المحتوى الرئيسى

"الوطن" تنشر حيثيات حكم أحقية ذوي الاحتياجات في التعيين بنسبة 5%

05/28 17:30

تنشر "الوطن" حيثيات الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية، في الدعوى التي حملت رقم 8618 لسنة 61 ق، والمقامة من محمود صلاح محمد رشاد محمد، ضد رئيس هيئة قضايا الدولة.

ونص الحكم على أحقية ذوي الاحتياجات الخاصة في التعيين بالوظائف العامة ضمن نسبة الـ5% المقررة لهم قانوناً، ودون التزاحم مع غيرهم ممن حباهم الله بنعمة الصحة السوية تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص.

وصدر الحكم برئاسة المستشار عادل لحظي، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين بهجت عزوز وأسامة صلاح الجرواني وعصام رفعت، وبسكرتارية سامح هاشم وصبري سرور.

واستندت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أن الواضح من التطور التاريخي لأوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة، وقواعد معاملتهم، أن كثيرا من الوثائق الدولية منحتهم الرعاية التي يقتضيها إنماء قدراتهم، وأن جهودا تبذل من أجل تشخيص عوارضهم في مهدها، وقبل استفحال خطرها، ثم تقييمها للحد من آثارها، وأن آراءً عديدة تدعو الدول على تباين اتجاهاتها، لأن تنقل إلى مجتمعاتها من خلال حملاتها الإعلامية بوجه خاص، ما يبصرها بأن ذوي الاحتياجات الخاصة مواطنون ينبغي منحهم من الحقوق ما يكون لازما لمواجهة ظروفهم الذاتية التي لا يملكون دفعها، لتمهد بذلك للقبول بالتدابير التي تفرضها، وتعينهم على مواجهة مسؤولياتهم.

وكان من بين تلك المواثيق ذلك الإعلان الصادر فى 9 ديسمبر 1975م عن الجمعية العامة للأمم المتحدة برقم 3447، في شأن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة declaration on the rights of disabled persons، متوخيا أن تعمل الدول سواء من خلال التدابير الفردية، أو عن طريق تضافر جهودها من أجل إرساء مقاييس أكثر حزما للنهوض بأوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوكيد ضرورة استخدامهم بصورة كاملة، وتحقيق تقدمهم من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية، آخذة في اعتبارها احتياجاتهم الخاصة، وضرورة تطوير ملكاتهم لإعدادهم لحياة أفضل، لحفزهم على الاندماج في مجتمعاتهم من خلال إسهامهم فى أكثر مناحي النشاط تنوعا، ويؤكد هذا الإعلان أن الحقوق المنصوص عليها فيه، لا استثناء منها، ولا تمييز في نطاقها يكون مرده إلى العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الآراء على اختلافها، أو بناءً علي أي مركز آخر يتعلق بالمعوق أو بأسرته.

وتطرقت المحكمة إلى وضع ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر، قائلة إن مصر تولي دائما اهتماما خاصا بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وحرصت كل الدساتير المتعاقبة لجمهورية مصر العربية على ضمان حقوق هذه الفئة، وضمان فرص متكافئة لهم في شتى المجالات ودون تمييز (دستور مصر الصادر عام 2014 - المادة 9)، وكذا ضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليميا، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وكفالة ممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، وذلك إعمالا لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص (دستور مصر الصادر عام 2014 - المادة 81)، وكذا فقد ضمنت لهم تمثيلا مناسبا في أول مجلس للنواب اعتبارا من تاريخ إقرار الدستور في 2014 المادة 244.

وأشارت المحكمة إلى أن التشريعات المصرية حرصت على ضمان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك من خلال القانون رقم 39 لسنة 1975م سالف الذكر الصادر بشأن تأهيل المعاقين، والمعدل بموجب القانون رقم 49 لسنة 1982م، والذي منح هذه الفئة - المغلوبة على أمرها - نسبة 5% من مجموع العاملين بكل وحدة من وحدات الجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والقطاع العام، والذي ألزم كل الجهات باستكمال النسبة المقررة بموجب هذا القانون خلال المدة المحددة بالفقرة الأولى من المادة 10 من هذا القانون.

واستكملت المحكمة أسباب حكمها بأن استخدام ذوي الاحتياجات الخاصة داخل كل وحدة من وحدات الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات العامة أو القطاع العام، من خلال تخصيص عدد من وظائفها لا يزيد عن 5% من مجموع العاملين بكل وحدة، لا يعتبر تقريرا لأولوياتهم على من عداهم، ذلك لأن الأولوية في مجال العمل تعني أن يتقدم أصحابها على غيرهم من العاملين، مستأثرين من دونهم بالوظائف الشاغرة، ليكون تعيينهم بها معززا بقوة القانون، ومتضمنا استبعاد غيرهم من أن يطلبوا لأنفسهم نصيبا منها، بل كانت هذه النسبة المقررة قانونا لصالح ذوي الاحتياجات الخاصة، والتي ما شرعت إلا لتلافي أوجه القصور (واقعا) بينهم وبين من حباهم الله بنعمة الصحة السوية، فبدون إنفاذ هذه النسبة لا تتكافأ فرص استخدامهم مع غيرهم من الأسوياء بدنيا، ويظل تقرير الأولوية بين أرباب هذه النسبة من بين المتقدمين لشغل الوظائف العامة على أساس المعايير المحددة قانونا كأصل عام.

كما لا يعد إنفاذ هذا الحق لصالح ذوي الاحتياجات الخاصة بمثابة قيد على سلطان الإدارة، عندما تقوم باستخدام حقها القانوني في إجراء التعيين بالوظائف الشاغرة لديها، لأن الأصل العام أن يكون للإدارة السلطان الكامل في حدود الإطار الذي يحدده لها القانون، خاصة في إطار القانون العام، بما مؤداه أن للمشرع أن يرسم للإدارة حدودا وقيودا لا يجوز أن تتجاهلها أو تتخطاها، ليظل عملها الإداري واقعا في إطار الفعل القانوني الذي يتحقق نتيجة له العدل والصالح العام، وبما مؤداه أن حرية الإدارة في التعيين لا يعني غل يد المشرع عن التدخل لتنظيم هذا الأمر، فمتى تدخل المشرع بقيود - بما فرضه القانون رقم 39 لسنة 1975م - وكانت غايته ضمان فرصا حقيقية لذوي الاحتياجات الخاصة تكفل إنصافهم في مجال العمل فإن النعي عليها يعد مخالفا للقانون والدستور.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل