المحتوى الرئيسى

«عامان على حكم السيسي.. دولة الخوف»: تصفية المجتمع المدني.. اقتحام نقابات وإغلاق منظمات واعتقالات ومنع من السفر.. للقمع رئيس يحيمه

06/11 16:11

مطاردة النقابات المستقلة واستهداف قياديها ومحاكمات عسكرية للعمال.. وخطة لاعادة الاتحاد الحكومي

مطاردة المنظمات الحقوقية بقرارات الاغلاق ومحاكمة الحقوقيين ومنعهم  من السفر.. وقضية المنظمات والحملة ضد النديم قمة الهجمة

ارتفاع وتيرة القمع خلال الستة شهور الأخيرة بقرار إغلاق النديم واقتحام الصحفيين والتحقيق مع مجلي النقابة وقيادات الأطباء  

قرارات بالمنع من السفر واستدعاء عاملين وعاملات بالمنظمات للتحقيق ولجان تفتيش على بعض المنظمات والتهديد بإغلاق أخرى

عمرو عبد الرحمن : الهجمة على المنظمات بدأت منذ عامين.. وتصاعدها ارتبط بتصريحات الرئيس ضد المجتمع المدني

عضو بمجلس الأطباء: نقابة الأطباء شوكة في حلق سلطة "ديكتاتورية" تنفرد بالقرارات ووضع السياسات دون مشاركة

البلشي: معركتنا للتصدي لدولة «الخوف» .. والهجمة على الصحفيين جزء من الهجمة على الحريات العامة

كمال عباس: النظام يعيد إنتاج نظام مبارك والرئيس هو المسئول.. والهجمة على النقابات المستقلة صورة مصغرة لما يحدث في مصر

عامان من القمع هما ملخص نصف مدة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي لمصر، خاصة فيما يتعلق بقضايا الحريات، فخلال العامين الماضيين امتدت اليد الأمنية للنظام لتغلق كل مساحة للتعبير عن الرأي في المجتمع، فمن الشارع الذي تم إغلاقه بقانون التظاهر غير الدستوري، إلى مطاردة النقابات المستقلة واستهداف قياداتها، مرورًا بإغلاق أبواب الحركة أمام منظمات المجتمع المدني، سواء عبر قوانين تقيد حركتها، أو عبر مطاردات قضائية للنشطاء الحقوقيين ومنعهم من السفر.

نفس الأمر جرى مع النقابات المهنية التي كانت عرضة لمطاردات لم تتوقف، سواء في شكل اعتداءات مباشرة على أعضائها، أو استهداف للنقابيين،  حتى وصل الأمر لتحويل ربع مجلس نقابة الصحفيين للمحاكمة.

قمع النظام لم يقف عند حد المطاردات، بل امتد لتقييد الحركة من خلال قرارات منع من السفر وأحكام بالسجن طالت أي محاولة للتعبير عن الرأي، في مشهد عام يرسم ملامح «دولة خوف» لا تعترف برأي إلا رأي الرئيس ونظامه بينما تطلق سهام السجن والتقييد والتخوين في مواجهة كل محاولة لإبداء رأي مخالف .

خطوات تصعيدية لغلق المجال العام وحملة ممنهجة على المنظمات.. إجراءات "انتقامية" ومواصلة للتوظيف الأمني والسياسي للجهاز القضائي

الهجمة على الحريات طالت كل مناحي الحياة، فخلال العامين الماضيين تعرضت المنظمات الحقوقية لهجمة إعلامية وأمنية شرسة، زادت حدتها الشهور الأخيرة بعد بيان البرلمان الأوروبي الذى انتقد حالة حقوق الإنسان في مصر، وإرسال عدد من منظمات المجتمع المدني مذكرة للمفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة حول الشأن نفسه، تناولت أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، بينها حبس المعارضين والتعذيب داخل السجون والاختفاء القسري والقتل خارج إطار القانون، ومنع المواطنين من حرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع السلمي، إلى جانب قمع الحريات الإعلامية والفنية وإغلاق المراكز الثقافية والأكاديميين، وملف العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وحقوق المرأة، والحريات الدينية.

وجاء قرار المستشار هشام عبد الحميد، قاضي التحقيق المنتدب من وزارة العدل في القضية رقم 173 لسنة 2011 والمعروفة إعلاميًا باسم «التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني» بإعادة فتح التحقيقات فيها بعد مرور 5 سنوات عليها، ليمثل مؤشرا على مدى ضيق السلطة السياسية من المنظمات رغم ما تعاني منه من تضييق على حركتها، و اعتبر العاملون في مجال حقوق الإنسان والمجتمع المدني أن هذا الموضوع يأتي في إطار الخطوات التصعيدية للدولة لغلق المجال العام بالتضييق على منظمات المجتمع المدني بأشكال مختلفة، تضمنت صدور قرارات بالمنع من السفر، واستدعاء عاملين وعاملات بالمنظمات، ولجان تفتيش على بعض المنظمات ووصل الأمر للتهديد بإغلاق منظمات أخرى.

تبع قرارهيئة التحقيق القضائية بإعادة فتح التحقيقات قرارًا صدر مارس الماضي بمنع حسام بهجت، مدير مؤسسة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمحامي جمال عيد، مدير مركز الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، و 4 آخرين وأسرهم، من التصرف في أموالهم وكافة ممتلكاتهم، منهم عبد الحفيظ طايل، رئيس المركز المصري للحق  فى التعليم، و بهي الدين حسن، مؤسس مركز القاهرة لمعلومات حقوق الإنسان، وصلاح حسن أحد العاملين بالمركز، إلى جانب مصطفى الحسن مدير مركز هشام مبارك للقانون، على خلفية التحقيقات في قضية التمويل الأجنبي.

منظمات حقوقية آخرى تعرضت لأنواع مختلفة من التنكيل، حيث قرر قاضي التحقيق استدعاء عدد من محاسبي  مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، لسماع أقوالهم،  فضلًا عن استدعاء أحد المحامين من مكتب المجموعة المتحدة للقانون، فيما أعلن مركز نظرة للدراسات النسوية، في وقت لاحق من الشهر ذاته، عن تلقي  ثلاث عضوات بفريق عمله استدعاءات  للمثول للتحقيق، مشيرًا إلى أن الاستدعاءات جاءت دون أي معلومات تخص سبب الاستدعاء وعلاقته بالمركز.

وفي السياق ذاته، أعلنت روضة أحمد، المحامية بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، مايو الماضي،  عن تلقيها  اتصالًا يطالبها بالتوجه لمقر قاضي التحقيق في القضية ذاتها، وحينما ذهب بعض من المحامين لمكتب قاضي التحقيق للتأكد من صحة الاتصال، تم إبلاغهم رسميًا باستدعاء روضة للتحقيق.

الهجمة الأعنف تعرض لها مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، بعد صدور قرار بتشميع المركز بأمر من إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة فبراير الماضي، وحضور أمينا شرطة ومهندس من حي الأزبكية ومعهم أمر بـ"تشميعه" بدعوى وجود مخالفات، الأمر الذي نفته الدكتورة سوزان فياض، مسئولة وحدة العلاج بمركز النديم وإحدى مؤسسية، مؤكدة أن القرار صدر من مجلس الوزارء وليس من وزارة الصحة، بسبب  تقارير المركز عن انتهاكات الشرطة وممارسات التعذيب في مقار الاحتجاز، وتصاعدت الأزمة في إبريل الماضي، بعد مداهمة أفراد من قوات الأمن مع مجموعة من العاملين بالعلاج الحر التابع لوزارة الصحة وموظفين بالحي  المركز، مبرزين أمرًا بإغلاقه، دون إبداء أسباب إصدار قرار الإغلاق، ودون وثيقة رسمية بالقرار.

وبالتزامن مع الهجمة، انتاب العاملين في منظمات المجتمع المدني موجة من الغضب، معتبرين كافة الممارسات ضد العاملين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان مواصلة للتوظيف السياسي والأمني للجهاز القضائي، ومتوقعين مزيدًا من الإجراءات القمعية والانتقامية في الفترة المقبلة، لإسكات الأصوات الباقية لضحايا جرائم حقوق الإنسان، معلنين عن استنكارهم التكتم والسرية من قبل لجنة التحقيق، التي تتعنت في إطلاع المحاميين وموكليهم على أوراق القضية أو الكشف عن طبيعة وتفاصيل الاتهامات محل التحقيق، وفي الوقت نفسه تسرب المعلومات والإجراءات لوسائل الإعلام، التي تحولت للوسيلة الوحيدة لتعريف المحامين وموكليهم بتلك الإجراءات، بما في ذلك مواعيد الجلسات.

حقوقي: تصاعد الهجمة مع بداية العام.. والنظام يسعى  لـ"تصفية" المنظمات

وحول الهجمة على منظمات المجتمع المدني يقول عمرو عبد الرحمن، مدير وحدة الحريات المدنية بالمبادرة المدنية للحقوق الشخصية، إن العامين الأخيرين شهدا هجمتين على منظمات المجتمع المدني، تحديدًا المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، الأولى عام 2014، عندما فوجئت المنظمات بإعلان مجهل في الصحف، طالبت فيه وزيرة التضامن الاجتماعي من المنظمات غير المسجلة بالتسجيل، دون توضيح ماذا سيحل بغير المسجلين أو ما سيعود على المنظمات بعد التسجيل، في وقت شنت فيه حملات إعلامية شرسة استهدفت  تشويه المنظمات واتهامها بتلقي تمويلات من الخارج، مع تضييق على المنظمات، ما دفع بعضها إلى نقل أعمالها إلى الخارج، وقرار بعض مسئولي المنظمات بإغلاقها.

وتابع عبد الرحمن، هذه الهجمة تم إيقافها بالتزامن مع تقديم مصر تقريرها للجنة المراجعة الدولية في المجلس العالمي لحقوق الإنسان، وما تبعه انتقادات واسعة من المجتمع الدولي للسياسة المصرية.

وأضاف عمرو عبد الرحمن: "لسنا ضد الحوار مع الدولة، لكن الدولة أصرت منذ البداية على إغلاق كافة قنوات الاتصال، رغم إعلان المنظمات استعدادها للتسجيل و توضيح موقفها القانوني"، ضاربًا المثال بالمبادرة التي حاولت أكثر من مرة التسجيل كجمعية، في ظل تجاهل ومماطلة.

وأكد مدير وحدة الحريات المدنية بالمبادرة أنه مع بداية هذا العام عادت الهجمة من جديد، بل وازدادت شراستها، حيث تمت إعادة فتح قضية "التمويل الاجنبي"، ومحاولة إغلاق بعض المنظمات على خلفيتها، ومنع عدد من مسئوليها، بينهم جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وحسام بهجت، مدير المبادرة المصرية، ومحمد زارع، من السفر، وقرارات بالتحفظ على أموالهم، في ظل اتهام 10 أشخاص من مسئولي المنظمات في القضية، معلقًا: " لا نستبعد صدور أحكام قد تص للمؤبد إذا استمرت التحقيقات بشكلها الحالي".

وأكد عبد الرحمن أن الهجمة هذا العام تسعى بشكل واضح إلى ما وصفه بـ «تصفية» المنظمات دون شك، ويتواكب ذلك مع تأكيدات لرئيس الجمهورية- بشكل أو بآخر- أكثر من مرة تشير إلى أنه لا يرى منظمات المجتمع المدني شريك في التنمية، أو عامل مساعد في التحوالديمقراطي، مكتفيا بنظرات "الشك"، مع عدم وجود خطوات حقيقية لا من البرلمان ولا وزارة التضامن الاجتماعي لمناقشة الأزمة أو بحثها.

"كرامة الأطباء " في مواجهة "سيف القمع"

 ومن منظمات المجتمع المدني لـ النقابات المهنية امتد سيف القمع في محاولة لإسكاتها، خاصة بعد أن تحولت بعض هذه النقابات لمنصات للتعبير عن مطالب قطاعات واسعة من المجتمع في ظل التقييد على الحركة وممارسة السياسة في مصر حتى من خلال الأحزاب التي تم إغلاق أي مساحة للحركة أمامها. 

وخلال العامين الماضيين لم تتوقف الانتهاكات بحق النقابات المهنية وأعضائها لكن مشاهدها الأكثر عنفًا جاءت خلال الشهور الستة الأخيرة في ظل هجمة متصاعدة  طالت في باديء الأمر نقابة الأطباء، بعد حادث اعتداء عدد من أمناء الشرطة على أطباء مستشفى المطرية، لرفضهم تزوير تقرير طبي لواحد منهم، ما ترتب عليه إعلان الأطباء في مستشفى المطرية الإضراب عن العمل، وإغلاق المستشفى.

تصدت نقابة الاطباء لهذا الحادث بقوة، حيث أصرّت على التحقيق في الواقعة ومحاسبة المعتدين على الأطباء، ما ترتب عليه هجمة إعلامية حادة على أطباء مصر، حملتهم مسئولية تردي الأوضاع الصحية في مصر، بالتزامن مع تجاهل وزارة الداخلية مطالب نقابة الأطباء لفترة طويلة.

وفي مواجهة بلاغ نقابة الأطباء في الواقعة، قامت النيابة باستدعاء الدكتور حسين خيري، نقيب الأطباء، والدكتورة منى مينا، وكيل النقاية، للتحقيق معهم في عدة بلاغات، مرة لسماع أقوالهم في واقعة مستشفى المطرية، ومرات للتحقيق في بلاغات مختلفة، أحدها متعلق بغلق المستشفى، وآخر يتهم وكيلة النقابة بالتحريض على الشرطة، فيما كشفت الدكتورة منى مينا عن تقديم 22 بلاغًا ضدها وضد نقيب الأطباء.

موقف قوي اتخذته الجمعية العمومية التاريخية للأطباء في 12 فبراير، والتي كان عنوانها "يوم الكرامة"، و بلغت أعداد الأطباء الحاضرين حوالي 10 آلاف طبيب، ما وصفته وكيلة النقابة بـأكبر حشد في تاريخ النقابة، خرجت به العمومية بقرارات هامة، على رأسها المطالبة بإقالة وزير الصحة و تحويله للتحقيق بلجنة آداب المهنة ، ليرد وزير الصحة بدعوى في محكمة القضاء الإداري مطالبة ببطلان قرارات العمومية، لترد النقابة باستدعاء وير الصحة إلى هيئة التأديب الابتدائية التابعة لها.

عمومية الأطباء بعد اعتداء أمناء شرطة علي طبيبي المطرية

عضو بالأطباء: تضييقات على النقابة وسعي لتشويهها إعلاميًا لتصديها لقرارات "فاشلة".. ومحاولات للعودة بالعمل النقابي لما قبل "يناير"

يقول الدكتور أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن الهجمة لم تطل نقابة الاطباء فقط، بل امتدت لتشمل كافة النقابات المهنية التي تدافع عن حقوق أعضائها، وهو ما لم يلق استحسانًا من السلطة التي وصفها بـ"الديكتاتورية"، التي رفضت أن تؤدي النقابات دورها.

وتابع حسين: "النظام الديكتاتوري لم يتغير منذ أيام المخلوع مبارك، ولا زالت هناك رغبة في الانفراد بالقرارات ووضع السياسات دون مشاركة ودون سماع الآراء المختلفة، والنتيجة دائمًا تكون سياسات "فاشلة"، مشيرًا إلى أن نقابة الأطباء أصبحت شوكة في حلق النظام، بسبب تصديها للكثير من القرارات الخاطئة التي تمس المجتمع والمرضى بالسلب، مستشهدًا بالقرار الأخير الخاص بزيادة أسعار الدواء، الذي أكد أنه تم اتخاذه بعشوائية ودون دراسة.

وأوضح عضو مجلس نقابة الأطباء أن أحد الأسباب التي كانت وراء الهجمة على نقابة الأطباء كان تصديها لقانون الخدمة المدنية ومعركتها للخروج بقانون للتأمين الصحي الشامل يحافظ على حقوق المرضى.. وقال متابعًا حديثه : " قانون الخدمة المدنية الذي تم وضعه في غرف مغلقة ودون الاستماع لآراء الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الموظفين، كان أحد القوانين التي تصدت لها نقابة الأطباء بقوة، جنبًا إلى جنب مع نقابات مهنية آخرى، ما ترتب عليه تضييقات على النقابة، ومحاولة لتشويهها إعلاميًا، بالتزامن مع محاولات لتكميم أفواه كل من سولت له نفسه أن يخرج بأي تصريح معارض لتوجهات السلطة الحالية، في محاولة للعودة بالعمل النقابي لما قبل ثورة يناير.

وعن أبرز ملامح الانتهاكات التي تعرضت لها الأطباء، تحدث حسين عن احتجاز واعتقال عدد كبير من الأطباء على رأسهم الطبيب طاهر مختار، عضو لجنة الحق في الصحة والرعاية الطبية للمحتجزين، بعد القبض عليه من منزله، واستخدام بيانات اللجنة التي عثر عليها في منزله كأحراز،  إلى جانب اعتداء أفراد شرطة على أطباء مستشفى المطرية وسحلهم، الواقعة التي ثار بسببها آلاف الأطباء، وأحيلت فقط هذه الأيام للمحكمة، فضلًا عن تضييقات مقصودة لعدم صرف أجور الأطباء، ما اعتبره محاولة لعقاب الأطباء بسبب مواقف النقابة.

مايو الأسود.. اقتحام نقابة الصحفيين ومحاكمات عاجلة للنقيب وأعضاء المجلس

الهجمة على النقابات امتدت للصحفيين، الذين كان لهم النصيب الأكبر من الانتهاكات خلال العامين الماضيين، فوفق تقرير لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، فإن هناك أكثر من 44 صحفيًا بين محبوس ومهددًا بالحبس، بينهم 27 صحفيًا محتجزًا في قضايا مختلفة، بخلاف صدور أحكام غيابية وأولية بالحبس في قضايا نشر في مواجهة 7 صحفيين، فيما تم إحالة 8 صحفيين للجنايات بسبب ممارستهم لعملهم بعد بلاغات من وزير العدل السابق، المستشار أحمد الزند، اتهمهم فيها باتهامات متنوعة، منها ارتكاب جرائم نشر، ونشر أخبار كاذبة ضده، واتهامات آخرى تتعلق بإهانة السلطة القضائية، والتشهير به وسبه وقذفه.

وإذا كانت الحملة على نقابة الصحفيين قد وصلت ذروتها خلال الشهور الثلاثة الأخيرة فإن تقارير لجنة حريات الصحفيين جاءت لتؤكد أنها لم تتوقف خلال السنوات الثلاثة الأخيرة فخلال العام الماضي فقط 2015 رصدت اللجنة 782 انتهاكًا متنوعًا، ما بين الحبس بأحكام، أو الاحتياطي، والتوقيف، واقتحام المنازل للقبض، وتلفيق التهم، وإصدار أحكام شديدة القسوة، والمنع من مزاولة المهنة وتكسير المعدات والكاميرات، والمنع من الكتابة أو وقف المقالات، والمطاردة القانونية واقتحام مقار صحف أو مواقع إخبارية، وتعطيل طباعة عدد من الصحف أو فرم نسخ منها، وتصدرت وزارة الداخلية والجهات الأمنية قائمة المعتدين على الصحفيين ، وبنسبة تتجاوز 45 % من الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون.

وأمام إصرار النقابة على الدفاع عن أعضائها  تصاعدت الحملة ضدها لتصل ذروتها في مجموعة من الإجراءات غير المسبوقة في تاريخها، من حصار لمقرها بالتزامن مع دعوات التظاهر ضد التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وصولا لمحاولة اقتحامها من قبل بلطجية في حماية قوات الأمن، وبالتزامن مع ذلك رصدت النقابة  46 حالة اعتداء وتوقيف واحتجاز للصحفيين، أثناء تغطيتهم تظاهرات "الأرض"، ما ترتب عليه تقديم النقابة بلاغات ضد وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة، طالبت فيها النائب العام بفتح التحقيق في واقعة حصار النقابة ومحاولة اقتحام مقرها ومنع الزملاء من دخولها.

وبدلًا من أن يتم فتح التحقيق في البلاغات فوجئ الصحفيون بقوة من 30 فرد شرطة-وفق شهود عيان- تقتحم  مقر نقابتهم للمرة الأولى في تاريخها في الأول من مايو الماضي، ومن ثم إلقاء القبض على الزملاء عمرو بدر ومحمود السقا من داخلها، وهو مارد عليه الصحفيون بإعلان اعتصام مفتوح داخل نقابتهم، فيما تمت الدعوة لاجتماع حاشد حضره أكثر من 5 آلاف صحفي، لمحاسبة المسئولين، عن اقتحام النقابة، ليتم الرد بحملة لتشويه النقابة  فيما ردت النقابة بتعليق شارة سوداء على مقر النقابة، وشارات مماثلة في الصحف حملت عبارة "حدادًا على حرية الصحافة".

وفي ظل إصرار النقابة على مطالبها وهو ما بدا في اجتماع ثان تم الدعوة له وحضره أكثر من الف صحفي واصلت السلطة تصعيدها ليصدر قرار باستدعاء يحي قلاش، نقيب الصحفيين، وجمال عبد الرحيم، لتحقيق، استمر أكثر من 14 ساعة، تم خلاله اتهامهم بالتستر على هاربين وإيوائهم في مقر النقابة، ونشر أخبار كاذبة حول حادث الاقتحام، وفي واقعة غير مسبوقة صدر قرار النيابة  بإخلاء سبيلهم بكفالة 10 آلاف جنيه لكل منهم، لكنهم اعلنوا رفضهم دفع الكفالات، بعد مطالبتهم بانتداب قاضي تحقيق، وفتح التحقيق في البلاغات المقدمة سابقًا من النقابة، والتي طالبت بالتحقيق في واقعة اقتحام النقابة، والاعتداء على الصحفيين.

ليتم احتجاز نقيب الصحفيين وأعضاء المجلس في قسم الشرطة، ثم  إحالتهم لمحاكمة عاجلة لا زالت وقائعها جارية حتى الآن.

عمومية الصحفيين بعد اقتحام الداخلية للنقابة

وكيل مجلس الصحفيين: 782 انتهاكًا خلال 2015 بين اعتقال ومطاردة صحفيين ومنع من الكتابة وتعطيل صحف وقرارات بـ"حظر النشر".. والمعركة مستمرة لإقرار دولة القانون في مواجهة قانون "القوة"

وحول الهجمة على نقابة الصحفيين قال خالد البلشي وكيل النقابة ورئيس لجنة الحريات إن أزمة النقابة لا يمكن فصلها عن الهجمة على الحريات العامة في المجتمع وإغلاق المجال العام، والهجمة على حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير بشكل خاص، مشيرًا إلى أن القضية جزء لا يتجزأ من  محاولات النظام لتأسيس «دولة خوف» لا يسمح فيها إلا برأي واحد، هو رأي النظام أو المتحدثين باسمه.

وأضاف البلشي، أن حصار النقابة وقضية إحالة نقيب الصحفيين ووكيل النقابة والسكرتير العام للمحاكمة هي جزء من واقع الحريات الصحفية في مصر والانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون بشكل يومي، سواء من خلال الاعتداءات التي يتعرضون لها أو العدد الكبير من المحبوسين، مرورًا بالانتهاكات التي يتعرض لها الزملاء المحبوسين ومنعهم من الزيارات وحقهم في العلاج، وانتهاء بأزمة حصار النقابة واقتحامها، والتي لم يكن لها أن تحدث لولا تراجع أوضاع الحريات العامة في المجتمع وعلى رأسها حرية التنظيم .

وأشار البلشي إلى أنه لابد من أن نرى الهجمة على النقابة ضمن السياق العام للقضية، وهو استكمال الهجمة على الصحافة وإسكاتها وتأميم المجال العام وفي مقدمته الإعلام، والتي وصلت لحد توقيف واحتجاز أكثر من 46 زميلًا في وقت واحد، وهي الأزمة التي كان الرد عليها مباشرة اجتماع الجمعية العمومية .

وأضاف البلشي: " هناك من يحاول فرض صوت واحد في مصر، وهو ما ظهر بشكل شديد الوضوح خلال العامين الماضيين، سواء في حجم الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون في مصر والتي وصلت لـ 782 انتهاكًا خلال عام واحد، أو في نوعيتها، بدء من العودة لعصر الرقابة على الصحف وتعطيل طباعتها، ما تعرضت له عدد كبير من الصحف، أو اعتقال الصحفيين لفترات طويلة ومطاردتهم بالحبس والقضايا، أو منع المختلفين في الرأي من الكتابة، ليصل عدد الممنوعين خلال عام واحد لـ أكثر من 14 كاتبًا، وحتى التضييق على الصحف واقتحام مقرات المواقع، وصولًا إلى قرارات حظر النشر، والتي تحولت لوسيلة لحجب المعلومات في القضايا التي تهم الرأي العام. 

وأكد البلشي أن معركة النقابة هي جزء من معركة الحرية في المجتمع والتصدي لدولة الخوف، من خلال العمل على إقرار دولة القانون في مواجهة قانون القوة، والذي وصل الحال لمن يمارسونه ليس فقط للاعتداءات بحق الصحافة والصحفيين، ولكن لحد منع العلاج عن المحبوسين ومنعهم من حقوق السجين كالزيارة أو الحصول على الطعام والعلاج المناسب وحق أسرهم في رؤيتهم، وكذلك التحقيق في الانتهاكات التي يتعرضون لها.

وأكد البلشي حديثه أنه لا سبيل سوى التصدي لمحاولات تأسيس دولة الخوف عبر المطالبة بالحرية والاصرار عليه وخوض معاركها حتى النهاية .

عداء واضح الملامح للنقابات المستقلة بتوجيهات من "الرئيس".. تضييق على القيادات واعتقالات للعمال وحملات تشويه إعلامية

لم تكن النقابات المهنية هي الوحيدة التي تم الهجوم عليها، بل أن الهجمة التي استهدفت إغلاق المجال العام لم تسلم منها النقابات المستقلة، ففي تقريرها السنوي حول انتهاكات الحريات النقابية، قالت دار الخدمات النقابية أن عام 2015 شهد محاولات لقمع الحريات النقابية، وسط تدخلات إدارية في شئون النقابات المستقلة، وذكرت أن الحريات النقابية تلقت ضربة موجعة بالمخالفة لنصوص الدستور المصري، حين أصدرت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، حكمًا بشأن إضراب الموظفين داخل مقار العمل، حيث عاقبت فيه ٣ موظفين،  وأجلت  ترقية ١٤ آخرين لمدة عامين، بدعوى إضرابهم عن العمل وتعطيل سير العمل، وقررت أن الإضرابات ممنوعة، وأرجعت ذلك إلى إن الشريعة لا تبيح هذا المسلك ليس لأن فيه إضرارًا بالمواطنين فحسب، "بل لأنه يعد تمردًا على السلطة الرئاسية رغم أن طاعة الرئيس واجبة".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل