المحتوى الرئيسى

هل تواجه مصر مؤامرة فعلاً؟

06/07 13:54

- من النسخة الورقية لجريدة اليوم الجديد الاسبوعية 

حوادث الطائرات تستهدف علاقتنا بحلفائنا.. لكن محدش بيقع له طيارتين ويتخطف له طيارة فى 7 أشهر

الخارج يركز على أزماتنا ويتجاهل الآخرين.. لكن هل صارت مصر «قد الدنيا» حتى يتآمر عليها العالم؟

 منذ فترة، وعندما كان العالم، الطيب والشرير على السواء، يرى من نوافذ إعلامية ضيقة وقليلة كالجزيرة والعربية فى المنطقة العربية، وكالـ CNN والـ«BBC» فى باقى الكرة الأرضية، اخترع بعض المحللين تفسيرات متعددة لهواة «نظرية المؤامرة».

وكان حادث اعتداءات الحادى عشر من سبتمبر فى الولايات المتحدة أكثر هذه الأحداث عرضة لتأويل المحللين، الذين استهواهم الخيال أكثر من السياسة لتفسير الأشياء. هؤلاء كان لهم جمهور كبير يصدقهم ويذهبون وراء أفكارهم أينما ذهبت.

فى الوقت ذاته كان أصحاب النظرة التحليلية العقلانية يتحدثون أكثر عن تفسيرات منطقية، لكنهم فى الوقت نفسه كانوا يتعالون بشكل كبير على أصحاب نظرية المؤامرة، بل صارت سُبّة فى وقت من الأوقات.

وبعد أن تعددت المنابر الإعلامية فى العالم خصوصا فى منطقتنا العربية، وصار لكل دولة منبر واثنان وأربعة وعشرون، وأصبحت السياسة مجال مباح للراقصات ولاعبى الكرة ونجوم السينما وأنصاف الصحفيين، اشتدت وطأة الخيال، دون لجام منطقى عقلانى، فازدهرت نظرية المؤامرة، وكثرت التأويلات، فكان منها الأقرب إلى الواقعية وكان منها من شطح بالتفسيرات إلى حد أسر قائد الأسطول السادس الأمريكى.

فكانت النتيجة ازدياد فى عدد المهووسين بالنظرية، بل بات لها مريدون فى كل بقاع المحروسة، دون النظر لمقياس تعليم أى منهم، أو مستواه الاجتماعى والوظيفى.

وعلى الجانب الآخر ظهرت مجموعات متقاطعة الاتجاهات ترفض كل ما جاء به أصحاب وجمهور النظرية، حتى على الرغم من الشواهد والعلاقات المنطقية بين بعض الأحداث، تدعمها تقارير ومقالات وآراء فى الخارج.

الحقيقة تقول إن مصر لها أعداء كثيرون. ومصر المقصودة هى الدولة والنظام السياسى الحالى (والسابق والأسبق بالمناسبة)، فكانت اتهامات التآمر فى عهد الرئيس مبارك منصبة على الإخوان وإسرائيل، وصدقت بنسبة، وكانت اتهامات التآمر فى عهد الإخوان منصبة على دولة مبارك التى تلعب بأصابعها (وفقا لمقولة الرئيس السابق محمد مرسى)، وصدقت بنسبة، بينما الآن اتهامات التآمر قد شملت أكثر من جبهة، داخلية وخارجية، وتصدق بنسبة.

لقد وضع على رأس هرم التآمر الآن المجتمع الخارجى (المتمثل فى أمريكا والاتحاد الأوربى)، وحلفاؤهم فى الداخل من الإخوان، وبقاياهم فى الخارج أو حلقات الوصل بين الجانبين.

والحقيقة تقول أيضا إن الصلات بين الجانبين موجودة، بل تستطيع رؤيتها بوضوح فى أزمة السياحة تحديدا، عندما سارعت معظم دول العالم فى الإعلان عن تعليق رحلاتها إلى مصر بعد سقوط الطائرة الروسية فى شرم الشيخ، ومن بعدها الطائرة المصرية فى مياه البحر المتوسط، واستغلال الإخوان ذلك للترويج إلى فشل الدولة فى التعامل مع عدد من الملفات.

الحقيقة تقول كذلك إن النوايا الإثيوبية فى مسألة سد النهضة غير خالصة لله، وتغذيها نوايا أخرى عالمية وإقليمية للمضى فى إشعال فتيل الأزمة مع مصر واستمرارها لفترة أطول، لكسر حالة التوافق النسبى فى العلاقات بين القاهرة والقارة السمراء، ولعل أزمة نيروبى الأخيرة شاهدة على وجود من يتلاعب فى ثنايا أوراق الود بين الجانبين.

الأمريكان أيضا يتلاعبون بقوة «من تحت الترابيزة»، فهم رعاة أى انتقاد لمصر فى المحافل الدولية، خصوصا فى مجال حقوق الإنسان، شأنهم شأن الاتحاد الأوربى وبرلمانه، كما أن البيت الأبيض هو من أجهض مشروع قرار خرج من الكونجرس باعتبار جماعة الإخوان إرهابية، فضلا عن المطالب المتعددة والمقلقة من وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، والمرشحة المحتملة للحزب الديمقراطى فى الانتخابات المقبلة، لإعادة الإخوان إلى المشهد السياسى من جديد.

أما إذا تحدثنا على إعلام الـ CNNفالانحياز ضد مصر واضح وبيّن، خصوصا فى القضايا الشائكة، التى تحتاج إلى موضوعية فى نقاشها، فتجدهم يسارعون فى إعلان موقف ضد مصر بشكل قاطع لا مجال فيه للتراجع.

أصحاب منطق المؤامرة يؤمنون بأن المتآمرين يريدون عزل مصر عن العالم. هم مؤمنون بأن مقتل الشاب الإيطالى جوليو ريجينى مُدبَّر لضرب العلاقات المصرية الإيطالية والأوربية عموما، وكذا استهداف الطائرة المصرية الأخير للعلاقات الجيدة مع فرنسا، فى حين استهدف سقوط الطائرة الروسية علاقة التعاون المصرية الروسية.

الأمر لا يخلو من منطق، ولكن هل نعفى أنفسنا من المسؤولية؟

لماذا يتآمر العالم على مصر؟

كان لمصر ثقلٌ كبيرٌ فى منطقة الشرق الأوسط، كدولة محورية فى الصراع العربى الإسرائيلى، وهو الأمر الذى يهم المجتمع الدولى أكثر من أى شىء، لكن بتخليها عن هذه المحورية بعد ثورات الربيع العربى، وانشغال الشعوب والأنظمة بمشاكلها وحروبها الداخلية والخارجية، ابتعد الجميع عن هذا الصراع، وتركوه لأوروبا، لذا أصبحت مصر خارج إطار المعادلة.

وبما أننا صرنا خارج المعادلة التى تهم المجتمع الدولى، فإن الأخير لا يبالى ولا يهتم بالضغط على مصر، من أجل الحصول على أمان واطمئنان أكثر لإسرائيل، لذا فسؤالى «ما أهمية مصر حتى يتآمر عليها العالم؟» و«هل فى مصلحة العالم أن تقع مصر فى أتون حرب أهلية؟» يبدو فى منتهى المنطقية.

إجابة من يؤمنون بنظرية المؤامرة بالتأكيد ستختلف عن هؤلاء الذين لا يؤمنون بها، الذين يؤمنون أن العطب فى داخل المجتمع والسلطة، أن الأزمة فى المطارات والقائمين على الاقتصاد ومتخذى القرار ورؤساء الحكومات ووزرائهم وضباط الداخلية والإعلاميين.

أصحاب هذا المنطق لا يريدون سماع أى شىء عن مؤامرة خارجية أو داخلية، فقط يهمهم الإصلاح من الداخل، لسد الذرائع عن أى مؤامرة آتية من الخارج (إذا كان لها وجود فى الأساس). أصحاب هذا المنطق يحملون الدولة مسؤولية كل نكباتها ومشاكلها، بداية من أزمة الدولار وحتى سقوط الطائرات.

أصحاب هذا المنطق تجدهم يتساءلون «هل هناك دولة فى العالم تـُسقط لها طائرتان مدنيتان وتـُخطف واحدة فى غضون أشهر قليلة؟».

المؤمنون بنظرية المؤامرة غير المؤمنين بنظرية المؤامرة

- قطاع كبير فى الدولة والسلطة والحكومة

- كثير من الإعلاميين وأبرزهم أحمد موسى ومحمد الغيطى ولميس الحديدى ووائل الإبراشى

- أغلب رواد المقاهى - قطاع كبير من دراويش ثورة يناير

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل