المحتوى الرئيسى

ياسر علام يكتب: في الجدل “الونوسي” الحميد

06/10 10:33

ضفائر تتشكل بالتفافات ما بين صعود وهبوط، حضور وتوارى، ذاك اسمه الجدل، نشاطنا المحموم الذي استهلكنا وأستهلكناه في أروقة الجامعة، وممرات وسط البلد “دوارين في الشوارع”، الجدل كان لنا “فرش متاع” المنطق، يخرج كلاً منا ما لديه منه في الشمس ليعيد تحصينه بعد أن تلقى ضربات من غريمه، ما زادته إلا تيها بأمارات الفتونة على جبينه.. ويا له من رغي عجائز.

لكن واحدة من أمتع ضفائر الجدل التي تشاكسنا حولها، كانت بماذا بهرتنا هوليود هذه، كان هناك طرفا مقص حاميا الوطيس “أخيراً استعملت هذا التعبير”؛ أحدهما يصرخ هو السيناريو، والثاني يصيح بل التمثيل.

استدعت ذاكرتي هذا الملف بحمقه الحميد، وأنا أشاهد الثلاث حلقات الأولى من مسلسل “ونوس”.

يعدنا المسلسل بسجال ما بين يحيى الفخراني، وهو من هو، وعبد الرحيم كمال سبط أوفيد (وكأنه من سلسال الشاعر الروماني الملحمي أبو العشاق أوفيد)، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، على بساط البسط، وقبلنا جميعاً يستمتع كلا منهما بإبداع الآخر، الخفي قبل المنظور، المحتمل قبل المؤكد، ودائماً قبل أن يزهو بما لديه، وقد سيطرت سطوة شغف الفنان الحقيقي، الفنان الباحث أبداً عن حقيقة، المتصالح الذي اختار المعرفة فاحتقر الخيلاء، وبات التواضع حتماً لا ضرورة.

لكم يسعدني أنهما لا ينتميان لنفس الجيل، فيشق بذلك المستقبل طريقاً مستنداً إلى تراث يفخر به، وينبني في رحابه، ولكن بفضيلة الانتقاء والاختيار التي هي أحد أهم فضائل الفن، فلا يكون “كل اللي فات مات”، ولا يكون كل القادم محاقا يا ولدي.

أمتعني عبد الرحيم كمال بالجدل الذي تنبني عليه الشخصية، ما بين الإخفاء والإفشاء، فلا يصل بـ ونوس -الشخصية- لدرجة من الغموض تجعلها تلتبس. “ونوس” إبليس.. نعم، لكن ومع ذلك ليس هذا المعلن السطحي البغيض، على النقيض.. إنه المتطور بتطور الزمان، وهو في تطوره يرتدي أثواب حربائية تسمح له بالتلون، ولكي يكون التلون خادعاً، يجب أن يصدق هو شخصياً بعض ألوانه. درس حرفية الكتابة هنا لعبة التمويه، كيف ترى الشيء صريحاً واضحاً بعينيك، لكن أن تدع للشخصية الفرصة في أن تتشرب اللون بدرجة تناسبها هي، هو شخص له مشروعه بأكثر من معنى للكلمة، مشروع بمعنى حافز إنجاز وخط تقدم.. ولكن أيضا مشروع بمعنى شرع ومنطق يعني مشروعية، لا يفهم إبليس معنى الشر، ولا ينكر الإيمان، ولا يخطر له أن يكذب على الله، حاشاه، وأترك لك أن تفهم تلك العبارات بعد أن تتأملها كيف شئت!

السيد الفخراني يمتعنا بجدل ينبني على ثنائية الحذف والإضافة، هو يبني بطريقة تناسب التمويه الذي يضع به عبد الرحيم كمال (مونته)، وتمويه الفخراني هو في الحذف.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل