المحتوى الرئيسى

هل توقف إجراءات أوروبا الجديدة تدفق المهاجرين من ليبيا؟

06/16 16:49

في محاولة جديدة لمكافحة تهريب السلاح والبشر من ليبيا، اتخذ مجلس الامن بالإجماع قرارا يجيز تفتيش السفن في عرض البحر قبالة سواحل ليبيا بالقوة بحثا عن مهاجرين أو أسلحة مهربة. فهل يكفي ذلك؟ صوت مجلس الأمن لصالح قرار يوسع ولاية عملية صوفيا للاتحاد الأوروبي الخاصة باعتراض سفن المهاجرين والقبض على المهربين المشتبه بهم في أعالي البحار المقابلة للسواحل الليبية، ويسمح باعتراض السفن المشبوهة لفترة أولية مدتها 12 شهرا. وفي الوقت الذي يعتبر خبراء ومسؤولون أوروبيون هذا القرار خطوة مهمة من شأنها تأمين السواحل الليبية والحد من حرية تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في التنقل، إلى جانب المساعدة في معالجة أزمة الهجرة. فإن آخرين يقللون من فعالية هذا القرار وواقعية تطبيقه. فهل ستساهم الإجراءات الجديدة في التخفيف من تدفق المهاجرين من السواحل الليبية وأي دور قد تلعبه ألمانيا في ذلك؟ 20 مليون قطعة سلاح كان الاتحاد الأوروبي قد تقدم لمجلس الأمن بمشروع قرار لتوسيع نطاق العمليات البحرية في البحر المتوسط لاعتراض واحتجاز القوارب التي تقوم بتهريب البشر، وهي عمليات وافق عليها المجلس في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وسبق لمبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر أن صرح في مجلس الأمن الأسبوع الماضي بأن ليبيا تسبح في بحر من الأسلحة بوجود عشرين مليون قطعة سلاح في البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه الستة ملايين نسمة. كما قال ماثيو رايكروفت سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة إن حظر الأسلحة المفروض بالفعل لم يوقف تدفقها وإن الأسلحة غير الشرعية في ليبيا "تمكن الإرهابيين من القتل والإصابة والتسبب في مزيد من الفوضى للشعب الليبي والمنطقة." ويشار إلى أن مجلس الأمن فرض عام 2011 حظرا على السلاح لليبيا حين كانت قوات معمر القذافي تتصدى لمحتجين مطالبين بالديمقراطية. وفي هذا الصدد يقول كمال بن يونس رئيس المؤسسة العربية والإفريقية للدراسات والأبحاث الاستراتيجية في تونس في حوار مع DW عربية، إن القرار الجديد مهم لأنه سيحد من تهريب أسلحة جديدة من وإلى ليبيا، حيث تؤكد معطيات كثيرة أن هذه الأسلحة كثيرة ومختلفة المصادر من جهات متناقضة المصالح تدعم مختلف القوى المتصارعة داخل البلد الغارق في الفوضى، بالإضافة إلى أطراف أخرى دخلت على الخط وهي شبكات تنشط في الجريمة المنظمة مثل تهريب السلاح والمخدرات وبعضها مرتبط بجماعات إرهابية. البحرية الأوروبية تعمل قبالة الشواطئ الليبية منذ قترة على تنفيذ قرار الحظر على السلاح المفروض على ليبيا، وذلك لمساعدة حكومة الوفاق الوطني على إعادة الاستقرار للبلد، ويقول مراقبون من الأمم المتحدة إن ليبيا بحاجة لمساعدة من قوة بحرية دولية لوقف تدفق الأسلحة منها وإليها. لكن الخبير التونسي يرى أن الحل الحقيقي يكمن قبل كل شيء في إيجاد تسوية للملف الليبي، لأن هذا هو ما سيؤدي بالفعل إلى الحد من تهريب السلاح والبشر، ويضيف أن "تجربة الشعب الفلسطيني أثبتت أن المخيمات ليست الحل الأمثل لمعالجة أزمة اللاجئين، ونحن نرى أن الفلسطينيين مازالوا إما في المخيمات أو مهاجرين في بلدان أخرى منذ عقود بسبب استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي". لذا يؤكد بن يونس على أهمية معالجة الأزمات التي تتخبط فيها دول أخرى كسوريا واليمن لأن هذا وحده سيوقف نزوح الناس منها. ويعطي في هذا السياق مثالا بالقول "في تونس مثلا كان يوجد أزيد من مليوني مهاجر ليبي هربوا من بلدهم لكن بعد الانفراج السياسي الأخير في ليبيا أصبح الحديث فقط عن 300 ألف مهاجر". تزايد أعداد المهاجرين وبعد الإطاحة بالقذافي عام 2011 سادت الفوضى في البلاد بوجود حكومتين مدعومتين من فصائل مسلحة تتصارع للسيطرة على البلد الغني بالنفط. وأتاح فراغ السلطة لتنظيم "داعش" إرساء موطئ قدم له هناك كما أنعش هذا الوضع تجارة مهربي البشر في وقت تشهد فيه عدة دول حروبا وصراعات ينزح بسببها مئات الآلاف من سكانها. ورغم تزايد عدد السفن والقوارب المحملة بالمهاجرين نحو أوروبا من ليبيا في الأسابيع الأخيرة بسبب الظروف الملاحية المواتية، إلا أنه "لولا التنسيق بين حلف الأطلسي والشرطة الأوروبية وخفر السواحل وبعض القوى الليبية لكنا رأينا ملايين البشر يبحرون إلى أوروبا من ليبيا. لا توجد خطة ناجحة 100 بالمائة والقرار الجديد سيخفف أكثر هذه الظاهرة" يقول بن يونس ويشير في هنا السياق إلى دول مغاربية أخرى أدى التنسيق معها إلى خفض أعداد المهاجرين منها بشكل كبير وهي المغرب وتونس والجزائر. لكن تفاؤل بن يونس بالقرار الجديد لا يمنعه من التأكيد على أن بحث خطة برية أيضا يبقى أمرا ملحا فـ "ليبيا تربطها حدود برية بست دول وهي حدود تمتد لآلاف الكيلومترات في الصحاري والجبال وهي دول ينتشر فيها الفقر وتغيب المراقبة وهو ما يسهل تهريب السلاح بكميات أكبر وتدفق المهاجرين". أي دور لألمانيا؟ تساهم ألمانيا بسفينة عسكرية في عملية صوفيا الأوروبية المؤلفة من سفن أربع دول أوروبية والتي تقوم بدوريات مشتركة قبالة سواحل ليبيا. ورغم أن مكافحة المهربين هي الهدف الأساسي لطاقم السفينة، إلا أنه يجد نفسه مضطرا للمشاركة في عمليات إنقاذ المهاجرين من الغرق. وهو ما يعزز المخاوف من أن يساهم الأوروبيون في إنعاش تدفق المهاجرين عوض التخفيف من ذلك. ويصف القائد العسكري للسفينة الألمانية أندرياس شميكل في حديث لـ DW إحدى عمليات التهريب بالقول "في البداية قام المهربون بمرافقة قوارب اللاجئين إلى خارج المياه الليبية، ولما لاحظوا وجود سفن حربية توقفوا عن مغادرة مجال المياه الليبية"، فالسفن الحربية الأوروبية المشاركة في عملية "صوفيا" لا يحق لها الدخول إلى المياه الليبية، حسب ما يؤكد شميكل. ورغم المشاركة الفعالة للسفينة الألمانية فكل أفراد طاقمها يعرفون أن بعثة الاتحاد الأوروبي في البحر المتوسط لن تكون كافية لوضع حد لأزمة اللاجئين. "فالمشاكل التي نشأت في البر لا يمكن حلها في البحر"، كما يلخص شميكل الذي سبق وشارك في مهمة مكافحة القراصنة قبالة السواحل الصومالية. وأشادت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون ديرلاين بتكليف مجلس الأمن الدولي القوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي في البحر الأبيض المتوسط بوقف التدفق غير المشروع للأسلحة إلى ليبيا، وأشارت إلى أفق مشاركة الجيش الألماني في هذه المهمة. من جانبه يرى الخبير التونسي كمال بن يونس أن ألمانيا يمكنها لعب دور فعال في مواجهة المهربين لأسباب أبرزها الدور الكبير الذي لعبته في تقديم المساعدة لأكثر من مليون لاجئ إذ "أثبت ألمانيا أنها أكثر دول العالم براغماتية ونجاعة بهذا الخصوص، لأن تخفيف أزمة اللجوء لا يأتي فقط عبر التصريحات وإطلاق المبادرات وإنما باحتضان اللاجئين ومساعدتهم"، بالإضافة إلى أن التعامل بين ألمانيا ودول المغرب سيكون أسهل مقارنة مع دول أوروبية أخرى بحكم غياب الماضي الاستعماري لألمانيا في هذه المنطقة، حسب رأي بن يونس.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل