المحتوى الرئيسى

وجهة نظر: ما هو الإسلام الذي ينتمي إلى ألمانيا؟

05/20 08:58

عندما قام أستاذ علم اللاهوت في جامعة مونستر مهند خورشيد عام 2012 بنشر كتاب بعنوان "الإسلام رحمة"، أثار بذلك ردود فعل متباينة جدا. كثير من غير المسلمين رحبوا بالكتاب على أنه إظهار لإسلام إنساني، إسلام لا يحتاج أحد للخوف منه، وكذلك أيضا لأن كاتبه رسم صورة لإله "لا يهتم بعناوين على شاكلة مسلم، مسيحي، يهودي، مؤمن أو كافر."

خورشيد نبذ فكرة وجود صلاحية أبدية للآيات والأحاديث التي تتضمن كراهية غير المسلمين ومعاداة النساء وتبريرات للعنف، وأراد اعتبارها مجرد وثائق من الماضي.

وبدا الأمر وكأن البروفسور نجح بجرة قلم في تبديد مخاوف كل من كانوا غير واثقين فيما إذا كان الإسلام يتماشى فعلا مع ألمانيا، مثلما أعلن الرئيس الألماني (السابق) كريستيان فولف في خطابه الأسطوري في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2010.

وربما اعتقد البعض أن ذلك يعد سببا جيدا، حتى بالنسبة للمسلمين، لكي يربتوا على كتفه اعترافا بجهوده. لكن ذلك لم يحدث. بل على العكس. فعلى الموقع الالكتروني للاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية (ديتيب)، أكبر رابطة إسلامية (في ألمانيا)، كُتب بأن تصريحات خورشيد إنما هي "رفض للتعاليم الإسلامية الكلاسيكية" و"إهانة للهوية الإسلامية". ولهذا السبب تم اعتبار العلاّمة (خورشيد) بأنه لم يعد يصلح لأداء وظيفته كأستاذ جامعي ويتعين إبعاده عنها.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد: فالمجلس التنسيقي للمسلمين، وهو عبارة عن تكتل لعدد من الاتحادات الكبيرة، قام بكتابة "تقرير خبراء" قوي يتضمن 100 صفحة للتأكيد على هذه المطالب، ولكنه ولحسن الحظ لم ينجح في ذلك.

أثار مهند خورشيد بكاتبه "الإسلام رحمة" جدلا واسعا لدى مسلمي ألمانيا...

خورشيد والاتحاد التركي الإسلامي (ديتيب) هما ممثلان لقطبين متناقضين يتصدران الجدل القائم داخل (تيارات) الإسلام الحالي في ألمانيا. فمن جهة توجد مجموعة من أولئك الذين يصورون اللاهوت الإسلامي علما حديثا ولا يتكتمون الآراء المنتقدة للمصادر الدينية، بل ويفهمون تلك المصادر على أنها مرتبطة بزمن معين، وبالتالي فهي قابلة للتغيير. ومن بين هؤلاء مثقفون انضموا إلى منتدى ألمانيا الإسلامي أو الاتحاد الإسلامي الليبرالي. لكن هناك أيضا باحثون، مثل عبد الحكيم أورغي وحامد عبدالصمد وسيران آتش، ذهبوا إلى أبعد مما ذهب إليه خورشيد وطالبوا بتفسير متنور للإسلام.

وعلى الطرف المقابل، يوجد مسلمون يحاولون تجنب أي جدل حول الإسلام ويسعون لعرقلة أية تغييرات أو تفسيرات جديدة للنصوص الدينية. وأغلبيتهم منظمون في جمعيات ولا يلفتون الأنظار إليهم إلا من خلال تصريحاتهم عقب كل عملية إرهابية بأن الجهاد الإسلاموي لا علاقة له بالإسلام.

لا يطعن ممثلو هذه الجمعيات في حقيقة أن العالم شهد منذ بداية الألفية (الحالية) تزايدا كبيرا في العمليات الإرهابية باسم الإسلام. لكن بدلا من أن يقوموا بتركيز الاهتمام على التبريرات الدينية للعنف الإسلاموي، يكيلون الاتهامات لمجتمع الأغلبية بأنه يعادي الإسلام، إذا لم يكن هذا المجتمع مقتنعا بتبرؤهم اللفظي من الإرهابيين. أيمن مزيك من المجلس المركزي للمسلمين دعا قبل فترة وجيزة إلى إلغاء كلمة الإسلاموي، وكأنه بذلك ستختفي هذه الظاهرة.

السفسطة البلاغية تدفع إلى الاعتقاد بأن هناك قصدا لعدم الرغبة في لمس هذا الموضوع. ويتماشى ذلك مع التبريرات التي قيلت عقب ما نشرته وسائل الإعلام عن حالات تطرف في بعض المدن التي تنشط فيها مجموعات محلية تابعة للاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية (ديتيب) في ميلزونغن ودينسلاكن وفولفسبورغ، والتي وصفت بأنها مجرد سقطات. وكل من يراقب هذه الألاعيب يتساءل عما إذا كان السبب وراء اللامبالاة الغريبة هذه ربما موقف متناقض حيال العنف الذي يتخذ من الدين تبريرا له.

ذلك أن الجهاد بمفهوم حرب حقيقية هو مصطلح مهم في القرآن والأحاديث. وعلى هذا المصطلح بالذات يستند الدعاة إلى الجهاد، الذين ما يزالون يعتبرونه حتى في يومنا هذا أداة مناسبة لإنزال العقاب على كل من أساء للنبي محمد وللثأر من السياسة الغربية أو لاستخدام العنف ضد اليهود الذين يكنون لهم الكراهية.

أي إسلام يتناسب مع ألمانيا؟ سؤال تطرحه الباحثة زوزانه شروتر في وجهة نظر...

وفي كثير من المساجد يتم دعوة مثل هؤلاء الدعاة (لإلقاء الخطب) بشكل منتظم. والشباب هم من يطلبون (حضور) السلفيين، حسب ما يتذرع به رؤساء المساجد، عندما يضطرون لتقديم توضيحات لممثلي بلديات أصابها الذعر من ذلك.

وللأسف فإن ذلك يتطابق في أحيان كثيرة مع الواقع. فالسلفية هي حركة شبابية تستقطب الكثير من المراهقين والشبان، ما دفع الأخصائي النفسي أحمد منصور إلى الحديث عن "جيل الله". وهو لا يعني بها فقط أولئك الذين التحقوا بمجموعة متطرفة وانتقلوا في أسوأ الأحوال للجهاد في سوريا والعراق، وإنما أولئك الذين تتداخل في عقيدتهم الدينية الحدود بين التطرف والتشدد.

إنهم شباب وجدوا معنى حياتهم في الخضوع لله وتعاليمه بلا قيد ولا شرط، ويسألون في كل تصرف ولو كان بسيطا للغاية، هل هو حلال أم حرام؛ لأنهم يعتقدون بأنهم سيكونون بهذا فقط "الرابحين" في الجنة، حسبما قال لي بعض الشباب في أحد الحوارات. ويبدو العيش في مجتمعنا لهؤلاء الشباب مليئا بالخطايا وخطيرا، ولذلك يتجنبون إقامة علاقات تتعدى الضرورات مع من يسمونهم بالكفار.

هياكل موازية تحول دون التواصل مع غير المسلمين

سوسن شبلي(36 عاماً) ولدت لأب وأم فلسطينيين، لا يجيدان القراءة والكتابة، في برلين الغربية. عانت في طفولتها بسبب عدم قبول طلب لجوء عائلتها. حصلت سوسن على شهادة جامعية في العلوم السياسية. وفي عام 2010 عينت رئيسة لقسم حوار الثقافات في وزارة داخلية حكومة برلين. وفي عام 2014 تسلمت منصب نائبة المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية.

آيدن أوزغوز(49 عاماً)، المولودة لوالدين تركيين يعملان في تجارة المواد الغذائية، هي نائبة منذ عام 2009 في البرلمان الاتحادي الألماني(البوندستاغ). كما عينت عام 2011 كواحدة من ستة نواب لرئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي. منذ ديسمبر 2013 كلفت بشؤون الهجرة والاندماج واللاجئين في المستشارية الألمانية (بمنصب وزيردولة).

يحتفظ طارق الوزير(45 عاماً)، المولود لأب يمني وأم ألمانية، منذ عام 1995 بعضويته كنائب في برلمان ولاية هيسن. وترأس كتلة حزبه، حزب الخضر، في برلمان الولاية بين الأعوام 2000 و2014. ويشغل منذ يناير 2014 منصب نائب رئيس حكومة ولاية هيسن، ووزير الاقتصاد والطاقة والنقل والتنمية في نفس الحكومة.

كان جيم أوزديمير(51 عاماً) أول ألماني من والدين تركيين يفوز بعضوية البرلمان الاتحادي الألماني(البوندستاغ) في عام 1994. كما كان عضواً في البرلمان الأوروبي بين الأعوام 2004 و2009. ومنذ عام 2008 يشغل أوزديمير منصب أحد رئيسي حزب الخضر الألماني.

ولدت ياسمين فهيمي(49 عاماً) في هانوفر لأب إيراني وأم ألمانية. كانت عضوة المكتب التنفيذي الاتحادي للمنظمة الشبابية التابعة للحزب الاشتراكي الديمقراطي، كما كانت نائبة رئيس الحزب في هانوفر. وشغلت بين عامي 2014 و2015 منصب الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي، أقدم الأحزاب في ألمانيا. ومنذ يناير من هذا العام تشغل فهيمي منصب سكرتيرة دولة في وزارة العمل الاتحادية.

محترم آراس(50 عاماً). قدمت عائلتها من تركيا إلى ألمانيا عام 1978. بدأت مسيرتها السياسية عام 1992 وتدرجت في المناصب، فشغلت منصب رئيس حزب الخضر في شتوتغارت، ثم أصبحت عام 2011 أول مسلمة تدخل برلمان ولاية بادن فورتمبيرغ. في 11 آيار 2016 أصبحت أول مسلمة تفوز برئاسة برلمان ولاية ألمانية (ولاية بادن فورتمبيرغ).

رائد صالح الماني من أبوين فلسطينيين عمره (39 عاماً) انتسب إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي عام 1995. وتدرج في المناصب الحزبية والرسمية: لا يزال يحتفظ بعضويته كنائب في برلمان ولاية برلين منذ عام 2006، ويترأس كتلة الحزب النيابية في برلمان برلين منذ عام 2011. وقد رشح نفسه لمنصب عمدة العاصمة عام 2014 ولكنه لم يفز بالمنصب.

الألماني يونس وقاس(28 عاماً) المولود لأبوين مغربيين، أهتم بالسياسية في فترة مبكرة من حياته. فانتمى إلى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي ومنظمته الشبابية. ثم أصبح بين الأعوام 2008 و2010 رئيساً اتحادياً لمنظمة التلاميذ المقربة من الحزب. ثم شغل بين الأعوام 2012 و2014 عضوية الهيئة الإدارية الاتحادية للحزب.

الجمعيات الإسلامية تحفز على الانعزال، لأنها تقوم من خلال ذلك بتوثيق علاقاتها مع الأعضاء وتزيد أهميتها. ففي كل مسجد تقريبا توجد فرق لكرة القدم تتبارى ضد فرق المساجد الأخرى، فيما يتم بناء رياض الأطفال الإسلامية ومراكز ثقافية وتقديم خدمات اجتماعية إسلامية وخدمات شبابية إسلامية، والهدف هو إنشاء جمعية خيرية كبيرة.

نرشح لك

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل