المحتوى الرئيسى

«التحرير» تفتح باب العنف الأسري| شهادات حية لفتيات وقعن ضحايا للضرب والإهانة والاضطهاد

06/10 16:07

غرفة مظلمة غابت عنها الشمس لأيام طويلة، قماش أصم منع أشعة النهار أن تطل على غرفتها، فرد منبوذ وسط الأسرة كل ذنبها أنها جاءت الدنيا فتاة، وسط مجتمع يصنف المرأة على لأنها عبء ومشروع للانحراف أيًّا كان عمرها، فنجد أبًّا مريضًا نفسيًّا وآخر تملكه الشك حتى في نفسه، فبات الضرب والسحل السبيل للتربية وخلق الكره في نفس ابنته تجاهه، واقع تعيشه مئات النساء وآلاف الفتيات في مصر قد يختلف السن ويبقى واقع الإهانة والموت باقٍ في نفوسهن.

عنف وضرب حلق شعر وربط بالمقاعد وعنف بالأحزمة، دون جريمة تذكر، الموت في كل لحظة من أبيها وأخيها وزوجها، رعب الإهانة والشك القاتل، جمال يدفن ورعب وكره وجدت جذوره بيتًا وملجأ، قصص حية وحكايات خفية كشفتها عشرات الفتيات اللائى خرجن عن صمتهن فقد تتعجب قليلًا إلا أن الواقع لا يتجزأ..

تروي آلاء محسن: "أنا مرة انضربت قدام الشارع كله من بابا واتجبت على الأرض علشان صاحبتي كانت واقفة مع جارنا، متخيل يعني دا مش أنا حتى.. من ساعتها وأنا بقت راسى فى الأرض من الناس، ضهري اتكسر..".

وبدأت كريمة البحيرى حديثها قائلة: "ماحدش بيختار أهله، حضرتك أنا أبويا طلع المرايا من أوضتى وقال مفيش مرايات هتتحط هنا تاني ومفيش خروج من البيت وده كله بدون سبب، غير أنه ضربنى بالجزمة عشان ألبس خمار وأنا فى ثانوى ومرة ضربنى قلم فتحلى حاجبى إنتوا بتفكرونا ليه ما احنا عايشين وخلاص يعنى هانعمل إيه".

لم يقف الأمر عند حد معاقبة الفتيات على بداية ظهور ملامح أنوثتهن، فعوقبن أيضًا على مشاعرهن وحنوهن على أمهاتهن، فتروى دينا سامي: " كل يوم ضرب وإهانة لأمى اللي بتشتغل وبتصرف على البيت، 100 مرة أبقى أشوفه عاوز يموتها وهي تصبر وتقولى عشانكوا، ضرب ليا لو ضحكت، لو كلت لبانة، لو قلت أحط مانيكير زى البنات، لو نزلت قعدت مع جيراني مع العلم كنت لسه في ابتدائي مكملتش 10 سنين حتى، طلق أمى واتجوز عيلة 17 سنة، ومن وقتها مبيسألش ولا بيكلم غير لو عاوز حاجة بس ربنا مابيسيبش، عقد عمر الواحد ما حكاها".

العنف الذى تعرضت له الفتيات لم يقف عند حدود العنف الجسدي لكنه تعدى أيضًا للغهانة والعنف اللفظي الأكثر ألمًا وموتًا وهن على قيد الحياة، وكانت فاطمة محمد من بينهن والتى قالت عن تجربتها: "أنا مش عارفة أعيط ولا أضحك ولا أحمد ربنا ولا أكفر، أنا بابا مش دايمًا بيضربني بس دايمًا بيشتمني شتايم بشعة ويقولي كلام يوجع بمليون ضربة، ودايمًا يقولى إنه بيكرهنى جدًا وأنه بيتمنى الوقت يرجع بيه عشان ميخلفنيش، مع العلم إني بطيع أوامره، مش عارفة أحكي إيه ومش عارفة أقول  إيه بالظبط، ماما وبابا أسوأة حاجة فى حياتى مع أبسط الغلطات بابا بيضربني برجله في ضهري يلزقني في الحيطة أو يمسك رقبتى أو أمى ترفع علىَ سكينة أو تحرقنى فى  إيدى بسبب إنى ممكن أقولها أقولها مش قادرة أغسل المواعين النهاردة.. ربنا يعوضنى خير".

القصص الثلاث نقطة فى بحر كبير من الصامتات العاجزات عن البوح بما يحدث لهن خوفًا على حياتهن، لكن ثلاثة فتيات من ثلاث محافظات مختلفة وهن شيماء طنطاوى وهبة النمر ومنة الله موسى، اللائى جمعت بينهن الأعمال الخيرية وحب العمل النسائي الهادف للدفاع عن المرأة، استطعن ترجمة هذا العمل على أرض الواقع بإطلاق هاشتاج "قانون_ضد_العنف_الأسري"، وبدأت رحلتهن ببوست على "فيسبوك" لدعوة للفتيات للخروج عن صمتهم والإفصاح عن العنف الذى يتعرضن له كل يوم ومساعدتهن على تخطى محنتهن.

قالت هبة النمر لـ"التحرير": فى البداية كان بوست على الفيس بحكاية بنت أعرفها، كان في تفاعل كبير من البنات وصدمة للولاد، بعد كده شيماء اقترحت نعمل إيفينت، نظمناه أنا وهى ومنة، بنات كتير دخلت وكتبت حكاياتها وحكايات لبنات تعرفها، وابتدينا الحملة بشكل فعلي وكل هدفنا قانون يحمى الفتيات من العنف الأسرى، كلمنا مؤسسات ومبادرات على مستوى الجمهورية وكنا بنعمل مجموعات فى كل المحافظات وبقى لينا ممثلين ومشتركين من كل محافظة، وكانت محافظة المحلة والغربية أقل المحافظات اللى البنات قدرت تتكلم فيها".

وبدأت منه الله موسى جانب التوعية والتواصل مع الفتيا، وأوضحت: "بدأنا نفكر إننا لازم نعمل تواصل بين 3 خطوط للدعم النفسى واستقبال القصص، بحيث أن الخط يتحول ليا لو البنت محتاجة دعم نفسى علشان نفضل جنبها ولو هى محتاجة تنضم وتساعدنا تبقى مع هبة ولو محتاجة دعم قانونى شيماء توصلها بمحامى".

وتستكمل: "كم بنات غير طبيعى كانت بتتكلم وكانت بتحكى اللى جواها وبقصص توصل لحد إنها هاتتقتل، والتليفونات اللى كانت بتيجى على الأرقام الشخصية وكنت بخدها وبتواصل معاهم، كل المبادرات والنسويات على مستوى الجمهورية قرروا يتعاونوا معانا، محدش بخل أبدًا أنه يشترك معانا فى الحملة ويساعد ويقدم كل اللى يقدر عليه".

"عمرى ما أنسى  الست اللي  كلمتنى على البيدج وكانت بتطلب الحماية والمساعدة، لأن أهلها جيين يقتلوها لأنها من الصعيد ونزلت بنها اتجوزت جوزها وخلفت ولد وعاوزة حد يلحقها وعاوزة غطاء قانونى، وفعلا وفرنا لها محامى وبعدين  فجأة اختفت ولحد يومى هذا أنا مش عارفة أوصل لها، يارب تكون بخير وغيرها حالات كتير بتختفي فجأة، أهم حاجة إننا لا نهدف للمشاكل مع الأهل ولا تعريض الضحية لخطر أكبر، لكن بنحاول التركيز على مرحلة التفاوض معاهم، وتوعية الضحية إنها مش تقبل الإهانة وتحاول تتناقش مع أهلها".

تحاول الفتيات الثلاث وصفحتهم "قانون يحمي الفتيات من العنف الأسري" دعم كل سيدة تتعرض للعنف اللفظي أو الجسدي، مطالبات بقانون فعلي يجرم تلك الأفعال ويحد منها حفاظًا على أرواح آلاف الفتيات.

ويخصص المجلس القوي للأمومة والطفولة رقم  16000 لتقبل الحالات الطارئة ويتعامل في سرية تامة بجانب أرقام المجلس القومي للمراة 01126977222-01126977333-01126977444

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل