المحتوى الرئيسى

"المليونير الخفي".. علي الكسار: ترك الطبخ ليتربع علي عرش الكوميديا.. اشتهر بشخصية عم عثمان البواب.. و مات مريضًا بالسرطان

06/13 18:30

«الخادم، البواب، الموظف» شخصيات عدة نجح في تجسيدها بتلقائيته المعهودة، وملامحه البربرية، و بشرته الداكنه، انتزع من خلالها حب و تقدير الجماهيرطيلة مسيرته الفنيه، حتي ظلت أعماله باقية في ذاكرة السينمائية العربية.. أنه الفنان علي الكسار، الذي يحل اليوم ذكري ميلاده ال129.

ملأ "الكسار" المسرح ضحكًا فأمتع جمهوره، قدم علي خشبته نحو مائتي مسرحيه علي مدار عشرين عامًا طيلة حياته الفنيه، أشتهر بأداء شخصية عثمان عبد الباسط، ليستحق عن جدارة الفوز بلقب "أبوالمسرح المصري".

ولد الكسار، بحي السيدة زينب، بالقاهرة، في 13 يونيو 1887 لأسرة فقيرة الحال، دفعته ضيق ذات اليد، إلي إمتهان مهنه والده "السروجي"، ليعول أسرته، ولكنه لم يستمر فيها، ثم عمل مساعد طباخ لخاله في التاسعة من عمره ، ما أتاح له فرصة الاختلاط مع النوبيين من بوابين وسفرجيه وتعلم لهجتهم وطريقة كلامه.

أحب الأراجوز كثيرًا في صغره، وهذا الحب جعله يصنع أراجوزًا من الورق وأخذ يقلد بعض الأصوات، الأمر الذي كان يغضب والده إلى حد الضرب بسب تعلقه بخيال الظل الذي كان يقدمه باستمرار للأطفال في الحارة.

وتوفى والده وهو في الثامنة من عمره، لتتحمل والدته رعاية موهبته الفنية لفرضه في الموالد والتجمعات والساحات الفنية في “الحسين”، والذي كان بيت الفنانين والهواة وقتها.

تولدت لدى "الكسار" موهبة التقليد منذ صغره، حيث كان يقضي الساعات أمام الأطفال يغني لهم ويقلد، وكانت أمه تشجعه بشدة وتحميه من عقاب والده، مما أدى لتعلق الصغير بأمه بشدة حتى أنه أخذ اسم جده لأمه كاسم شهرة بدلًا من اسمه الحقيقي والذي كان علي خليل سالم.

بالرغم من أمية "الكسار" وجهله للقراءة والكتابة، إلا أنه تمكن من إثبات موهبته الفنية وتحقيق قدر واسع من الشهرة والنجومية، حيث بدأ عمله الفني عام 1908 بمحل "دار التمثيل الزينبي بالموردي"، وقدّم أول أدواره في المسرحيات من خلال مسرحية "حسن أبو علي سرق المعزه" وقدم دور بربري ساذج يضحك عليه كل من حوله.

وتمكن الكوميديان من لفت انتباه المؤلف أمين صدقي الذي كان في وقتها مؤلف لنجيب الريحاني، وعقب نشوب خلافات بينمها، وجد أمين أن الكسار هو الشخصية المناسبة لينافس بها مسرح الريحاني.

واتفق أمين مع الكسار على إيجار مسرح بجوار مسرح الريحاني، وكانت أول مسرحية قدمها الكسار "القضية رقم 14" وشاركته فيها ماري منيب وهي في الرابعة عشر من عمرها.

التحق بعد ذلك بدار التمثيل بالسيدة زينب عام 1908 وبعدما ذاع صيته في الأحياء المجاورة، أشار عليه البعض بالذهاب لمعقل الفن وقتها في شارع عماد الدين، حيث التحق بكازينو ديباري وبدأ التمثيل على خشبة مسرحه، وولدت عندها شخصية “عثمان عبد الباسط” البربرية البسيطة المضحكة ليلتف حوله الجمهور، وكونت شعبية كبيرة نافس من خلالها "نجيب الريحاني" أو "كشكش بيه" ليحتل بعدها عرش الكوميديا إلى جانبه.

وفي الوقت نفسه، وبعد ثلاث سنوات من العرض على مسرح كازينو ديباري، شيد الكسار مسرحه الجديد الذي حقق شهرة أكبر للكسار وظل طوال عشرين عاما يقدم فنه يوميًا دون انقطاع حتى بلغت أعماله 200 مسرحية، والتي تنوعت بين الأوبريت والأوبراكوميك والاستعراضات.

وبعد دخوله عالم الفن، طرأ علي حياته تغيير شامل فبعد أن كان من الطبقة الكادحة أصبح يمتلك ثروة كبيرة، ولكنه لم يكن يتظاهر بأمواله وثرائه وصار من وجهاء عصره وظل يحيا حياته البسيطة في حي السيدة.

لم يكن الفنان علي الكسار أسمر البشرة مثلما كان يظهر على الشاشة أو في المسرح، فهو لم يكن من جنوب مصر، وبشرته لم تكن سمراء وإنما فاتحة اللون، وكان يقوم بصباغة وجهه بخلطة خفية يصنعها بنفسه، كل ليلة قبل الظهور على المسرح حتى يجسد شخصية عثمان عبد الباسط الأسمر اللون.

أحبته الفنانة زكية إبراهيم، التي كانت تجسد دور حماته في معظم أفلامه، وبالرغم من أنه لم يتزوجها، إلا أنها كانت تغار عليه كثيرا، ويقال أنها كانت سببا في مغادرة الفنانة الشابة وقتها ماري منيب من الفرقة بسبب غيرتها منها.

كانت السينما لـ"الكسار" المحطة الأكثر إبهارًا في حياته، وعلى مدار 19 عاماً، قدم حوالي 37 فيلماً كلها تدور حول شخصية الخادم البربري ذو البشرة السمراء، وأشهرها؛ بواب العمارة، علي بابا والأربعين حرامي، سلفني 3 جنية، ألف ليلة وليلة، نور الدين والبحارة الثلاثة، رصاصة في القلب، عثمان وعلى، التلغراف، الطنبورة، أمير الانتقام".

و كتب له أمين صدقي أكثر من 160 مسرحية منهم من "أبو النواس، فلفل، وعقبال عندكوا، والبربري في الجيش"، وتعاون الكسار مع العديد من الملحنين أمثال سيد درويش، وداوود حسني، وكامل الخلعي، وزكريا أحمد.

وبدأت الحياة تعطى ظهرها لعلى الكسار وفرقته فتوالت الخسائر وأضطر لإغلاق الفرقة، وتجاهله المخرجين والكتاب فلم يطلبه أحد في أعمال جديدة مما جعله يضطر لقبول الأدوار الصغيرة في الأفلام لكي يتكمن من الإنفاق على أسرته، فعاش سنوات من الشقاء والخفوت بعد حياة النجاح والشهرة.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل