المحتوى الرئيسى

رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية: عصابات دولية منظمة تستهدف آثار مصر الإسلامية

05/21 12:26

• سرقة النصوص التأسيسية تهدف لإخفاء معالم الأثر والقضاء على الهوية

• استرداد 150 قطعة فى المتحف المصرى.. والتنازع بين الآثار والأوقاف وراء تأخر تسجيل الآثار

• مديونياتنا لصالح «المالية» بالملايين.. وسنردها حين تتعافى السياحة

عقب ما نشرته «الشروق» عن جرائم سرقة الآثار الإسلامية فى نطاق القاهرة الكبرى، والتى سجلها عضو اللجنة العليا لتحكيم السجاد، الدكتور محمد الباز، بكاميرته، واجهنا رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الآثار، السعيد عزت حلمى، بكل ما حصلنا عليه من معلومات، ليتحدث عن عقبات وتحديات عديدة تواجه القطاع عقب انقطاع موردهم الأساسى من السياحة.

يقول حلمى الذى تم تعيينه فى هذا المنصب فى 14 فبراير 2016، إن مسلسل «استنزاف الآثار الإسلامية» بدأ منذ عام 2000 من جانب عصابات دولية منظمة التى تستهدف التاريخ والهوية، بقصد تفريغ الحضارة المصرية من كل مقوماتها، موضحا أن وزارة الآثار أجرت حصرا شاملا لكل التحف والمقتنيات الإسلامية المسروقة، واتخذت الإجراءات الشرطية والقانونية الضرورية من أجل استردادها بواسطة الإنتربول الدولى، خاصة أنها لم تكن مدرجة ضمن قائمة المطلوبات كتحف أو مقتنيات خاصة بآثار مصر.

ويرى حلمى أن سرقة النصوص التأسيسية التى توضح اسم وتاريخ إنشاء الأثر التاريخى لعدد من المنشآت الأثرية الإسلامية أخيرا، تهدف إلى إخفاء معالم هذا المكان، مشيرا إلى أن آخر تلك السرقات وقع فى فبراير 2016، حيث تمت سرقة النص التأسيسى فى قبة الحريم فى خانقاه الناصر فرج ابن برقوق بمنشأة ناصر ــ قرافة المماليك، وتكرر الأمر مع النص التأسيسى فى سبيل محمد كتخدا الحبشى بالدرب الأحمر، ومن الممكن وضع هذا النص التأسيسى على أى مبنى فى العالم وادعاء أنه أثر تاريخى.

وأضاف «هناك قسم للتحف الإسلامية المستردة فى المتحف المصرى وهى نحو 150 قطعة، وتم استرجاعها عن طريق الإنتربول الدولى، بعد ثبوت حق مصر فى هذه المقتنيات».

أما عن أهم السرقات من المقتنيات الإسلامية وفقا لحلمى، فشملت سرقة لوحة رخامية من الجامع الأزرق فى شارع باب الوزير بمنطقة الدرب الأحمر، مكتوب عليها بماء الذهب مشهد الرؤية الذى يصف ظهور محمد عليه الصلاة والسلام داخل محراب المسجد وحول رأسه هالة من النور، وأسسه «آق سنقر الناصرى» أحد أمراء دولة المماليك البحرية، وتم اكتشاف السرقة بعد الانتهاء من أعمال ترميم المسجد.

يعترف حلمى أن توثيق الأثر الإسلامى من جانب الحكومة المصرية تأخر، لافتا إلى أن وزارة الآثار لديها حاليا مركز التوثيق والتسجيل للمقتنيات داخل الأماكن الأثرية الإسلامية بداية من 2006، حيث تم إصدار كتاب توثيقى للمقتنيات الإسلامية بالألوان، موضحا أن سبب التأخير يرجع للتنازع بين وزارتى الآثار والأوقاف على الآثار الإسلامية، فوفقا للقرار رقم 2014 لعام 2008 وزارة الأوقاف هى الجهة المسئولة عن توثيق وتسجيل المقتنيات داخل المساجد الأثرية والمرور عليها طبقا لجدولها.

وأردف «الأوقاف لا تملك كوادر مؤهلة للقيام بهذا الدور فى المساجد الأثرية، حيث تتركها لعمال بسطاء منهم إمام الجامع المسئول عن إقامة الصلوات، وعمال الأوقاف المسئولون عن النظافة والذين لا يعرفون شيئا عن قيمة الأثر، بينما ترك دور وزارة الأثار إشرافيا، بينما وقعت وزارة الآثار فى الفترة الأخيرة بروتوكولا مع وزارة الأوقاف للإفادة بأسماء جميع عامليها فى المساجد الأثرية لعمل دورات تدريبية وتثقيفية لهم للتوعية بقيمة وأهمية الأثر».

وفى رده على سؤالنا بشأن دور وزارة الآثار إزاء سرقات عصابات داخلية تهدف لصهر بعض المقتنيات الأثرية غالية الثمن، لإخفاء الأثر بغرض الكسب المادى، قال إن «الوزارة لا تملك شيئا تجاه ذلك»، واستدرك «استطعنا بالإمكانيات البسيطة تشكيل جهاز تحريات خاص، مكون من أفراد أمن مدربين لإحباط محاولات السرقة داخل بعض المساجد الأثرية فى القاهرة».

وأوضح أن جهاز التحريات كشف عن أن معظم السرقات تتم فى الأماكن الشعبية والتجارية ليلا أو فى أيام الإجازات، قائلا «استطاعت هذه الفرق ــ بالتعاون مع أحد عاملى الأوقاف ــ إحباط سرقة فى مسجد أم السلطان شعبان بباب الوزير منذ بضع سنوات، رغم وجود عجز شديد فى عدد أفراد الأمن والحراسة، فضلا عن نقص التدريب والتسليح».

كما استطاع الجهاز التابع للآثار الذى تشكل بعد ثورة 25 يناير 2011 مساعدة الشرطة أخيرا فى القبض على أكبر عصابة آثار فى منطقة الجمالية والدرب الأحمر، حيث عثر بحوزتها على عدد كبير من التحف والمقتنيات الإسلامية، بعد تفريغ كاميرا لأحد المقاهى أمام مسجد القاضى، وسجلت سرقة اللصوص بخارية من النحاس من على بوابة المسجد، وفى السياق يقول حلمى «اللصوص حاليا فى السجن على ذمة هذه القضية، وتمت إعادة المضبوطات التى كانت بحوزتهم مرة أخرى لوزارة الآثار».

نجح قاطنو شارع سوق السلاح فى إحباط سرقة نوافذ من البرونز الخالص لسبيل رقية دودو، الذى أنشئ كصدقة جارية على روح بنت بدوية شاهين بنت الأمير رضوان بك فى عام 1174، حيث طاردوا اللصوص الذين نزعوا النافذة البرونزية، وتم استردادها ووضعها فى مخازن الفسطاط، وغلق باقى النوافذ بالطوب الأحمر، تمهيدا للحصول على موافقة اللجنة الدائمة للآثار على دخول هذا السبيل لمجال الترميم.

واستطرد حلمى «دور الشرطة هو تأمين الأفواج والزيارات السياحية لبعض المواقع الإسلامية، فلا توجد حراسة 24 ساعة للمساجد والآثار الإسلامية إلا فى أماكن محدودة مثل القلعة، ومسجد السلطان حسن، وقصر الأمير محمد على بالمنيل، وقصر إسماعيل باشا المفتش بميدان لاظوغلى فى وسط القاهرة، بينما الأماكن الأثرية الإسلامية المفتوحة لا توجد عليها حراسة، بعكس التأمين المستمر للكنائس التاريخية، لأن الأخيرة عددها محدود».

ويؤكد رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، أن مشكلة تأمين الآثار الإسلامية ترجع فى الأساس إلى وجود أكثر من 500 فرد أمن تابعين للآثار بلغوا سن المعاش على مدى السنوات الماضية، ولم يتم استبدالهم بموظفين آخرين لعدم توافر درجات وظيفية من وزارة المالية، علاوة على حصول بعض الموظفين الحاليين على تسويات وظيفية بعد حصولهم على مؤهلات أعلى من الجامعات المفتوحة، فضلا عن فقدان وزارة الآثار مصدرا مهما من مواردها المالية بعد تراجع السياحة».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل