المحتوى الرئيسى

داعش قربهما.. طهران وطالبان تقيمان منطقة عازلة لوقف زحف التنظيم المتشدد

05/27 18:12

بعد منافسة شرسة دامت لعقود بين طهران وطالبان، يدفع صعود تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الخصمين العتيدين، للاتفاق كما لم يحدث من قبل.

تعمل إيران مع طالبان لإقامة منطقة عازلة على حدودها الأفغانية؛ لمواجهة زحف "داعش"، في أحدث آثار ظهور المجموعة الإرهابية المتمركزة في سوريا، وكيف حولت خصمين عتيدين إلى حلفاء متشككين.

يمثل إصرار طهران غير المسبوق على تأمين حدودها مع أفغانستان الممتدة لـ572 ميلاً، تحولاً ملحوظاً للقوة الشيعية، التي تعاملت مع طالبان (الجماعة السنية المتشددة) باعتبارها تهديداً مباشراً لوقت طويل، كما قدمت طهران بعض الأسلحة وأشكال أخرى من الدعم لقوات التحالف الشمالي إبان حربها مع طالبان في السنوات التي سبقت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2001 بحسب تقرير لصحيفة "فورين بوليسي" الأميركية.

أما الآن فتعتقد إيران أن التهديد المتمثل في طالبان أقل من التهديد الذي يمثله داعش الذي يتوسع في أفغانستان، ويبلغ عدد مقاتليه حوالي 3000 مقاتل حسب ما يظن المسؤولون الأميركيون.

وبدلاً من أن يفي الرئيس باراك أوباما بالوعد الذي قطعه بإنهاء الحرب الأطول في تاريخ أميركا قبل انتهاء ولايته، فقد أعطى البنتاغون الضوء الأخضر لتكثيف الحملة الجوية ضد مقاتلي "داعش" في أفغانستان، حيث شنت الطائرات الحربية الأميريكية حوالي 100 غارة جوية في الفترة ما بين بداية يناير وأواخر مارس، معظمها في محافظة نانغارهار الشرقية، معقل التنظيم المتشدد.

تذهب طهران أيضاً إلى أبعد من ذلك عبر تجنيدها لعناصر من طالبان لإبطاء توسع "داعش" في أفغانستان، ومنع عناصر الحركة ذوي الأيدلوجية العنيفة ضد الشيعة من دخول إيران.

كما قال السفير فرانز مايكل ملبين، مبعوث الاتحاد الأوروبي الخاص لأفغانستان، في مقابلة أجريت معه مؤخراً "يحاول الإيرانيون بالفعل حماية حدودهم مع أفغانستان من اختراق داعش، عن طريق التعاون مع الجماعات المختلفة مثل أمراء الحرب وطالبان، لإنشاء منطقة عازلة على حدودهم" واستطرد قائلاً "إنهم يعملون على ذلك بالفعل".

وأرجع ملبين استعداد إيران لتنحية عداوتها التاريخية مع طالبان، بنسبة ما، إلى تصاعد المنافسة مع السعودية.

كما أضاف السفير الذي يلتقي العديد من المسؤولين الإيرانيين بشكل دوري، أن طهران تعتقد أن الدولة الإسلامية تعمل كذراع فعالة للسعودية.

"ستفسر إيران أي تحرك من قبل "داعش" كواجهة لسلوك عدواني من قبل السعودية" وأضاف "إذا برزت الدولة الإسلامية على حدودهم الشرقية، فسيشعر الإيرانيون أن السعودية تخلق جبهة ثانية".

أما المنطقة العازلة فستشمل مساحة ممتدة من التضاريس، وبحسب أحد الأشخاص المطلعين على الأمر، فستمتد من ولاية هلمند جنوب أفغانستان إلى مقاطعة كوندوز شمال البلاد، وتسيطر طالبان على أجزاء كبيرة من المحافظتين.

ورفض أحد مسؤولي المخابرات الأميركية التعليق على طبيعة التعاون الإيراني مع طالبان، لكنه قال "بالنظر لجهود إيران ضد داعش في سوريا والعراق، فليس من المستغرب أن تقلق إيران من ثأر مقاتلي التنظيم، بما فيهم فرع خراسان" (خراسان هو الاسم الذي تستخدمه الدولة الإسلامية لمقاتليها في أفغانستان).

كما أشار مسؤولان غربيان، لم يكشفا عن هويتهما، إلى تقديم طهران المال وبعض الأسلحة غير المتطورة مثل الرشاشات والذخيرة والقذائف الصاروخية إلى قوات طالبان على حدودها، وأضاف المسؤول "لن يغير هذا من سير اللعبة، لكنه ليس أمراً هيناً".

وتشاطر واشنطن طهران حرصها على محاربة مقاتلي داعش في أفغانستان، لكن تنتابها بعض المخاوف بشأن استخدام طالبان للمال والسلاح الذي تقدمه طهران لمحاربة القوات الأميركية يوماً ما.

كما صرح جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، أن الولايات المتحدة تريد "من إيران العمل مع الحكومة الأفغانية بشكل مباشر وبنّاء، كما يدعم المجتمع الدولي استقرار وسيادة أفغانستان وسلامة أراضيها".

وأضاف كيربي "ليس على أي حكومة توفير الدعم المادي لطالبان".

ويُعتبر التعاون المتزايد بين طالبان وطهران هو أغرب التحالفات التي نشأت عن صعود "داعش". ففي سوريا، تحالفت أميركا بشكل فعّال مع الرئيس السوري بشار الأسد لمواجهة داعش، فبينما حاربتهم قوات الأسد على الأرض، شنت الطائرات الجوية الأميركية العديد من الغارات التي استهدفت داعش.

وهو ما حدث في العراق أيضاً، حيث أخذت طائرات أميركا زمام المبادرة في الحرب الجوية ضد داعش، في الوقت الذي عملت فيه القوات الإيرانية شبه العسكرية المدعومة من قبل الميليشيات الشيعية المسلحة بواسطة إيران مباشرة، على إبطاء زحف داعش ووقف مكاسبها الإقليمية والبدء في طردهم من المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.

كما أعلنت ليزا موناكو، كبيرة مسؤولي البيت الأبيض لمكافحة الإرهاب، في مؤتمر العمليات الخاصة الذي عُقد في تامبا هذا الأسبوع، فقدان داعش

لـ45% من أراضيه في العراق و20% في سوريا، وقالت إن القوات الأميركية والأوروبية وقوات العمليات الخاصة العربية، يستعدون لشن هجوم جديد على الرقة، عاصمة داعش الفعلية في سوريا.

أما أفغانستان فتشكل تحدياً مختلفاً، حيث تمتد حدودها مع إيران لمسافة طويلة ومليئة بالثغرات، مما يوفر نظرياً العديد من الطرق لدخول مقاتلي التنظيم المتشدد إلى الدولة الشيعية وقيامهم بشن هجمات جديدة.

وهو ما عبر التنظيم عن رغبته في القيام به بالفعل، ففي نهاية 2014 أعلن أبو محمد العدناني، المتحدث باسم التنظيم استعداد مقاتليه "لتحويل إيران لبرك من الدماء"، كما وصف إيران، التي تحارب التنظيم في بلدين، بأنها ألد أعداء "الدولة الإسلامية".

ولحسن حظ طهران، فلديها شريك مستعد لمواجهة "داعش" وهو حركة طالبان، فقد تقاتلت الجماعتان المتطرفتان منذ أكثر من عام، حيث كرست طالبان 1000 من قواتها الخاصة للقتال، وبحسب تقرير "بي بي سي" في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فقد اشتبك الجانبان في شرق أفغانستان، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى من الجانبين.

كما تشير التقارير إلى مقتل 10 على الأقل من مقاتلي طالبان على يد "داعش"، والتي يُعتقد أيضاً قيامها باغتيال حاكم طالبان الخفي لمحافظة نانغارهار.

على الرغم من ذلك، ما تزال الشراكة الإيرانية مع طالبان في قتال "داعش" تمثل تغييراً إيرانياً مفاجئاً، ففي 1998 اقتربت طهران من الحرب الشاملة ضد أفغانستان بعد مقتل 8 دبلوماسيين إيرانيين على يد مقاتلي طالبان في مدينة مزار شريف بشمال أفغانستان، وهي أحد مزارات الشيعة.

تغير ذلك بعد هجمات 11\9. كانت إيران قد قدمت دعماً عسكرياً ومالياً لقوات التحالف الشمالي، الخصم الأكبر لطالبان. أما في 2001 فقد عمل الدبوماسيون الإيرانيون عن قرب مع الولايات المتحدة أثناء مؤتمر بون، لإنشاء أول حكومة أفغانية بعد طالبان، حيث وفرت طهران العديد من الخرائط والبيانات الأخرى لواشنطن بشأن مواقع طالبان وشبكات الإمداد، بعد اجتياح الولايات المتحدة لأفغانستان في نهاية 2001.

وقال بارنيت روبن، أحد الدبلوماسيين الأميركيين رفيعي المستوى، وصاحب العديد من سنوات الخبرة في أفغانستان، إن وجهات النظر الاستراتيجة لإيران بشأن استخدامها لطالبان بدأت في التغير في 2007، بعدما وقعت الولايات المتحدة شراكة مع كابول تسمح ببقاء القوات الأميركية في البلاد.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل