الجيرة والعشرة: المنيا.. «أسبوع اللمّة» فى حب العذراء | المصري اليوم

مصر على مرّ تاريخها ملجأ لأعظم رجال الله، سيدنا إبراهيم وسيدنا يعقوب وابنه يوسف لجأوا إلى مصر محتمين بها من ظروف قاسية، أما السيد المسيح فأتى محمولا فى حضن أمه السيدة مريم العذراء، ولم تجد العائلة المقدسة ملاذا أفضل من مصر.

ويعد دير السيدة العذراء أعلى قمة «جبل الطير» بمركز سمالوط بالمنيا، أحد أهم المزارات الذى تتخطى أهميته القيمة التاريخية، وذلك لتوافد مئات الآلاف من أهالى المحافظة لزيارته على مدار العام، من بينهم نحو 2 مليون مسلم ومسيحى يتوافدون عليه فى أسبوع واحد سنويا يعرف بأسبوع الزيارة أو موسم العذراء أو المولد، ويحل فى كل عام بعد عيد القيامة بنحو شهر، وينتهى بعيد الصعود منتصف مايو من كل عام.

«المصرى اليوم» رصدت مظاهر الاحتفالات التى شارك فيها الأقباط والمسلمون معا، وقال الأنبا بفنتيوس، مطران سمالوط، الذى يقيم طوال فترة الاحتفالات التى بدأت 2 يونيو وتستمر حتى التاسع من الشهر نفسه فى مقر المطرانية بدير العذراء بجبل الطير، إن المطرانية مع الجهات المعنية والمحافظة جهزت من قبل 10 أيام لاستقبال الزوار من المسلمين والأقباط، وإن أعدادا كبيرة تزور الدير سنويا ولا يوجد إحصاء رسمى لها، لكن الدير يعد قبلة لكل زوار العائلة المقدسة سواء كانوا مسلمين أو أقباطا، لافتا إلى أن الخيام فى ساحة الدير تتسع للجميع، ويعتبر الاحتفال مصدر رزق لهم.

وقال العمدة مقار، عمدة القرية، إنه جرت العادة بعد الحصاد، وبيع محصول القمح، أن يأتى الأقباط والمسلمون للتبرك بالمكان، الذى كان له طابع المولد الشعبى بالدرجة الأولى، مضيفا: «قبل شهر من موعد الاحتفال يأتى الأنبا بفنتيوس مطران سمالوط، لمتابعة التجهيزات بالساحة الكبيرة، والمستأجرون يدفعون أجورا رمزية تعود للدير، والساحة عبارة عن 5 أفدنة فى وسط القرية يتم تمهيدها لاستقبال الناس، وطوال فترة الاحتفال تصمم مخيمات تقام بها خدمات طبية وثقافية وترانيم وأمسيات توعوية بقضايا معينة يغلب عليها الطابع الدينى».

وتابع: «الأهالى يؤجرون منازلهم أو غرفا منها للزوار مقابل ألف جنيه خلال الأسبوع، أما أثرياء القرية فيهدون بعض الأماكن للأصدقاء من محافظة المنيا، أو المحافظات الأخرى».

وقال فاروق فهمى بولس، أحد زوار الدير، الاحتفالات اختلفت عن الماضى، القرية تم تعميرها، وعدد كبير من الكنائس، استعدت جيدا لها، وتم إعداد ساحات لاستقبال الناس، وكذلك مبانى خدمات لتقديم النذور ودق الصلبان.

وأضاف: «يستقبلنى منزل العمدة مقار منذ عام 1970، وأجلس مع أبنائى أسبوع الاحتفالات وألتقى بعدد كبير من الأصدقاء القدامى فى الاحتفال، وأحرص على شراء الهدايا، لأصدقائى المسلمين قبل الأقباط من الدير كما يحرصون على دعوتى للإفطار فى شهر رمضان، وبعد حادث الاعتداء على الكنائس عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة أطلقت شائعات تقول إن الاحتفال سيكون للأقباط فقط، لكن الأنبا بفنتيوس وكهنة المطرانية وقفوا على مداخل القرية وقالوا لن يدق قبطى خيمة إلا بمرافقة المسلمين».

وأوضحت الدكتورة مريم صلاح، مديرة مستشفى الراعى الصالح بسمالوط، والتى تقيم خلال فترة الدير فى جبل الطير للاهتمام بالشؤون الصحية للزوار، إن المكان مجهز بمستشفى وسيارة إسعاف وفريق كامل من الأطباء والممرضين والمسعفين للتعامل مع أى حالة طارئة، إضافة إلى وجود صيدلية تابعة للمستشفى طوال فترة الاحتفالات.

وقال إسحق إبراهيم الباقوشى، الباحث فى العلوم اللاهوتية والقبطية، «إن الملكة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين بنت الكنيسة الأثرية عام 328م، وهى منحوتة فى الصخر، ويتكون صحن الكنيسة من قطعة واحدة من الصخر، وبه 12 لقانا دائريا وسط الكنيسة يستخدم 3 مرات فى العام فى خميس العهد وعيد الغطاس وعيد الرسل، وتوجد بعض النقوش على الحجارة أعلى الباب الغربى للكنيسة».

ولفت القس اسطفانوس شحاتة، بمطرانية سمالوط للأقباط الأرثوذكس، إلى أن الدير سمى جبل الطير لتوافد نوع من الطيور المهاجرة فى رحلة هجرتها كانت تستقر فوق الجبل فلقب المكان بجبل الطير، كما يلقب الدير بدير العذراء أو دير الكف فى إشارة للعلامة التى تركها المسيح «الطفل» على إحدى صخور الجبل عندما انطبع كفه كعلامة بركة للمكان.

وأضاف: «فى القرون الأولى للمسيحية كان المصريون يحتفلون بالربيع طيلة فترة الخماسين، وهى الخمسون يوما التالية لعيد القيامة المجيد، وكانت هذه الاحتفالات تقام بالمناطق المطلة على نهر النيل، ومنها دير العذراء بجبل الطير، الذى كان يخصص له الأسبوع الأخير من تلك الاحتفالات المتصلة، لكن اندثرت مع الزمن، واحتفظ الدير بتلك العادة، واحتفظ بنفس المودة فى الاحتفالات».