المحتوى الرئيسى

الرائد طارق يعطي درسا للمستشار هشام جنينه ؟!

06/15 15:25

اقرأ أيضا: التنكيل بأسرة المستشار هشام جنينه هل تقع المصالحة بين النظام والإخوان في مصر دور المؤسسة العسكرية في التنمية الجيش والقرارات الجمهورية لحماية أراضي الدولة قلق المصريين المفزع من توابع سد النهضة

أوراق ملف التحقيق الذي أجرته نيابة أمن الدولة مع المستشار الجليل هشام جنينه ، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات سابقا ، على خلفية كشفه حجم الفساد في الدولة وإداراتها المختلفة على مدار أربع سنوات ، وهو الرقم الذي لم يجرؤ مسئول واحد على تعديله حتى هذه اللحظة بطرح رقم بديل محدد ، في تلك الأوراق ما استلفت انتباهي بشدة ، ونظرا لأن الملف طويل عريض ، فأكتفي بالإشارة إلى التقرير الأمني المحوري الذي تأسس عليه إدانة النيابة لجنينه وتحويله للمحاكمة ، والتقرير أو "التحريات" هي لضابط شرطة شاب ، وهو الرائد طارق حسين ، من الأمن الوطني ، وطوال الوقت الذي كنت أقرأ فيه تحريات الرائد طارق ودهشتي تتزايد ، غير مصدق لما أقرأ ، فقد تبوأ "رائد الشرطة" مقام الأستاذية في القانون والمحاسبات والعلاقات الدولية ، ليعطي المستشار هشام جنينه دروسا متعددة في هذا كله وحتى كان يبين له الطريقة الأمثل لإدارة الجهاز السيادي الذي كان يرأسه ، فيقول في بداية تحرياته : (وردت معلومات لجهاز الأمن الوطني بشأن تجاوزات المستشار هشام جنينة، إبان فترة رئاسته للجهاز، وعن إدلائه بتصريحات غير صحيحة لوسائل الإعلام، أكد خلالها اكتشافه وقائع فساد بالأجهزة الرسمية وغيرها من أجهزة الدولة، تجاوزت قيمتها 600 مليار جنية خلال عام 2015 فقط ، وأسفرت تحريات الأمن الوطني عن صحة الواقعة) ، وطبعا لا تفكر في أن تسأل السؤال المنطقي : كيف عرف "الرائد طارق" أن البيانات التي أعلنها المسئول السيادي الرفيع غير صحيحة ؟! ، وكيف اكتشف تلك "الحقائق" ؟ ، والمهم أن "الرائد" طارق عاد ليعطي المستشار جنينه درسا في المهنية ، ويقول (وأشارت التحريات إلى عدم صحة تلك البيانات التي تضمنتها التصريحات، بالرغم من أنه كان بمقدور"جنينة" التأكد من صحة تلك الوقائع بحكم موقعه الوظيفي) ، وأرجو أن يلاحظ القارئ الكريم أن هذا الكلام يوجه إلى الرجل الذي كلفته الدولة والدستور والقانون بمراجعة قرارات وحسابات ومعاملات الوزارة التي ينتمي إليها "الرائد" طارق ، من أول وزيرها إلى أصغر جندي فيها ، هكذا فوضه القانون وهكذا حصنه الدستور وهكذا اختار "تثبيته" في منصبه اثنان من رؤساء الجمهورية ، المستشار عدلي منصور والرئيس عبد الفتاح السيسي ثلاث سنوات ، ثقة منهما في كفاءته وفي نزاهته قطعا ، لأن القول بغير ذلك يعني ضم الاثنين إلى قائمة الاتهام ، كما أن المحرج أن تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات الذي كان يرأسه المستشار جنينه أدانت الوزارة التي ينتمي إليها الرائد طارق بل وأدانت الجهاز نفسه الذي يعمل فيه الرائد طارق بإهدار المال العام ، فأن يأتي "الرائد" طارق لكي "يؤدب" رئيس هذا الجهاز ويعلمه الصح من الخطأ في أعمال الجهاز وضوابط موقعه الوظيفي وكيف يدير أعمال جهازه ، فهي مسألة أكبر من قدرتنا على التعليق .

وحتى لا أطيل في الشرح والتعليق وكتابة الهوامش والحواشي ، والناس صيام ، أكتفي بعرض فقرات من تقرير الرائد طارق ، بدون تعليق ، يقول : (قام عصام عبد العزيز ـ الخبير الذي كلفه الجهاز ـ بإعداد تلك التقارير بالمبالغة في الأرقام عن حجم الفساد، باتباعه أسلوب غير دارج في الأصول المحاسبية ولا يخضع للمعايير أو القوانين ذات الصلة بهذا الشأن، فقامت أعضاء اللجنة التي شكلها المستشار بإعداد بيانات غير مدققة) وأرجو أن يتوقف البعض ولو قليلا عند حديث "الرائد" طارق عن "الأصول المحاسبية والمعايير والقوانين ذات الصلة" ، ويضيف الرائد طارق مجددا : (أساء جنينة إدارة أعمال الجهاز المركزي للمحاسبات وانحرف به عن دوره المحدد بموجب القانون الذي ينظم أعماله دون أن يولي اهتمامه بالضوابط التي حددها المشرع للمهمة المسندة إليه) ، ومرة أخرى نتأمل "الضوابط التي حددها المشرع والدور المحدد الذي ينظم أعمال الجهاز" ، وكل هذا يراجعه "الرائد" طارق ، ويضيف أيضا : (الجهاز في الأساس غير مختص بموضوع الفساد، ولكن تقارير الجهاز تتضمن مخالفات مالية لا يمكن وصفها بالفساد الإ بعد التحقيق فيها)  ، أي أن نهب المال العام وسرقة أراضي الدولة والتلاعب في الأوراق والمستندات ليس فسادا أو لا يصح أن يقول عنه الجهاز المركزي أنه فساد ، يمكن أن يسميه بأي اسم آخر ! ، المهم ، يضيف الرائد طارق : (يعلم جنينة تمام العلم بعدم دقة تلك الدراسة، وعدم مراجعتها، كما يعلم الأسلوب الشاذ الذي اتبعه عصام عبد العزيز، في إعداد القسم الخاص به من الدراسة) ، الرائد طارق يقرر "عدم دقة" الدراسة التي أعدها خبراء الجهاز المركزي ، كما يقرر من واقع خبراته أنها "اتبعت أسلوبا شاذا في إعدادها" ؟!! ، ثم ختم "الرائد" طارق تحرياته بالضربة القاضية ، يقول : (سبب اعتقاد البعض في صحة هذه التصريحات والإيحاء شعبيا باستشراء الفساد في الدولة وأجهزتها، حالة من السخط الشعبي، نظراً لصدور تلك التصريحات من رئيس جهاز رقابي، أما على المستوى الدولي، فقد أدى هذا التصريح إلى زعزعة الثقة من قبل المتعاملين مع الدولة من الجهات والدول الأجنبية) ، والمؤكد أن الرائد طارق قام بإجراء دراسة استراتيجية استعان فيها بوزارة الخارجية وسفاراتها في الخارج والمحلقيات الاقتصادية وغيرها حول ردود الأفعال العالمية على تصريحات جنينه ، وقام بتحليل العينات والمواقف وانتهى إلى تقريره الحاسم هذا ، ويبدو أن "الرائد" طارق لم ينتبه إلى أن تقارير الشفافية الدولية المتوالية ، من قبل جنينه ومن بعده ، التي تصدر تضع مصر في مرتبة متقدمة في قوائم الدول الأكثر فسادا ، كما أن منطق هذا الكلام أن الدولة ينبغي أن تتستر على أي وقائع فساد ، إذا كانت ضخمة ، باعتبار أن الكشف عنها يمثل تشهيرا بسمعة البلد أمام العالم الخارجي .

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل