المحتوى الرئيسى

محمد ثابت يكتب: دماء و«إخوان» في رمضان! | ساسة بوست

06/17 17:10

منذ 1 دقيقة، 17 يونيو,2016

وقف الشاعر الفلسطيني الراحل «ممدوح عدوان» مرة قبيل عام 2000 في القاعة الرئيسية لمعرض القاهرة للكتاب متحدثًا بمحور المعرض الرئيسي حول «الألفية الثالثة والثقافة» شيء من هذا القبيل، ففاجأ الحاضرين بمعنى طفولي، لطالما دار في النفس، وتعجبتُ أن وجدت مَنْ أحسن التعبير عنه، قال:

ـ كثيرٌ منا يتحدث عن الألفية الثالثة وكأننا سنصحو من نومنا مع أول يوم منها فنجد العالم قد انقلب إلى اللون الوردي برأي «صلاح جاهين» والأفق صحوًا فقد انعدلت الأجواء، وارتاحت الحياة، ووجب على البشر أن «يحيوا» في الجنة، فلا التواء في النفوس ولا ظلم ولا حتى «سياسة».

ـ الألفية الثالثة.. بدايتها ونهايتها أيام مثل بقية أيام الله كلها، إلا إذا أحسنا الإعداد والعمل الحضاري لهما، وعلى الأقل في حياتي لا أرانا نفعل!

ربما رغبة في فراق هذه الأيام والمفهوم الحضاري الحالي لشعوبنا كانت النفس تأمل أنه مع مجيء شهر رمضان المبارك سوف تقل حدة الدماء في هذا العالم «الموبوء» بالنزاعات الشخصية، والقضايا التافهة، والخلافات التي لا طائل من ورائها، اللهم إلا أن بعض الأغبياء تعاقدوا، تعاقدًا غير معلن، مع الخونة والمندسين، وتجار الأزمات والأسلحة، والمتربحين من الفتن، والساعين خلف الشهوات، جميعهم يتكاتفون على «شرفاء» الإنسانية لكيما تمر هذه الحياة بأقل حيز ممكن من الصخب، وكفى ما يجره «سوء الفهم» على البشر، وكفى ما تفعله الرغبة في «التنازع» على السلطة، ما قل منها وما كثر!

وأيام الشهر الفضيل تتوالى مغادرة استرعى انتباهي صباح الثلاثاء كلمات لأحد الناشطين الحقوقيين، أحسبه على خير، فهو ليس متاجرًا بالقضايا لحسابات شخصية، وليس معجبًا بمواقفه، ولا متضامنًا من الباطن مع أمثال الأخيرين، كان يقول:

  «وفاة المعتقل زغلول الجبالي ٥٩ سنة بسجن الاستقبال بطرة والمريض بالقلب والضغط والسكر نتيجة تعنت إدارة السجن، وإصرارهم بوضعه في غرفة الإيراد لمدة ١٥ يومًا متصلة في ظروف غير آدمية؛ مما أدى إلى وفاته منذ قليل، حالة الوفاة الثانية في أقل من أربع وعشرين ساعة».

هذه الأرواح في رقبة الانقلابيين في مصر، لا شك، ولكن أعضاء الجماعة ممن يُسمون بالقيادات، أفلا يستشعرون حرجًا أو مسئولية؟ فليس كافيًا أن تُظلم لكي تعذر نفسك وتعتبرها ضحية إذا كان بمقدورك التسامي فوق آلامك وإيقاف طوفان ظلمك هذا!

قرب أيام قليلة من الشهر الفضيل ظن «الإنسان» بالداخل أن سيجد أذنًا مصغية منهم فناشدهم البحث عن «حل حقيقي» لموقف عشرات الآلاف من المعتقلين يتوفى الله أحدهم كل عدة أيام من أجل «لا هدف ولا غاية ولا خطة أو حتى مجرد تصور عند الجماعة»، وهو ما يُرضي الله تعالى بحال من الأحوال.

وإذا كانت صفحة الجماعة تُطوى من سياق التاريخ، لا الواقع ولا الشعارات المُبالغ فيها والمتاجرة بالأوهام فقط، وقد شبعنا من القول إن موقفهم «غريب» في التاريخ كله أن «يتوقع» مسلمون يفكرون أنهم منصورون لمجرد أنهم يدعون الله، ولا يفعلون أكثر من هذا، فلا يأخذون بسبب، ولا ينتظمون خلف راية مقاومة واضحة، ولا يستلهمون نموذجًا دينيًّا أو تاريخيًّا لمنظومة انتصر فيها «طرف» مظلوم سلك خطةً أو طريقًا، أيًّا ما كان، وجل المشكلة هي أنهم انسحبوا وتركوا الفراغ بديلًا عنهم في مصر والعالم، وطال انسحابهم، وطالت الأماني والأحلام!

فإذا كانت الجماعة في انتظار الاستبدال والشواهد، لا تقول بحسن إدراك لديهم أو مجرد تفهم للواقع، بل مجرد انغماس في العناد والمكابرة والتصرفات «العشوائية» مع احترامي وتقديري للمنزلة الإيمانية بين الله وبين الجميع، ولكن أين الفعل الحضاري العاقل المتفهم يا «سادة»؟

سلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- لكي يهاجر طريقًا غير المعهود أخذًا بالأسباب، وأنتم لا تسلكون الطريق المعهود ولا غيره، ولا تخطون على «طريق» من الأساس، فلكأننا أمام الطوفان والجميع يصيح «نفسي.. نفسي» ولكأن قيامة الجماعة من آسف قد قامت.

حين كتابة هذه السطور تستعد المجموعة «المنفصلة» عن الرابطة اللندنية في تركيا لإجراء انتخابات لمكتب تنفيذي آخر غير المكتب الذي تم إقراره في بداية 2015، وهو المكتب الذي تسبب بـ«تعنته» وعدم رغبته في تفهم مجرد المجريات الدائرة من حوله للأزمة في مصر في مشكلة بالغة العجب، إذ إنهم أتوا بالانتخابات لمدة 4 سنوات، فألغوا الانتخابات وأعلنوا لائحة فرعونية، معلنين حل الجمعية العمومية التي أتت بهم، وبالتالي عدم الاعتراف بمجلس الشورى الذي قادهم إلى «أماكنهم»!

والطرف المقابل يستعد لإقرار نهج جديد من مكتب تنفيذي عبر مجلس شورى، وأخشى أن تدفع هذه الخلافات المتسعة على آخرها، مع وجود «الأغبياء» عديميّ العقل والإدراك، مع المندسين الحقيري النفوس، وإن قلّوا أو زادوا فإنهم لموجودون، أخشى أن يدفع هؤلاء الجميع إلى هاوية جديدة، لا أسميّها فلعل الله مخلف الظنون.

أين منكم المعتقلون يا سادة؟

أين من تفكيركم أبناء الشهداء والأرامل من زوجاتهم؟

إذا كان همُّ الطرفين الآن مصادر التمويل، وهي كلمة حق لا أخفي الله «واضحة» فيها، فإلى أين تسيرون؟

إذا كنتم فرغتم من أمر «جماعة» أودت بهؤلاء إلى السجون والمعتقلات، ويقال إنهم 90 ألفًا، وكانت الجماعة تنتهي على أيديكم، اللهم إلا إذا رحمنا الله، ففضوها «سيرة»، وبدلًا من احتضان بعض المندسين هنا وهناك، ومن عجب أن الطرف المسمى بالجديد، يحتضن في «القلب» منه الذي تسبب في مجيء الشرطة للطرف القديم، في الشارع، وأبلغ عن أسماء الداعين لجمعية عمومية من الطرف الجديد، وهناك كانوا يفسحون له، وهنا يحتضنونه نكاية في الطرف الأول، المفترض أنهم إخوانهم رغم الخلاف، وهذا مثال لطبيعة العقلية التي تحكم الطرفين، وطبيعة التنازع بينهما.

إذا كانت الأمور استقرت على إنها ليست أمورًا، وإذا كانوا العقلاء الذين أرادوا خدمة الإسلام فروا من «الخيانة» بالصمت على واقع العالم الإسلامي ومن قبل مصر، مجرد الصمت بالوقوع في فخ «الغباء» بالمسير معكم، ولم تكونوا أهلًا للاستيعاب لا للأزمة، ولا لموقفكم، ولا لشيء وارتضيتم المسير نحو النهاية في صمت؛ فارحموا المعتقلين يا «سادة»!

ارحموا الذين يتوفاهم الله آناء الليل وأطراف النهار، وهم منكم لمجرد إنهم نصروا قضية أنتم «صورتموها» لهم على أنها رابحة، وكل القضايا الحقيقية مع الله كذلك، إلا أنكم بالغتم في السير في اللا طريق!

اعتبروا الشهداء في السجون والمعتقلات أبناءكم، وزوجاتهم أخواتكم أو بناتكم!

أين الذين يزكون نار الخلاف كلما هدأت قليلًا:

والله ليسألنكم الله، بعضكم معه «جنسيات» أخرى، البعض، والبعض هرب بماله، علم الله من أين جاء به، والله لتقفون أمام الله فليسألك عن أبنائك وأهلك من حولك، وتحريضك على قتل أبناء «إخوانك» المفترضين في مصر، هذا إن كنت تعرف أو تنصر قضية.

إن كنتم قادرين على المواصلة فأعلنوا خطة فقط بدلًا من التخبط، وإن لم تكونوا قادرين على هذا «ففضوها سيرة» وانتظروا جماعة أخرى تخلفكم، ولكن ارحموا المستضعفين منكم الذين يتألمون لفرقتكم وتخبطكم، وإلا فأين منكم الحديث الشريف:

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل