المحتوى الرئيسى

«عيد».. «17 عاما»ً فى تحفيظ القرآن دون ترخيص من الأوقاف | المصري اليوم

06/17 22:48

حصيرة بلاستيك، كانت غطاء لأرضية حجرة مبنية من الطين، ارتفعت حوائطها الأربعة لنحو مترين كى تحمل فوقها سقفا خشبيا، تتدلى من عروقه الخشبية مروحتان للتهوية ولمبة موفرة، هى منبع الإضاءة لعشرات الطلبة، ممن ألقوا ببصرهم فى نسخ «جزء عمّ» التى جاءوا من منازلهم يطوونها بين أناملهم الصغيرة، لحفظ ما بها من آيات كريمة.

هنا فى قرية كفر عجيبة بمحافظة الشرقية، جلس الحاج عيد محمد، والتف حوله عدد من أبناء القرية، الذين اعتادوا التردد على كُتابه لحفظ القرآن، فى مهنة أجاد أداءها على مدار قرابة 17 عاما.

مبادرة تحفيظ القرآن كانت فى الأصل مبادرة تطوعية، أسس من أجلها عيد الكتاب، حتى ذاع صيته فى أنحاء القرية والقرى المجاورة، لتجاوز عدد الطلبة أمامه ما يقرب من 100 طالب على مدار يوم تعليمى لحفظ القرآن، تبدأ أعمارهم ما بين ثلاث سنوات ونصف وأربع سنوات.

يعلم عيد أنه لن يتمكن من تحفيظ القرآن لكل هذا الكم إلا بعد أن يكون تجاوز هو تلك المرحلة، وبالفعل حصل على إجازة حفظ القرآن كاملاً، بإجادة تلاوته، ودراية لكافة أحكامه.

حفظ القرآن الذى سار نهجا يجرى فى عروق عيد ليصبح مطلبا رئيسيا لحياة سوية قرر أن يعيشها فى رحابه، دفعته للإصرار على حصول 2 من أولاده على نفس الإجازة بالحفظ والتلاوة.

رغم كم الإرهاق الذى يتعرض له عيد فى تحفيظ هؤلاء الطلبة، نظير ما يتقاضاه منهم من أجر رمزى، إلا أنه يقول إن عددهم كلما زاد أمام عينه، زادت الفرحة والسرور الداخل إلى قلبه، لأن التاريخ سوف يشهد فى يوم من الأيام بأن كل هذا الكم تعلم على يده، وستظل سيرته دائما تردد على ألسنة هؤلاء الطلبة وأولادهم وأحفادهم، الذين يأمل أن يكون لديهم نفس الحرص على حفظ كتاب الله، لكونه فى الأصل يحفظ كل من حفظة، ويصون حامله من أى سوء.

يجلس الشيخ على أريكة ترتفع قليلا عن مستوى الدارسين على الأرض، لها خلفية من ستارة بيضاء، تكسر حدة اللون الأسود للطوب الطينى المشيدة به غرفة الحفظ، يتقدم الطلبة واحدا تلو الآخر أمامه، يجلسون لمراجعة وتسميع ما أخذوه فى اليوم السابق، ثم يتلقون الآيات الجديدة بعد سماع معانيها وأحكام تلاوتها، وهكذا ينفرد عيد مع كل طالب، حسب قدراته الاستيعابية على الحفظ.

مشهد الطلبة وهم يجلسون أمامه يعيده بالذاكرة لأيام كان يجلس فيها مثلهم وعمره لم يتجاوز الـ4 سنوات، يستمع لشيخ تجاوز من العمر 104 أعوام، كان عاجزا، لكنه كان يجيد تحفيظ القرآن للطلبة.

ورغم الدقائق المعدودة التى يجلس فيها الطلبة أمامه إلا أنه يواجه معهم الكثير من المشاكل، وأهمها حسب ما يذكر الإرهاق الشديد الذى يعانيه الطلبة، وعدم قدرتهم فى المواظبة على تلقى عدد أكبر من الآيات، لأن أغلب أيام العام يأتى الطلبة للكُتاب بعد عودتهم من المدرسة، ويكون الطلبة فى حالة إرهاق شديد، من حشو المناهج، وأعباء الدروس الخصوصية، وأحيانا يتعارض موعد التحفيظ مع حصص الدروس الخصوصية، ويعطى أولياء الأمور وقتها أولوية للدرس، خاصة فى فترة الامتحانات، «وأنا ببقى مقدر ده كويس وعلشان كده ما برضاش أحمل عليهم».

مساعدة الأهل فى المنزل للطفل فى حفظ القرآن عامل مهم يسعد به عيد، لأن الأسر التى تعانى الأمية أو انشغال الأهل عن متابعة الطفل تعوق بنسبة ما معدلات الحفظ وختمه للقرآن.

وقال: «بتابع مع الأهالى خاصة المتعلمين مدى تقدم أبنائهم فى الحفظ، وأكون على تواصل معهم حتى أثناء تدريس الحصة للطالب، بصراحة تحفيظ القرآن دلوقتى بقى منهج، مش بالبركة زى زمان».

تحفيظ القرآن له منهج علمى، لا يجيده كل من تطوع بالمبادرة، ففى بداية الأمر لابد من قياس حجم ومعرفة الطفل بالحروف اللغوية وإجادته للتشكيل، لذلك تجد أن المحفظ المتقن لتلك المهمة يخوض مع الطلبة فى حصص للغة العربية، مع تحفيظه للقرآن، ولذلك قد تطول مدة حصة التحفيظ لساعتين.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل