المحتوى الرئيسى

في ذكرى الـ 26 للوحدة.. شبح التفكك يواجه اليمن

05/22 12:56

تحل، اليوم الأحد، الذكرى الـ 26 لتحقيق الوحدة اليمنية، في وقت تتعالى الأصوات المطالبة بفك الارتباط الذي تحقق بين شمال البلد وجنوبه عام 1990، واعتبر الحدث الأبرز في تاريخ اليمن المعاصر.

وخلافًا للأعوام السابقة، تأتي ذكرى الوحدة، هذا العام، في وقت لم يكن فيه اليمن مقطع الأوصال أكثر مما هو عليه الآن، ومهدد بالتفكك إلى دويلات صغيرة، في ظل فشل محادثات السلام المقامة في دولة الكويت منذ نحو شهر تقريبًا، في كبح جماع الصراع الذي أودى بحياة 6400 شخص، وشرّد نحو 2.5 مليون يمني، وفقًا لإحصائات الأمم المتحدة.

ورغم استعادة القوات الحكومية لمدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، شرقي البلاد، من قبضة تنظيم "القاعدة"، في أبريل/نيسان الماضي، بعد عام من سيطرته عليها، إلاّ أن شبح التفكك ما يزال يهدد الدولة اليمنية.

فالتنظيم المتشدد يسيطر على عاصمة محافظة أبين، وأجزاء من محافظة شبوة، جنوبي البلاد، والحراك الجنوبي في عدن ترتفع أصواته للمطالبة بفك ارتباط الشمال عن الجنوب، فيما يسيطر الحوثيون وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، على معظم محافظات الشمال، بما فيها المساحة الأهم، العاصمة صنعاء.

العلم الوحدوي، التي يتكون من الألوان الأحمر والأبيض والأسود، والذي عادة ما كان يرفرف في شوارع المدن اليمنية في مايو/أيار من كل عام احتفاءً بذكرى الوحدة، غاب عن الأنظار بشكل لافت هذا العام.

ففي العاصمة صنعاء وحدها، تسيطر شعارات الحوثية المعادية لأمريكا على منصات الإعلانات الرئيسية بالشوارع، فيما عاد الجنوبيون لرفع علم "جمهورية اليمن الديمقراطية"، الذي كان معمولاً به قبيل الوحدة عام 1990، وبات هو المهيمن على المدارس، والدوائر الحكومية والعسكرية، حتى تلك الموالية لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، وفقًا لشهادات شهود عيان لـ "الأناضول".

وتحل ذكرى الوحدة في وقت ما تزال فيه قيادة البلاد، من رئيس الدولة والحكومة، منفية في العاصمة السعودية الرياض، وتعجز عن العودة إلى عدن، بسبب الاضطرابات الأمنية، فيما يُرتّب الحوثيون، باعتبارهم سلطة الأمر الواقع، حفلًا مركزيًا في العاصمة صنعاء.

ويرى مراقبون أن الحروب التي شنها الحوثيون والقوات الموالية لـ"صالح"، تسببت في شروخ كبيرة طمست الوحدة، وأدت إلى تصنيف الناس من جديد إلى "شمالي وجنوبي"، كما كان حاصلًا قبل عام 1990، إضافة إلى"زيدي" (نسبة للطائفة الزيدية التابعة للإمام زيد بن علي، والتي تسكن محافظات شمال الشمال) و"شافعي"، (نسبة للمذهب الشافعي الذي ينتمي إليه أبناء محافظات الوسط والجنوب).

ووفقًا للباحث والمحلل السياسي أيمن نبيل، كانت ثورة فبراير 2011، آخر زفرة وطنية مكنّت من إعادة تعريف الوحدة بهدوء وبطرق سياسية، ولكن حروب الحركة "الحوثية" و"صالح"، المتواصلة منذ الربع الأخير عام 2014، أجهزت على النقاش السياسي لفكرة الوحدة.

وقال نبيل لـ"الأناضول": "أضحت المقاربة لموضوع الوحدة تعتمد بالأساس على سياسات الهوية والشوفينية، وبالتالي انتهاءها نظريًا، خاصة مع دخول أطراف إقليمية (لم يسمها) ترى في الانفصال مصلحة استراتيجية لها، وتكرس هذا إعلاميًا وعلى الأرض".

وأضاف: "كل هذا يترافق مع حقيقة أن الواقع السياسي اليمني حاليًا يتكون من 3 أطراف كلها تخنق أي نقاش سياسي وطني، وهي: حركة طائفية مسلحة (يقصد جماعة الحوثي) متحالفة مع ديكتاتور مخلوع (يقصد صالح) ذي وعي مناطقي في الشمال، وانفصاليون لا يفرقون بين المشروع السياسي والسياسات الشوفينية في الجنوب، وحكومة وحدوية الشكل تقيم في الرياض، ولم تستطع إلى الآن بناء بيروقراطية وجيش وطني حقيقي، وبالتالي فهي عاجزة عن تقديم أي نموذج ديمقراطي ومواطني للمجتمع، وهو النموذج الوحيد الذي يستطيع التسويق للوحدة ومنافسة التيار المناطقي والطائفي في الشمال والجنوب".

ومنذ عام 2007، بدأت أصوات جنوبية تطالب بفك الارتباط عن الشمال، حيث يرفع المنتمون لمكون "الحراك الجنوبي الثوري"، علم دولة الجنوب العربي الذي كان متواجدًا قبل الوحدة اليمنية، لكن الأصوات المطالبة بالانفصال تعالت هذا العام مع تحرير "عدن"، ومدن الجنوب من الحوثيين، وبدأت خطواته تترجم على الأرض.

وقال سكان من عدن لـ"الأناضول"، "إن مسؤولين حكوميين، أصدروا تعليمات بمنع الاحتفال بذكرى الوحدة في محافظة عدن، حيث صدرت قرارات باعتبار، اليوم الأحد، دوامًا رسميًا في الدوائر الحكومية، وليس إجازة كما هو معمول به في قانون الخدمة المدنية منذ عام 1990".

وحسب المصادر ذاتها، "صدرت قرارات تُلزم جميع الطلاب بالحضور إلى المدارس، وتُحذّر من عدم الانضباط، بينما يروج ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي لإعلان قرار بالانفصال اليوم".

وسبقت هذه القرارات، إجراءات قامت بها السلطات الأمنية ومسلحين تابعين للحراك الجنوبي، بترحيل مئات المواطنين والعمال الذين ينحدرون من محافظات شمالية، تحت مبرر عدم امتلاكهم أوراقًا ثبوتيه، لكن مصادر أكدت لـ"الأناضول"، أن الاجراء طال جميع الشماليين حتى من يملكون وثائق شخصية، وأن الهدف منه فك الارتباط.

ويعتقد الكاتب الصحفي اليمني جمال حسن، أن البلاد "تواجه مشكلة أكبر من انفصال الجنوب عن الشمال، إذ أن الحديث عن العودة إلى ما قبل عام 1990 يكاد يكون محالاً، بسبب ما تواجهه البلد من خطر التفكك، والوقوع تحت هيمنة ميليشيات مسلحة، وأمراء حروب".

وقال "حسن": "أمّا إعلان الانفصال في الجنوب والذي تداولته بعض الصحف وناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، فيبدو منافياً للوقائع، وخارج السياق السياسي لما يدور حالياً".

وتابع: "الانفصال ليس مهيئاً له الآن بحكم الأحداث والتعقيدات الحالية، بعد انتهاء الانقلاب يمكن الحديث عنه كمشروع سياسي، وليس كهوى يقوم على التخيلات والأحلام".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل