في ذكرى وفاته.. نرصد مجازر «حافظ الأسد» في حق الشعب السوري.. قضى على مئات المساجين في «تدمر» بعد محاولة فاشلة لاغتياله.. وحوّل عيد الأضحي بـ«الشارقة» إلى بحر من الدماء
ستة عشر عامًا.. مرت على رحيل الرئيس الخامس للجمهورية السورية "حافظ الأسد"، المُنحدر من عائلة رئاسية عريقة لعبت دورًا هامًا في الأوضاع العربية.. والذي عُرف طوال فترة حكمه التي قاربت نحو 27 عامًا، بقرارته الجريئة، ومجازره التي ارتكبها في حق الشعب السوري.
بداية دخوله عالم السياسة كان عام 1946، عبر بوابة حزب البعث التي أسس فيه مع أصدقائه فرعًا له في اللاذقية، لينضم بعد ذلك إلى كلية القوة الجوية في حمص عام 1951، ويتخرج فيها برتبة ملازم.
وكانت وحدة مصر مع سوريا عام 1958، نقطة فاصلة في حياته، حيث اختير الأسد للذهاب إليها، والتدرب على الطائرات النفاثة، ولكن بعد انفصال الجمهوريتين، وصل حزب البعث إلى السلطة في سوريا، والتي عُرفت باسم "ثورة الثامن من آذار"، وعين فيها الأسد وزيرًا للدفاع عام 1966.
وعقب نكسة 1967، ظهرت خلافات بينه وبين الرئيس السوري الفعلي صلاح جديد، بعد أن انتقد الأخير أداء الوزارة، وإعلان سقوط القنيطرة، قبل أن يحدث ذلك فعليًا، ويسلم الجولان على طبق من ذهب للإسرائيليين.
وفي بداية السبعنيات استطاع الأسد بمساعدة قطع من الجيش الموالية له، الانقلاب على "جديد"، وزجهما في السجن فيما عرف بالحركة التصحيحة؛ ليستحوذ بعدها على السلطة ويؤسس لدستور انفرد من خلاله بصلاحيات تمكنه من حكم البلد بشكل مطلق.
خلال حكمه لـ"سوريا"، اعتمد الأسد على أفراد عائلته، مما ولد انطباعًا لدى السوريين بمدى طائفية حكمه، حتى دخل في معارك مع جماعة الإخوان المسلمين من عام 1979 إلى 1982، تركزت في مناطق الشمال السوري، ومدينتي "أدلب وحلب".
وارتكب "الأسد" خلال هذه الفترة عددًا من الجرائم في حق الشعب السوري، والتي لا تختلف كثيرًا عما يقوم به ابنه الحالي "بشار الأسد" في مواطني سوريا، حتى انطبقت عليه مقولة "هذا الشبل من ذاك الأسد".
إحدى المجازر التي ارتكبها "الأسد" خلال حكمه، حيث وقعت في صباح يوم 2 فبراير من عام 1982، بعدم تردد أنباء عن وجود مظاهرات ضخمة رافضة لنظام الحكم، بقيادة جماعة الإخوان، فأمر الأسد بتحرك معدات عسكرية ثقيلة تابعة للجيش السوري إلى مدينة حماة لاخماد هذه التظاهرات.
وقام وقتها الجيش السوري بواحدة من أعتى المجازر، بتطويق المدينة التي يقطنها أكثر من 750 ألف نسمة، وقصفها بالمدفعية الثقيلة لمدة 27 يومًا، وترحل قوات الجيش السوري تاركة خلفها عشرات الآلاف من القتلى بينهم أطفال ونساء، بحسب الاحصائيات الدولية التي قدرت أعداد الضحايا.
بينما قدرت اللجنة السورية لحقوق الإنسان أعداد القتلى بنحو 30 إلى 40 ألف قتيل، وكان قائد تلك الحملة العقيد رفعت الأسد شقيق الرئيس حافظ الأسد.
واحدًا من سجون ومعتقلات سوريا، التي شهدت مجزرة جديدة إبان حكم "الأسد"، حيث يتواجد سجن تدمر في منتصف صحراء سوريا، ويضم داخله المئات من المساجين والمعتقلين المعارضين للنظام السوري.
وقعت المجزرة في 27 يونيو 1980، بعد إعلان السلطات السورية، إحباط محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس حافظ الأسد، الذي حمل جماعة الإخوان المسلمين المسؤولية.
وشارك في المجزرة أكثر من 100 عنصر بمختلف الرتب، حيث نقلوا من دمشق إلى مطار تدمر العسكري، بواسطة 12 مروحية، ثم توجه نحو 80 منهم إلى السجن، ودخلوا على السجناء في زنازينهم وأعدموا المئات منهم رميًا بالرصاص والقنابل المتفجرة.
ووفق ما يتوفر من معلومات فإن جثامين القتلى نقلت بواسطة شاحنات، وتم دفنها في حفر أعدت مسبقًا بوادي يقع إلى الشرق من بلدة تدمر، وما زالت اللجنة السورية لحقوق الإنسان تصر على مطلبها بالكشف عن أسماء الضحايا وأماكن دفنهم.
ثالث المجازر التي وقعت في عهد الأسد.. في عيد الأضحى عام 1980، وقتما كان السوريون يحيون في حي الشارقة بمدينة حلب يحيون شعائر العيد الأضحى، ويقومون بذبح الخراف، أمر قائد قوات الجيش السوري، بتطويق المدينة التي سيطر عليها جماعة الإخوان آنذاك.
وأخرج بعض الأهالي منها، ثم أمر بإطلاق النار عليهم فقتلوا أكثر من 100 شخص معظمهم من الأطفال والعجائز، كان ذلك على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت ضده وطالبت بإسقاط نظامه.
كما ارتكب النظام عددًا من المجازر الأخرى، أبرزها مجزرة مدرسة المدفعية بالراموسة، والتي راح ضحيتها 32 قتيلا و54 جريحا، ومجزرة سوق الأحد يوم، والتي راح ضحيتها أكثر من 192 قتيل.
وقعت هذه المجزرة عام 1979، في مدرسة المدفعية الواقعة بمنطقة "الراموسة"، حيث أمر النقيب إبراهيم اليوسف، بدعوى من الأسد، بإحضار مجموعة من الطلاب إلى قاعة الندوة بالمدرسة، وعند امتلاء القاعة قام الجيش السوري بإطلاق النار عليهم فسقط نحو 136 طالبًا بين مقتولًا ومُصاب، بدعوى مولاتهم للإخوان.
Comments