المحتوى الرئيسى

ما وراء تفاهاتنا

05/21 09:42

عندما قرروا أن يصنعوا كوكبًا لمسلسلات الفتيات في "سبيس تون"، جعلوه مليئًا بالزهور والبيوت الصغيرة، لم يكن هذا مصادفةً، فنحن نزرع الورود في نظرتنا للعالم، نبني البيوت على كلمات الإعجاب التي نتلقاها، نصنع متاحف لأحلامنا وما نريد أن نصبح عليه في المستقبل، ننظف الأحداث من علامات الخطر وننظف من نحب من عيوبهم، ونعلق صورنا مع الأحبة على جدران قلوبنا.

يقول العلماء إن الذكرى التي لا تُنسى تُصنع عندما يرتبط حدث ما بعاطفة شديدة، نفس هؤلاء العلماء يقولون إن هذا هو السبب الذي يجعل النساء يتذكرن -تقريبًا- كل شيء.

ثم نسقط كنتيجة طبيعية لكل تلك التوقعات الزاهية، نصاب بـ"الخذلان"، الكلمة التي ستجدها عاملاً مشتركًا بين كل كتابات الفتيات، مهما كان عمرها ومهما كان نوع أحلامها، قائدة الصواريخ تحمل خلف ابتسامتها كومة كبيرة من الخذلان.

نحن الفتيات.. ابتلانا الله بعقل لا يسكت ولا يمل ولا يصيبه التعب، لا يهدأ صوته حتى ونحن نائمون، عقل يصنع شرائط بصرية من التفاصيل، يجيد التبكيت والولولة طوال الوقت، يتلذذ بتحميلنا ذنوب كل ما يحدث لنا ومن حولنا، تخيل معي أن تحمل فوق رأسك راديو يعمل على محطة واحدة تذيع أغنية أنت تمقتها وتكررها، لا تملك أن توقفه ولا حتى أن تخفض صوته ويهرب معك حين تهرب منه، تلك هي حال فتاة تعرضت لمشكلة.

نحن نقتل الساعات في المطابخ، نتعلم صناعة شيء يمكن شراؤه في خمس دقائق، لنهرب من ذلك الشريط الذي يكرر نفسه غصبًا أمام أعيننا ويعيد علينا كيف كنا حمقاوات وتجاهلنا الحقيقة وركضنا وراء زراعة الحدائق في بيوت لا وجود لها إلا في عقولنا.

نخفي آثار الدموع والإجهاد خلف كميات من مساحيق التجميل، لأنه في عالم لا جمال فيه الآن نحن بحاجة لأن نبدو جميلات ولو كذبًا، ولو من الخارج، ولو لعدة ساعات فقط.

لكل واحدة منا طريقتها الخاصة في ترميم نفسها، نقيم الاحتفالات لأنفسنا، ندعو بعضنا ونرقص لأننا نتمسح في أسباب الفرح، نتلكك للابتسام، نلتقط الصور ونكثر منها، نقيم المائدة على رأس مقابر أحلامنا، ونرقص احتفالاً بأنه لا شيء جيد حدث منذ مدة لا نحصيها.

لو لم نجبر على العودة للمنزل لما دخلناه قبل أن نتخلص من كل طاقتنا، لو لم تكن تلك الاتصالات الغاضبة والمهددة لما عدنا لجدران الغرف التي صرنا نحفظ شروخها وحفرها.

أهم أخبار مرأة

Comments

عاجل