المحتوى الرئيسى

«جي فور أس» إرث الأمن والانتهاكات: جريمة عمر متين تتوّج فضائحها وتهز أسهمها

06/15 00:55

صفعة قوّية تلقّتها «جي فور أس». في الوقت الّذي تحاول فيه الشّركة الأمنيّة البريطانيّة ـ الدّنماركيّة لملمة تبعات «التّعبئة العامّة» ضدّها، ظهر لها «ذئب فلوريدا». ارتاد مرّاتٍ عدّة ناديا للمثليّين. خطّط مطوّلاً. عرف هدفه. وفجر 12 حزيران حمل سلاحاً منفرداً، قتل 49 شخصاً، وجرح العشرات. قُبيل جريمته، أعلن عمر متين الولاء لتنظيم «داعش». الأخير، تبنّى العمليّة. وفي بيانٍ حمل مصطلحاتٍ رجعيّةٍ معتادة، أعلن فخره بقيام «أحد جنود الخلافة في أميركا بقتل أتباع قوم لوط في نادٍ ليليّ في مدينة أورلاندو».

صباح الاثنين، انهارت أسهم الشّركة. فتحت لندن عينيها على خسارةٍ بمعدّل 7.5 في المئة. وجدت الشّركة نفسها أمام أكبر خسارةٍ لها منذ العام 2009. والسّبب؟ عمر متين موظّفٌ سابقٌ فيها.

في 10 أيلول من العام 2007 قامت «جي فور أس» بتوظيف عمر متين. اجتاز فحص الشّركة، فعيّنته حارس أمنٍ في مجمعٍ سكنيٍّ جنوب فلوريدا. بعدها بستّ سنوات، أعيدت له الفحوصات، فاجتازَها مرّةً أخرى. تربط «جي فور أس» بين الفحوصات المطلوبة وبين متطلّبات الدّولة الّتي يعمل فيها الموظّف. وكي يحصل المحقّق على ترخيص، عليه أن يجتاز شاشة فحص الخلفيّة والمخدّرات، واستكمال برنامج تدريبي مكثّف لمدّة ثلاثة أسابيع تهدف إلى غرس تقنيات لتقصي الحقائق، وتمكينه من كشف المعلومات بسهولة. أمّا التّدريب فيتمّ بإشراف مدرّبٍ خاصّ.

بالنّسبة للشّركة، حاز «الّذئب»، ربّما بـ «جدارة»، على تلك الصّفات. في الوقت الّذي استجوبَ فيه «مكتب التّحقيقات الفدرالي» (أف بي أي) متين لثلاث مرّاتٍ ما بين العامين 2013 و2014 بعد ورود تقارير عن سلوكه المتطرّف وصلاته بجماعاتٍ إرهابيّة. كانت «جي فور أس» ترفع القبّعة لقدرة متين على اجتياز فحوصاتها. كان بحوزة متين رخصة حمل سلاح يملكها مذ عُيّن في الشّركة. وعلى الرّغم من استجوابه لمرّاتٍ ثلاث من قبل الـ «أف بي آي»، إلا أنّ رخصته لم تُمسّ. بُعيد عمليّة فلوريدا الدّمويّة، خرجت «جي فور أس» لتبرّر الأمر «كان يملك سلاحاً بناءً على طبيعة عمله».

كلّ التّفاصيل هنا تطرح علامات استفسار.

اليوم، تقف الشّركة على حافّة الهاوية. لصيتِها المنهار أسباب. لم تعُد الشّركة قادرةً على ترقيع الهوّة الّتي ما زالت تتّسع بسبب سياساتها وانتهاكاتها الصّارخة للقانون الدّوليّ وحقوق الإنسان. خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، انهارت أسهم الشّركة بمعدّل 34 في المئة. يحتاجُ تعدادُ انتهاكاتها وقتاً طويلاً. عربيّاً، «جي فور أس» متورّطة في التّغطية على والمشاركة في ظلم وقتل المعتقلين الفلسطينيّين. بكلّ وقاحة، تتفاخر الشّركة بأنّ وحداتها الأمنيّة يحرسها مقاتلون تخرّجوا من النّخبة القتاليّة في الجيش الإسرائيليّ. ومن دون رادع، تؤمّن الشّركة، من خلال فرعها «جي فور أس إسرائيل هاشميرا»، الحماية للمعتقلات الإسرائيليّة. تلك المعتقلات الّتي تشهد أبشع أنواع التّعذيب والاستجواب والاحتجاز و «الاعتقال الإداريّ»، والتي يقبع فيها قاصرون.

«مجدو»، «الدامون»، «عوفر»، مركز «المسكوبيّة»، «الجلمة»، هي بعض السّجون ومراكز الاستجواب الّتي تؤمّن «جي فور أس» لها الحماية. لمعتقل «كتزيوت» نصيبُه. يقع المعتقل، المعروف بقسوته البالغة، في صحراء النّقب. بُعيد توقيع «اتّفاقيّة أوسلو»، أغلقته حكومة إسحق رابين. إلا أنّ رئيس وزراء الاحتلال السّابق آرييل شارون سرعان ما أعاد فتحه. ولأنّ الأوضاع فيه كارثيّة، احتجّ عددٌ كبيرٌ من جمعيّات حقوق الإنسان على إعادة فتحه. اليوم، لم تتغيّر الصّورة. «كيتزيوت» لا يزال «كتزيوت»، مع فارقٍ بسيط: «جي فور أس» تُشرف على تعذيب الفلسطينيّين فيه.

علاقة متينة تجمع ما بين «جي فور أس» ووزارة الحرب الإسرائيليّة في «تل أبيب»، وكذلك قاعدة المدرّعات الإسرائيليّة في «ناتشونيم». كما تؤمّن الشّركة الحماية لمباني وزارة الاقتصاد الإسرائيليّة، تلك المسؤولة بشكلٍ مباشرٍ عن «خناق قطاع غزّة».

وفي مقابل انتهاكاتها الفلسطينيّة الصّارخة وتواجدها في «إسرائيل»، تستقبلها بلدانٌ عربيّةٌ بحفاوة. في الأردن، في مصر، في العراق، في لبنان، وفي السّعوديّة. في الأخيرة، تقوم الشّركة بحماية موسم الحجّ. هي على ارتباطٍ مع الحكومة السّعوديّة منذ العام 2010.

دوليّاً، تُلاحَق «جي فور أس» بسبب انتهاكاتها الصّارخة لحقوق الإنسان. في كلّ بلدٍ من البلدان الـ110 الّتي تملك فيها فروعاً، تتبعها الشّكاوى. من أبرز القضايا الّتي لحقتها، «عمليّةُ خنق» المهاجر الأنغولي جيمي موبيغنا على يد ثلاثة حرّاسٍ من الشّركة في بريطانيا. وقد بُرّئ يومها الحرّاس الثّلاثة من الجريمة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل