المحتوى الرئيسى

لماذا خسر النظام تأييد الغرب؟

06/05 20:05

محللون: يتعامل مع الأزمات الخارجية بطريقة سيئة والغرب يجد فرصة حسنة لتحميله مسئولية الأزمات

واجه الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظامه، تحديات خطيرة من أجل اعتراف عالمي بشرعيته، ومنذ 30 يونيو 2013، وهناك تقارب مع بعض الدول وتباعد مع دول أخرى، ولكن استطاع في النهاية النظام الحصول على اعتراف دولي عالمي بشرعيته، ومنذ وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى كرسي الرئاسة، شهدت مصر عدة كوارث آثرت على النظام الحالي خارجيًا وأخفق في التعامل معها، وقد حمّل فيها العالم الخارجي، النظام المصري، المسئولية عن هذه الحوادث، على الرغم من عدم وصول المحققين إلى الأسباب الحقيقة وراء تلك الحوادث.

وتعتبر قضية سقوط الطائرة التابعة لشركة مصر للطيران والتي سقطت في البحر المتوسط مؤخرًا من أهم القضايا التي أثارت حفيظة الرأي العام العالمي ضد النظام المصري، والذي لم يُحمّل فرنسا وهي الدولة التي انطلقت منها الطائرة متجهة إلى مصر، أية مسئولية جنائية لسقوط الطائرة بل يحاول العالم توريط مصر في هذه القضية.

 كما أدانت عدة منظمات حقوقية عالمية، مصر، في مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، وسط اتهامات للسلطات المصرية بقتله وعدم التعاون الجدي مع المحققين الإيطاليين لمعرفة الحقيقة كاملة، كما كان سقوط الطائرة الروسية على أراضي شبه جزيرة سيناء في أكتوبر من العام القادم صداعًا في رأس النظام والذي تربطه علاقات قوية وإيجابية مع الجانب الروسي.

وفي إطار ذلك كله، ترصد "المصريون" أهم الحوادث التي تحاول الأنظمة العالمية توريط الجانب المصري فيها وتحميلهم مسئوليتها.

الطائرة المنكوبة.. الغرب يُحمّل مصر المسئولية

تعتبر الطائرة المصرية المنكوبة مؤخرًا وهو  الحادث الذي راح ضحيته 66 شخصًا على متن الطائرة التابعة لخطوط شركة مصر للطيران والتي سقط مؤخرًا في مياه البحر المتوسط والتي راح ضحيتها 60 راكبًا من جنسيات مختلفة، آخر القضايا التي حمّل خلالها المجتمع الدولي، النظام المصري، المسئولية، فمنذ سقوط طائرة "مصر للطيران" الخميس 19 مايو، وهناك بعض الأحاديث والترويج بفكرة أن المتسبب الرئيسي هو  كارثة الطائرة المنكوبة هو النظام المصري دون غيره، على الرغم من أن الطائرة كانت متجهة إلى القاهرة قادمة من مطار شارل ديجول في فرنسا، ويفترض أن تقوم السلطات الفرنسية بإجراءات الأمن والسلامة والمسئولية تقع كاملة على المطار الذي أقلعت منه الطائرة.

وبعد سقوط الطائرة سلّط الإعلام الغربي أسلحته نحو النظام المصري، فقد قامت بعض الوسائل الإعلامية في أمريكا إلى الحديث عن محاولة إلصاق تهمة الانتحار بقائد الطائرة في سيناريو مكرر لما حدث، عندما سقطت الطائرة المصرية قبالة السواحل الأمريكية منذ أعوام واتهمت أمريكا وقتها الطيار بأنه انتحر، مستشهدة بعبارة قالها قائد الطائرة وهي: "توكلت على الله".

ومن أمريكا إلى بريطانيا؛ حيث حاولت صحيفة "الديلى تليجراف" البريطانية استبعاد أي شبهات حول الإجراءات الأمنية في مطار شارل ديجول في باريس، الذي أقلعت منه الطائرة المصرية المنكوبة قبل سقوطها في البحر المتوسط.

 وقالت الصحيفة البريطانية، إن مطار شارل ديجول مُعد بمراقبة عالية وإجراءات أمنية مشددة للغاية، لاسيما في أعقاب هجمات باريس العام الماضي، وأشارت إلى أن سلطات مطار شارل ديجول فصلت في ديسمبر الماضي نحو 60 موظفًا من عملهم لشبهة أن لديهم آراء متطرفة، وتم رفض منح 70 موظفًا تصاريح للدخول إلى أماكن مغلقة في المطار بعدما خضعوا للتدقيق، بالإضافة إلى عدم تمديد تصاريح لموظفين آخرين، ومنذ هجمات باريس في نوفمبر الماضي يخضع موظفو المطار للتدقيق.

وتضيف الصحيفة أنه يجب الإشارة إلى أن الطائرة المصرية المنكوبة كانت في مطار أسمرة بإريتريا وذهبت إلى تونس، يوم الأربعاء، وربما تم زرع قنبلة بها في أحد البلدين، أو خلال توقفها في القاهرة، وليس في باريس، لاسيما أن تنظيم داعش لديه خلية في مصر، على حد قولها. وتحدثت الصحيفة عن احتمال أن يكون انتحار قائد الطائرة سببًا للسقوط، مستشهدة بمزاعم أمريكية تتعلق بأسباب سقوط طائرة تابعة لشركة مصر للطيران عام 1999 عقب انطلاقها من مطار جون كيندي في أمريكا، وحاولت الولايات المتحدة وقتها الزعم بأن قائد الطائرة أسقط الطائرة عمدًا في عمل انتحاري وأن مطاراتها آمنة.

وفى نفس الاتجاه، نشرت صحيفة نيويورك تايمز، خط سير الطائرة المنكوبة، قبل وصولها إلى مطار شارل ديجول في باريس، وقالت إن المحققين يحاولون تجميع القرائن كافة، لمعرفة أسباب سقوط الطائرة المصرية، ويرى المحللون ضرورة التركيز على المطارات التي هبطت بها الطائرة خلال الـ24 ساعة السابقة للحادث، إذ أنها هبطت في بلدان أثارت معايير أمن الطيران بها قلقها من قبل، حسبما تقول.

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية حذرت في مايو 2015 من إجراءات الأمن في مطار أسمرة الدولي ولفتت إلى عدم كفاءة إجراءات تفتيش المسافرين، وتابعت أن المسئولين الأوروبيين أعربوا عن قلق بشأن ثغرات أمنية في المطارات شمال أفريقيا، بما في ذلك تونس وبعض المطارات المصرية.

ريجيني الإيطالي.. إلقاء التهمة على مصر

تعتبر قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، من أهم القضايا التي أثارت الرأي العالمي ضد النظام المصري بداية من هذا العام، فقد اختفى في 25 يناير 2016 بعد أن غادر مقر إقامته في حي الدقي بالجيزة للقاء صديق في منطقة وسط القاهرة، وفي الثالث من فبراير عثر على جثته ملقاة على جانب طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، وقد بدت على الجثة آثار تعذيب وحروق، وتوصلت تقارير الطب الشرعي إلى أنه قتل متأثرًا بتعذيب شديد استمر لأيام، وقد شُرّحت جثة الطالب في مصر ونقلت إلى إيطاليا، حيث جرى تشييعه ودفنه بمسقط رأسه، واكتسبت قضيته زخمًا كبيرًا على مستوى إيطاليا وأوروبا والعديد من دول العالم.

وبعد إعلان وفاته، تصدر قائمة الأسماء الأكثر تداولًا على موقع "تويتر" من خلال هاشتاج #GiulioRegeni، حيث تناول المغردون تفاصيل رحلته ونهايته المأساوية.

وطالب ساسة إيطاليون وأوروبيون بإعلان مصر بلدًا غير آمنٍ للأجانب، ووقع 4500 أكاديمي على عريضة تدعو إلى إجراء تحقيق في وفاته وفي العديد من حالات الاختفاء التي تجرى كل شهر في مصر.

وقال رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي إن التحقيق حول وفاة ريجيني تحت التعذيب في مصر يمكن أن يؤثر على علاقات الصداقة بين البلدين، كما اقترح عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي 23 بندًا لإقرارها في جلسة عاجلة للبرلمان، وذلك بشأن قضية مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر.

ومن بين البنود وقف المساعدات والتعاون الأمني مع السلطات المصرية، حال استمرار جهازها الأمني في تغذية ما أسموه بـ"التطرف العنيف" من خلال الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان.

ودعا رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيطالي إلى مراجعة العلاقات القنصلية بين روما والقاهرة إذا لم تكشف الأخيرة عن حقيقة مقتل ريجينى كما هددت إيطاليا في بداية أبريل 2016 باتخاذ إجراءات "فورية وملائمة" ضد مصر إذا لم تتعاون سلطاتها بشكل كامل في الكشف عن الحقيقة في حادثة مقتل ريجيني.

وفي نهاية أكتوبر من العام الماضي سقطت طائرة روسية على متنها 224 شخصًا سقطت في شبه جزيرة سيناء بطريقة عمودية، ما أدى إلى احتراق أجزاء منها وانتشار الجثث والأشلاء على مساحة تصل حوالي 5 كيلومترات".

وقد أعلن الكرملين وقتها أن الطائرة سقطت بفعل تفجير وعمل إرهابي فيما كان النظام المصري يستبعد هذه الفرضية، وقد توعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مدبري تفجير طائرة الركاب الروسية A321 فوق سيناء المصرية بانتقام لا مفر منه.

وقال الرئيس الروسي في اجتماع أمني مكرس لنتائج كارثة الطائرة الروسية بالكرملين، إن تفجير الطائرة الروسية هو من ضمن الأعمال الإرهابية الأكثر دموية في تاريخ روسيا، وقال بوتين إن روسيا ستجد الإرهابيين الذين قاموا بتفجير الطائرة الروسية في أي مكان في العالم وسنعاقبهم، وأوعز الرئيس الروسي للاستخبارات الروسية بالتركيز على البحث عن المتورطين في تفجير الطائرة الروسية، وحذّر الجميع الذين سيحاولون مساعدة الإرهابيين من أنهم "سيتحملون كامل المسؤولية عن انعكاسات ذلك".

وكان لهذه الحادثة تأثير كبير على حركة السياحة الغربية لمصر فقد منعت بعض الدول مواطنيها من السفر للسياحة في مصر، بحجة أنها غير آمنة وعلى رأسها بريطانيا وروسيا رغم تمتع نظام السيسي بعلاقات جيدة للغاية مع روسيا.

 النظام الحاكم به أخطاء قاتلة في إدارة الأزمات

في البداية، يقول ناجى الشهابي، رئيس حزب الجيل، إن النجاح الذي حققته الإدارة المصرية على مستوى العلاقات الخارجية مع بعض الدول على المستوى الاقتصادي أو العسكري، سواء مع روسيا وإيطاليا وفرنسا في ظل دعمهم للنظام الحاكم بعد 30 يونيو كان من أكبر الأسباب التي جعلت هناك ما يُسمى بـ"المؤامرة" من أجل إفساد العلاقات مع هذه الدول.

ولفت الشهابي إلى أن الهدف من ذلك هو تعكير صفو العلاقات الدولية للبلاد، وإحكام الحصار على مصر وتحويلها إلى دولة فاشلة، مشددًا في القوت نفسه على سوء إدارة النظام الحاكم للأزمات سواء الداخلية والتي تشهد أخطاء قاتلة، وكذلك الخارجية ومنها مقتل الشاب الإيطالي ريجيني والتي حاولت مصر غلق الملف بطريقة ساذجة من خلال اختلاق وتخبط الروايات والتي لم تكن مقنعة سواء للداخل أو للجانب الإيطالي والعالم الخارجي.

وأوضح رئيس حزب الجيل أن حادث الطائرة الروسية كان يفتقد للشفافية من جانب النظام الحاكم، فكان لابد من إصدار بيانات بها كل الحقائق منذ اللحظة الأولى للكشف عن ملابسات الحادث، بدلاً من التخبط الكبير الذي شهدناه وقتها مما أعطى انطباعًا سيئًا عن إدارة الأزمة، مؤكدًا على تورط جهات دولية في هذه الحوادث، خاصة أنها تتم مع دول صديقة للنظام.

وعن عدم الوصول إلى الحقائق النهائية التي تخص هذه الحوادث، قال إن هناك جرائم تتم وتكون أحيانًا مكتملة الأركان كما حدث في مقتل الرئيس الأمريكي جون كينيدى، وبالتالي الحديث عن عجز السلطات المصرية في الوصول إلى الجناة هو أمر متكرر في الحوادث التي يكون بها عناصر دولية.

أزمة "ريجيني" من أكبر الملفات التي شهدت سوء إدارة

ويشير الدكتور يسرى العزباوي، رئيس برنامج النظام السياسي بمركز الأهرام، إلى أن تعامل النظام مع الأزمات التي تخص العالم الغربي سيئة جدًا، وبها غياب واضح للرؤية، والتي يمكن أن نستثنى منها الحادث الأخير للطائرة المنكوبة القادمة من فرنسا والتي ظهر بها قدر من الاستفادة من التجارب السابقة من خلال مؤتمرات وزير الطيران الصحفية، والتي كان يحاول من خلالها الإعلان عن المعلومات المتاحة لديه.

وأضاف العزباوي أن التعامل السيئ كان في إدارة ملف الطائرة الروسية، والذى ظهر في الإنكار الدائم، والمعلومات المغلوطة التي تم تداولها عبر وسائل الإعلام في ظل اهتمام الرأي العام العالم بمعرفة تفاصيل ما حدث، وعدم تحرك الإدارة المصرية لتوضيح ملابسات الحادث، مؤكدًا أن أزمة ريجينى أيضًا شهدت تخبطًا كبيرًا لعبت فيه الدولة دورًا سيئًا من خلال محاولتها تسوية القضية بأي ثمن دون الاهتمام بحقيقة ما حدث وصدق الروايات التي تخرج بها والتي لم تقنع بها أحدًا.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل