المحتوى الرئيسى

كيماوي «داعش» يهدد قلب تركيا

05/23 18:07

أكد محلل الشؤون الدفاعية في مركز الأبحاث "إيدام" الذي مقره اسطنبول «كان كاسابوغلو»، أن تركيا تواجه تحديًا كبيرًا في مواجهة تنظيم «داعش» خاصة بعد امتلاكه صواريخ قادرة على حمل رؤوس كيميايئة قادرة على إحداث حرب شرسة تؤدي إلى خسائر فادحة في تركيا.

وقال المحلل في دراسة نشرها معهد واشنطنأن صواريخ كاتيوشا التي يمتلكها التنظيم الإرهابي قادرة على حمل مجموعة متنوعة من الرؤوس الحربية مثل الأجهزة المتشظية الشديدة الانفجار وقنابل الدخان والقنابل العنقودية، وحتى الألغام المضادة للدبابات. وبشكل عام، يبلغ مداها العملياتي حوالي 20 كم.

وقد حصل تنظيم «داعش» على غالبية ترسانته من صواريخ الكاتيوشا من خلال استيلائه على هذه الأنظمة من القوات الحكومية في سوريا والعراق، على الرغم من أنه يمتلك أيضاً خط تعديل وإنتاج مزدهر خاص به.

وأضاف «كاسبوغلو» أنه على الرغم من أن تهديد الصواريخ التقليدية يتسبب بالفعل بمشاكل ضخمة، إلا أن أنقرة لم تواجه بعد أسوأ السيناريوهات. أولاً، لا ينبغي التقليل من خطر استخدام داعش للصواريخ التي تحمل رؤوس كيميائية. إذ تم تصميم بعض تشكيلات الرؤوس الحربية لصاروخ "بي إم-21 غراد" خصيصاً لتوفير غازي الأعصاب "في إكس" و"السارين" (حوالي 3 كلغم في كل رأس حربي من عيار 122 ملم)، وكذلك سيانيد الهيدروجين.

كما وأنّه من المسلّم به إلى حد كبير أن اتفاق نزع الأسلحة الكيميائية ما بين واشنطن ودمشق لم يحقق هدفه، إذ إن جزءاً من الترسانة الكيميائية لنظام الأسد لا يزال سليماً، وقد سبق ان أثبت داعش أنه يطرح تهديداً ملموساً بالأسلحة الكيميائية من خلال استيلائه على مخزون الكلور في سوريا وغاز الخردل في العراق

وتابع": ويقيناً، أن وجود نماذج من صواريخ "بي إم-21 غراد" التي تحمل أسلحة كيميائية في ترسانة التنظيم لا يزال أمراً غير مؤكد، وأن أي استعمال فعلي لهذه الأسلحة ضد تركيا سيؤدي إلى انتقام هائل، وربما حتى من "حلف شمال الأطلسي" ("الناتو"). ولكن، نظراً إلى العقلية المروّعة والمعروفة لـ داعش وإلى المعرفة بوجود مثل هذه الأسلحة وسط مناطق الحرب التي لا تنفك تشهد تبدلات مستمرة، لا ينبغي التقليل من الخطر المطروح.

ثانياً، إذا كان تنظيم «داعش» قادراً بطريقة أو بأخرى على الاستيلاء على الرؤوس الحربية الحرارية (القنابل الفراغية) في سوريا، فإن عدد الضحايا في تركيا يمكن أن يزداد إلى حد كبير. فالقنابل الفراغية تعمل بطريقة مختلفة جداً عن الرؤوس الحربية التقليدية الشديدة الانفجار. وهذه الأسلحة الوقودية - الهوائية تسبب أضراراً قاتلة من خلال سحب الأوكسجين من المنطقة المستهدفة، مما تُحدث حرق قوي وضغط زائد مكثف.

وعلى الرغم من أن المنظومة تضم مجموعة ذات مدى أقصر من مدى "بي إم-21"، إلا أن آثارها المدمرة في المناطق التركية المأهولة يمكن أن تكون كارثيةً.

أوضح الكاتب في دراسته أنه من وجهة نظر عسكرية، تحتاج تركيا إلى مزيج جيد من القدرات الهجومية والدفاعية لمواجهة إطلاق الصواريخ من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» وردعه من القيام بذلك. ومن ناحية العقيدة، تندرج هذه الجهود تحت عنوان عمليات "مكافحة القذائف الصاروخية والقذائف المدفعية والهاون"، بالمقارنة مع الدفاع بالصواريخ الباليستية، وهو أمر لطالما أساء الكثيرون في المجتمع المعني بالاستراتيجيات التركية فهمه.

وتابع": حماية القوات العسكرية والسكان المدنيين من القذائف قصيرة المدى يتطلب رد فعل ممتاز في الوقت المحدد فضلاً عن قدرات قوية في الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع. ولا بد من الإشارة إلى أن الجيوش الحديثة تستخدم وسائل مختلفة لاعتراض هذه الأسلحة، من بينها بندقية "جاتلينج" سريعة الإطلاق ومدافع مسدس (مثل منظومة الأسلحة "فالانكس" قصيرة المدى، وهي تعديل للبديل البحري الذي يحتاج إليه الجيش الأمريكي) فضلاً عن منظومات الدفاع الجوي منخفضة الارتفاع وقصيرة المدى جداً (مثل منظومة "القبة الحديدية" الإسرائيلية). بيد، تفتقر تركيا إلى أي تشكلية برية مماثلة لمكافحة القذائف الصاروخية والقذائف المدفعية والهاون.

وتحتاج أنقرة أيضاً إلى تعزيز قدراتها الهجومية بصورة أفضل. إذ إن منع الهجمات الصاروخية التي يشنها تنظيم «الدولة الإسلامية» يستلزم نهجاً بسيطاً ولكنه يتطلب الكثير في مرحلتين. أولاً، يجب على القوات المسلحة التركية أن تستهدف بشكل استباقي تشكيلات محددة تابعة للتنظيم ضمن مدى الصواريخ، الأمر الذي قد يشكل تحدياً نظراً إلى الوجود المرجح لوحدات صغيرة مع عدد قليل من الصواريخ. ثانياً، يجب على هذه القوات أن تعمل على إخراج جميع عناصر تنظيم «داعش» من منطقة الخطر بشكل دائم.

وعلى الرغم من امتالك تركيا لشبكة مدافع وصواريخ يمكنها الانتقام إلا أن القوات التركية ستظل بحاجة إلى التحليق فوق الأراضي السورية لمطاردة قاذفات صواريخ تنظيم «داعش» المحمولة قبل شن ضرباتها، كما ستحتاج إلى قدرات قوية في الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع للكشف عن مثل هذه الأنظمة والقضاء عليها قبل أن تصل إلى مواقع إطلاق النار. وهذه المتطلبات شائكة بشكل خاص نظراً إلى أن روسيا أنشأت منطقةً هائلةً يمنع الوصول إليها في سوريا بعد أن أسقطت تركيا إحدى مقاتلاتها من طراز "سو 24" في نوفمبر. لذا فإن موسكو مجهزة تجهيزاً جيداً للكشف عن أي توغل للقوات الجوية التركية، ويمكنها أن تستخدم مثل هذه الحوادث كذريعة للانتقام.

أشار الكاتب في دراسته التحليلية إلى بعض الحلول، حيث يمكن لقدرات الطائرات بدون طيار المسلحة أن تُثبت أنها تشكل رصيداً هاماً. فقد أعرب رئيس هيئة المشتريات العسكرية في تركيا، اسماعيل ديمير، في الآونة الأخيرة عن الحاجة إلى السيطرة على مثل هذه الأنظمة من أجل التصدي لتهديد صواريخ تنظيم «داعش». ولكن، في حين أن البرنامج التركي الواعد للطائرات بدون طيار قد أظهر تحسينات مثيرةً للإعجاب في اختبار منصتي "بيرقدار" و"أنكا"، أصبح تهديد الصواريخ وشيكاً وباتت هناك حاجة إلى القدرات القوية للطائرات الهجومية من دون طيار.

التطورات الأخيرة في الحرب في سوريا أظهرت من جديد لأنقرة قيمة التحالف الاستراتيجي التركي-الأمريكي، وحتى التعاون العسكري التركي-الإسرائيلي. ففي ظل غياب رادع جوي تركي فوق سوريا، كانت الطائرات الأمريكية المسلحة من طراز "إي-10" و" إم كيو-1 بريداتور" من دون طيار تقلع من قاعدة "إنجرليك" الجوية لضرب أهداف تنظيم «داعش» عبر الحدود.

كما تنشر الولايات المتحدة منظومات صواريخ مدفعية ذات قدرة عالية على الحركة من طراز "هيمارس" في تركيا للرد على هذا التهديد. إلى جانب ذلك، لو لم تتراجع علاقات أنقرة مع إسرائيل في السنوات الأخيرة قبل محاولتهما الأخيرة للتقارب، لكان من المرجح أن يعطي الأتراك الأولوية لعمليات شراء سريعة لطائرات مسلحة من دون طيار ولبطاريات منظومة "القبة الحديدية" التي تتمتع بمعدل اعتراض ضد الصواريخ يبلغ 90 في المائة. وكما هو الوضع حالياً، من غير المرجح أن تقوم تركيا بمثل هذه المشتريات من إسرائيل على المدى القريب.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل