المحتوى الرئيسى

مفاهيم الإلحاد | المصري اليوم

05/24 23:46

ختاماً لما ورد فى المقالتين السابقتين من فوضى الدلالات المتعلقة بالعبارة المبهمة التى لا تكاد تدل على شىء محدد، ومع ذلك صارت قانوناً: إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة.. وامتداداً لما نسعى إليه من إعادة بناء المفاهيم الأساسية والتصورات العامة التى تتحكم فى عقل المجتمع، ومن ثم فى سلوك أفراده، نتوقف اليوم عند التهمة الجاهزة للانطباق على كل منكر لما هو معلوم من الدين بالضرورة!، وهى تهمة خطيرة عوقب بها سابقاً كثيرون، ويعاقب بها اليوم كل الذين يتجرأون على التفكير، أعنى تهمة: الإلحاد.

ويرتبط مفهوم «الإلحاد» بمفاهيم أخرى ممتزجة به فى الأذهان، ولهذا يبدو كأنه عدة مفاهيم وليس مفهوماً واحداً، ومن هنا، وجب أولاً أن نحدد بدقة هذه المشتركات الدلالية، لتوضيح كل ما يختلط فى أذهاننا ويمتزج من هذه المفردات: إلحاد، كفر، شِـرك، زندقة، هرطقة، ردة، وثنية، بدعة.. لأن تحديد دلالة هذه المعانى والمفردات هو الخطوة الأولى لإعادة بنائها فى العقل الجمعى على فهم ونحو رشيد، بدلاً من هذا الخلط والاختلاط الشديد فيما بينها.. وفى ذلك نقول وبالله التوفيق:

الإلحاد من حيث معناه اللغوى العام مشتق من اللحد «بتسكين الحاء» وهو القبر، أو بتحديد أدق: اللحد هو الفتحة الجانبية التى يُدخلون منها الميت لدفنه، والضريح هو الجزء الأعلى من القبر.. لكن هذه الكلمات الثلاث جرت عادة الناس على استعمال الواحدة منها محل الأخرى دون تخصيص لمعانيها، فيقولون «قبر، ضريح، لحد» كما لو كانت كلها بمعنى واحد، أو أن كل كلمة من الثلاثة تنوب عن الأخرى.

واصطلاحاً، الإلحاد صفة لكل من حاد وانحرف عن دين الله، فيقال عنه إنه «ألحد» بمعنى أنه مال جانباً أو حاد عن الصواب أو انحرف عن الطريق القويم، وقد ورد هذا المعنى الاصطلاحى فى آيات القرآن: «لسان الذى يلحدون إليه أعجمى» (سورة النحل، آية 103)، «ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم» (سورة الحج، آية 25).

واستناداً إلى هذه الدلالة الاصطلاحية لكلمة «إلحاد» قرر كثيرون من أهل اللغة وأصحاب المعاجم أن الإلحاد هو الكفر والشرك بالله، دون تفرقة دقيقة بين الملحد والكافر، وبين الملحد والمشرك.. فصار الذى يشرك بالله ملحداً، والذى يكفر بالله ملحداً، ثم توسع المعاصرون فى معنى الكلمة، فصار الذى يشك فى أمر دينى أو ينكره ملحداً، والذى يستخف بما هو مقدس ملحداً، والذى يعارض الرأى الدينى المشهور ملحداً، وقد أدى هذا التوسع فى استعمال الكلمة بمعان متعددة، ومختلفة، إلى نوع من الإبهام التام لها، خصوصاً أن معانيها الاصطلاحية ابتعدت عن المعنى اللغوى الأصلى (فتحة القبر الجانبية) ولم تعد مرتبطة به، ولكن ذلك الإبهام وغموض المعنى لم يمنع أهل زماننا المأزوم من اعتبار الإلحاد تهمة، قد تودى بحياة صاحبها، دون الاكتراث بالتحديد الدقيق لمعناها.

ويقترب مما سبق مفهوم «الكفر» ودلالته، فهو من حيث اللغة يعنى الإخفاء والستر، ولذلك يسمى المزارعون كفاراً!، لأنهم يكفرون البذور فى الأرض ويغطونها بالتراب انتظاراً لوصول الماء إليها فتنبت. وقد وردت الكلمة بهذا المعنى فى القرآن الكريم، حيث قال: «كمثل غيث أعجب الكفار نباته» (سورة الحديد، آية 20).. أما من الناحية الاصطلاحية، فالكفر بضم الكاف هو إنكار الوجود الإلهى، أو هو الشك فى قدرة الله، أو هو عدم التصديق بما يؤمن به آخرون، أو هو الانفراد بمعتقد خاص يختلف عن الاعتقاد العام السائد بين الناس.. ونظراً لهذا الترهل الدلالى لكلمة «الكفر» فقد سنحت الفرصة أمام أصحاب الأهواء، فجعلوها تهمة يواجهون بها المعارضين لهم أو المعترضين عليهم أو المختلفين معهم، مهما كانت مكانتهم، ومن هنا، اتهم العوام من الناس والغوغائيون والجهال كبار أئمة الإسلام بالكفر!، بمن فيهم الأجلاء من أمثال: ابن عربى (الشيخ الأكبر)، ابن تيمية (شيخ الإسلام)، البخارى (صاحب: صحيح الحديث)، مسلم (صاحب: صحيح الحديث).. وكذلك كل آباء العقيدة وأصول الدين وعلم الكلام، الذين قُتلوا بسبب اتهامهم بالكفر والإلحاد: غيلان الدمشقى، الجعد بن درهم، الجهم بن صفوان، معبد الجهنى، وقد تناولت هذه المسألة بالتفصيل فى كتابين أصدرتهما فى السنوات الأخيرة، هما «اللاهوت العربى - متاهات الوهم»، فمن أراد معرفة المزيد عن هؤلاء الأجلاء الذين ذهبوا ضحية الاتهام بالكفر والإلحاد فلينظر ذلك هناك. أما هنا، فتكفى الإشارة إلى المصائر المريعة التى لقيها الذين لاحقتهم تهم الكفر والإلحاد، لم تؤد إلى محاولة تحديد دقيق للمراد من هاتين الكلمتين: إلحاد، كفر! وترك المعنى واسعاً فضفاضاً مترهلاً، كى يستطيع كل زاعق وناطق ومأزوم ومتخلف عقلياً أن يتهم من يشاء بالكفر والإلحاد.. والأعجب من ذلك، أننا لا ندرى بالضبط ما كان يقوله أولئك الذين تم اتهامهم بالكفر أو الإلحاد، ولم نعرف معظمهم إلا من خلال الذين ردوا عليهم فيما اعتبروه كفراً وإلحاداً!، فنحن نعرف الخياط المعتزلى وكتابه: الانتصار فى الرد على ابن الراوندى الملحد. ولا نعرف حقيقة ما قاله ابن الراوندى، ولم نحفظ كتاباً واحداً من كتبه التى فُقدت جميعاً، وكذلك الحال مع «أبى العباس الإيرانشهرى» الذى انطمست سيرته وضاعت كتبه، مع أن البيرونى قال عنه بالنص: الإيرانشهرى هو أفضل من كتب عن الديانات والعقائد القديمة، لأنه لم يكن مؤمناً بأى دين، وإنما انفرد بمعتقد خاص به.

وقبل أن نواصل التناول لبقية المفاهيم المرتبطة بالإلحاد والكفر، نشير إلى نقطتين: إن عدم تحديد «ما هو معلوم من الدين بالضرورة»، هو الذى أدى إلى عدم تحديد المعنى الدقيق للإلحاد والكفر، وقد أدى هذا وذاك إلى استعمال الدين سياسياً، وصار بيد الذين يعلنون «التدين» سيفاً يلاحقون به معارضيهم، كأن القيامة قد قامت وجاء أوان الحساب الأخروى، وكأنهم هم «الله» الذى يحاسب العباد! والنقطة الأخرى، أن تاريخنا زاخر، مثل زماننا المعاصر، بهؤلاء الذين نصبوا أنفسهم مدافعين عن «الله» على اعتبار أنهم المؤمنون، وبالأحرى: المؤمنين (منصوبة للتخصيص) مع أن الله تعالى يقول إنه «يدافع عن الذين آمنوا» ولم يقل قط إن الذين آمنوا هم الذين يدافعون عنه! ولا يفوتنا هنا، أن هؤلاء المتربصين بالناس من قضاة الإيمان المزعوم، لم يسهموا يوماً فى الماضى أو الحاضر بأية إسهامات حضارية ترفع من شأن الدين أو الدنيا.. فى حين أن الذين أضافوا إلى التراث الإنسانى العام، علماً وإبداعاً وفناً وفكراً، هم أمثال: ابن سينا، الفارابى، الرازى، الحلاج، ابن عربى، الطوسى... الذين طالما اتهموا بالإلحاد والكفر!، وها نحن إلى اليوم نذكر أنهم تم اتهامهم بذلك، ونسينا الذين اتهموهم به، فتأملوا.

ويلحق بالإلحاد والكفر مفهوم آخر أو تهمة أخرى مشهورة، هى: الردة.. ومعروف أن هذا الاتهام الخطير طالما لاحق المبدعين من القدماء والمعاصرين، وقامت عليه عقوبات أصلية كالقتل وعقوبات فرعية كالتطليق (ولهذا حكمت المحاكم المصرية بتطليق زوجة د. نصر حامد أبوزيد، باعتباره مرتداً عن الدين! لأنه اجتهد برأيه فى طبيعة النص القرآنى).

وأرى من جانبى، وقد أكون مخطئاً، أن مفهوم «الردة» لا ينطبق إطلاقاً إلا زمن انتشار الإسلام الأول، أما بعد ذلك فلا معنى له، لأن الردة والارتداد، سواء من ناحية اللغة أو ناحية المصطلح، لا يكونان إلا بعد التقدم، فالذى يرتد عن شىء لابد أولاً أن يتقدم إليه ثم بعد ذلك يرتد! ومعظم المسلمين من بعد عصر النبوة والصحابة يولدون فى أسرة مسلمة فيكونون بالوراثة مسلمين، فهم لم يختاروا الدخول فى الدين حتى يصح وصفهم بأنهم ارتدوا عنه.. كما أن «الردة» فى زمن الإسلام الأول لم تكن مفهوماً دينياً أو تهمة جاهزة للانطباق على كل مسكين لا يرضى عنه كهنة الدين، وإنما كانت مفهوماً اجتماعياً واقتصادياً! وحروب الردة التى خاضها الخليفة الأول أبوبكر الصديق لم تكن حرباً عقائدية بل اقتصادية، وقد عبر عنها بعبارته الشهيرة الدالة على المراد من مفهوم الردة: والله لو منعونى عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لحاربتهم عليه!، فالردة هنا، وهى الحالة الوحيدة التى ينطبق عليها معنى الردة تاريخياً، كانت بسبب توقف بعض القبائل التى تقدمت للإسلام فى عهد النبى عن دفع مال الزكاة لخليفة النبى، فالأمر لا علاقة له باعتقادهم، ولا علاقة له بزمن غير زمانهم، والذى يلجأ اليوم لمثل هذا المفهوم وهذه التهمة كى ينال من غيره هو إما جاهل أو خبيث يتجاهل الحقيقة ويحتال على الناس ويبتذل الدين من أجل الدنيا.

كما أرى من جانبى، وقد أكون مخطئاً، أن مفهوم «الردة» ليس أصلاً من المفاهيم الإسلامية، وإنما هو مفهوم تشريعى مسيحى لم تأت به الديانة المسيحية واخترعه الأساقفة بعد انتهاء عصر الاضطهاد وإعلان المسيحية ديانة رسمية للإمبراطورية الرومانية فى المرحلة البيزنطية المتأخرة، فعندما أراد الذين كانوا قد ارتدوا عن الديانة بسبب اضطهاد الأباطرة أن يعودوا إلى الديانة بسبب اضطهاد المتعصبين دينياً من المسيحيين، ظهرت هذه المشكلة التى سميت فى القرن الرابع الميلادى بمشكلة العائدين أو المرتدين، وبعد مناقشات كنسية طويلة وآراء متضاربة، انتهى الأمر بالسماح للمرتدين بالعودة إلى «حظيرة» الدين، بعد استغلالهم دنيوياً حتى يتأكد الرؤساء الكنسيون (المؤمنون) من صحة إيمانهم المشكوك فيه، فيعطونهم صك الأمان والخلاص من الاضطهاد إذا رضوا عنهم، بعدما يقضون فترة اختبار قاسية، عقاباً على ضعفهم السابق أمام اضطهاد الوثنيين. ومن اضطهاد إلى اضطهاد مضاد، عانى هؤلاء العائدون (المرتدون) وذريتهم من سيف التدين المتسلط على رقاب الناس فى كل عصر، وكلما كان العصر أكثر ظلاماً وظلمانية وظلماً، كان هذا السيف أشد فتكاً.. باسم الرب!.

ويلحق بما سبق مفهوم «البدعة» الذى يستل بعض الفقهاء سيفهم مستدلين على وجوب تطبيق العقوبات الدنيوية لدواع دينية، اعتماداً على حديث نبوى يقول: كل مستحدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار.. وبصرف النظر عن صحة هذا الحديث من حيث السند والدلالة (الرواية والدراية) فإن نصه لا يحدد المقصود المستحدث، هل هو كل حديث أو جديد فى الدين والدنيا، أم المراد به فقط مجال الدين، وكيف يُذم تحديث الدين، ويمدح تجديد الدين! فإن كان المقصود هو تغيير أى أمر يتعلق بالعبادات وما يرتبط بها، فلماذا نرفض مقتل الخليفة عثمان الذى اتهمه قاتلوه بأنه أحدث فى الدين، حين أمر بتغيير صيغة أذان الصلاة!.

ومع أن الحديث (حتى إن صح سنده ومعناه) يجعل الإبداع ضلالاً، والضلال مصيره النار، والنار فى الآخرة.. إلا أن عموم اللاعبين بالدين فى ملعب الدنيا لا يعتبرون الأمر أخروياً يتعلق بحساب يوم القيامة، ويقومون هم بحسب ما يرونه مناسباً من وجهة نظرهم بتقرير ما هو مستحدث ومبتدع وضال، ثم يلقون بصاحبه فى نيرانهم الدنيوية بتطبيق عقوبات القتل والسجن والاستهجان، دون انتظار للآخرة التى فيها النار والجنة، والعقاب والثواب، والحرق وحور العين.. عجيب أمرهم!.

أما مفهوم «الوثنية» فهو لا يرتبط مباشرة بالمفاهيم الفضفاضة السابقة (الإلحاد، الكفر، الردة)، وإنما يتصل بها بشكل غير مباشر نظراً لصلته بمفهوم: الشرك بالله.. فإذا كانت الوثنية (عبادة الأصنام والأوثان) نوعاً من الإشراك فى الألوهية، فهى بالتالى نوع من الكفر بوحدانية الله الذى لا شريك له، ومن ثم فهى إلحاد وميل عن الصراط المستقيم والدين القويم.. لكن فى ذلك كله مغالطة، وتحويراً، كما سنوضح فيما يلى:

أرى من جانبى، وقد أكون مخطئاً، أن ربط «الوثنية» بالشرك وعبادة الأصنام والكفر بوحدانية الله هو مما يحتاج إلى إعادة نظر.. فالوثنية مرحلة تاريخية من مراحل تطور الاعتقاد الدينى، فالبدائيون لم يكن بإمكانهم تصور الإله مجرداً، فجعلوا له شكلاً مادياً على هيئة مجسمة مثلما هو الحال فى أصنام «هبل، زيوس، عشتار» وهى تماثيل شبه بشرية، أو على هيئة مجردة مثل الحجر الأبيض المعكب الذى هو وثن اللات. واللغويون القدامى والمحدثون يخلطون بين الأصنام والأوثان، فبعضهم يرى أن الوثن هو ما كان مجرداً وليس له هيئة المخلوقات، والصنم هو المجسد، وبعضهم يرى العكس هو الصحيح، لكن الأمر يتعدى هذا الخلاف اللفظى إلى حقيقة معتقد الوثنى الذى يعكف على التماثيل أو الأصنام والأوثان، أياً كانت، فهذا الشخص القديم (التاريخى) لم يكن يؤمن بأن الله هو ذلك الوثن أو هذا الصنم، وإنما هو يقدس هذه الأحجار المنحوتة لأنها رمز للإله، وقد نقل لنا القرآن الكريم قولهم: «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» (سورة الزمر، آية 3).

فالوثنيون لم ينكروا وجود الله، وبالتالى فهم ليسوا كفاراً! ولم يعتقدوا أن هذا الحجر الذى يقدسونه هو الله، وبالتالى فهم ليسوا ملحدين!، ولم يجعلوا هذه الأصنام والأوثان الكثيرة معادلاً تاماً لله بل هى ترمز إليه وبالتالى فهم ليسوا مشركين!.. والوثنيون الذين عاشوا آلاف السنين، قديماً، لم يعرف عنهم أنهم حاربوا بعضهم بعضاً بدعوى نصرة التماثيل مثلما فعل كثير من المسلمين والمسيحيين بدعوى نصرة الدين: سنة وشيعة وخوارج وقرامطة ووهابيين ودواعش، أرثوذكس وكاثوليك وبروتستانت، هؤلاء تقاتلوا فيما بينهم باسم صحيح الدين، وفعلوا شنائع فى بعضهم البعض داخل الدين الواحد الذى يتهمون الذى يخالفهم فى فهمهم له بالإلحاد والكفر والشرك.. وهو أمر لم يفعل مثله الوثنيون الذين قدسوا التماثيل والأصنام والأوثان باعتبارها رمزاً لإله يتجلى فيما لا حصر له من الصور والأشكال، ولا يجوز حصره فى مفهوم معين أو إطار محدد. المهم، أنه بعد انتهاء الأزمنة الوثنية وبصرف النظر عن صحة تصورات الوثنيين وحقيقة اعتقاداتهم البائدة، يأتى اليوم متخلفون عقلياً كالدواعش فيهدمون آثار العراق لأنها أصنام أوثان، ويتمنون السيطرة على مصر كى يقوموا بتدمير الآثار المصرية على زعم أنها وثنية وقد يعود الناس لعبادتها! وهم يفعلون ذلك باسم الإسلام. باسم الرب.

أما «الهرطقة» فهى مفهوم مسيحى وتهمة طالما استعملتها الكنائس القديمة ضد معارضيها، والكلمة أساسها يونانى وتنطق «هيرسى» وكان معناها الحزب أو الجماعة السياسية، ثم تطورت دلالتها فصارت تقع على كل منكر لمعتقد هذه الكنيسة أو تلك، فصار الهرطوقى عند أولئك مقدساً عند هؤلاء، والعكس، فإخواننا الأرثوذكس المصريون يرون «نسطور» هرطوقياً، ويراه أتباع الكنيسة الآشورية قديساً! والهرطوقى الأعظم عند الكنائس الشرقية «آريوس» يراه المسلمون من الأولياء الذين بشروا بالإسلام، ومن المؤرخين المسلمين من يسميه: عبدالله بن آريس!.

وأخيراً، فإن مفهوم «الزندقة» من المفاهيم الإسلامية المبكرة، التى تحمل اتهاماً بأن صاحبه (الزنديق) هو مجوسى يعبد النور والظلام على حسب الديانة الزرادشتية، ويقدس «الزندفستا» التى هى النص الثانى فى الزرادشتية بعد كتابهم: الأفستا (الأبستاق).. وقد وصل ابتذال بعض جهال المسلمين القدماء إلى درجة بائسة جعلتهم يتهمون المشتغلين بالمنطق (الذى هو أساس التفكير وآلة المعرفة العلمية( بأنهم زنادقة! فكانوا يقولون: من تمنطق فقد تزندق.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل