المحتوى الرئيسى

مثقفون يلقون الضوء على أهمية "الثقافة الجغرافية"

06/01 13:17

ناقش الدكتور حمدى هاشم، ورقة بحثية عنوانها: “الثقافة الجغرافية والوعي بالتنمية”، حيث قال: أن كل العلوم والمعارف القديمة والمعاصرة لا تخلو من دور للجغرافية فيها من النواحي العملية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بحكم أهمية موقع الجغرافية المتقاطع والمتشابك مع الحيز المكاني بجانبيه الطبيعي والبشري، وقد شكلت حجر الأساس في بناء كل الحضارات البشرية على مر العصور، وتعد الثقافة الجغرافية المفاعل الأهم في بناء الأمم وترسيخ هوية الانتماء للوطن والمواطنة، علاوة على تلك العلاقة العضوية بين الجغرافيا والحرب لإحراز النصر العسكري وتحقيق مغانم السياسة والاقتصاد.

جاء ذلك فى ملتقى “تجديد الخطاب الثقافى” الدولى، أدار الجلسة د.ربعى المدهون، بمشاركة كل من: د.حمدى هاشم، و د.حنا نعيم حنا، و د.على العلى، و د.فتحى أبو عيانة، و د.فتحى مصيلحى.

وأشار أن  الذكاء المكاني الأكثر تأثيرًا في قدرة الفرد على الإدراك والابتكار، وكذلك تفعل الثقافة في البيئة والمجتمع، ولأن الجغرافيا هي مسرح الحياة اليومية وتسيطر بعواملها المختلفة على نوعية وجودة المكان وعلى حركة وتوزيع السكان، فإن الثقافة الجغرافية تعد عقيدة في الواجب الوطني، وتتمثل مسؤولية “الثقافة الجغرافية” تجاه تنمية البيئة والمجتمع، في نشر ثقافة استقراء الحقائق والمفاهيم الجغرافية، واستكشاف قيمة الجغرافيا وتطبيقاتها في الحياة والمجتمع، والقدرة على توظيف مهارتها لحل مشكلات وقضايا التنمية، علاوة على الارتقاء بسلوكيات درء التلوث عن البيئة في الريف والحضر، وكذلك قدرة الجغرافيا على إعداد الفرد في عصر العولمة، من خلال غرس مقومات الهوية، وتنمية المشاعر والأحاسيس تجاه الوطن والإعلاء من شأنه، ورفع وعي المواطن برسالته القومية والإنسانية.

وشارك د. حنا نعيم حنا ببحث عنوانه: “أثر جغرافية القرى الزراعية على النمط والنسيج العمراني”، قائلًا: يتناول البحث جغرافيا بعض المناطق الزراعية بمصر وخاصة الأحواض القديمة التي عاصرت نظم الري التي عرفتها مصر منذ عدة قرون متماشيًا مع فيضان النيل وحياة المصريين، وقد نجم عن هذا النظام قانون عرفي أصبح فيما بعد نظامًا أشد صرامة في الجانب الموروث من ثقافة المجتمع.

كما تجدر الإشارة أن القرى التقليدية قد أنشئت وتكونت مباحثها الفيزيقية من حركة تكوينها ككتلة متجمعة على ركام طيني ناجم عن الفيضان، قد تطورت بمرور الزمان بنفس الطرق والنظم التقليدية للأراضي الزراعية، وغني عن البيان مدى اتفاق النظم الاقتصادية التي اعتمدت على الاقتصاد الزراعي في خلق قوى اجتماعية طبقية اعتمدت على ملكية الأرض، وقد أشار إلى التفضيل الجمالي للعناصر المعمارية: إذ يفضل سكان القرى الزراعية المساكن الواقعة داخل المحيط العمراني، أو الكتلة السكنية للقرية، وأن تكون قريبة من الطرق ومصادر المياه، وقريبة أيضًا من المزروعات الخاصة بالأسرة,عقب هذا كلمة د.على العلى، وقد شارك ببحث عنوانه: “التشكيل واعتبار المكان”.

حيث أكد أنّنا نلمس في عصرنا الراهن حقيقة موضوعية مفادها أن الإنسان بات يتألّم من كونه كائنًا زمنيًا، خصوصًا في عصر تجلّى له فيه التاريخ بكوارث كثيرة. ولعل هذه الحقيقة كانت أحد الدوافع التي ساهمت في إعادة الاعتبار إلى المكان، فالزمان الذي هو مادة حياتنا، هو أيضًا، وعلى الأخصّ، الإيذان بموتنا. لذا، بدا المكان المجال الحيويّ الذي فيه يتجسّد نشاطنا، وصار الإنسان يشعر بالأمان عندما يلقي بفكره على الأشياء، ويبني مخطّطات وصورًا تستعير من فضاء الفن شيئًا من استقراره وثباته، ولعل عبارة “كان يا ما كان” اللازمة التقليدية لكل الحكايات، والتي كانت تشير إلى مكان بلا اسم ولا عنوان، شكل تصدى لمفهوم أيديولوجي تقليدي ساد الآداب العالمية حتى القرن العشرين، كان يرى في المكان إطارًا فارغًا تجري فيه حياة الأفراد والجماعات من غير أن يؤثّر فيها، باعتبار الإنسان متماثلاً أينما كان.

أما الزمان فحظي دائمًا بالاهتمام، حتى أن القرن التاسع عشر ألّه التاريخ، على قول جورج ماتوريه، نحا بالفلسفة منحى تاريخيًا، لكن المكان انبرى اليوم يواجه الزمان ويشهد عليه، وينافس الشخصية، ويمسك بزمام الحدث، حتى لكأنّ المكان غدًا هو الحكاية، هو المكان إذًا، قبلة الفنانين في عصرنا الراهن كما في السنوات الماضية، ولا غرو، فالغرفة مكان، والبيت مكان، والبلد والطبيعة والأرض والكون كلها بالنسبة للإنسان مكان وحالة انتماء. فإليها يركن ويشعر بالأمان. ونحن، أمام أي نوع من الشعور بعدم الأمان، نتوجه إلى البيت. فهو بيتنا، ملاذنا وموطن الشعور بالأمان، إنه الرحم الأمومي والحضن الملاذ. ونحن نتعامل في اللاشعور مع البيت/ المكان وكأنه كائن نحيا به ومعه. هذا البيت هو كما يصفه غاستون باشلار “الوجود الحقيقي للإنسانية الخالصة التي تدافع عن نفسها دون أن تهاجم. هذا البيت هو المقاومة الإنسانية، إنه الفضيلة الإنسانية، وعظمة الإنسان”.

ثم جاءت كلمة د. فتحي أبو عيانة الذى شارك ببحث عنوانه: “نحو خطاب ثقافي متجدد ومتعدد”، حيث بدأ حديثه مؤكدًا أن الخطاب الثقافي يعد أحد الروافد الرئيسية التي توجه المجتمع نحو الأفضل وخاصة في المجتمعات التي تحاول أن تلحق بركب التقدم ومنها المجتمع المصري، ويجمع معظم الباحثين في العلوم الاجتماعية على أن ثقافة المجتمع هي نتاج لتاريخ طويل ارتبط بحضارة المجتمع وتطوره على مر الزمن، وتمثل في النهاية ذلك الكم النهائي للمعتقدات والمعرفة والقيم والأعراف التي شكلت حياة المجتمع، والتي ارتبطت عبر تاريخه الطويل بعدة عوامل جغرافيًا، وديموغرافيًا وسياسيًا واقتصاديًا، ثم الثقافة الموروثة والمعدلة، ويعد التركيب المجتمعي أساسًا لفهم الموروث القيمي، والذي يتحدد في ضوئه نمط الخطاب الثقافي – وأثره – وتأثيره حيث تتباين المداخل والرؤى، ومفتاح ذلك كله فهم شخصية المجتمع المخاطب وثقافاته الرئيسية والفرعية، ودورها في تحديد أنماط السلوك الاجتماعي، بل الرأي العام بصفة عامة .

فإن ما شهده المجتمع المصري من حراك اجتماعي خاصة منذ سبعينيات القرن العشرين قد صبغ قيم المجتمع إلى حد كبير، وأسهم العامل الاقتصادي بدور واضح في الإطار القيمي للمجتمع، فقد كان هذا العامل وراء تغير واضح في الإطار القيمي، وتغير نمط الاستهلاك وأنماط الاستثمار، وشيوع الفساد، والإحباط بسبب البطالة واتساع الفجوة بين الذين يملكون والذين لا يملكون، وتزايد نسبة السكان تحت مستوى خط الفقر، وكلها مؤشرات خطيرة تؤدى بالضرورة إلى تأكل القيم في المجتمع، بل إن العامل الديموغرافي المتمثل في تزايد الكثافة السكانية في المعمور المصري – في الوادي والدلتا – أدى إلى ما يعرف بثقافة الزحام التي تسمح بظهور نقاط الضعف في الشخصية المصرية، وصعوبة تحقيق الأهداف المأمولة من الخطاب الثقافي في المجتمع.

و تحدث د.فتحي مصيلحي عن: “ثقافة العدالة المكانية”، حيث بدأ حديثه مشددًا على أهمية المكان الذى وصفه بأنه عامل أساسي في المجتمعات الإنسانية وتنطوي تحته العدالة الاجتماعية. ولهذا فمن الضروري فهم التفاعلات بين المكان والمجتمعات ليتسنى لنا فهم المظالم الاجتماعية، ولينعكس ذلك على سياسات التخطيط التي تهدف إلى الحد من تلك المظالم. ويقود هذا المنظور مفهوم العدالة المكانية، التي تربط بين العدالة الاجتماعية والمكان.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل