المحتوى الرئيسى

بعد غد..اليونسكو يحيي اليوم العالمي للمحيطات

06/06 12:39

تحيي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" بعد غد "الأربعاء"،اليوم العالمي للمحيطات 2016 تحت شعار "محيطات صحية تعني كوكبا صحيا" مع التركيز على التلوث الناتج من البلاستيك، والذي يشكل تهديدا خطيرا لأنه يؤدي إلى تدهور وتلوث المجاري المائية ببطء على المدى البعيد، فضلا عن آثار التلوث البلاستيكية على صحة الحيوانات المائية، لأن الحيوانات - بما في ذلك العوالق الحيوانية - تتغذى على الحبيبات الدقيقة على أنها غذاء، ويخشى العلماء أيضا الآثار الصحية على الإنسان.

وكان اقترح مفهوم "اليوم العالمي للمحيطات" للمرة الأولى في عام 1992 في مؤتمر قمة الأرض في ريو دي جانيرو، بوصفه وسيلة للاحتفال بالمحيطات التي يتشارك فيه العالم أجمع، والاحتفال بصلتنا بالبحر، بالإضافة إلى زيادة الوعي بشأن الدور المهم الذي يضطلع به المحيط في حياتنا والسبل المهمة التي يمكن للناس من خلالها حمايته، فالمحيطات هي رئات كوكبنا التي تقدم توفر الأكسجين الذي نتنفسه، كما أنها مصدر رئيسي للغذاء والدواء وجزء هام من المحيط الحيوي. وأعلنت الجمعية العامة، بموجب قرارها 63/111 في 5 ديسمبر 2008، يوم 8 يونيو يوما عالميا للمحيطات، اعتبارا من عام 2009.

وقالت المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا - في رسالة بهذه المناسبة - إن "عام 2016 هو العام الذي شرعت فيه أمم الأرض في سعيها إلي الوفاء بما وعدت به وبما تعهدت به في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وكذلك في اتفاق باريس بشأن تغير المناخ. وتود اليونسكو في اليوم العالمي للمحيطات تبليغ رسالة جلية مفادها أن المحيطات ضرورية لتحقيق التقدم المنشود. فلا يزال دور المحيطات علي الرغم من العواقب المتفاقمة للأنشطة البشرية علي البيئة البحرية عاملاً مهما في التغلب علي أعتي المصاعب التي يواجهها العالم في الوقت الحاضر، وهو الفقر المدقع".

وأضافت بوكوفا "أن المحيطات جزء لا يتجزأ من كوكبنا، ومقوم من مقومات الحياة البشرية، وركن أساسي من أركان توفير سبل العيش وتهيئة الظروف البيئية التي تتيح لنا البقاء. وتؤدي المحيطات دوراً حاسماً فيما يخص تنفيذ الخطة الإنمائية العالمية الجديدة، ويشمل هذا الدور مصائد الأسماك والسياحة والنقل وتنظيم أحوال المناخ. وتوفر البحار والمحيطات وسواحلها للبلدان النامية علي وجه الخصوص فرصاً اقتصادية متعددة لضمان مشاركة الجميع في السعي إلي تحقيق تنمية أكثر إنصافاً واستدامة. ويعد صون المواقع البحرية الزاخرة بالتنوع البيولوجي، سواء أكانت في المناطق الساحلية أم في أعالي البحار البعيدة، أمراً ضرورياً لضمان الانتفاع المستدام الطويل الأجل بالموارد الطبيعية النفيسة".

وأشارت بوكوفا إلى أن "اليونسكو تعمل عن طريق لجنتها الدولية الحكومية لعلوم المحيطات، علي كل المستويات، من أجل مساعدة الدول الأعضاء علي تحقيق هدف التنمية المستدامة الخاص بالبحار والمحيطات، وسائر الأهداف والغايات المتعلقة بها، بطريقة شاملة وقائمة علي نهج علمي متكامل. ويتطلب صون المحيطات وبيئتها والموارد الكثيرة التي تمدنا بها وفهم دورها تعزيز القدرات الوطنية في مجال البحوث العلمية البحرية. وتسعي اللجنة الدولية الحكومية لعلوم المحيطات سعياً متواصلاً إلي المساعدة علي وضع سياسات وطنية تعزز النمو المستدام القائم علي المحيطات وغير الضار بالبيئة".

وأضافت "أود أن أقول إن سلامة المحيطات تعني سلامة كوكبنا برمته، وأن سلامة الكوكب أمر ضروري لخير الأجيال المقبلة. وأن دور المحيطات ضروري سواء أكان ذلك في استئصال شأفة الفقر أم في تنظيم أحوال المناخ. وقد مهدت التنمية المستدامة لعام 2030، واتفاق باريس بشان تغير المناخ، والمفاوضات بشأن حماية التنوع البيولوجي البحري في أعالي البحار، وغيرها من الأطر السياسية العالمية، الطريق ورسمت مسارات لصون درة تاج كوكبنا وهي المحيطات وإصلاح ما فسد من أمرها".

ودعت بوكوفا إلي "الحشد للدعوة في 8 يونيو إلي العمل من أجل صون سلامة المحيطات وسلامة الكوكب، وأن نغتنمها لترجيح كفة الميزان لصالح الانتقال من الأقوال إلي الأفعال، ومن الاتفاق إلي التطبيق العملي".

وينص الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة على "أن محيطات العالم المتمثلة في درجة حرارتها والكيمياء الخاصة بها وتياراتها والحياة فيها، هي التي تقف وراء ‏النظم العالمية التي تجعل كوكب الأرض صالحاً للسكن بالنسبة للبشرية. فمياه أمطارنا ومياه شربنا ‏وطقسنا ومناخنا وسواحلنا وقدر كبير من غذائنا، بل وحتى الأكسجين الموجود في الهواء الذي نتنفسه، ‏توفرها البحار وتنظمها جميعاً في نهاية المطاف. وقد كانت المحيطات والبحار على مر التاريخ قنوات ‏حيوية للتجارة والنقل. وتمثل إدارة هذا المورد العالمي الجوهري بعناية سمة أساسية من سمات مستقبل ‏مستدام.‏"

وتشير التقارير الدولية إلي أن "المحيطات تغطي ثلاثة أرباع سطح الكرة الأرضية، وتحتوي على 97% من المياه ‏الموجودة على سطح الأرض، وتمثل 99% من حيز العيش على الكوكب بحسب الحجم.‏ ويعتمد أكثر من 3 مليارات شخص على التنوع البيولوجي البحري والساحلي فيما يتعلق بسبل ‏معيشتهم، من بينهم كثيرون في البلدان النامية يمثل صيد الأسماك بالنسبة لهم نشاطاً رئيسياً.‏ وعالمياً تقدر القيمة السوقية للموارد والصناعات البحرية والساحلية بمبلغ 3 تريليونات من ‏الدولارات سنوياً، أو نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتوفر النظم البحرية ‏والساحلية نسبة تقدر بما يبلغ 63% من خدمات النظم الإيكولوجية العالمية".‏

وتحتوي المحيطات على زهاء 200 ألف نوع محدد، ولكن الأعداد الفعلية قد تكون بالملايين. ‏وتمثل المحيطات أكبر مصدر في العالم للبروتين، بحيث يعتمد أكثر من 2.6 مليار شخص على ‏المحيطات كمصدر رئيسي للبروتين بالنسبة لهم.‏ ويعمل في مصائد الأسماك البحرية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أكثر من 200 مليون شخص.‏ وتستوعب المحيطات نحو 30% من ثاني أكسيد الكربون الذي ينتجه البشر، بحيث توفر ‏حماية من تأثيرات الاحترار العالمي.‏ وتوفر الشعاب المرجانية خدمات ثمينة كثيرة، من أجل إدارة المخاطر الطبيعية (بقيمة تصل إلى ‏‏189ألف دولار من دولارات الولايات المتحدة للهكتار الواحد كل سنة)، والسياحة (بقيمة تصل ‏إلى مليون دولار من دولارات الولايات المتحدة للهكتار الواحد كل سنة)، والمواد الوراثية والتنقيب ‏عن الموارد البيولوجية (بقيمة تصل إلى 57 ألف دولار من دولارات الولايات المتحدة لكل هكتار ‏كل سنة)، ومصائد الأسماك (بقيمة تصل إلى 818 3 دولاراً من دولارات الولايات المتحدة لكل ‏هكتار كل سنة).‏

وتساهم الإعانات التي تقدم لصيد الأسماك في سرعة استنفاد أنواع سمكية كثيرة، وتحول دون بذل ‏جهود لإنقاذ وإعادة مصائد الأسماك العالمية وفرص العمل المتعلقة بها، ما يتسبب في خسائر تقدر بـ50 مليار دولار سنويا كانت مصائد الأسماك المحيطية ‏يمكن أن تحققه.‏ وتعتبر نسبة تصل إلى 40% من محيطات العالم 'متضررة بشدة' من الأنشطة البشرية، ومن ‏بينها التلوث واستنفاد مصائد الأسماك.

وفي الآونة الأخيرة، ومع تزايد استخدام البلاستيك أصبح التأثير البشري مشكلة لأن أنواع البلاستيك لا تتحلل بفعل البكتيريا. وتعتبر المواد البلاستيكية الطافية والمخالفات السائلة مثل الزيوت والمواد البترولية التي تلقيها الحاويات البحرية مشكلة خطيرة، وتشكل تهديدا خطيرا على الأسماك، والطيور، الزواحف البحرية، والثدييات البحرية، وأيضا على القوارب والمساكن الساحلية.

وتتمثل أنواع النفايات البحرية في الأكياس البلاستيكية، والبالونات، والعوامات، والحبال، والنفايات الطبية، والقوارير الزجاجية والقوارير البلاستيكية، وولاعات السجائر، وعلب المشروبات، والراتنج، شباك الصيد، ومخلفات من السفن السياحية ومنصات النفط.

وقد أظهرت الدراسات أن 80% من المخلفات البحرية هي من البلاستيك، وهي المادة التي تراكمت بسرعة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويتراكم البلاستيك لعدم تحلله بفعل البكتيريا؛ على الرغم من أنه قد يتحلل ضوئيا عند التعرض لأشعة الشمس مما يزيد من خطورة المشكلة. كما أن شباك الصيد التي تكون قد تركت أو فقدت من الصيادين في المحيط قد تصبح شركًا للأسماك، والدلافين والسلاحف البحرية، وأسماك القرش، والأطوم، والتماسيح، والطيور البحرية، وسرطان البحر، وغيرها من الكائنات. وتقييد المخلفات لحركة هذه المخلوقات يتسبب في الجوع حتى الموت، أو حجز الكائنات التي تحتاج العودة إلى العودة إلى السطح من أجل التنفس فيؤدي إلى اختناقها وموتها.

وقد أجريت دراسة عام 1994 في قاع البحار باستخدام شباك الجر في شمال غرب البحر الأبيض المتوسط على سواحل إسبانيا وفرنسا وإيطاليا أظهرت ارتفاع متوسط كثافة النفايات إلى 1935 مادة لكل كيلومتر مربع. وكانت نسبة المخلفات البلاستيكية 77%، 93% منها أكياس التسوق البلاستيكية.

وفي عام 2015، أنتج ما يقارب 280 مليون طن من البلاستيك عالمياً. وقد أعيد تدوير أقل من نصف هذه الكمية، أو تم وضعها في مقالب النفايات. أما الكميّة المتبقية التي تبلغ 150 مليون طن فيبدو أن بعضها لا يزال قيد الاستخدام، والجزء الآخر يملأ أراضي القارات ومياه المحيطات.

وتظهر الإحصائيات أن حوالي مليوني عبوة بلاستيك تباع كل 5 دقائق حول العالم، ما يجعل من البلاستيك المادة الأكثر استعمالا في مجتمعاتنا الحديثة، في حين تشير أحدث الدراسات إلى أن الاستهلاك العالمي للبلاستيك سيتخطى عتبة 540 مليون طن بحلول العام 2020، فيما أكدت بعض التقارير إنتاج 600 مليار كيس من البلاستيك على مستوى العالم سنويا.

وتشير الدراسة التي أجريت في عدد من دول العالم على مادة "البولي إيثلين" التي تدخل في صناعة البلاستيك،إلى عدم تأثر هذه المادة أو تحللها بفعل العوامل الطبيعية، سواء البيولوجية كالبكتيريا والفطريات والخمائر أو البيئية كالحرارة والرطوبة والضوء أو أشعة الشمس والأوكسجين والمواد الكيميائية وغيرها.

وتشير الدراسات العلمية إلى أنه عند تحطم البلاستيك إلى قطعٍ صغيرة تزداد فرصة تسلله إلى السلاسل الغذائية. وقد أظهرت الدراسات المخبرية والميدانية أن السمك واللافقاريات والعديد من الأحياء الدقيقة تقوم بهضم جسيمات صغيرة من البلاستيك، يبلغ حجمها بِضعة ميكرومترات مصدرها الملابس ذات القماش الصناعي كالبوليستر، والأكريلك، ومواد التنظيف التي تحتوي على البلاستيك.

وبين تقرير علمي - نشره فريق من معهد الأبحاث الصناعية والعلمية الأسترالي - أن عدداً كبيراً من الحيوانات يعاني من تأثير النفايات البلاستيكية على نظامه الغذائي، والتي تضر بصحته وتؤدي إلى نفوقه.

وجرت هذه الدراسة بين عامي 1962 و2012 على 135 نوعاً، من بينها طيور القطرس والبطريق والنورس وطيور بحرية أخرى. وأشار الباحثون إلى أن المستوى القياسي للتلوث في بعض المناطق بلغ 580 ألف قطعة بلاستيكية في الكيلومتر المربع الواحد، ما يشكل خطراً على الطيور التي تبتلعها عن طريق الخطأ ويتسبب في بعض الأمراض أو حتى الموت.

ووفقاً للتقرير فإن 99% من الطيور البحرية معرضة لابتلاع جزيئات البلاستيك جنباً إلى جنب مع الغذاء حتى عام 2050. وجاء في الدراسة أيضاً أن نسبة الطيور المتضررة من نفايات البلاستيك لم تتعد في ستينيات القرن المنصرم 5%. أما خلال الـ50 سنة الأخيرة، فقد وصلت هذه النسبة إلى 80%.

وأضاف التقرير أن ابتلاع الطائر لقطع البلاستيك يؤدي إلى تجمعها في معدته، وبالتالي إلى امتلائها بهذه النفايات وموته جوعاً. وإضافة إلى ما سبق، فإن بعض القطع تعلق في حنجرة الحيوان فتؤدي إلى اختناقه. كما قد تؤدي الشباك والحبال البلاستيكية إلى نفوق الحيوانات البحرية الكبيرة، كالفقمة والدلافين والسلاحف وأسماك القرش نتيجة التفاف الشباك أو الحبال حولها، وعدم قدرتها على تخليص نفسها منها وبالتالي موتها.

وقد وجدت في أحشاء الطيور النافقة نفايات بلاستيكية غريبة كالقداحات، وكرات الغولف، الألعاب والدمى البلاستيكية الصغيرة الحجم وغيرها من النفايات البلاستيكية.

وقد أفاد رواد رحلة استكشافية لشمال المحيط الهادي، تابعة لـمؤسسة (ألغاليتا) للبحوث البحرية إلى وجود بقعة من المحيط قد تركز فيها ما يقدر بـ 3,5 مليون طن من النفايات البلاستيكية، وتقدر البعثة كمية المواد البلاستيكية المتسربة للبحر بـ 4,5 طن يوميا من مدينة لوس آنجلس وحدها.

ويقول العلماء إن سبب ظهور المناطق الميتة في المحيط يعود إلى رمي النفايات الصناعية فيه، ما يسبب القضاء على النباتات البحرية المجهرية. وهذه النفايات تعالجها البكتريا التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الأوكسجين الذي تحصل عليه من الماء.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل