المحتوى الرئيسى

الأميرة الإيطالية «إيرما مينوتولو» تتحدث عن سنوات الملك الأسبق فى المنفى:أنا الزوجة الثالثة لفاروق بعد فريدة وناريمان | المصري اليوم

06/07 22:51

انطلق صفير يخت المحروسة التاريخى، من ميناء الإسكندرية، فى الـ26 من يوليو عام 1952، معلناً رحيل الملك فاروق الأول إلى منفاه بإيطاليا، ومنذ ذلك الحين يكتنف الغموض حياته وأخباره حتى وفاته فى الـ18 من مارس عام 1965.

عقب ثورة 23 يوليو، طاردت الملك فاروق الكثير من الأقاويل، بعد أن كان يوصف بالـ«فاروق»، وحفيد محمد على، مؤسس مصر الحديثة، صار يلقب بـ«الملك المستهتر والمبذر والطائش»، كلها صفات تنفيها عنه رفيقة سنوات المنفى، الأميرة الإيطالية إيرما كاباتشى مينوتولو، التى وصفها بعض أقارب فاروق بأنها لم تكن سوى إحدى محظياته، بينما تؤكد أنها كانت زوجته الثالثة والأخيرة.

خلال حوارها لـ«المصرى اليوم» فى شقتها بروما، تكشف إيرما عن الكثير من الأسرار والمواقف التى تناقض الصورة المعروفة لدينا عن فاروق فى المنفى.

وبالرغم من مرور أكثر من نصف قرن على وفاته، إلا أن دموعها مازالت تتساقط، كلما تأملت وتذكرت الأيام السعيدة التى قضتها برفقته.. وإلى نص الحوار:

المصري اليوم تحاور «الأميرة الإيطالية إيرما مينوتولو»،الزوجة الثالثة للملك فاروق

■ الحديث عن الملك فاروق فى المنفى يثير الكثير من الشجن.. لكن دعينا نبحر كثيراً فى الذاكرة لمعرفة متى وأين بدأ أول لقاء بينكما؟

- حل الملك فاروق ضيفاً فى نابولى عام 1953، وقام مجموعة من النبلاء الإيطاليين من أقاربى بتنظيم حفل استقبال كبير له، واختارونى لأقدم له بوكيه من الورد، وكنت أبلغ وقتها عامى الثالث عشر، كان شعرى مسترسلاً وضفائرى طويلة جداً، فداعبنى الملك وقبلنى فى رأسى، كنت سعيدة للغاية بالرغم من أننى لم أكن أعرف عن تاريخه شيئاً، ولكن لشدة انجذابى له سألت والدتى فور عودتى إلى المنزل أن تحدثنى عن هذا الشخص، فأخبرتنى أنه كان ملكاً عظيماً يحكم بلداً من أهم بلاد العالم وهى مصر.

وبعد مرور 3 سنوات، بعد بلوغى عامى السادس عشر، قدم أغسطس دى ريكالوزا، أحد أمراء نابولى هدية لى بهذه المناسبة، وكانت عبارة عن رحلة إلى مدينة كابرى لمدة أسبوع، وأثناء إقامتى هناك كنت أقضى أغلب وقتى فى ممارسة هواية السباحة فى حمام الفندق، وهناك رأيت الملك فاروق يشير إلىً ثم مد يده وأخرجنى وساعدنى فى الخروج من حمام السباحة وقال لى «أنت فتاة رائعة الجمال ولم أر قط جميلة مثلك»، فشكرته، وبعدها بيوم كنت أتناول الآيس كريم فجاء وقدم لى بوكيه ورد، فوجئت بعدها أنه كان يحتوى على مجوهرات من الياقوت، ثم مر بعض الوقت وشاركت فى فيلم إيطالى مع الفنان الإيطالى الكبير إدواردو دى فيليبو، الذى دعا الملك لحضور حفل الافتتاح فاشترط الملك لحضوره أن أدعى أنا أيضاً لهذا الحفل.

■ ماذا دار بينك وبين الملك خلال هذا العرض؟

لقد جلست على يمين الملك، وظل الملك ينظر إلىّ طوال الوقت ويركز كثيراً فى المشاهد التى أؤديها، وقد كان يبدى إعجاباً مبالغاً بتمثيلى، وتبادلنا خلال مدة العرض الكثير من الأحاديث والنظرات وشعرت وكأن قلبى انخلع منى. فقررنا أن تترجم قصة حبنا إلى زواج فى الـسادس من أغسطس عام 1958، وكان عمرى وقتها ثمانية عشر عاماً.

■ نتوقف أمام زواجك بالملك فاروق، فهناك عدد من أفراد العائلة المالكة يرفضون مجرد التلميح على أنك تزوجتى رسمياً الملك فاروق بل ويصفونك بأنك كنت بالنسبة له مجرد رفيقة.. ما تعليقك؟

- هذا الموضوع يطول شرحه.. أولاً أنا أنتمى للعائلة المالكة التى حكمت نابولى، وورثت لقب أميرة عن أبى الأمير كاباتشى مينوتولو، أحد أمراء نابلولى، كما أن فاروق كان ملكاً ملتزماً ولم يكن من المقبول فى ذلك الوقت أن يصاحب الملك فتاة، ويقومان معا بعمل مقابلات رسمية، وزيارة الكثير من البلدان دون أن يكونا مرتبطين رسمياً، ومن يدعى أننا لم نتزوج هم أشخاص أساءوا لفاروق كثيراً، وحين كنت أبدى استيائى مما كانوا يدعونه ويرددونه كان يجيبنى متألماً: «أنتى تعلمى يا إيرما أن هناك أشخاصا يكرهوننا فلا تلتفتى إليهم فهم ليسوا سوى ثعابين».

■ ماذا عن الأدلة التى تثبت صحة زواجك الرسمى من فاروق؟

- لقد كنا نحتفظ بعقد الزواج، والكثير من الصور الفوتوغرافية فى ألبومات فى يخت الملك فاروق الشهير «لافافوريتا»، وقد قام بعض الأشخاص بعد وفاة فاروق مباشرة بسرقة اليخت بكامله، فسرقوا الأثاث والصالونات والأوراق، وقمت بالاتصال بالمحامى الخاص بى الذى كان وقتها يعالج فى المستشفى لاستحضار الأشياء الخاصة بى والأوراق المهمة من اليخت لكنه فوجئ بأن كل ما تبقى من اليخت هو هيكله الخارجى، وفوجئت بأنهم قاموا أيضاً بسرقة مواتير لافاوريتا.

■ من كانوا هؤلاء اللصوص؟

- لقد أحاط بفاروق العديد من الأشخاص المنتفعين وغير الأسوياء، ولعب سكرتيره الفرنسى «فرانسواه» دوراً رئيسياً فى هذا الأمر، واعتقد البعض أن فاروق يخبئ الكثير من المجوهرات داخل هذا اليخت، كما أن هناك أشخاصا لا أعرفهم كانوا يخشون من أن يكون فاروق قد قام بكتابة مذكرات تمس بعض الشخصيات أو الحكومات، وقام اللصوص بإكمال مهمتهم بسرقة الكثير من الأشياء من شقة فاروق بروما.

■ نفهم من ذلك أنه لم يبق أى دليل واضح على زواجكما؟

- لقد تبقى لدى عدد من الصور الفوتوغرافية التى تخلد حفل زواجنا، كما أن العديد من الصحف وخصوصاً فى فرنسا يمكن الاستعانة بها، ولدى خطاب مهم مرسل من صديقى وسكرتير فاروق العزيز الإيطالى لينو مارتينو، الذى كان أحد شهود الفرح.

ثم قامت مسرعة وأحضرت بعض صور الزفاف والخطاب المهم وبدأت تقرأ محتواه بصوت عالى:

لقد عدت لتوى من رحلة جميلة فى ألاسكا، وقد صدمنى خبر وفاة صديقتنا المشتركة العزيزة الأميرة فيريال- ابنة فاروق- كما أبلغنا بعض الأصدقاء بمرض الملك أحمد فؤاد.. إننا نشعر بقربنا الشديد منكِ كلما تذكرنا المآسى الكثيرة التى أحاطت بعائلة هذا الملك الطيب، ونتذكرك دوماً لأنكِ كنتِ أقرب شخص إلى قلبه، وبالرغم من مرور الزمن فإن ذكريات الماضى لا يمكن أن تنفصل عن عقلنا وقلبنا، لقد كنا نتابع مؤخراً برنامجا عن الأميرة كارولينا أميرة موناكو فتذكرنا على الفور قصة زواجك من الملك فاروق حسب الطقوس الإسلامية على يخت لافافوريتا، وتذكرنا السعادة التى ملأت قلبك فى ذلك اليوم، كما تذكرنا ما حدث لكِ فى ليلة الـ18 من مارس 1965 حين توفى الملك.

ليونو مارتيون وليندا سبتمبر 2010».

■ ماذا تتذكرين من يوم زواجكما؟

- لقد كان احتفالاً فى منتهى البساطة فى يخت لافاوفوريتا، اقتصر على الأصدقاء وعلى بعض أمراء فرنسا وإيطاليا، وقد حضر المأذون والشهود الذين أتذكر أن أحدهم كان يدعى أحمد، وكان يبلغ الــ70 عاماً، لكنى لا أتذكر اسم الشاهد الثانى، وكما تعلم فإن هذا الزواج يعتبر زواجاً رسمياً حسب الشريعة الإسلامية، التى تسمح بزواج المسلم من مسيحية مثلى، وفى المساء قمنا بعمل جولة بحرية باليخت والتقط لنا أشهر المصورين الصور التذكارية، كما أهدانى فاروق فى هذه المناسبة قلادة من الذهب مرصعة بالألماظ تمثل التاج الملكى ومازلت أرتديها كما ترى حتى اليوم.

■ مَنْ مِن أفراد العائلة المالكة كان يقبل فكرة زواجك من فاروق؟

- لقد كنت ارتبط بعلاقة قوية ببنات فاروق، خاصة فيريال، التى كانت تقاربنى فى العمر وكانت تشاركنا رياضة التزحلق على الجليد فى أوستا بشمال إيطاليا وسويسرا، وبنات فاروق الثلاث بشكل عام لم أر منهن أى اعتراض على فكرة زواجى من فاروق، وقد اعتدنا على زيارتهن فى سويسرا.

■ ماذا عن زوجتيه فريدة وناريمان؟

- لقد كنت أحب فريدة، التى كانت ملكة عظيمة، وقابلتها فى باريس قبل وفاتها، وحضرت افتتاح معرض فنى لها، واحتضنتنى وقتها بشدة وجاملتنى كثيراً بالرغم من علمها بزواجى من الملك، ووجدت أن فاروق كان محقاً فى وصفها بأنها الحب الأكبر فى حياته، أما ناريمان فلم يحدثنى عنها فاروق مطلقا ولم تربطنى بها أى علاقة.

■ هل كان فاروق يداوم على التواصل بفريدة؟

- بالتأكيد، فاروق لم يتخل عن حبه واحترامه لها حتى وفاته بالرغم من طلاقهما، وقد زارته قبل وفاته بشهرين فى روما.

■ ماذا دار بينهما فى هذا اللقاء؟

- لا أذكر، لقد كان لقاء مقتصراً عليهما فقط.

■ ما علاقتك أنتِ وفاروق بالملك أحمد فؤاد؟

- لقد كان الملك أحمد صبياً عندما توفى الملك فاروق وقد اعتاد الملك على زيارته هو وإخوته فى سويسرا، وقد كان فاروق يحبه جداً لذلك أطلق عليه اسم والده، أما أنا فقد اتصلت بالملك منذ سنوات قليلة وأبديت له رغبتى فى مقابلته، وقد فكرت فى أن أهديه قلادة ذهبية أهداها لى والده، وقد أكد لى أنه سيزورنى حين يأتى إلى روما وللآن لم يتحقق هذا اللقاء.

■ كيف كان يناديكِ فاروق؟ وكيف كنتِ تناديه؟

- لقد اعتاد فاروق بأن ينادينى بكلمة حبيبتى باللغة العربية، وكنت أنا أناديه بكلمة حبيبى، لكن فى المواقف الرسمية كان ينادينى باسمى الملكى الذى اختاره لى يوم زفافنا وهو اسم «FAegi»- فايجى- الذى يعتبر اسما مركباً، فالـ«فا» يرمز لأول حرفين من اسم فاروق و«ايج» أول حرفين من مصر والحرف الأخير هو الذى يبدأ به اسمى، وكان يقول لى إن اسم مصر يجمعنا فى اسمك الملكى، وهذا الاختيار يؤكد على ذكاء فاروق. وقد طلب منى منذ أن تعارفنا بأن أناديه باسم أبيه فؤاد من شدة حبه له. وقد كان حرف الـ«F» حرفاً محبباً لعائلة هذا الملك العظيم.

■ ما اللغات التى كان يجيدها فاروق؟

- كان فاروق يتحدث الفرنسية بطلاقة، وكأغلب أفراد الطبقة الراقية كان يعتبر اللغة الفرنسية لغة الحديث الأولى، وقد تعود أن يحدثنى بها، وكان أيضا يجيد اللغة الإنجيلزية، بالإضافة إلى لغته الأم العربية، وقد كان يطلب منى كثيراً أن أتعلم اللغة العربية، وفى حواراتنا المشتركة كان ينادينى دائماً بحبيبتى وأنا أناديه بحبيبى. وبعد مرور نصف قرن مازلت أتذكر الكثير من الكلمات باللغة العربية التى علمنى إياها فاروق مثل «صباح الخير- مساء الخير- أهلاً- شكرا- حبيبى»- ثم حاولت أن تتذكر كلمات كثيرة لكن الذاكرة لم تسعفها.

فى البداية كنت أحب الغناء الأوبرالى، وكان فاروق يشجعنى كثيراً، وبعد وفاته ونظراً لأنه لم يترك لى ميراثاً أعيش منه فقد احترفت الغناء، وقمت بالدراسة فى كونسيلفتوار ميلانو على يد ملكة الغناء وقتها «ماريا كانيليا»، وكانت زميلتى أثناء الدراسة السوبرانو الشهيرة، ميرسيدس ليوبار، وقد غنيت كثيراً فى أوبرا روما وأوبرا لاسكالا فى ميلانو، كما قمت بالغناء أيضاً فى فرنسا وإنجلترا والبرتغال وفى نيويورك، وطوكيو، وكثير من البلدان حول العالم. وحصلت على الكثير من الأوسمة والنياشين منذ عام 1966 حتى عام 2004.

■ هل غنيتِ فى مصر؟

- نعم، مرة واحدة، وذلك بناء على دعوة من المعهد الإيطالى بالقاهرة (دانتى اليجييرى) عام 1985، كما قمت بالغناء بالإسكندرية، ودعنى أقل لك أمراً ضايقنى كثيراً، فقد زارنى هنا فى إيطاليا عدد من مطربى أوبرا القاهرة، وكانوا يسألوننى كيف لا تغنين وأنتِ المطربة الإيطالية المشهورة فى أوبرا القاهرة؟

والحقيقة أننى كنت أنتظر تقديراً ما من أوبرا القاهرة، لكن ذلك لم يحدث، كما عرضت على السفارة الإيطالية أن أقوم بتدريس الغناء فى أوبرا القاهرة، لكن لم يهتم أحد بالموضوع.

■ لكن الفرصة ما زالت قائمة؟

- كلا، فأنا أمضيت فى الغناء قرابة نصف القرن، وأنا أقوم الآن بالتدريس فى إيطاليا، كما أننى احترفت التمثيل لفترة، واشتركت فى أكثر من 10 أفلام سينمائية.

■ أنتِ بالنسبة لكثيرين فى مصر شخصية غير معروفة.. فهل يحزنك هذا الأمر؟

- نعم، فقد عشقت فاروق وبلده مصر التى كان يعشقها، وكنت أتمنى قضاء وقت طويل فى مصر والمساهمة فى تطوير فن الغناء هناك، وما يحزننى أكثر أن بعض الكتاب شوهوا صورة فاروق فى بلده، رغم أنه يشتهر لدينا بأنه كان ملكاً عظيما.

■ هل تزوجتِ أحداً بعد وفاة فاروق؟

- كلا، كان فاروق يملأ قلبى، وكان من الصعب أن يحتل مكانه شخص آخر، فقد عرفته وأنا صغيرة، وكان هو رجلاً كاملاً بمعنى الكلمة وكان يحبنى بجنون.

صمتت لفترة، وظهر عليها التأثر، وبدأت دموعها فى التساقط، ثم وقفت، واتجهت نحو البورتريه الملون الذى يحتل مكانا رئيسياً فى شقتها، وقفت أمامه قائلة: انظر كم هو جميل، وقد كان فاروق يعشق هذا البورتريه، وقد احتفظ به فى شقته، ومازلت أتامله كل يوم، ومن حسن حظى أنه لم يتعرض للسرقة كغيره من المقتنيات.

■ أحاطت الشائعات بفاروق ومنها حبه للنساء.. ما صحة هذا الأمر؟

- نعم، كان فاروق يحب النساء، لكننى لم أشعر بالغيرة من هذا الأمر، لعلمى التام بأن علاقات فاروق النسائية كانت تنتهى فى لحظات، ولم تكن تمتد لعلاقات حميمة، وعلى العموم لا يوجد رجال فى هذا الكون لا يحبون النساء، وأنا كنت أغفر له دائماً تصرفاته مع النساء.

■ وماذا عن شائعة عشقه لعب القمار؟

- لم يكن فاروق يحدثنى عن هذا الأمر، ويجب أن أذكرك بأننى كنت صغيرة، وصالات القمار لم تكن تسمح بدخول من لم يبلغ 21 عاماً، ولكنه كان دائم الذهاب إلى مونتكارلو، وأعتقد أنه كان يتردد على الكازينوهات.

■ نشرت بعض الصحف ووسائل الإعلام فى مصر أن فاروق كان مولعاً بشرب الخمور.

- ردت بحدة: هذا كذب، لقد كان فاروق ملتزماً وفى إحدى الحفلات شربت أنا كأساً من الشامبانيا، وقد عنفنى، وقال لى: «إننى كمسلم لا أشرب الكحوليات، وأنا إن قبّلتك فستلامس الخمور شفتىّ» فلم أكرر هذا الأمر احتراماً لرغبته.

■ ذكر عدد من المؤرخين فى كتاباتهم أن فاروق كان ذواقا للطعام ويأكل بشراهة، وكانت موائده توصف بالفاخرة.. ما تعليقك على ذلك؟

- نعم لقد كان يعشق الطعام، لكنه لم يكن شرهاً كما أشاعت بعض كتب التاريخ، لقد كان لدى فاروق أكثر من طباخ ومنهم يعقوب، الطباخ المصرى الذى اصطحبه معه إلى إيطاليا خلال المنفى، حيث كان يبدع الأخير فى عمل الملوخية وأطباق اللحوم، وبالأخص اللحم الضأن، وقد كان يضيف الزبادى لهذه الأطباق، كما كان يحب عمل البسبوسة، وحرص فاروق على عمل قوائم الطعام اليومية، كما كانت عادته وهو فى مصر. وخصص يوم الجمعة للمأكولات المصرية، كما أصر أيضاً فاروق على اصطحاب الطباخ الإيطالى بيترو ديلافالى، أحد كبار طباخى القصر الملكى إلى إيطاليا.

■ هل كنتِ تشاركينه حبه الطعام المصرى؟

- للأسف لا، فبطبيعتى أكره طعم الثوم، وكان مكوناً أساسياً للطعام المصرى، كما أن يعقوب كان يكثر من استخدام التوابل، وبالأخص الكمون، لذلك كان يطلب فاروق من صديقه وطباخه الإيطالى، بيترو ديلا فالى، أن يعد لى خصيصاً طعاماً إيطالياً. وكان بيترو يقوم بإعداد الطعام لنا أغلب أيام الأسبوع، بينما كان يعد يعقوب طعام يوم الجمعة.

وقد ذكر لى فاروق أن بيترو كان مقرباً منه، عندما كان فى مصر، وساهم فى تعليمه اللغة الإيطالية، وقد ساعده أن يتحدثها بطلاقة وبطريقة صحيحة.

■ هل كان يصوم ويصلى؟

- نعم، اعتاد فاروق صيام رمضان بأكمله، وكان يصوم الأيام الأولى من شهر شوال، وأنا كنت أحترم رغبته، وامتنعت عن تناول الطعام احتراماً له، واعتاد طوال شهر رمضان أن يرتدى جلباباً أبيض، وكان يمسك دوما المسبحة، وقد كان دائماً يلتزم بقواعد الدين الإسلامى، وأنا أحترم الدين الإسلامى كما كان فاروق يحترم الدين المسيحى، فضلا عن أنه كان له بعض الطقوس فى الصلاة أيام الجمعة.. أذكر حينما أتيت إلى القاهرة ذهبت إلى مسجد الرفاعى، وزرت قبر فاروق، ووضعت الورود على قبره، وقمت بالصلاة له وتمنيت أن يكون مرتاحاً فى قبره، فهو لا شك كان إنساناً خيراً وملتزماً.

■ حدثينا عن بعض عادات فاروق التى لا نعرفها؟

- لقد اعتاد فاروق أن يختلى بنفسه أمام صورة والده، وفى مرات كثيرة رأيته يناجيه ويحدثه ويشكو له آلامه، كما أن فاروق كان ينزعج كثيراً من أخبار الحروب، وكان يغضب حين يقرأ عن الجرائم، وكان يقول لى أنه يكره رؤية الدماء، وقد كان يتابع يومياً فى الراديو أخبار مصر، لكنه لم يكن يحب أن يحدثنى فى الأمور السياسية.

■ كيف كان برنامجه اليومى.. وهل كان يتبع بروتوكولاً معيناً كما كان فى السابق؟

- كان فاروق يستيقظ الساعة الثامنة صباحاً، وفى الأيام التى كان يسهر فيها لمتابعة المسرح أو الأوبرا كان يستيقظ فى الساعة العاشرة ويتناول إفطاره فور استيقاظه، فى الساعة الثانية ظهراً نتناول معا الغداء، وكنا نحب التجول والعشاء خارج المنزل. وكنا نتحاشى التواجد فى المطاعم الممتلئة بالرواد، فقد كان المتطفلون يفسدون علينا أوقاتنا.

أما من ناحية البروتوكول، ففاروق لم يتخلّ لحظة واحدة عن البروتوكول الملكى فى علاقاته اليومية، وقد كان الجميع يلقبه بـ«جلالة الملك»، وعلى يخت لافاوريتا يعيش ملكاً متوجاً كما فى السابق، خاصة أثناء الحفلات التى كان يقيمها لضيوفه أمثال فرانك سيناترا المغنى الأمريكى والمغنية الإيطالية أنا مانيانى.

■ ما هى أبرز هوايات فاروق الفنية؟

- وقفت كما لو كانت تنتظر منى هذا السؤال، وضمت يديها إلى صدرها، وبدت وكأنها تراقص الملك متجهة إلى البيانو، وبدأت فى العزف.. قائلة: يبدو أن حب الموسيقى هو الذى وحدنا.. فقد كان فاروق من أمهر عازفى البيانو، كنا نقضى ساعات يعزف هو خلالها وأنا أغنى، فالموسيقى ولدت لديه حساً مرهفاً، وكنت أعتبر مثله أن الموسيقى هى أم الفنون.

■ ما الهوايات الأخرى المحببة لفاروق.. والدول التى كان يسافر إليها أثناء وجوده فى المنفى؟

- لقد كان فاروق يعشق ممارسة رياضة التزحلق على الجليد، وهى من الرياضات المحببة إليه، وقد قمنا بجولات كثيرة فى شمال إيطاليا وخصوصاً فى أوستيا، وقد كان يصاحبه فى هذه الرحلات ويشاركه هذه الرياضة العديد من الأصدقاء والملوك والأمراء السابقين. وأغلب سفرياتنا كانت إلى سويسرا للقاء أولاده وإلى مونتكارلو.

■ تحدث الكثيرون فى مصر عن مذكرات الملك فاروق التى كتبها فى المنفى ونشر بعضهم جزءا من هذه المذكرات.. فهل كتب فاروق مذكراته؟

- على حد علمى لا توجد مذكرات لفاروق، فهو مات شاباً ولم يسعفه الوقت لكتابتها، وأذكر أن فاروق كان يتحاشى معى الحديث عن الماضى، فمجرد تذكره كان يسبب له مرارة، فكنت أتحاشى الحديث معه عن فترة حكمه لمصر، ولكنه كان يسهب فى الحديث عن تاريخ مصر، وأذكر أننى سمعت تفسيراً من أحد الأصدقاء من يخت فاروق، الذى كان يحوى أوراقه الخاصة قد نهب لاعتقاد البعض بأنه يحوى شيئاً من مذكراته وأحكامه على رجال السياسة.

■ من من الملوك والأمراء والشخصيات العامة كان يقابل فاروق؟

- لقد كان فاروق على علاقة متميزة بأمراء العائلة المالكة الإيطالية، وخصوصاً أحفاد عائلة سافويا الإيطالية والتى حكمت إيطاليا لقرون، وكذلك أمراء العائلة المالكة فى بروسيا، فرنسا والنمسا وغيرها من بلدان أوروبا، كما كانت علاقته استثنائية متميزة وعلى أعلى مستوى بأمير موناكو رينيه الثالث وزوجته المملثة الأمريكية الشهيرة غريس كيلى.

■ هل كان هناك أحد من الملوك العرب يقابل فاروق؟

- لا أذكر، لكن فاروق كان دائم الحديث عن الملك سعود بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية الأسبق، وبأنه تربطه به علاقات قوية، وأذكر أنه بعد وفاة فاروق عرض الملك فيصل أن يدفن فاروق فى السعودية، وهو ما رفضه أبناء الملك، فقد كانت رغبته الملحة أن يدفن فى مصر.

■ مَن مِن الشخصيات الشهيرة كان يقابلها فاروق؟

- لقد اعتاد فاروق أن يشارك فى الأحداث الثقافية الكبرى فى إيطاليا وفى مونت كارلو، وكان دائم التردد على الحفلات الكبرى. فأذكر أنه حضر حفلاً كبيراً للمطرب الأمريكى الشهير «فرانك سيناترا» فى إيطاليا، وكان فاروق يجلس فى الصفوف الأولى وتبادلا معا حواراً باللغة الإيطالية، كما كان صديقاً شخصياً للفنانة الأمريكية ماريا كالاس، مطربة الأوبرا الشهيرة، وكانت المغنية الشهيرة أننا مانيانى صديقة عزيزة له، وأذكر أن ابنه الملك أحمد فؤاد قد قام وهو صبى بتصوير والده فى إحدى هذه الحفلات. كما كانت تربطه علاقة بطبيبه الإيطالى الشهير «دا بورتو».

■هل كان هناك أحد من مصر يتواصل معه؟

- أذكر أنه كان يتلقى اتصالات هاتفية من أغلب رجال القصر ورجال حكومته السابقين، وقد كان يحدثنى دوماً عن صحفى مصرى يدعى كريم ثابت، وصفه بأنه من أقرب أصدقائه.

■ هل كان يذكر لكِ أحداً من المطربين المصريين؟

- لقد كان فاروق يعشق المطربة المصرية العظيمة «أم كلثوم»، التى غنت له حين كان ملكاً، وقد ذكر لى أنها حادثته تليفونياً أكثر من مرة فى فترته الأولى فى المنفى، وقد كان فاروق يبدأ نهاره بسماع صوت هذه المطربة التى كان يصفها بأنها صوت مصر، وفى العديد من المرات كان يترجم لى بعض أغانيها، وحين زرت مصر عام 1985 حرصت على شراء شرائط هذه المطربة العظيمة.

■ هل حدثكِ عن أيامه الأولى فى المنفى؟

- إن أيامه الأولى فى المنفى قضاها مع ناريمان، زوجته الثانية، وهى سنوات لم يكن فاروق يتطرق إليها فى أحاديثه.

■ أين كنتما تقيمان فى روما؟

- كانت لدينا شقتان، الأولى فى شارع اركيميدى فى روما، والأخرى أصغر فى أطراف روما، وقد اضطرتنى الظروف أن أبيع شقتى الأولى لأدبر نفقات المعيشة، خاصة فى السنوات الأولى بعد وفاته، هذا بالإضافة لقضائنا أيام الأعياد والإجازات على يخت «لافافوريتا».

■ هل كان يذكر شيئاً عن محمد نجيب وجمال عبدالناصر أو رجال ثورة 1952؟

- كلا بالمرة، فقد كان يتحاشى الحديث فى السياسة، ولكنه كان يحب أن يحدثنى عن مصر، وتخيل أننى حين زرت القاهرة وقد بدت لى وكأننى كنت أعرفها، بسبب كثرة حديث فاروق عنها، وقد وصف لى قصر عابدين بالتفصيل، وللأسف حين زرت القاهرة لم أستطع رؤيته سوى من الخارج، وقد كنت أتمنى لو أن زواجى من فاروق قد تم داخل هذا القصر.

■ ماذا قال لكِ فاروق عن أصدقائه وأعدائه الذين شوهوا سمعته؟

- كان يقولى لى إننى لا يجب أن أهتم بهذا الأمر، فالتاريخ سينصفنى.

■ هل مر فاروق بلحظات ضعف بسبب ما حدث له؟

- نعم، كانت دموعه لم تفارقه كلما تذكر مصر، وأذكر أنه فى أول زيارة لنا لنابولى بعد أيام من زواجنا وجدته يبكى فى إحدى المقاهى الشهيرة بشارع «كاراتشولو»، لأن المنطقة ذكرته بشوارع الإسكندرية، وهذه هى المرة الأولى فى حياتى التى أشاهد فيها ملكاً يبكى، لكن فاروق كان حالة استثنائية ويملك قلباً طيباً للغاية ومحباً للجميع. وكنا دائماً نحرص على زيارة المدن الإيطالية التى تشبهه بمصر، منها على سبيل المثال مدينة سورينتو. لكن برغم ما حدث له لم يسمح فاروق لأى إنسان بالإساءة لمصر، ولم يعبر للجميع سوى عن حبه لهذا البلد العظيم.

■ فى رأيكِ ما هى أبرز عيوب فاروق؟

- فاروق لم يفكر مطلقاً فى أنه قد يموت شاباً، ولم يعمل حساباً لغدر الزمان، إنه مات دون أن يترك ميراثاً لى أو لأولاده، فلا صحة لما تردد فى الإعلام بأنه كان يملك ثروة كبرى. والعيب الآخر أنه كان من المستحيل أن يغير رأيه أو قراره، فمثلاً حين دب الخلاف بينه وبين والدته نازلى أصر فاروق على عدم مصالحتها، بالرغم من أنها أرسلت له العديد من الخطابات راجية منه أن يصفح عنها. وقد حاولت أن أصلح بينهما لكن دون جدوى، فقد كنت متأثرة جداً بخطاباتها التى كانت ترسلها لفاروق، التى كانت تؤكد له فيها حبها الشديد له وتقديرها للظروف التى أحاطته. وقد قابلتها المرة الأولى فى جنازة فاروق، والثانية فى أمريكا قبل وفاتها.

■ هل تتذكرين ما دار فى أول لقاء بينكما؟

- لقد قابلتها أولاً فى مستشفى سان كاميليو، حيث نقل جثمان فاروق، وذهبنا لإلقاء نظرة الوداع، واحتضنتنى طويلاً، وانهارت من البكاء، وحين قابلتها بعد ذلك فى أمريكا تحدثنا طويلاً عن ابنها فاروق، الذى كانت ترى أنه عانى كثيراً من الظلم، سواء فى حياته أو بعد وفاته. وقد كان يحز فى نفسها أن ابنها الوحيد قد مات قبلها دون أن تراه أو يصفح عنها.

■ هل تناولت الصحافة الإيطالية حياة فاروق فى المنفى؟

- نعم، لقد كان فاروق مادة دسمة لأغلب الصحف العالمية، خصوصاً الصحف الإيطالية، وأجرى العديد من المقابلات الصحفية، ولدىَّ الكثير من هذه الصحف، وتحدث عن مصر بشكل جيد، فلم يذكر أى انتقاد للسلطة الحاكمة وقتها، لكن للأسف بعض الصحفيين قاموا بفبركة أحاديث معه، بل ووصفوه بأنه ملك شرقى أسمر اللون، هل تتخيل ذلك؟َ!! لقد كان فاروق ذا بشرة فاتحة وعينين خضراوين، وكان يبلغ طوله حوالى 180 سم، وبالنسبة لمقاييس عصرنا يعد رمزاً للرجل الجميل.

- نعم لكنه ذهب إلى لوزان فى سويسرا قبل وفاته بشهور قليلة، واستطاع أن يفقد فى أسابيع معدودة حوالى 20 كيلو جراما. ولكن سمنته التى اشتهر بها منذ تواجده فى مصر كانت نتيجة لخلل هرمونى أصابه منذ بداية الأربعينيات.

■ إذاً نفهم من ذلك أن فاروق كان مريضاً فى أيامه الأخيرة؟

- كلا لقد اعتاد فاروق على عمل تحاليل طبية، وكانت النتائج مبهرة، وأجرى تحاليل شاملة قبل وفاته بشهرين، وجاءت النتائج ممتازة.

■ متى رأيتِ فاروق للمرة الأخيرة، وهل تتذكرين آخر أحاديثه معكِ؟

- لقد رأيت فاروق للمرة الأخيرة قبل وفاته بأيام، فى روما، وأتذكر حديثه الأخير معى بأننى سألته هل تتمنى العودة لمصر كملك؟.. فأجابنى «إننى لم أفكر مطلقاً فى أمر الملكية والحكم، ولكننى أتمنى أن أعود إلى مصر وأموت على أرضها، وهذا الأمر بالنسبة لى أهم من عروش الدنيا كلها»، وذكر لى أن هذه الأمنية كانت أمنية جده إسماعيل الأخيرة، وهى أمنية لم تتحقق.. وفى الليلة السابقة لوفاته قال لى إننى سأحضر غداً يا فايجى إلى مونت كارلو، لأننا كنا سنحضر حفلاً هناك، ولكن المفاجأة أنه فى الميعاد المفترض لوصوله اتصلت به خادمته ونقلت لى أتعس خبر سمعته لقد قالت لى جملة صادمة «إن جلالة الملك فاروق توفى».. توقفت دقائق عن الحديث وأجهشت بالبكاء واحتضنت صورة زفافنا.

■ يشاع أن فاروق مات مسموماً، فهل تلقى تهديدات من أحد قبل وفاته؟

- أعتقد أن موت فاروق كان طبيعياً، وأنا لم أكن هناك فى المطعم، وكل ما عرفته عن لحظات وفاته قرأته فى الصحف، وبخصوص التهديدات ففاروق لم يحدثنى بالمرة عن أى تهديدات، وأكرر لك بأن أحاديثى مع فاروق لم تكن تخرج عن إطار الهوايات التى كانت تجمعنا كحب الموسيقى.

■ ما هى علاقته بمصففة شعر «آنا ماريا جاتى»، التى كانت بجواره فى المطعم بروما وقت وفاته؟ وهل حاولتِ الاتصال بها؟

- لم أهتم بمعرفة أى شىء عن هذه السيدة ولا تربطنى بها أى علاقة ولم أحاول الاتصال بها، وكل ما أعرفه أنها كانت مصففة شعر وكانت بصحبة فاروق وقت وفاته.

■ هل تم عمل تحقيقات بخصوص وفاة فاروق؟ وهل طلب أحد شهادتك فى هذا الأمر؟

- لقد سمعت أن هناك تحقيقات تمت فى إيطاليا، لكن أحدا لم يطلب شهادتى، وأعتقد أن التحقيقات توقفت بسبب رفض الأسرة تشريح جثمانه.

■ لماذا لم يتم تشريح جثته؟

- لأنه لم يشك أحد منا فى هذا الأمر، كما أن أهل الملك طالبوا بتسريع تسلم جثمانه، لدفنه فى القاهرة.

■ ماذا عن ذكرياتك يوم جنازة فاروق فى روما؟

- لم أستطع مشاهدة مراسم الجنازة من شدة الدموع التى لم تفارقنى منذ معرفتى بخبر الوفاة، فكنت وقتها فى حالة صدمة كبرى، منذ وصولى إلى روما وإلقائى نظرة الوداع على فاروق فى مستشفى سان كاميليو، وتقدم الحضور ابنه الملك أحمد فؤاد وبناته الثلاث وحضرت أيضاً المكلة نازلى، وزوجته السابقة فريدة حضرت متأخرة، وشعرت فى هذا اليوم أبن حياتى انتهت لأن حبى الوحيد قد مات.

■ فى نهاية الحديث ما هى الرسالة التى تودين تبليغها؟ ولمن؟

- أوجه رسالة لكل من عرف فاروق أو سمع عنه أن يكفوا عن ظلمه وتشويه سيرة هذا الملك العظيم، ولكل من حاول أن يطمس صورته وسرق متعلقاته أقول لهم: «استطعتم أن تسرقوا مقتنيات فاروق الثمينة لكنكم لن تستطيعوا أن تسرقوا قلبى الذى أحبه».

أشعر، ويشعر معى أبناء جيلى، بانجذاب غريب لما نسميه «أيام زمان»، وهو نوع من النوستالجيا والحنين اللذين ينتشران بين كل شباب العالم.

وأيام زمان بالنسبة لجيلنا تعنى «مصر أيام حكم الملك فاروق»، الذى امتد حكمه منذ عام 1936 حتى عام 1952، الملك فاروق الذى لم تنصفه الكتب المدرسية وتحاشت الحديث عنه، أنصفته صفحات السوشيال ميديا، لاحتوائها صورا متنوعة عن حياة هذا الملك ومظاهر الحياة المصرية فى عصره بمبانيها ومنشآتها الجميلة، وحدائقها وصور المصريين بالطربوش الأحمر.

وحين نرغب فى أن نروى ظمأنا التاريخى عن تلك الفترة فإننا نقع بين مصدرين متناقضين، وضع أحدهما فاروق فى مصاف الملوك العظام، بينما هبط المصدر الثانى بفاروق إلى الدرك الأسفل.

ظللت أبحث عن أشخاص عاصروه عن قرب، ولكن للأسف فإن أغلب أفراد العائلة وافتهم المنية، كما أن بعض أقاربه يرفضون الحديث عنه، وأغلبهم لم يعرفوه عن قرب.

قرأت كثيرا عن الأميرة الإيطالية إيرما مينوتولو، ذهلت حين علمت أنها عاشت معه ما يقرب من 7 أعوام فى المنفى «كزوجة له» كما تؤكد هى وبإصرار، فبدأت رحلة البحث عنها منذ شهور، وعلمت من بعض الأصدقاء فى إيطاليا أنها ترفض التحدث إلى الإعلام، فتوصلت إلى أصحاب مطعم شهير بإيطاليا اعتادت إيرما تناول طعامها فيه وترتبط بصداقة خاصة مع أصحابه، وعن طريقهم أخذت منها وعداً بإجراء الحوار بعد محاولات عديدة حين تسنح الفرصة، وقبل تحديد الموعد هاتفتها تليفونيا، فأبدت لى بعض المخاوف، إذ إنها تخشى الصحافة المصرية وتخشى أن يتم تحوير ما تقوله، وذكرت لى أن بعض الصحفيين كتبوا عنها فيما مضى كلاماً بعيداً عن الحقيقة، فوعدتها بأن أسجل كل ما تقوله لأهميته التاريخية من ناحية، وللأمانة الصحفية من ناحية أخرى.

التقيتها فى شقتها التى تبعد عشرات الكيلو مترات عن روما، وهى شقة متوسطة تمتلئ كل جدرانها وممراتها، وحتى دورة مياهها، بصور لإيرما وهى شابة صغيرة فى صحبة فاروق، وصور زواجهما وبعض الجوائز والنياشين التى حصلت عليها.

وبين أول وآخر لقاء جمعها بفاروق أفاضت إيرما فى الحديث عن الجوانب الإنسانية له، وكشفت لنا عادات وتقاليد للملك لم نكن نتوقعها، كما أبرزت حبه الشديد لوالده الملك فؤاد، والذى يصفه بأنه ظلم مثله، وذكرت أن فاروق كان يتحاشى الحديث معها فى أمور مصر السياسية، وعن رجال ثورة 23 يوليو، ربما لأن هذا الشىء كان يعكر مزاجهما.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل