المحتوى الرئيسى

ناجي جغابة يكتب: ما معنى أن تكون طالبًا؟ دور الطلّاب في نهضة أوطانهم | ساسة بوست

06/16 20:07

منذ 1 دقيقة، 16 يونيو,2016

قبل أيام، كان قد صادف يوم الخميس، الذكرى الستّين لإضراب الطلبة الجزائريين والتحاقهم بالثورة الجزائرية 19 مايو 1956، جُعل هذا اليوم عيدًا للطالب في الجزائر احتفاءً بما فعله الطلاب زمن الثورة المجيدة.

سأحاول في هذا المقال الحديث عن واقع الطالب اليوم في الجزائر، وكيف أنّه قد غُيّب عن وظيفته في الإصلاح، كما سأمرّ على بعض التجارب الإصلاحية التي كان لفئة الطلاب اليد الطولى فيها والبصمة الظاهرة.

للأسف دور الطالب في الجامعة الجزائرية انحسر، بعدما كان للطلّاب عدّة وظائف، علمية ونقابية وسياسية وإصلاحية، بل حتى الوظيفة العلمية ترهّلت الجامعة الجزائرية ونجدها في ذيل الترتيب عند مطالعتنا لترتيب الجامعات في العالم من حيث مستوى الطالب أو جودة التعليم الذي يتعاطاه.

صار الاحتفال بيوم الطالب حاليًا عبارة عن فولكلور، وعبارة عن حفلة في سكنات الطلّاب، يتزاحم خلالها الطلاب في طوابير من أجل الظّفر بوجبة محسّنة بمناسبة هذا اليوم، وارتبط الاحتفال بهذا اليوم في ذهن الطالب بموضوع الطّعام فقط للأسف، وصار الطّلاب كالقطيع (نعتذر عن التعبير) وجهته المطعم، وإن كان هناك نشاط نوعي للجامعة فيكون ندوة تاريخية عن الحدث، فقط، لا تحليل للقضية ولا إسقاط لها للواقع.

هكذا صرنا نحتفل بيومٍ ترك فيه أسلافنا من طلاب الجزائر دراستهم وطموحاتهم وأحلامهم من أجل قضية، وأغلب من التحق بالثورة أَراق دمه من أجل قضيّته التي يؤمن بها. طالب اليوم غابت عن ذهنه «قضيّة» تستخرج ما في فطرته من تضحية ونضال من أجلها أو بالأحرى غُيّبَ عن القضية وغُيّبت عنه، وأُشغِل عن وظيفته في الإصلاح والتغيير.

على مدار التاريخ، كان للحركة الطلّابية الدور الأكبر والأبرز في التحولات السياسية لأي بلد، سواءٌ طلّاب الداخل أو الخارج، فنهضة اليابان مثلًا بدأت ببعثة طلبة لاستنساخ التجربة الصناعية للغرب في ذاك الزمن، اليوم تقنيًّا اليابان متفوّقة بأشواط على أمريكا وأوروبا، وعلى المستوى السياسي والإصلاحي والثوري كلّ الثورات التي قامت في «مصر» مثلًا خلال القرنين الأخيرين كان قادتها طلّابًا بدءًا بثورة 1919 إلى ثورة يناير 2011 مرورًا بمظاهرات سنتي 1945-1946 التي قادها طلّاب الجامعة وطالبوا فيها بإصلاحات ليس في جانب التعليم فقط، بل طالبوا حتى بتعديل بعض المعاهدات مع بعض الدّول لأنها تهدد مستقبلهم باعتبارهم مواطنين مصريين.

حتى في الصّين نجد للطلبة الدور البارز في عملية الإصلاح والانتقال الديمقراطي في البلد، ففي سنة 1989 خرج الطلاب في مظاهرات واحتلّوا ساحة «تيانانمن» في بكين، وسُمّيت المظاهرات باسم الساحة لاحقًا.

كذلك في فرنسا، سنة 1968 حدثت احتجاجات طلابية على النظام التعليمي في الجامعات ليتطور إلى احتجاج على الوضع العام للبلد، بل هناك من يسمّيها «ثورة» وأنّها كانت محطة مهمة وثورة غيّرت وجه البلد تمامًا ولا تزال آثارها وتداعياتها ممتدة إلى اليوم، والدليل ما صرح به الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في بداية عهده عندما قال إن من أهدافه القضاء على ميراث حركة مايو 1968، كانت حركة بدأها الطلاب في جامعة السوربون ثمّ دعمها المثقّفون، فنزل للشارع: سارتر وفوكو وعشرات الفنانين والمثقفين.

دور الطالب في التحولات الكبيرة في الجزائر كذلك لا يخفى على دارس التاريخ والمهتم به، بدءًا بالتحاقهم بالثورة المباركة وقيادتهم لها، وصولًا إلى أحداث سنة 1988، وإقرار التعددية الحزبية، إذ كان ميدان التظاهر هو الجامعة المركزية بالجزائر العاصمة، وكان قادة الحراك حينها من الطلّاب.

والكثير من النماذج والتجارب عموديًّا امتدادًا في التاريخ، وأفقيًّا بنظرة على كل التحولات في دول العالم.

شريحة الطلاب لها النصيب الأكبر في عملية الإصلاح والتجديد، بروح الشباب فيها والاندفاع، في الأخير المستقبل لها، هي من ستعيش المستقبل بتحدّياته وصعوباته، فلديها القابلية للحراك من أجل تحسين الوضع الحاضر حتى لا ينسحب الفساد وسوء التسيير والإدارة إلى مستقبلها فيؤثّر عليه سلبًا.

فئة الطلاب خصوصًا، معها فئة العمال وفئة المثقّفين، هذه الشرائح الثلاث هي الأطراف الأساسية والفاعلية في معادلة الحراك والتغيير للإصلاح.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل