلقة بجوار المحل عن أهمية الزهور وتأثيرها على المحبوب وكيف تكون سببا فى قضاء ليلة سعيدة أو تكون سببا لصلح المتخاصمين. فالتكلفة قليلة والفائدة كبيرة.

أصبح المحل يدرّ عليه دخلا معقولا إلى جانب أنه كان سعيدا بعمله، فالحارة صارت مثالا للحب والسعادة. انتهى شجار الأزواج وسكت صوت السباب والصراخ وترنمت أغانى أم كلثوم. العجيب أيضا أن سكان الحارة قد بدأوا فى الاعتناء بحارتهم. العجيب أن الطرقات الضيقة صارت نظيفة، بل تطوع أحد الشباب المتحمسين برفع القمامة أولا بأول.

فى يوم جاءه رجل فى يده حقيبة وضع أمامه أوراقا قائلا له «امضِ هنا. فهذا أمر بغلق المحل؛ فهو بلا رخصة أو سجل تجارى». رفض التوقيع ورفض أن يغلق المحل. بعد أيام جاءه الرجل مرة أخرى ومعه اثنان من أمناء الشرطة يأمرونه بالغلق بالقوة، وقف أمامهم لمنعهم لكنه لم يستطع، وعندما اقتربوا من المحل وجدوا بعض رجال الحارة يستطلعون الأمر. انتابهم حزن وراحوا يناشدونهم بالتريث. لكنهم أصروا على إغلاق المحل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل