المحتوى الرئيسى

لا راحة للاجئين السوريين في لبنان حتى بعد مماتهم.. لماذا؟

05/19 12:26

تخطت لوعة اللاجئ السوري أحمد يوسف المصطفى فقدانه ثلاثة من أطفاله الرضع خلال 3 سنوات متتالية، إلى معاناة من نوع آخر جراء عدم إيجاده مقبرة لدفنهم، شأنه شأن العديد من العائلات السورية التي تفقد أحد أفرادها في لبنان.

ويروي أحمد (29 عاما)، وهو عامل بناء نزح قبل 5 سنوات من مدينة حلب في شمال سوريا إلى مخيم عشوائي للاجئين في بلدة بر الياس في منطقة البقاع (شرق)، معاناته بعدما رزق وزوجته بـ 3 أطفال توفوا الواحد تلو الآخر لأسباب صحية.

ويقول بحسرة وهو يقف أمام خيمته التي باتت منزله لوكالة فرانس برس: "في كل سنة كلما يولد طفل يتوفى، والمشكلة تكمن في إيجاد مكان لدفنه"، موضحا أنه بعد وفاة طفله الأول عن عمر ناهز 3 أشهر، لجأ إلى أحد معارفه في بلدة مجاورة، فقدم له هذا الأخير المساعدة وسمح له بدفن الطفل في مدفن العائلة.

ومع وفاة الطفل الثاني وهو بعمر 5 أيام، "اضطررنا إلى فتح القبر القديم لدفنهما معا". ولم يجد خيارا عند وفاة الطفل الثالث عن عمر ساعتين إلا دفنه في بلدة الفاعور المجاورة بعد وساطة من رجل دين.

ويدعو أحمد "الدولة والجهات الإسلامية إلى أن تخصص لنا قطعة أرض غير صالحة للزراعة لدفن موتانا فيها".

ويقيم أحمد وزوجته مع ولديه البكر في خيمة متواضعة في بر الياس التي يقول مسؤولون محليون فيها أن عدد سكانها البالغ أساسا 50 ألفا تضاعف منذ بدء تدفق اللاجئين السوريين بعد اندلاع النزاع المستمر في سوريا منذ مارس/ آذار 2011.

ويوضح مسؤولون محليون أن مدافن البلدة كانت ممتلئة حتى قبل بدء موجة اللجوء إلى لبنان الذي بات يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، أي ربع سكانه، وهي أعلى نسبة لاجئين في العالم بالمقارنة مع عدد السكان.

ويقول رئيس البلدية السابق سعد ميتا "لم يعد للمدفن القديم قدرة استيعاب لا لللبنانيين ولا للسوريين".

وتقع مقبرة البلدة على تلة صغيرة وتضيق بالمدافن المتراصة التي تحيط بها الأعشاب البرية والزهور من كل ناحية وصوب، حتى أنه بات على زائري المقبرة السير بحذر داخلها لعدم الدوس بالخطأ على أي مدفن.

وبحسب ميتا، يوجد حوالي 70 ألف لاجئ سوري في البلدة وهم يشكلون ضغطا كبيرا على البنى التحتية كشبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء، وكذلك الأمر بالنسبة إلى دفن الموتى.

ويسجل معدل الوفاة لدى اللاجئين السوريين نسبة أعلى مما هو عليه لدى اللبنانيين باعتبار أنهم عرضة أكثر للخطر، وفق السلطات والمنظمات الدولية.

وفي غياب أي إحصاءات رسمية، يوضح ميتا أن سورياً واحداً على الأقل يتوفى كل أسبوع في البلدة.

ويرى أن "الحل هو بأن يرجع السوريون إلى بلادهم"، مضيفا "البلد لم يعد يتحمل ونحن اللبنانيين لم نعد أصلا قادرين على التحمل".

وقد يتمكن بعض السوريين من إيجاد مكان لدفن موتاهم بتكلفة قد تصل أحيانا إلى 250 دولارا أو أكثر، وهو مبلغ لا تملكه غالبية اللاجئين السوريين.

وفي مخيم للاجئين خارج البلدة بين حقلين مزروعين بالبطاطس والكوسى، تقول لاجئة سورية شابة رفضت الكشف عن اسمها إنها اضطرت إلى دفن جنينها الذي ولد ميتا بالسر.

وتروي كيف أن حارس إحدى المقابر في قرية قريبة رفض السماح لزوجها بدفن الجنين وقال له "لا يسمح للسوريين بدفن أطفالهم هنا".

وافتتحت بر الياس الشهر الحالي مقبرة جديدة للبنانيين على أن يخصص جزء صغير منها للسوريين.

ويقول مدير هيئة إغاثة اللاجئين السوريين التابعة لدار الفتوى في البقاع الشيخ وسام محمد عنوز أن المقبرة الجديدة ستتضمن بين 10 إلى 20 "حفرة مزدوجة (مدفن) لإخواننا السوريين".

وبرغم ذلك، يقر عنوز بأن هذا الحل يبقى مؤقتا. ويوضح إنه حاول وزملاء له في البقاع أن يجدوا قطعة أرض لتخصيصها للسوريين، إلا أن أحدا لم يكن مستعدا لبيع أرضه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل