المحتوى الرئيسى

فتنة "الدعوي والسياسي".. هل تعصف بإخوان مصر؟

05/28 19:44

غياب إخوان مصر عن مؤتمر حزب النهضة التونسي يثير تساؤلات عدة

عطية عدلان: المتسلط يريد أن ينفض على عقيدتك ويجردك من ثوابتك

عزام التميمي: هل هو فصل سياسي أم تبرءًا من الإخوان؟!

جمال نصار: أنصح الحركات الإسلامية بالأخذ بهذا الاجتهاد

د. إبراهيم الزعفراني: لا للعمل في كله والإخفاق في كله.. وأصحاب السبع صنايع “ضايع”

أسامة حافظ: لازالت الأحزاب المسيحية هي جزء من السياسة الغربية فلماذا تنكرونها على الإسلاميين؟

سبق حزب التوحيد والإصلاح المغاربي تونس في طرح فصل السياسة عن العمل الدعوى، وكذلك العدالة والتنمية التركي، ولا يزال جماعة “اﻹخوان في مصر” تتأرجح بين قرارات إخوانها المغرب تونس وتركيا.

الانقسام الحاد ضرب أوصال جماعة الإخوان في مصر من جديد في هذا الملف بعد أن أزادت حدته برفض خيار السلمية واستبداله بخيار “السلمية المبدعة”، وما هو إلا العنف بديلا لاحتراق الجماعة.

وفي تونس.. وتحديدًا قبل المؤتمر العاشر لحركة النهضة وإعلانها الفصل بين “الدعوي والسياسي”، كشف الدكتور جمال حشمت عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين عن عزم كل الأطراف داخل الجماعة المصرية على ضرورة فصل الجانب الحزبي التنافسي عن الجانب الدعوي، ولذا لم يعد توجه حركة النهضة في تونس نحو الفصل بين الدعوي والسياسي أمرًا تونسيا فرضته طبيعة التدافع السياسي داخل ذلك البلد، وصار الزعم بأن الجماعة تقوم بمراجعات فكرية وأيديولوجية على مستواها العام أقوى من أن يواجه بالنفي المجرد.

واجهة دعوة الفصل بين “الدعوي والسياسي” رفضا واسعا في أوساط بعض القيادات في حين امسك البعض العصا من المنتصف وأيد آخرون ذلك للخروج من المأزق السياسي التي تعانيه الجماعة.

أما عطية عدلان مؤسس حزب الإصلاح السلفي والمتحالف مع الإخوان في انتخابات عام 2012 رفض الدعوة وقال لـ”محيط”: “الحقيقة الْمُرَّة التي أكدتها كل التجارب التاريخية مع الغرب، وهي أنّ التنازلات لا تستثير عطفه ولا تستحثّ عدالة، وإنما تستثير وتستحث شهوته المتسلط للتسلط أكثر، وبعد أن ينفض عنك عقيدتك ويجردك من ثوابتك وتقف أمامه عاريا يلتهمك ويمتص دمك، هذه هي – فيما أحسب – مسلمة تاريخية، فإن كنت مفندا لقولي متهما لعقلي فألتمس منك أن تقرأ سيرة وتاريخ من قامت دعوة الإخوان في الأصل لتحويل مسارهم، واغتذت على مدى الدهر بانتقادهم وشَنِّ الغَارَة تلو الغارة علي فكرهم وسلوكهم”.

وأضاف: “أمَّا أنّ الإسلام دين ودولة، وأنّه دعوة وسياسة، وأنّ جناحيه هذين لا ينفصل أحدهما عن الآخر؛ إلا إذا انفصل جناحا الطائر المحلق في علياء السماء؛ فهذه حقيقة أشمخ وأرسى من الشُّمِّ الرواسي، ولا يمكن أن تغيم وسط زحام المصالح القريبة، فإمّا أن نحافظ على ما قمنا عليه وما لا قيام لنا إلا به، وإمّا أن نسكت ثم نسكن، فكم في السكوت والسكون من نفع لخلق الله.

وفي ذات السياق تساءل عزام التميمي مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي بلندن والقيادي في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين عن خطو إقدام حزب النهضة التونسي إن كان ذلك فصل “السياسي عن الدعوي” أم “التبرؤ من الإخوان؟”.

وقال لـ”محيط”: “ما هو الذي يجري يا إخواننا في حركة النهضة؟ هل تراه تحديا للسلطة بعد العودة من المنافي؟ هل تراه همس الهامسين في آذان بعضكم في منتديات تعقد هناك وهناك أن غيروا قبل أن تتغيروا وبدلوا قبل أن تستبدلوا؟ هل هي صدمة “الانقلاب” على الإخوان في مصر؟ هل هو صراع من أجل البقاء، بأي ثمن وبأي شكل؟ وما قيمة البقاء إذا تخلى الإنسان عن أعز ما يملك؟!

وأضاف: “لاحظ بعض الضيوف غياب ممثلين عن الإخوان المسلمين في مصر، فإخوان مصر هم الوحيدين الذين غابوا، فيما حضر ممثلو الحركات الإسلامية من باقي أرجاء الوطن العربي والإسلامي ومن عدد من الدول الأوروبية”.

واستطرد حديثه لـ”محيط” سئلت عن تفسيري لذلك، فقلت محسنا الظن بإخواننا في قيادة النهضة لعل المنظمين لم يرغبوا في دعوة أحد من إخوان مصر بسبب الانقسام الظاهر بينهم. فلئن دعوت هذا الفريق عاتبك الفريق الآخر، ولربما لا يستحسن الجمع بين الفرقاء المتنازعين في مناسبة كهذه.

ثم لاحظ آخرون أن الشيخ راشد الغنوشي، زعيم الحركة، ذكر في كلمته بلدان العرب والمسلمين ونوه بقضاياه جميعا، إلا فلسطين، سئلت عن ذلك أيضا، فقلت لعلها سقطت سهوا، فأنا أعرف الشيخ وإخوانه وأعرف ماذا تعنيه فلسطين لهم، بل وشهدت قبل ذلك بدقائق انفعال جمهور النهضة وهتافاته بمجرد سماع كلمة فلسطين.

وأيد الدكتور جمال نصار المتحدث السابق للإخوان موقف حزب النهضة بقوله: “لذا أنصح كل الحركات الإسلامية، وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين في مصر، بالأخذ بهذا الاجتهاد الذي أقدمت عليه حركة النهضة التونسية، لأنها ضرورة دعوية، وفريضة وقتية”. لأن جوهر فهم الدين هو خدمة الناس وإسعادهم، وعدم الانعزال عن المجتمع، والوقوف عند التنظيم فقط، فالتنظيمات ليست هدفًا في حد ذاتها، لكنها وسيلة لخدمة الناس.

وسار على نفس النهج محي عيسى مؤسس الجماعة الإسلامية الإخوانية في السبعينات فقال: ” في وقت الأزمات والنكبات نحتاج إلى أفكار جديدة وحلول غير تقليدية، الإسلام السياسي يمر بمرحلة خطيرة ومن حق اتباعه أن يعيدوا التفكير ويطرحوا البديل.

وأوضح أن فصل “الحزبي عن الدعوي” لا يعني فصل الدين عن الدولة، فهذا كفر صريح لكنه وللمرة الأخيرة يعني فصل المؤسسات الدعوية عن العمل الحزبي والسياسي أيا كان الهدف، فان الذين يريدوننا جامدون لا نتحرك من أماكننا ولا نفكر بعقولنا، أولئك هم الخطر الحقيقي على هذا الدين الحنيف وهذه الدعوة المباركة.

بينما حاول الدكتور إبراهيم الزعفراني القيادي البارز في الإخوان أن لا يعطي أي من الطرفين بغيتهم وامسك العصا من المنتصف بقولة: “لا لفصل السياسة عن الدين.. ولا لفصل الدين عن السياسة نعم لشمولية الإسلام.. لا لشمولية التنظيم، نعم لفصل السياسي الحزبي عن العمل الجماعي التربوي الدعوي، نعم للتخصص في الأدوار.. لا للعمل في كله والإخفاق في كله.. نعم لاختيار القيادات لمجالات متخصصة يجيدونها.. “لا لبتوع كله” “أصحاب السبع صنايع والكل ضايع”.

وعلى صعيد متصل قال الشيخ أسامة حافظ رئيس مجلس شوري الجماعة الإسلامية إنه لا يستطيع أحد أن يفرض على الداعية عدم ممارسة العمل السياسي ولا العكس وإلا فإنه يحرمه من حق أساسي من حقوقه كمواطن.. وليس في دساتير الغرب بشتى أيديولوجياتها شيئا بهذا المعني.. وقد كان الأسقف مكاريوس رئيسا لقبرص والقس هيلاسلاسي رئيسا لأثيوبيا والحاخامات في إسرائيل أحزابهم هي التي تخوض الانتخابات وتدخل البرلمان وغيرهم.

وأضاف لـ”محيط”: ولازالت الأحزاب المسيحية هي جزء من السياسة الغربية وأعلامهم أكثرها يحتل الصليب صدارتها ودستور انجلترا ينص على أن الملكة تترأس الكنيسة البروتستانتية الانجليزية وبمثل ذلك في الدساتير الغربية ولكن قد يكون مفهوما فصل المؤسسات الدينية الرسمية المشاركة بكياناتها في إدارة البلاد وتقديم رجال الدين كرجال دين في قيادة المؤسسات السياسية هذه الدعوة هي محاولة لتجريد الإسلاميين من مصدر قوتهم ومساندة المجتمع المسلم لهم.

لم تسكت القاعدة هي الأخرى ودخلت على الخط معايرة الإخوان بتاريخها الكبير في الفصل بين الديني والسياسي، فقال أبو بصير الطرطوسي منظر القاعدة إن فصل الدعوة عن السياسة ــ كما فعل حزب النهضة الغنوشي في تونس ــ هو المعنى الحاد والمتطرف لشعار العلمانية القائل: “بفصل الدين عن السياسة والدولة”.. فاستحوا أن يقولوا بفصل الدين عن السياسة .. فقالوا: بفصل الدعوة عن السياسة، والعمل السياسي.. ولا فرق بينهما! وهذا كله مع إصرارهم على أن يصفوا حزبهم ــ زوراً! ــ بأنه ذات مرجعية إسلامية.. ولا ندري ماذا أبقوا لحزبهم من هذه المرجعية الإسلامية، بحسب قوله.

هناك انقسام حاد بين مجموعة محمد منتصر الذي يدير معركة الشارع ومحمد كمال الذي يدير المعركة الفكرية وبين مجموعات الأجيال القديمة من الجماعة من أمثال محمود عزت وإبراهيم منير ويوسف ندى، ونتج عنها بعض قرارات الفصل لأعضاء كبار من الإخوان المسلمين على رأسهم عمرو دراج ويحيى حامد وهذا يعني أن الانقسام انتقل من الجدال الداخلي إلى الحسم الخارجي.

وهذا ظاهر جدا في تبني موقف الحسم لخيار العنف في الفقرة السادسة “من وثيقة علي بصيرة التي تنص على ٦- البدء فوراً ومن اليوم الأول بوضع إستراتيجية ورؤية واضحة للسير في ملفات الثورة والدعوة وإعلان محاورها للصف ومناقشتها في المستويات التنظيمية المناسبة بحيث تبنى على ما بذل من جهود في إعداد تلك الرؤية من اللجنة العليا الحالية خلال الشهور الماضية ويتم إنجازها خلال شهرين على الأكثر من انتخاب القيادة التنفيذية الجديدة”.

وهذا يعني أن جماعة الإخوان لن تعود كما كانت قبل الثلاثين من يونيو أو مناقشات تداعيتها.

والمفصولون الذين وقعوا بيانا أطلقوا عليه “على بصيرة” ، لن يقروا لمن فصلوهم بأحقيتهم في الفصل، وهم ماضون إلى انتخابات تجري التعبئة لها على قدم وساق من قبل مؤيديهم في الخارج وداخل المحافظات ومن قاموا بالفصل سيعتبرون أنفسهم هم الأصل وهم أهل الحق.

ويستنتج خبراء متخصصين بهذا الشأن من تجربة الجماعة في أواخر الستينيات من القرن الماضي، عندما انقسم القطبيون ونتج عنهم الجهاد وشعبه المختلفة، وقاسوا حال تنظيم الإخوان اليوم مع حالة موت البنا، لكنه يفتقد قيادة كالهضيبي، بحسب قولهم.

ويعتبرون أن عجز الإخوان في مصر عن تطوير مسارهم الفكري جعلهم يركزون على الجوانب التنظيمية والخلاف حولها، وهو ما قاد الجماعة إلى التشظي و الانفصال.

ويختتم الخبراء أن وصل حال التنظيم إلى تصلب بنيته، فحالت دون قدرتها على استيعاب المتغيرات الجديدة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل