المحتوى الرئيسى

هل نقتلهم باسم الله؟"9" | لا تخن من خانك!

06/04 11:34

7ـ كما أمر الإسلام بأداء الأمانة لمن توسم فيك الأمانة، وأعطاك الأمان، ولم يسئ بك الظن، ونهى عن خيانة من يخونك، يقول صلى الله عليه وسلم: "أدِّ الأمانةَ لمن ائتمنك، ولا تَخُن من خانك".

يقول المناوي: (الأمانة تقع على الطاعات في العبادة والوديعة والثقة والأمان وقد جاء في كل منها حديث (إلى من ائتمنك) والحديث مأخوذ من الآية الكريمة: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء: 58، (ولا تخن من خانك) الخيانة ضد الأمانة، وهو أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح، وهو نهي عن خيانة الإنسان لمن خانه، وأنه لا يقابل الإساءة بالإساءة، فبالأولى أن يحرم عليه خيانة من لم يخنه).

ويقول الطيبي: (أي لا تعامل الخائن بمعاملته، ولا تقابل خيانته بالخيانة فتكون مثله).

وقال ابن عبد البر: (ولا تخن من خانك، وهذا معناه عند أهل العلم: لا تخن من خانك بعد أن انتصرت منه، وفي خيانته لك، والنهي إنما وقع على الابتداء أو ما يكون في معنى الابتداء كأنه يقول ليس لك أن تخونه وإن كان قد خانك كما من لم يكن له أن يخونك أولاً).

وقال الصنعاني: (وقوله: (ولا تخن من خانك) دليل على أنه لا يجازي بالإساءة من أساء).

وقال العظيم آبادي: (أدِّ الأمانة إلخ) حاصله: أن الأمانة لا تخان أبداً، لأن صاحبها إما أمين، أو خائن، وعلى التقديرين: لا تخان).

الوفاء بالعهد وإن كان مجحفاً للمسلم:

7ـ كما أن سلوك المسلم: أنه يفي بالعهد ما دام قد أقر به، ووافق عليه، وإن اشتمل هذا العهد لوناً من الإجحاف له في حقه، أو أعطاءه أقل من حقه، ما دام قد قبل به، ففي قصة الحديبية، وخروج سهيل بن عمرو إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وأنه لما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، جرى بينهما القول، حتى وقع الصلح على: أن توضع الحرب بينهما عشر سنين، وأن يأمن الناس بعضهم من بعض، وأن يرجع عنهم عامهم ذلك، حتى إذا كان العام المقبل قدمها خلوا بينه وبين مكة، فأقام بها ثلاثاً، وأنه لا يدخلها إلا بسلاح الراكب، والسيوف في القرب، وأنه من أتانا من أصحابك بغير إذن وليه لم نرده عليك، وأنه من أتاك منا بغير إذن وليه رددته علينا.

وذكر الحديث في كتبة الصحيفة قال: فإن الصحيفة لتكتب إذ طلع أبو جندل ابن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد، وقد كان أبوه حبسه فأفلت، فلما رآه سهيل قام إليه فضرب وجهه، وأخذ يلببه يتله، وقال: يا محمد قد ولجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا، قال: "صدقت". وصاح أبو جندل بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أأرد إلى المشركين يفتنوني في ديني؟!

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جندل: "أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً، إنا قد صالحنا هؤلاء القوم، وجرى بيننا وبينهم العهد، وإنا لا نغدر".

ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، واطمأن بها، أفلت إليه أبو بصير؛ عتبة بن أسيد بن جارية الثقفي، حليف بني زهرة، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه: الأخنس بن شريق، والأزهر بن عبد عوف، وبعثا بكتابهما مع مولى لهما، ورجل من بني عامر بن لؤى، استأجراه ليرد عليهما صاحبهما أبا بصير، فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدفعا إليه كتابهما، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بصير، فقال له: "يا أبا بصير، إن هؤلاء القوم قد صالحونا على ما قد علمت، وإنا لا نغدر فالحق بقومك".

فقال: يا رسول الله تردني إلى المشركين يفتنوني فى ديني، ويعبثون بي؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصبر يا أبا بصير واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين من المؤمنين فرجاً ومخرجاً".

حرمة المال المأخوذ غدراً من كافر:

8ـ كما حرم الإسلام المال المأخوذ من غير المسلم بغير حق، واعتبره مالاً لا يجوز شرعاً، فقد كان المغيرة صحب قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما الإسلام فقد قبلنا، وأما المال فلست منه في شيء"، وفي رواية: "وأما المال فإنه مال غدر لا حاجة لنا فيه".

قال ابن حجر: (ويستفاد منه: أنه لا يحل أخذ أموال الكفار في حال الأمن غدراً؛ لأن الرفقة يصطحبون على الأمانة، والأمانة تؤدى إلى أهلها مسلماً كان أو كافراً، وأن أموال الكفار إنما تحل بالمحاربة والمغالبة).

وقال الإمام الخطابي: (وفي قوله صلى الله عليه وسلم للمغيرة: "أما الإسلام فقد قبلنا، وأما المال، فإنه مال غدر، لا حاجة لنا فيه" دليل على أن أموال أهل الشرك -وإن كانت مباحة للمسلمين مغنومة إذا أخذوها منهم قهراً- فإنها ممنوعة بالأمان لهم، مردودة إلى أربابها إذا أخذت في حال المسالمة والأمان، وذلك أن المغيرة إنما صحبهم صحبة الرفقاء في الأسفار، والرفيق في السفر يأمن رفيقه على نفسه وماله، فكان ما أتاه المغيرة من سفك دمائهم، وأخذ أموالهم غدراً منه، والغدر محظور غير جائز، والأمانة مؤادة إلى البار والفاجر).

وقال ابن بطال: (أما المال فلست منه في شيء) يعنى: في حِلٍّ؛ لأنه علم أن أصله غصب، وأموال المشركين وإن كانت مغنومة عند القهر فلا يحل أخذها عند الأمن، وإذا كان الإنسان مصاحباً لهم فقد أمن كل واحد منهم صاحبه، فسفك الدماء وأخذ المال عند ذلك غدر، والغدر بالكفار وغيرهم محظور).

وقال ابن المنذر: (وإنما حرم ذلك على المغيرة لأمنهم لما صحبوه، وقد أمن كل منهم صاحبه، على نفسه وماله، فكان سفكه دماءهم، وأخذه أموالهم في الوقت غدراً منه بهم، والغدر غير جائز، والأمانات مؤداة إلى الأبرار والفجار، والمؤمنين، والمشركين).

وقال الشوكاني: (قوله: (وأما المال فلست منه في شيء) أي لا أتعرض له لكونه مأخوذاً على طريقة الغدر. واستفيد من ذلك: أنها لا تحل أموال الكفار غدراً في حال الأمن؛ لأن الرفقة يصطحبون على الأمانة، والأمانة تؤدى إلى أهلها مسلماً كان أو كافراً).

فكل النصوص السابقة تبين أن المسلم لا يغدر في بلاد غير المسلمين بدعوى أنهم كفار، ولا يحل له مالهم، ولا عرضهم، ولا دمهم، ولا خيانتهم، بل يجب عليه الوفاء لهم، والالتزام بالقانون، ما دام قد دخل هذه البلاد وفق شروطهم في الدخول زيارة كانت أو إقامة أو تجنساً بجنسية البلاد.

رواه أحمد (15424) والترمذي (1264) وقال: حسن غريب، وأبو دود (3535) والحاكم (2/46) وصححه، والبيهقي في الشعب (4873) والطبراني في الأوسط (3595) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وحسنه الأرناؤوط في سنن أبي داود، والألباني في الصحيحة (423) وفي صحيح الجامع الصغير (240). ورواه الطبراني في الكبير (1/261) وفي الصغير (475) عن أنس رضي الله عنه. ورواه الطبراني في الكبير.

(8/127) عن أبي أمامة رضي الله عنه.

انظر: انظر: فيض القدير للمناوي (1/463).

انظر: انظر: شرح المشكاة للطيبي (7/2185).

انظر: انظر: التمهيد لابن عبد البر (20/159).

انظر: انظر: سبل السلام للصنعاني (2/97).

انظر: انظر: عون المعبود (9/327).

رواه البيهقي في السنن الصغرى (2953) (4/12) وفي الكبرى (19304) (9/227) عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه.

رواه البخاري (2731) وابن حبان (4872) عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه.

رواه أبو داود (2765) وصححه الأرناؤوط (4/394).

انظر: فتح الباري لابن حجر (5/402).

انظر: معالم السنن للخطابي (2/330).

عند القهر، أي في حالة الحرب.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل