المحتوى الرئيسى

عبدالرحيم ريحان: إسرائيل سرقت المعابد والكنائس والقلاع الأثرية في سيناء خلال سنوات الاحتلال

06/04 10:33

• مناطقنا الأثرية آمنة بشكل كامل ولم تتعرض لأي اعتداءات إرهابية.. وخطة تطوير آثار سيناء لم تتوقف منذ 1986

• بناء جامع داخل دير سانت كاترين ثمرة للعلاقات الطيبة التي جمعت بين المسلمين والمسيحيين.. وبلغت ذروتها في العصر الفاطمي

• بعض مناطقنا ليس على خريطة السياحة العالمية

• تطوير الطرق الأثرية يدخل لسيناء 20 مليون سائح.. ولا يمكن حصر العدد الذي زار المناطق الأثرية العام الماضي بشكل مفصل

قال الدكتور عبدالرحيم ريحان، مدير البحث والنشر العلمى بالوجه البحرى وسيناء بوزارة الآثار، إن الدولة تولى رعاية كاملة للآثار فى سيناء لكن ينقصها حُسن الاستثمار، وهو ما يتطلب تضافر جهود وزارة السياحة والإدارات المحلية والمستثمرين، موضحا أن خطة تطوير آثار سيناء لم تتوقف منذ عام 1986.

وأكد أن المناطق الأثرية آمنة بشكل كامل ولم تتعرض لأى اعتداءات إرهابية، لافتا إلى أن الاحتلال الإسرائيلى خلال تواجده فى سيناء نهب وسرق بعض الآثار التى تعود إلى عصر ما قبل التاريخ.

وأوضح ريحان فى حواره لـ«الشروق» أهم المناطق الأثرية فى شبه جزيرة سيناء، وتاريخ أبرز المعالم بها، مطالبا بوضعها كلها على قائمة السياحة العالمية، وإلى نص الحوار:

• هل تحظى آثار سيناء بالاهتمام الكافى من قبل الدولة؟

ـ نعم.. هناك رعاية كاملة للآثار فى سيناء ولكن ينقصها حُسن الاستثمار، وهذا عبء يقع على عاتق الجميع، وزارة السياحة، إدارة محلية، ومستثمرين، لابد ان يعمل الجميع فى هذا الإطار بروح الفريق الواحد مع وزارة الآثار، وهى المعنية بالكشف عن الأثر، وترميمه، وإعداده للزيارات السياحية، وتطويره المستمر، ويتبقى الاستثمار فى كل ذلك وتوفير الخدمات السياحية حوله، حتى الوصول إلى تمهيد وتأمين الطرق المؤدية للمناطق السياحية، فرعاية الأثر منظومة كاملة.

وهناك مشاريع ضخمة تنتظر الاستثمار فى سيناء ومنها استثمار الطرق التاريخية، التى لو استغلت بطريقة جيدة يمكن أن تدخل لسيناء 20 مليون سائح فى العام، وهو ما يفوق عدد السائحين القادمين إلى مصر قبل عام 2011 والبالغ عددهم 13 مليونا.

• وما هى أهم هذه الطرق؟

ـ أبرزها طريق حورس الحربى شمال سيناء، وطريق التعدين إلى سرابيت الخادم بجنوب سيناء، وطريق خروج بنى إسرائيل من مصر عبر سيناء، وهو يخص كل الأديان حيث بنيت أشهر آثار مسيحية فى محطات هذا الطريق، ومنها دير سانت كاترين، جامع فاطمى داخل الدير فى عهد الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله أبو على منصور ابن أحمد 1106م، وطريق الأنباط التجارى عبر سيناء ويضم مئات النقوش الهامة، وطريق التقديس المسيحى القديم منذ القرن الرابع الميلادى من أوروبا إلى دير أبو مينا بالإسكندرية وعبر النيل إلى القلزم «السويس» ومنها إلى سيناء، وهما طريقان شرقى وغربى بطول 575 كم ويضم داخله طريق العائلة المقدسة بشمال سيناء، ودرب الحج المصرى القديم عبر وسط سيناء إلى مكة المكرمة والطريق الحربى لصلاح الدين بسيناء وعليه قلاعه الشهيرة.

• هل سجلت اعتداءات إرهابية على آثار سيناء؟

ـ لم تسجل أى اعتداءات على الآثار فـى سيناء.

• كم عدد السائحين الذين زاروا المناطق الأثرية فى سيناء العام الماضى؟

ـ لا يمكن حصر العدد بشكل مفصل، ولكن إجماليا كان العدد معقول بالنسبة لحركة السياحة التى تشهدها مصر الآن، خاصة فمدينة شرم الشيخ قبل حادثة الطائرة الروسية، والتى أثرت بشكل كبير على الحركة السياحية لاعتمادها على الروس والطليان بشكل أساسى.

• كيف ترى الوضع الأثرى بسيناء الآن؟

ـ غير مناسب، هناك آثار كثيرة يجب وضعها على قائمة السياحة العالمية، وتطوير وتمهيد الطرق المؤدية إليها وتأمينها، ومنها من الآثار القديمة معبد سرابيت الخادم، ومن الآثار الإسلامية قلعة الجندى برأس سدر.

• وهل هناك خطة للتطوير؟

ـ خطة تطوير آثار سيناء لم تتوقف منذ عام 1986، وتتمثل فى أعمال الحفائر بمعظم المناطق والتى كشفت آثارا من عهد مملكة الأنباط فى القرن الأول قبل الميلاد وحتى عام 106م نهاية مملكتهم، وكانت عاصمتهم بالبتراء بالأردن، كشفت عمليات البحث عن ميناء شهير لهم بمدينة دهب ومركز دينى وتجارى بقصر ويت شمال سيناء، وعن آثار مسيحية بوادى فيران وطور سيناء وطابا وجبل حمام فرعون، وآثار إسلامية مثل الميناء المملوكى بتل الكيلانى بطور سيناء وميناء وحصن رأس راية بطور سيناء، وقلاع مثل قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا وقلعة الجندى برأس سدر وقلعة نخل بوسط سيناء والنقطة العسكرية المتقدمة بنويبع ومساكن عباس وقصر عباس.

وقامت الوزارة بأعمال ترميم شملت مشروعين كبيرين لترميم قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون مرتين، وترميم النقطة العسكرية المتقدمة بنويبع وترميم آثار دير سانت كاترين، وتسجيل أيقونات ومقتنيات دير سانت كاترين وأعمال دراسات أثرية علمية مستمرة لكل الآثار المكتشفة، وإعدادها للتسجيل كتراث عالمى فى اليونسكو ومنها قلعة الجندى وقلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون وطريق العائلة المقدسة من رفح إلى الفرما، وخطط الحماية والتأمين المستمرة للمواقع الأثرية ومع حدوث انفراجة فى دخل وزارة الآثار يمكن إنجاز العديد من الخطط الموضوعة بشكل أسرع.

• كيف تعامل الاحتلال الإسرائيلى مع الآثار فى سيناء؟

ـ الاحتلال الإسرائيلى خلال تواجده فى سيناء نهب وسرق آثارا فى عدة مناطق خصوصا الآثار التى تعود إلى عصر ما قبل التاريخ والتى يطلق عليها النواميس، وكذلك آثار معبد سرابيت الخادم المعبد المصرى القديم الوحيد بسيناء، والكنائس المسيحية بشمال سيناء التى تقع بطريق العائلة المقدسة، والآثار الإسلامية بقلعة نخل أهم محطات طريق الحج المصرى القديم بسيناء.

• وراء كل أثر قصة إنشاء.. فما قصة إنشاء دير سانت كاترين؟

ـ توجد وثيقتان بمكتبة دير سانت كاترين بهما قصة طريفة عن إعدام المكلف بإنشاء الدير، نستخلص منهما أن رهبان الجبل المقدس كان لهم برج يلجأون إليه قبل بناء الدير، وناشدوا الإمبراطور جستنيان أن يبنى لهم ديرا فكلف مبعوثا خاصا له سلطات كاملة وتعليمات مكتوبة ببناء دير فى القلزم «السويس حاليا» وديرا فى راية وديرا على جبل سيناء، ولقد بنى هذا المبعوث كنيسة القديس أثاناسيوس فى القلزم والدير فى راية دير الوادى بطور سيناء المكتشف بقرية الوادى بالطور.

وعندما ذهب مبعوث جستنيان لجبل سيناء وجد أن شجرة العليقة فى مكان ضيق بين جبلين ووجد بجوارها برجا وعيون ماء، وكان يهدف إلى بناء دير على الجبل كما كلفه جستنيان ليترك الشجرة المقدسة والبرج كما هما، ولكن عدل عن ذلك لعدم وجود مياه أعلى الجبل وصعوبة توصيل مياه إليه، وبنى الدير قرب العليقة المقدسة وشمل داخله البرج وكان بذلك قرب مصادر المياه.

ولكن جستنيان لم يعجبه رأى مبعوثه الذى بنى الدير فى وادى ضيق يشرف على الجبل من الناحية الشمالية، فأمر بقطع رأسه وحاول إصلاح ضعف الدير من الناحية الدفاعية، فأرسل مائتى شخص بعائلاتهم لسيناء من منطقة البحر الأسود ومن مصر للقيام بحماية الدير ورهبانه كحراس دائمين للدير، وبنى لهم أماكن خاصة خارج الدير تقع شرق الدير، وعندما جاء الإسلام دخل هؤلاء الحراس فى الإسلام ولايزال أحفادهم بسيناء حتى اليوم من قبيلة الجبالية قائمين على خدمة الدير، وهم أحفاد الجنود الرومان والمصريين الذين كانوا يقومون بحراسة الدير فى القرن السادس الميلادى وعرفوا بالجبالية نسبة إلى جبل موسى.

• هناك جامع داخل الدير.. فما سر تواجده؟

ـ بناء الجامع داخل الدير يعتبر ثمرة العلاقات الطيبة التى جمعت بين المسلمين والمسيحيين، وبلغت ذروتها فى العصر الفاطمى ليصلى به الذين يقومون بخدمة الدير من قبائل الجبالية نسبة لجبل موسى، وكذلك قبائل خارج الدير، كما أن حب الفاطميين لإنشاء المساجد فى الأماكن المباركة دفعهم لإنشاء هذا الجامع بالوادى المقدس طوى وكان يمر به الحجاج المسلمون فى طريقهم لمكة المكرمة وتركوا كتابات تذكارية عديدة ما زالت على محراب الجامع إلى الآن.

والمؤرخون لم يتركوا هذا الأمر لغرابة وجود جامع داخل دير لديهم فأحاطوا هذا الجامع بحكايات خرافية ليقللوا من شأن هذا التسامح وهى ربط بناء الجامع بحادثة تعدى على الدير ليس لها أى أساس تاريخى أو أثرى حتى إن كل من ذكر هذه القصة بدأها بكلمة طبقا للحديث المتواتر بين شخص وآخر كما نقول نحن الآن «بيقولوا»، ومن هؤلاء المؤرخين جالى فى بحثه الذى نشر عام 1985، ونقل عن نعوم شقير صاحب موسوعة تاريخ سيناء، «أن الحاكم بأمر الله أراد أن يهدم الدير ولكن الرهبان أخبروه بأن به جامعا وقاموا ببناء الجامع بسرعة داخل الدير لحماية الدير»، وقد نقل نعوم شقير هذا الكلام من أحاديث دون أن يتحقق من الأصل وقيل له إنها موجودة بكتاب بمكتبة الدير يسمى «تاريخ السنين فى أخبار الرهبان والقديسين» وهذا الكتاب ليس له وجود لا فى مكتبة الدير ولا فى أى مكان آخر أى الأصل الذى نقل عنه الجميع لا وجود له إذن فالقصة من أساسها لا أساس لها.

• ما أبرز المعالم الأثرية فى سيناء؟

ـ فى البداية أريد ان اوضح أهمية ومكانة سيناء بالنسبة للقطر المصرى، وكما هو معلوم فإن سيناء تعتبر الجسر البرى الذى يربط مصر بآسيا، وتتميز بسمات طبيعة متمثلة فى الكثبان الرملية والجبال وإطلالها على البحر من 3 جهات بالإضافة لما تختزنه فى بطنها من مياه جوفية وأمطار، والأهم من كل ذلك موقعها المطل على أهم الممرات المائية فى المنطقة، ومن أبرز مدنها شرم الشيخ، دهب، ونويبع، وطابا، وطور سيناء، وسانت كاترين، وجبل حمام فرعون، ورأس سدر.

وبالنسبة لمدينة دهب فإنها تجمع بين جمال الطبيعة وعمق التاريخ، وتستوعب السياحة من كل الشرائح، وتحتضن المنطقة السياحية آثار خالدة تشمل ميناء دهب البحرى على خليج العقبة الذى استخدمه العرب بسيناء منذ نهاية القرن الثانى قبل الميلاد، والمبنى الخاص بالميناء تخطيطه مستطيل له سور خارجى وبوابة محاطة ببرجين دفاعيين من داخل السور، ويحوى 47 حجرة بالجزأين الشمالى والجنوبى، ويتوسط المبنى فنار لإرشاد السفن بالخليج والبناء اتضح فيه التفاعل بين الإنسان والبيئة من استخدام أحجار مرجانية متوفرة فى المناطق الساحلية المشرفة على البحر الأحمر وهى أحجار مقاومة لعوامل التعرية والأملاح.

أما مدينة نويبع فى ساحرة فعلا بالإضافة لكونها ميناء مصر البحرى على خليج العقبة، فقد ارتبطت فى الأذهان برحلات الحج والعمرة والعلاقات التجارية بين الشرق والغرب قديما وحديثا، وبها تقع قلعة نويبع بمنطقة الترابين فى قلب المنطقة السياحية التى تبعد 200م عن شاطئ خليج العقبة.

وطابا تتمتع بسياحة الآثار والشواطئ والغوص والسفارى، ومن أهم معالمها قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون وتسمية الجزيرة بجزيرة فرعون لا علاقة له بالفراعنة حيث لم يتواجد المصريون القدماء بهذه المنطقة، وتركز نشاطهم فى سيناء فى طريق حورس الشهير شمال سيناء، وفى منطقة سرابيت الخادم والمغارة ووادى النصّب بجنوب سيناء حيث أعمال تعدين الفيروز والنحاس.

وتأتى سانت كاترين التى ترتفع 1600متر فوق مستوى سطح البحر، وتضم منطقة الجبل المقدس (منطقة سانت كاترين حاليا)، وجبل الشريعة، وشجرة العليقة المقدسة التى ناجى عندها نبى الله موسى ربه، وهى المنطقة الوحيدة بسيناء التى بها عدة جبال مرتفعة مثل جبل موسى 2242م وجبل كاترين 2642م فوق مستوى سطح البحر، ويوجد بهذه المنطقة شجرة من نبات العليق الذى لا يوجد فى أى مكان آخر بسيناء، وهو لا يزدهر ولا يعطى ثمارا وفشلت محاولات إنباته فى أى مكان بالعالم، مما يؤكد أنها الشجرة التى ناجى عندها نبى الله موسى ربه وهى شجرة العليقة المقدسة.

أما مدينة طور سيناء فتتميز بمقومات سياحية عديدة شاطئية ودينية وثقافية، بجانب سياحة السفارى والعلاجية حيث حمام موسى الذى يبعد 3 كيلومترات شمال المدينة ويضم 5 عيون كبريتية درجة حرارتها 37 درجة مئوية تصب فى حوض كبير محاط بمبنى جميل، وتستخدم هذه المياه فى علاج الأمراض الروماتيزمية والجلدية كما تحوى «الفرضة البحرية للميناء المملوكى» بطور سيناء (648ــ922هـ، 1250ــ1516م) وهى عبارة عن مبانٍ من الحجر الجرانيتى والمرجانى والطوب اللبن تقع بتل الكيلانى وهو الميناء الذى كان يخدم التجارة بين الشرق والغرب فى العصر الإسلامى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل