المحتوى الرئيسى

محمد شاهين يكتب: لغتنا الجميلة.. قوة القواعد وضعف التأثير | ساسة بوست

06/03 19:01

منذ 1 دقيقة، 3 يونيو,2016

اللغة العربيَّة معروفة ببُنيتها القويَّة، وأساليبها البلاغيَّة، وأدبها العريق، تُعتبر أقدم اللغات التي ما زالت تتمتَّع بخصائصها من ألفاظ وتراكيب وصرف ونحو وأدب وخيال، مع الاستطاعة في التعبير عن مدارك العلم المختلفة، كما لها مكانة وازنة بين المسلمين على شتَّى بقاع الأرض، القرآن نزل بلسان عربيّ، ما أعطاها رونقًا استطاع أن يلمع في عيون العالمين، وجعل الأعاجم يُقبِلون على تعلُّمها؛ لفهم ما هو مكتوب بين دفَّتَي المصحف، واتِّباع تعاليم الإسلام الراسخة فيه.

لقد حمل العرب الإسلام إلى العالم، وحملوا معه لغة القرآن، وتركت شعوب غرب آسيا وشمال إفريقيا لغاتها الأولى وتشبثوا بالعربيَّة؛ بحكم أنها لغة دستور الإسلام الذي يقوم عليه المنهاج السليم، وشارك الأعاجم الذين دخلوا الإسلام في عبء شرح قواعد العربية وآدابها للآخرين، فخرج منهم علماء النحو والصرف والبلاغة.

ومن شهادة بعض العلماء الأجانب في أهميَّة اللغة العربيَّة، يقول الألماني فريتاغ: «اللغة العربية أغنى لغات العالم»، ويقول وليم ورك: «إنَّ للعربية لينًا ومرونةً يُمكِّنانها من التكيُّف وفقًا لمقتضيات العصر»، وقال الفرنسي وليم مرسيه: «العبارة العربيَّة كالعود إذا نقرت على أحد أوتاره رنَّت لديك جميع الأوتار وخفقت، ثم تُحرِّك اللغة في أعماق النفس من وراء حدود المعنى المباشر موكبًا من العواطف والصور»، كما عبَّر الفرنسي لويس ماسينيون: «اللغة العربيَّة هي التي أدخلت في الغرب طريقة التعبير العلميّ، والعربيَّة من أنقى اللغات، فقد تفردت في طرق التعبير العلميِّ والفنيِّ والصوفيّ».

ورغم الاهتمام الكبير وشهادة الجميع على قوة وبلاغة هذه اللغة، إلَّا أنَّها تراجعت مكانتها بين اللغات، وأصبحت لا تحظى بالاهتمام الذي كانت تحظى به سابقًا، نظرًا لعدة أسباب منها: أنَّ اللغة الإنجليزية أصبحت اللغة الموحدة في سوق العمل العالميّ المفتوح؛ ممَّا اضطُّر العائلات العربيَّة إلى تشجيع أبنائها على تعلم اللغة الإنجليزية؛ ليتمكَّنوا من المنافسة والاندماج في سوق العمل.

وعزى باحثون إلى أنَّ التقدم التقني وانتشار الإنترنت قد يكون سببًا في تراجعها. ويشير تقرير عن اللغات المستخدمة في محتوى الإنترنت إلى تناقص استخدام اللغة العربية من 1.1% نهاية عام 2012 إلى 0.9% في العام الحالي، في وقت تصاعد فيه استخدام الإنجليزية من 55% إلى 55.4% عن الفترة ذاتها.

كما أنَّ الأسلوب والمنهاج المتبع في تدريس اللغة العربية لا يرقى للمستوى المطلوب في التنشئة الصحيحة للنطق بها وتعلم قواعدها وأساسياتها، دولنا العربية فقط تعتمد على اللفظ الشفويِّ دون الاعتماد على الكتابة بالقواعد السليمة، ونادرًا ما تجد من يتقنونها بين الطلاب خاصة في المدارس سواء كانت الحكوميَّة أم الخاصَّة، وبالتالي النظام التعليمي عندنا مشارك في تراجع منسوب اللغة خاصَّة في مجتمعنا العربيّ.

الأسباب التي أدَّت إلى تراجع اللغة كثيرة ولا يمكننا حصرها في هذا المقال، جلُّها لا يعود للغة نفسها بل للذين أهملوها، وأضاعوا الجهود الكبيرة التي بذلها أسلافهم في العناية بها ودراستها وضبطها والتأليف فيها ووضع قواعد لها، وللأمانة العلميَّة فإنَّ اللَّغة العربيَّة قد حظيت من أسلافنا باهتمام ورعاية وعناية لم تحظَ بها أي لغة أخرى في العالم.

وتأتي اللغة العربيَّة حاليًا في المرتبة الرابعة بعد الإنجليزية والفرنسية والإسبانية من حيث ترتيب اللغات على العالم، ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة يبلغ عدد المتحدثين باللغة العربيَّة، باعتبارها لغةً أولى، 279 مليون نسمة، هم سكان الدول العربية، يضاف إليهم 130 مليونًا آخر يتكلمونها لغة ثانية بعد لغتهم الأصليَّة. وتتوقع الإحصاءات أن تصبح العربيَّة اللغة الأمّ لنحو 647 مليون نسمة بحلول عام 2050، أي ما يُشكِّل نحو 6.94% من سكان العالم، المتوقع أن يصل في ذلك التاريخ إلى 9.3 مليار نسمة.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل