سرايات وقصور القاهرة في العدد الجديد لمجلة ذاكرة مصر
أصدرت مكتبة الإسكندرية العدد الخامس والعشرون من مجلة "ذاكرة مصر"، وهي مجلة ثقافية تعني بتاريخ مصر الحديث والمعاصر، وتصدر بشكل ربع سنوي ضمن مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، وتستكتب شباب الباحثين والمؤرخين وتعرض لوجهات نظر مختلفة ومتنوعة.
ويضم العدد ملفا خاصا عن سرايات وقصور القاهرة، حيث يصطحب عمرو سميح طلعت القارئ في جولة "بين السرايات".
وعن سراي الجيزة، نقل الكاتب عن فاليرياني، العالم الإيطالي الذي زار القاهرة في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، قوله "إن بالجيزة قصرين صغيرين، واحد لإبراهيم باشا والآخر لمحرم بك زوج الأميرة توحيدة بنت محمد علي، بالقرب من قرية الدقي، والأغلب أنهما مختلفان عن سراي الجيزة الأصلية".
ويرى الكاتب أن سعيد باشا قد أتم بناء قصر الجيزة في أواخر عهده؛ وكان آخر ما شهد القصر من أحداث في عهد محمد سعيد باشا هو زيارة الأمير إدوارد ولي عهد إنجلترا الذي جاء إلى مصر سنة 1862م؛ فأعد له الوالي قصر الجيزة، وفرشه بأثاث فاخر ليحل الأمير ضيفًا به أثناء إقامته في مصر.
وتابع: أما إسماعيل باشا فقد اعتلى عرش البلاد في يناير 1863م، وقد جاء متأثرًا بالحضارة الغربية، محبًّا للعمران والتنمية، شغوفًا بالبناء والتشييد. وما إن استقر إسماعيل في الحكم حتى اشترى كُلَّ القصور والمنشآت التي امتلكها عمه سعيد باشا. ثم هدم إسماعيل باشا قصر عمه وشرع يبني السراي الجديدة سنة 1865م، فاستقدم المهندسين من الآستانة لرسم السراي وتصميمها، وقد بلغت حدا هائلاً من الاتساع والضخامة، حتى قيل إن بها حوالي خمسمائة صالون وجناح، كما اشترى إسماعيل باشا بعض الأراضي حتى بلغ حدُّ السراي الشرقي النيل، وقد بلغت حديقة السراي حوالي مائة فدان، مقسمة إلى ثلاثة أقسام.
وأضاف الكاتب "خمسون عاما على أكثر تقدير هي كل عمر سراي الجيزة، واختفت بعدها من الوجود، وربما يصعب عليك أن تتخيل جمال معمارها وحسن تخطيطها الآن حين ترتاد المنطقة".
وتنتقل المجلة إلى "قصر الجزيرة"، حيث يقول الدكتور خالد عزب إن قصر الجزيرة كان أحد القصور التي أعاد بناءها الخديوي إسماعيل، وكان في الأصل يعرف بالقصر الكبير، وشيده عبد الرحمن كتخدا سنة (1173هـ/ 1759م)، لإقامة الباشاوات المعينين لحكم مصر عند قدومهم إليها قبل انتقالهم للقلعة المقر الرسمي للحكم، ولإقامة كبار رجال الدولة العثمانية عند زيارتهم لمصر أيضًا.
وكان هذا القصر يتكون من عدد كبير من الوحدات المعمارية، تصطف على طول شاطئ النيل.
وقام إبراهيم باشا بن محمد علي بهدم هذا القصر وإعادة بنائه مرة أخرى، ويبدو أنه كان مستغلاًّ أيضًا لاستقبال ضيوف الدولة؛ حيث شيد إبراهيم قصرًا لإقامته في منطقة جاردن سيتي عرف بالقصر العالي، ثم آل هذا القصر إلى الخديوي إسماعيل عن أبيه، وهدمه في عهد سعيد باشا وأعاد بناءه، ثم تغيرت خططه بالنسبة لهذا القصر بتوليه حكم مصر؛ فقد رأى استغلاله لإقامة ضيوف مصر الأجانب أثناء حفل افتتاح قناة السويس، وأعيد بناء القصر من ثلاثة أقسام رئيسية، وهي الحرملك والسلاملك الصغير وأبهاء الاستقبال.
ويرى تيموثي ميتشيل أن تصميم بعض غرف هذا القصر يماثل تصميم غرف قصر التويلري بفرنسا؛ وكأن الخديوي إسماعيل أراد
بتصميم هذا القصر أن يجمع بين قاهرة ألف ليلة وليلة التي ولع بها الأوروبيون في القرن التاسع عشر في تصميم واجهاته على النمط الإسلامي، ورغبته في كسب ود الأوروبيين في تشييده عمائر تظهر مدى ولائه للحضارة الأوروبية في اتباعه التصميم الأوروبي لداخل القصر.
كما كلف إسماعيل المهندس الفرنسي باريل بتحويل الأرض الزراعية المحيطة بالسراي إلى حديقة؛ فقام بردم أرضها بارتفاع مترين. وقسمت الحديقة إلى عدة حدائق.
وفي موضوع بعنوان "محمد بك تيمور ومنزله في شبرا"، تناول الدكتور محمد أبو العمايم، منزل محمد بك تيمور ابن أحمد تيمور باشا، الواقع في ٥٤ شارع راتب باشا المتفرع من شارع شبرا. وشارع راتب هو أحد الشوارع الرئيسية ذات الأهمية التاريخية في حي شبرا، وكان به قصر راتب باشا وأملاك أخرى له، ومجموعة من الفيلات والمباني الجميلة اختفى معظمها.
وتعد فيلا محمد بك تيمور نموذجًا من نماذج تصميمات الفيلات في أوائل القرن العشرين في هذه المنطقة التي تتناثر فيها الفيلات والقصور بشمال شبرا.
وتجمع الفيلا الأسلوب الأوروبي - وهو الغالب - وعناصر من الفن الإسلامي، وهي مكونة من دورين فوق بدروم، ولها شرفتان عظيمتان واحدة بحرية والأخرى شرقية، ويوجد سلاملك بالجهة الجنوبية الغربية، وغرفة لعلها للحارس بالزاوية الشمالية الغربية، وكانت بها ساقية في الخلف جهة شارع الأزهار، اختفت الآن، وقد أُقحمت مباني بعض الدكاكين في سور الفيلا الشمالي والشرقي، واختفت البرجولا التي على يسار الداخل من الباب العمومي إلى حديقة الفيلا.
Comments