المحتوى الرئيسى

رمضان أكبر دليل | المصري اليوم

06/10 02:00

صيام الغالبية العظمى من الناس شهر رمضان المبارك، رغم طول فترة الصيام التى تصل إلى ست عشرة ساعة، ورغم شدة حرارة الجو، هو دليل آخر على أن الغالبية العظمى من الناس يرجون رحمة الله، الغالبية العظمى هم من أهل الخير بطبيعتهم، الغالبية العظمى مؤمنون بالله قولاً وفعلاً، هناك من ليست لديهم القدرة على الصيام يتصدقون بإطعام ستين مسكيناً، حسبما نصّت الآية الكريمة، هناك من لا يستطيعون لأسباب مرَضية، قد يكون لأسباب خاصة بعدم القدرة على التحمل، إما نتيجة طبيعة العمل الشاقة، وإما بحكم السن، النتيجة واحدة، هم فى كل الأحوال يأملون فى المغفرة.

هناك فى كل المجتمعات، كما فى كل الأديان، من يتمردون على التوجيهات الإلٰهية، من تأخذهم العزة بالإثم، من فقدوا بوصلة التواصل مع الله، من تاهت منهم أنفسهم، ربما من استمرأوا الفسق والفجور أيضاً، جاهروا بالإفطار، بل جاهروا بالمعصية، جاهروا بالتمرد حتى على القيم المجتمعية، هم فى كل الأحوال قلة قليلة جداً، قد لا نجدهم فى بعض الأقاليم لدينا، قد يتركزون فى أوساط بعينها، قد نبذل بعض الجهد حتى نعثر عليهم.

كل ذلك يؤكد أن الإيمان بالله هو الأصل فى مجتمعاتنا على الأقل، أن الأديان السماوية بخير، ربما علا صوت القلة القليلة يوماً ما، ربما سيطرت على بعض المواقع المؤثرة يوماً ما، ربما سعت إلى فرض إرادتها أو منهجها يوماً ما، إلا أن كل ذلك لم يفلح، لا فى إقناع العامة، ولا فى التأثير على الخاصة، ظل وسيظل الإيمان بالله وبالتعاليم الربانية الأصل فى ثوابت حياتنا، أياً كانت المتغيرات من حولنا، عقيدة التوحيد بدا أنها نشأت مع الإنسان الأول، حتى وإن لم يسجلها سوى ما ندر من الجدران، الاختلافات فى التفاصيل بعد ذلك كانت ثانوية، إلا أننا بعد ذلك آمَنَّا بكل الأنبياء وكل الرسل، كشرط لكمال الإيمان.

إذن كانت تلبية نداء الصيام عقيدة إيمانية، رغم ما به من مشقة، كذلك كانت الصلاة، كذلك كانت الزكاة، كذلك كان الحج، الذى يتهافت عليه الناس من كل حدب وصوب، رغم ما أصبح عليه من تكلفة مادية عالية، كل ذلك يؤكد أمل الناس فى الرحمة، أملهم فى المغفرة، أملهم فى النجاة من النار، هذا هو حال المؤمنين الموحدين بالله، فى كل بقعة من بقاع الأرض، لم تفلح على مر التاريخ كل محاولات إبعادهم عن هذا المسار، لا بالإغراء، ولا بالإغواء.

قد يمر هذا الإنسان أو ذاك بمرحلة ما فى حياته، يتخللها بعض الشطط، أو بعض الخلل، الانزلاق إلى طريق الفحشاء أحياناً، إلى طريق الشك والحيرة أحياناً أخرى، إلا أنه سرعان ما يعود إلى طريق الصواب، سرعان ما يكتشف الحقيقة، الحق أحق أن يُتّبع، بالتأكيد سوف يعود بقوة إيمانية أكبر من سابقتها، لذا وجدنا السابقين يتحدثون دائماً عن حُسن الخاتمة، يطلبون من الله دائماً وأبداً حُسن الخواتيم فى كل شىء، يطلبون لقاءه على الحق، على الإيمان، على طريق الهدى والصلاح.

المهم أن مرحلة الانزلاق أو حتى الشك هذه لا تطول، ليس هناك من يعلم ماذا يكسب غداً، ولا من يدرى بأى أرض يموت، لذا كان علينا أن نكون على أهبة الاستعداد للحساب، للثواب، للقاء الله، (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)، هى إذن فرصة يأتى بها شهر الصيام للمغفرة، وبدء صفحة جديدة من العلاقة مع خالق الكون، هى فرصة لبدء صفحة جديدة فى العلاقة مع الناس، فرصة لمراجعة النفس بصفة عامة.

على أى حال، ما أردت التأكيد عليه هو أن هذا الجانب الإيمانى الذى نرى عليه الناس خلال الشهر الكريم، وما يستتبع ذلك من صدقة وزكاة وغيرهما، يؤكد انتصار الخير فى مجتمعنا، يؤكد أن الخارجين عن القاعدة الإيمانية لا يمثلون شيئاً يُذكر، مقارنة بالغالبية العظمى من الناس، كان عليهم فقط احترام مشاعر الناس، كان عليهم عدم المجاهرة بالمعصية، كان عليهم التستر ببرقع الحياء، كان على وسائل الإعلام ألا تعير اهتماماً لأمثال هؤلاء، ألا تقيم لهم وزناً، هم فى كل الأحوال ليسوا ظاهرة، لا يجب إذن فرضهم على المشاهد ولا على المستمع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل