المحتوى الرئيسى

يسرا الجندي تكتب: الحادث الطائفي والدولة الطائفية | ساسة بوست

06/17 18:20

منذ 1 دقيقة، 17 يونيو,2016

واقعة طائفية جديدة، ليست الأولى، وقد لا تكون الأخيرة؛ في ظل مناخ يمتلئ بالاحتقان الطائفي، ومحاولات مخزية؛ للتغطية على الواقعة، وعدم الاعتراف بها. إشاعة عن علاقة بين سيدة مسلمة ورجل مسيحي تؤدي إلى نهب وإحراق 7 منازل لمسيحيي القرية والتعرض لشرف تلك السيدة المسلمة؛ للانتقام من أهل الرجل، فيطرحون سيدة تجاوزت الـ65 من العمر أرضًا، ويجردونها من ملابسها في وضح النهار، وهم يكبرون ويهللون!

محاولات عديدة لنفي الطابع الطائفي للواقعة، من عدد من الكتاب، حيث إن تأكيد طائفيتها سوف تليه ـ بالضرورة ـ محاولات صلح عرفية، جرت العادة على استخدامها في مثل هذه الحالات، وبالتالي يكون تاكيد أن الواقعة غير طائفية هو الأداة لإعمال القانون، وملاحقة الجناة، بل ذهب البعض إلى أن وصف الحادث بالطائفي هو تكريس للانحطاط والظلامية.

لعل هذا الخطاب – الذي يحاول نفي طائفية الواقعة – هو أيضًا يعزز فكرة عدم وجود أزمة من الأساس؛ فقد نفى محافظ المنيا ـ في بداية الحادثة ـ أنها قد وقعت من الأساس، وأشاد بموقف الأمن الذي زعم أنه لم يتأخر، في حين إن تصريحات السيدة «سعاد ثابت» – التي أهينت بتجريدها من ملابسها –  تقول إنها حاولت إبلاغ المركز قبل الواقعة بيوم أن هناك نية مبيتة لإيذاء مسيحيي القرية وكان ردهم «أنت جاية تعملي فتنة»! ورفضوا حمايتهم.

وكان نتيجة رفضهم الاعتراف بوجود هذه الأزمة «الطائفية» في القرية أن 7 منازل نهبت وأحرقت، وأن سيدة عجوز أهينت إهانة بالغة؛ بتجريدها من ملابسها. وبعد ثلاثة أيام، لم تستطع خلالها ابتلاع الإهانة، ذهبت لعمل محضر، فلم ييسرلها هذا الأمر من قبل المركز، بل كان هناك مماطلة وتفاوض، بل تقول السيدة ـ أيضًا ـ إن الشرطة قد مزقت المحضر الأول الذي تقدمت به، وأجبروها على توقيع محضر آخر؛ غُيِّرت أقوالها فيه.

الطائفية ليست صفة يلصقها الصحفيون والباحثون بالحادث ابتغاء تضخيمها، أو التقليل من شأنها، بل هي فكرة موجودة، ومرسخة عند فئات اجتماعية، لم تعد محدودة في المجتمع المصري، وبالتالي قد تكون تسللت إلى العاملين في أجهزة الدولة التي تفرق بين الحوادث الطائفية فلها معاملة خاصة – وبين الحوادث الأخري.

وقد حاول المحافظ إلصاق الأمر هذه المرة أيضًا بالإخوان، وجاء بيان الرئاسة، الذي وعد بإصلاح البيوت، التي احترقت، ونهبت؛ ليعيدنا إلى صورة ترميم القوات المسلحة للكنائس، التي احترقت بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، ولكن الفارق بين الحادثتين هو عدم سعي الدولة وقتها لعقد جلسات صلح عرفية مع «الإخوان المسلمين»، الذين كانوا معروفين للأهالي، بل لاحقتهم قانونيًا وحاكمتهم ـ وأيًا كان رأينا في سير المحاكمات- فهل تكرر الدولة ملاحقتها القانونية لمرتكبي هذه الجريمة الجديدة؟ أم أن الأمر الآن اختلف؟ فالقانون قد لا ينفذ، إلا مع وجود مصلحة سياسية لتنفيذه، فهل انتفت المصلحة السياسة الآن لإعمال القانون؟

الأخبارالمتداولة حتى الآن تؤكد أن هناك ضغوطًا تمارس من قبل المحافظ وعمدة القرية – وهم ممثلو الدولة في هذا المشهد – على الطرف المتضرر؛ لإنهاء الأمر في جلسة صلح عرفية ويأتي هذا بالتوازي مع تحرك «بيت العائلة» و«الأزهر» الذين أرسلواعددًا من الأئمة والوعاظ. فيختار المحافظ مسجد القرية لإعلان ـ بعد صلاة الجمعة ـ رسالة «موتوا بغيظكم لن يفرقنا شيء» ولا ندري إلى من يوجهها، هل يوجهها إلى المسيحيين المتضررين الرافضين للصلح العرفي أم إلى آخرين!

الأزمة في الجلسات العرفية التي قد تكون في مظهرها متسامحة، إلا أنها ترتكز على قانون عرفي غير مدني، وغير محايد، وبالضرورة يعتبر المسيحيين كدرجة ثانية، بل إن هذه الجلسات عادة تكون مقدمة لإنهاء الإجراءات القانونية في الواقعة، وتكون النتيجة أن تقبل الدولة معالجة الأزمات الطائفية بطريقة طائفية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل