المحتوى الرئيسى

أنا وأسامة أنور عكاشة حوار قديم يتجدد «10»

06/14 21:50

أمهات «الحلمية» موجودات فى حياتنا العملية، ستجد لكل واحدة منهن شبيهة.. والنموذج متكرر: إن لم يكن فى بيتك ففى البيت المجاور، وهذا أساساً نتيجة أن شخصيات «الحلمية» كلها منتزعة قدر الإمكان من نسيج واقعى.

سأبدأ من «نفيسة هانم» (هدى سلطان) والدة سليم البدرى، ده كان نمط لأم الطبقة المتوسطة العليا. تشرّبت قيم هذه الطبقة وتزوجت من شخص من طبقة أعلى واستطاعت أن تحفظ التوازن، وكانت دائماً تفرض منطقها على الأمور، وتتصرف بأخلاق بعيدة عن أخلاق الطبقة التى انتقلت إليها. كان إصرارها على الوقوف دائماً بجانب الحق مثار متاعب لها، خصوصاً بعد أن اختفى ابنها «سليم» لفترة واستفردت بها زوجته «نازك السلحدار» وعاملتها بأسلوب «مش كويس»، فلجأت إلى أصل الطبقة التى جاءت منها: بيت «توفيق البدرى» وزوجته «أنيسة». هذا نمط شائع فى أسر مصرية كثيرة تنتمى للطبقة المتوسطة.

«نازك السلحدار» (صفية العمرى)، أم من نوعية خاصة، لا نستطيع أن نقول إنها نموذج سائد.. بل ذات طبيعة خاصة، فشلت كأم لأنها فشلت أصلاً كزوجة، ففشلها فى زيجاتها، خصوصاً الأولى من «سليم البدرى»، انعكس على علاقتها بأولادها، حتى إنها ارتكبت ما يُعتبر فى عرف الأسرة جرماً كبيراً، وهو أن ترمى ابنتها «زهرة» فى سبيل استقرارها مع زوجها، باعت «زهرة» بمنتهى البساطة، ووصلت الأمور إلى حد أنها أودعتها ملجأ. وهذا تصرف ليس فيه من الأمومة الحقة أى شىء، فهى شخصية أنانية، لا تصلح أن تكون أماً، وبالتالى فعلاقاتها بأولادها جميعاً إما مدمرة أو شابها الفتور، سواء ابنها من سليم البدرى أو ابنتها من سليمان غانم. علاوة على ذلك.. هى لم تكن أماً طبيعية من لحم ودم بقدر ما كانت تعبر درامياً عن تفسخ طبقة.

هناك أم بدون أمومة بيولوجية، هى «أنيسة» (محسنة توفيق) حُرمت من الأولاد، ومع ذلك كان لديها فيض من مشاعر الأمومة استطاعت من خلاله أن تربى «على البدرى»، ابن أختها، وبعده توفيق ابن زوجها. وده برضه نموذج شائع جداً فى الحياة المصرية، خبرته ولمسته عن قرب شديد. فأنا ربتنى زوجة أبى وهى لم تنجب، حُرمت من النسل إنما عوضتنى ذلك بفيض من الحنان والرعاية الشديدة تجاه أولاد زوجها، وهذا نموذج متكرر أيضاً فى الأسرة المصرية، الأم التى نجدها فى معظم بيوتنا، ويمتزج فيها الحنان بالكرامة بالأخلاقيات العالية برفضها لانحراف أولادها الذين تحبهم. وقد اعتبرت أن «على» انحرف وحصل له هذا الانقلاب نتيجة لابتعادها عنه، وهو قال لها ذلك: انتى طردتينى من بيتك. فالحب لم يمنعها من اتخاذ موقف عادل.

نموذج الفلاحة الأم: «وصيفة» (إنعام سالوسة). رغم أنها أم الرجالة إلا أنها تحتضن ابنة ضرتها بحب شديد كما لو كانت ابنتها، وهذه إحدى خصال الأم الريفية، أنا شفت أمهات كتير فى الريف بتربى أولاد أزواجها. هذه هى الأم الريفية التى كانت أيضاً تتحمل غطرسة وعجرفة واختلال زوجها أحياناً بصلابة داخلية عجيبة. هى ليست انعداماً للإحساس بالكرامة، وإنما تتمثل فيها قدرة الفلاح المصرى على التحمل. هو ليس ضعفاً وإنما قوة.. منتهى القوة.

«نجاة» (زيزى البدراوى)، زوجة طه السماحى. الأم حاملة رسالة النضال القديم.. الرسالة التى حملها زوجها وشاركته فيها وظلت تحملها بداخلها لكى تنقلها لابنه وتربيه عليها.

الجيل الجديد من الأمهات: «زهرة» (آثار الحكيم ثم إلهام شاهين)، ما تزرعه الرياح تحصده العواصف، زهرة التى لم تجد بيتاً ولم تجد حضن أم وهى طفلة كان من الصعب عليها أن تشعر بالأمومة الحقيقية، جفت عواطف الأمومة عندها لأنها لم تعرفها أصلاً، فعاملت ابنها مثلما عاملتها أمها نازك فى البداية وهى طفلة، رمتها وتخلت عنها، فحصل نوع من الوراثة، ليس فى الملامح أو غيرها، إنما وراثة اجتماعية إذا جاز التعبير، فاقد الشىء لا يعطيه، وزهرة فقدت عطف الأم.

«فاطمة» (زيزى مصطفى): أم فلاحة لكنها ذكية جداً، الجيل التالى لوصيفة والجانب الآخر لها، الإضافة النوعية لها. أم ذكية جداً، «تتدحلب» وغايتها فى الأساس مصلحة أولادها. هى تعلم أن أباهم «زاهر» راجل مهتور وأنه «مش حيبقى الأب الصالح اللى يضمن للعيال مستقبل كويس»، فشعرت أن هذا متوافر فى بيت جدهم وخططت عشان اللى عند جدهم يبقى لهم، فهى تعمل أساساً لمستقبل أولادها، بتخطط عشان تحمى ولادها من أبوهم وتمنعه من تبويظ مستقبلهم، وتضمن لهم مستقبلاً جيداً فى النهاية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل