الحل المحفوظى

تحتاج أحياناً إلى خارطة طريق إنسانية، تخبرك بأفضل ما يجب أن تفعله وأنت تعيش فى قلب مجتمع هكذا يسرق تجاره قوت الغلابة المدعم، ويغش تلاميذه الامتحانات، ويختفى وزير التعليم وهو يرى لجان الامتحانات تتحول إلى سوق للغش بعد أن ظل لشهور شاهراً سيفه، متوعداً أن زمن الغش انتهى.

تحتاج إلى معالج إنسانى ربما تجده فى تلك الروايات التالية:

- هذه محكمة، وهذه منضدة يجلس عليها قاضٍ واحد، وهذا موضع الاتهام يجلس فيه نفر من الزعماء، وهذه قاعة الجلسة، حيث جلست أنا متشوقاً لمعرفة المسئول عما حاق بنا، لكننى أحبطت عندما دار الحديث بين القاضى والزعماء بلغة لم أسمعها من قبل، حتى اعتدل القاضى فى جلسته، استعداداً لإعلان الحكم باللغة العربية فاستدرت إلى الأمام، لكن القاضى أشار إلىّ أنا، ونطق بحكم الإعدام، فصرخت منبهاً إياه بأننى خارج القضية، وأننى جئت بمحض اختيارى لأكون مجرد متفرّج، لكن لم يعبأ أحد بصراخى.

- انتصر العدو واشترط لوقف القتال أن يتسلّم تمثال النهضة الذهبى المحفوظ فى الخزانة التاريخية، وذهبت مع فريق لنحضر مفتاح الخزانة المحفوظ بالصندوق الأمين، ولما كشفنا غطاء الصندوق تبدّى لنا ثعبان مخيف يُنذر بالموت كل من يدنو، فتفرقنا وأنا أدارى فرحتى وأدعو للثعبان بالسلامة والتوفيق فى حفظ المفتاح.

- قال الشيخ عبدربه التائه: لا يوجد أغبى من المؤمن الغبى، إلا الكافر الغبى.

- سألت الشيخ عبدربه: ما علامة الكفر؟ فأجاب دون تردُّد: الضجر.

- سألت الشيخ عبدربه التائه: كيف تنتهى المحنة التى نعانيها؟ فأجاب: إن خرجنا سالمين فهى الرحمة، وإن خرجنا هالكين فهو العدل.

- الشيخ عبدربه التائه قال: عثرت يوماً على حقيبة تحوى كنزاً من المال، وفيها ما يدل على شخص صاحبها وعنوانه. وكان من المنحرفين الذين ابتليت بهم البلاد، فقررت ألا أردها إليه، وأودعتها سراً بدروم رجل فقير من أصحابنا عُرف بالتقوى، وأنا لا أشك فى أنه سينفقها فى سبيل الله، ثم علمت أنه ردها إلى صاحبها، متنازلاً عن حقه الشرعى فيها، فحزنت وأسفت.

ثم توفى صاحبنا، التقى الفقير، فهرعت إليه، وغسّلته وكفّنته، وحملته إلى الجامع، وصليت عليه، ولما انتهت الصلاة، لمحت بين المصلين خلف نعشه الرجل الغنى المنحرف، وهو يبكى بحرارة. واهتز فؤادى وقلت «سبحانك يا مالك الملك، تعلم ما لا نعلم، وربما جاءت الصحوة بإذنك من حيث لا يدرى أحد».

- قلت للشيخ عبدربه التائه: سمعت قوماً يأخذون عليك حبك الشديد للدنيا.

فقال: حب الدنيا آية من آيات الشكر، ودليل ولع بكل جميل، وعلامة من علامات الصبر.