المحتوى الرئيسى

«النيل» على صفحات التاريخ (1)

06/13 21:25

النيل فى مصر جزء من قصة حياة البشر، وهو أيضاً جزء من تاريخ الإسلام، لا تجد كتاباً من كتب التراث أو التفاسير يخلو من ذكره، يحكى «ابن كثير» حديثاً عن أبى هريرة روى فيه عن النبى صلى الله عليه وسلم قوله: «سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة»، بمعنى أن النيل من بين الأنهار التى تشبه أنهار الجنة فى صفائها وعذوبتها وجريانها. ويصف صاحب البداية والنهاية نهر النيل قائلاً: «أما النيل وهو النهر الذى ليس له فى أنهار الدنيا نظير فى خفته ولطافته وبعد مسراه فيما بين مبتداه إلى منتهاه، يفد على ديار مصر من بلاد الحبشة، يحمل زيادات أمطارها ويجترف من ترابها، ومصر محتاجة إليهما معاً، لأن مطرها قليل لا يكفى زروعها وأشجارها، وتربتها رمال لا تنبت شيئاً، حتى يجىء النيل بزيادته وطينه، فينبت فيه ما يحتاجون إليه، وهى من أحق الأراضى بدخولها فى قوله تعالى: (أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعاً تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون). وقال ابن سينا: «ماء النيل له خصوصيات دون مياه سائر الأرض، فمنها أنه أبعدها مسافة من مجراه إلى أقصاه، ومنها أنه يجرى على صخور ورمال ليس فيه خز ولا طحلب ولا أوحال، ومنها أنه لا يخضر فيه حجر ولا حصاة، وما ذاك إلا لصحة مزاجه وحلاوته ولطافته، ومنها أن زيادته فى أيام نقصان سائر الأنهار، ونقصانه فى أيام زيادتها وكثرتها».

من يتأمل الأوصاف التى خلعها المؤرخون العرب على النيل يستدعى بصورة تلقائية تلك الأشعار والأغانى التى لهجت بها ألسنة المبدعين المصريين، وهم يتحدثون عن النيل الذى لمس إحساسهم، ودق على أوتار عواطفهم، ليعزفوا مع مَن عاش على مائة أعذب الألحان. دعك من هذا وانظر إلى ما حكاه القرآن الكريم عن النيل الذى شكل أرض البطولة فى تلك القصة الخالدة بين موسى وفرعون مصر. فوق صفحة «النيل» عثرت زوجة فرعون على الطفل موسى داخل صندوق، وشاء الله أن ينمو الطفل ويكبر على يد فرعون، وهو الذى كان يقتل كل الأطفال الذين ولدوا فى عام مولد موسى، بعد أن تنبأ له أحد السحرة أن ضياع ملكه سيأتى على يد طفل يولد فى ذلك العام. تفاصيل المواجهة بين موسى وفرعون مصر نعرفها جميعاً، لكن من المفيد أن نتوقف أمام بعض المشاهد التى شكَّل النيل ساحة لها، وأولها ذلك المشهد الذى تعجب فيه الفرعون من موسى وهو يحدثه عن الجنة التى وعدها الله الذين آمنوا، وما فيها من أنهار. يحكى القرآن الكريم عن فرعون: «ونادى فرعون فى قومه قال يا قوم أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون». كان فرعون يعتبر أن عيشه فى مصر هو حياة فى الجنة، حيث يجرى من تحته النهر الخالد.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل