وثائق بنما الجديدة.. كشفت «عورات الأوفشور» لرجال الأعمال

- من النسخة الورقية لجريدة اليوم الجديد الاسبوعية 

رغم أن تأسيس شركات الأوفشور مشروع لكنه ارتبط دوما بكونه ستارا لأعمال غير قانونية

عمرو أديب طالب بالتحقيق فى تورط آل مبارك فى إخفاء أموال بنظام «أوفشور» وهو نفسه مساهم فى إحدى شركاتها

أعرق بنك ألمانى ساهم فى غسيل أموال قيادات حزب الله اللبنانى

تونس والمغرب يفتحان تحقيقات حول تورط رجال أعمال فى أعمال متورطين فى وثائق بنما

تقارير تربط بين تسريبات وثائق بنما فى الجزائر مع فضيحة فساد سوناطراك الشهيرة

الإمارات ثالث أكبر دولة فى العالم فى التعامل بنظام «الأوفشور»

«كلهم فاسدون»، كلمة قد تأتى على لسان أى شخص يقرأ النسخة الجديدة من وثائق بنما، التى تم تسريبها مؤخرا، ولكن بعد تفكير تجد أنها قد تكون ظالمة إلى حد بعيد.

وكان الاتحاد الدولى للصحفيين الاستقصائيين قد نشر عبر الإنترنت نسخة جديدة من البيانات المفصلة حول «وثائق بنما»، التى يمكن أن يتم من خلالها البحث بالدولة واسم الشخص فى تلك الوثائق التى وصل عدد أوراقها إلى أكثر من 11.5 مليون وثيقة.

تعنى تلك الوثائق بشكل أساسى بلجوء رجال أعمال من دول عديدة حول العالم بتأسيس شركات «أوفشور» عن طريق شركات وهمية بالتعاون مع مكتب المحاماة البنمى موساك فونسيكا للتهرب الضريبى من الدول التابعة لهم أو الراغبين فى الاستثمار فيها.

وكانت النسخة السابقة من الوثائق قد كشفت تورط آل مبارك فى أنشطة بنظام «أوفشور»؛ ما دفع الكثير من المحللين إلى المطالبة بالتحقيق فى الأمر.

ويعد تأسيس شركات الأوفشور فى حد ذاته أمرًا قانونيا وشرعيا بصورة كاملة، ويستخدمها رجال أعمال عديدين كملجأ فى الدول التى يواجهون صعوبة فى الاستثمار بها، ولكنها عرفت بأنها الستار الخفى الرئيسى لكل الراغبين فى ممارسة أعمال غير قانونية تبدأ من التهرب الضريبى وتصل إلى غسيل وتبييض الأموال، وحتى إخفاء أموال غير شرعية تمت عن طريق الحصول على الرشاوى أو العمولات غير القانونية، التى قد يتورط فيها سياسيون.

ونقدم فى التقرير التفاصيل الكاملة لمعظم الدول العربية ورجال أعمالها، الذين تم ذكرهم فى وثائق بنما:

ورد ذكر اسم مصر فى 5 وثائق من تسريبات بنما، والمتورطة فى إنشاء شركات أوفشور وهمية عن طريق وسطاء فى الفترة من 1990 حتى عام 2008، التى جاءت أسماؤهم على النحو التالى:

بدأ رجلا الأعمال صلاح وكمال دياب تأسيس شركات أوفشور فى جزر فيرجن البريطانية فى 24 أكتوبر 1990 عن طريق وسطاء لصالح شركة جريستون للبترول المحدودة، التى يملك رجلا الأعمال أسهمها.

وتكشف الوثائق أن شركات الأوفشور الأخيرة ساهمت فى تشكيل التحالف ما بين جريستون وشركة بيكو أمل للبترول، خاصة أنهما كانا على صلة وثيقة مع بعضهما البعض، بعدما حصلا مع الهيئة العامة للبترول على حق امتياز التنقيب عن البترول فى خليج السويس.

وارتبطت تلك الشركة بمجموعة من الأعمال والصفقات الأخرى، التى تمت عن طريق تأسيس شركات ومكاتب أوفشور خارجية.

ووصلت عدد المكاتب الأفشور التى افتتحتها شركة جيرستون التابعة لرجلا الأعمال صلاح وكامل دياب إلى ست مكاتب عن طريق الوسيط الرئيسى وهو شركة «بيكو أمل» المملوكة أيضا لنفسى رجلى الأعمال.

وتعاملت شركة آل دياب مع وسطاء عدة فى تلك الشركات مثل شركة «سليفر آروو»، و«ريسبروك للبترول المحدودة»، و«تكنو أويل المحدودة»، و«موسيفون نونيموز».

وتكشف الوثائق أنه تم اكتشاف تأسيس شركة «جريستون» لتلك الشركات الوهمية فى 30 أبريل عام 2013، واضطرت الشركة الأصلية إلى إغلاق كافة أنشطتها فى شركات الأوفشور فى 2 مايو عام 2013، وأوقفت كافة تعاملاتها مع مكتب موساك فونسيكا للمحاماة.

ارتبط اسم رجل الأعمال إيهاب عوض بوثائق بنما، بعدما أشارت إلى أن الشركة التى يرأسها «ترايدنت للبترول مصر» أسست أكثر من شركة بنظام «أوفشور» عن طريق سويسرا.

وتعد شركة إيهاب عوض، حسب الوثائق، واحدة من أكبر المتعاملين مع مكتب المحاماة، حيث أسست أكثر من 20 مكتبا فى مناطق مختلفة بنظام «أوفشور» معظمهم فى جزر فيرجن البريطانية.

بدأ إيهاب عوض عمله مع مكتب المحاماة البنمى فى 11 مارس 1998، ولكنه أوقف نشاطه مع المكتب فى 7 أكتوبر عام 2009.

يذكر أن إيهاب عوض، وهو مهندس جيولوجى أيضا، ارتبط اسمه بقضايا فساد عديدة فى مصر، أبرزها الفساد المتعلق بشركته «مجاويش» فى الغردقة، ووجهت له اتهامات بدفع رشاوى للحصول على تراخيص حفر آبار البترول فى المنطقة، كما أن العاملين بالشركة نظموا عدد واسع من الاعتصامات بسبب هدره لحقوق العاملين.

وضعت الوثائق اسم الملياردير المصرى الشهير نجيب ساويرس فى وثيقتين ضمن المستندات، ولكن بصورة ضمنية، بذكرها شركتين مملوكتين له، وهى «كانداكس إيجيبت المحدودة» و«كانداكس إيجيب إن آر كيو».

واستخدمت الشركة المملوكة لساويرس وسيط لشركة تدعى «هانزارد المحدودة»، والمملوكة لرجل أعمال يدعى «حسن بورخيس».

وتم تنفيذ عمليات تأسيس شركات الأوفشور الوهمية معظمها عن طريق جزيرة جيرنزى البريطانية، ولا تزال شركة حسن بورخيس تتعامل مع مكتب «موساك فونسيكا»، منذ بدايتها التعامل معه فى 25 أبريل عام 2008.

وبالبحث عن شركة «هانزارد المحدودة» وجد أنها شركة تم تأسيسها عام 1992، وتقدم خدمات الأوفشور لكافة الشركات ورجال الأعمال.

ورد أيضا فى المستندات اسم رجل أعمال يدعى «أحمد محمد صلاح محمد» يترأس شركة اسمها «إيجيبت وود» لتصدير الأخشاب.

وبالبحث عن الشركة المذكورة فى الوثائق لم يعثر لها على أى مقر فى مصر، بل مقرها فى العاصمة الروسية «موسكو»، وتمارس أعمالها من هناك، وارتبطت بتأسيس شركات «أوفشور» وهمية مع وسيطين أحدهما فى روسيا والآخر فى جزر فيرجن البريطانية.

وبالبحث عن تاريخ تلك الشركة وجد أنها تأسست عام 2001، كما أشارت مواقع متخصصة فى الشركات التجارية الروسية إلى أن الشركة لا يعمل بها إلا 10 موظفين.

وأشارت الوثائق إلى أن المساهمين فى تلك الشركة بالإضافة إلى أحمد محمد صلاح محمد، هو مدير الشركة «عبد الرحمن إبراهيم محمد أحمد».

وتثير تلك الشركة علامات استفهام عديدة، كيف أن نشاطها فى مصر، ومقرها فى روسيا، ومن هما أحمد محمد صلاح، وعبد الرحمن إبراهيم محمد، وهل هما أسماء مستعارة يختفى ورائهما أشخاص آخرون اتخذوا من روسيا مخبأ لهم؟

وأسست تلك الشركة الغامضة 3 مكاتب أوفشور، وبدأت العمل فى 14 فبراير 2005، ولا يزال نشاطها مستمرا مع مكتب المحاماة البنمى حتى وقتنا هذا.

وارتبطت الشركة الروسية الوسيطة مع الشركة المصرية الغامضة بخدمات أوفشور لنحو 30 شركة أخرى تمارس أنشطتها فى روسيا ومنطقة البلقان، ودول وجمهوريات الاتحاد السوفيتى السابقة.

ارتبط اسم الإعلامى الشهير عمرو أديب بوثائق بنما أيضا، بعدما أقرت الوثائق مساهمته فى شركة يطلق عليها «كوينز جيت أوفرسيز المحدودة».

وبالبحث عن تلك الشركة ونشاطاتها تعذر العثور على أى معلومات تفصيلية عنها أو النشاط الذى تمارسه، الذى دفعها إلى أن تؤسس شركات بنظام «أوفشور»، أو حتى المقر الذى تمارس منه الشركة أنشطتها، وهو ما دفع محللون إلى طرح اتهامات لها بالعمل بنشاط سرى غير مشروع أو التورط فى عمليات غسيل أموال أو بوابة سرية لنقل أموال غير شرعية.

وأشارت الوثائق إلى أن عمرو أديب أحد المساهمين بجانب رجال الأعمال الشهير «ممدوح إسماعيل»، ولكنه سجل بياناته باسم ابنته «مطيعة».

يذكر أن ممدوح إسماعيل برز اسمه قبل اندلاع ثورة 25 يناير بتورط شركته للملاحة فى غرق العبارة «السلام» فى البحر الأحمر وهروبه خارج البلاد قبل اصدار قرار منعه من السفر، وبعدها تمت تبرأته من القضية برمتها.

واستخدمت «كوينز جيت أوفرسيز المحدودة» وسيطا شركة تدعى «فرست نيمز جروب» وتمت المعاملات عن طريق جزيرة جيرسى البريطانية باستخدام جزر فيرجن البريطانية.

وبدأت الشركة المساهم فيها أديب وإسماعيل نشاطها مع مكتب المحاماة البنمى فى 11 أكتوبر عام 2008، ولا يزال نشاطها مستمر حتى الآن مع المكتب.

جدير بالذكر أن عمرو أديب عبر برنامجه «القاهرة اليوم» على قناة «اليوم» التابعة لشبكة «أوربت» كان أحد أبرز المطالبين بالتحقيق فى تورط آل مبارك بالعمل بصورة غير شرعية بنظام «أوفشور»، لكنه لم يعقب على الإطلاق على ظهور اسمه فى تلك الوثائق الجديدة.

لم تخلو وثائق بنما أيضا من أسماء شخصيات سياسية مصرية، وأبرزهم نجل الرئيس الأسبق محمد أنور السادات «جمال السادات».

وارتبط اسم جمال السادات بجانب شخصيات أخرى مساهمة فى شركة «إبكو للاستثمارات والإدارة المحدودة».

وجاء اسم السادات كمساهم فى الشركة التى أسست 5 أفرع بنظام «أوفشور» عن طريق سويسرا، بجانب شخصيات أخرى مثل أيمن على حسن المفتى، وأحمد على المفتى، وطارق مجدى هاشم، وشيرين فؤاد زين.

واستعان السادات وشركاه بشركة سويسرية كوسيط لإنشاء شركات «أوفشور» فى جزر فيرجن البريطانية يطلق عليها «كارى نوفا».

وبدأت شركة السادات وشركاه أعمالها بنظام «أوفشور» مع مكتب المحاماة البنمى فى 26 يوليو لعام 2005 ولا يزال نشاطها مستمرا حتى الآن.

كشفت وثائق بنما عن تورط أعرق بنك ألمانى فى عمليات غسيل أموال لصالح حزب الله اللبنانى، الذى يواجه تضييقات دولية كبيرة.

وأشارت الوثائق إلى أن بنك «بيرنبيرج» الألمانى أسس نحو 20 شركة بنظام «أوفشور» لصالح 15 من قيادات حزب الله، وتضمنت فتح أكثر من 75 حسابا مصرفيا فى سويسرا لصالح تلك القيادات.

واعترف البنك الألمانى فى بيان رسمى بتلك المعاملات، وأشار إلى أنها تأتى فى إطار القانون للتسهيل على عملائها، وأنها لا تطلب من أى عميل خاص بها معرفة توجهاته السياسية قبل بداية المعاملات.

تضمنت قائمة المتعاملين مع مكتب «موساك فوسنيكا» أيضا نحو 22 اسما لرجال أعمال مرتبطين بسياسيين جزائريين لتأسيس شركات وهمية بنظام «أوفشور».

وجاءت أبرز أسماء الجزائريين المتورطين فى تلك العمليات هم «نجد بن جديد»، نجل رئيس الجزائر الأسبق «توفيق بن جديد»، وأمين زرهونى نجل وزير الداخلية الجزائرى الأسبق «يزيد الزرهونى»، و«ملك لنجاوة عرفات» وزوجة وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، كما أن بعض رجال الأعمال الآخرين محسوبون على أنهم مقربون من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

يذكر أن زوجة وزير الطاقة الجزائرى حولت ملكية إحدى الشركتين الوهميتين اللتين أسستهما بنظام «أوفشور» لرجال أعمال يدعى «عمر حبور»، وهو أحد المتهمين فى قضية فساد سوناطراك الشهيرة، التى كشفت عن شبكة فساد كبيرة تعمل ما بين سويسرا وفرنسا وإيطاليا لإبرام صفقات مشبوهة متعلقة بحقول البترول الجزائرية، بحصول سياسيين ورجال أعمال على عمولات ورشاوى غير مشروعة بملايين الدولارات مقابل إسناد اتفاقات التنقيب عن النفط لصالح شركات بعينها، وأبرزها حصولهم على نحو 197 مليون يورو مقابل إسناد حقوق التنقيب لصالح شركة «إينى» الإيطالية بحقول يصل عائدها إلى نحو 11 مليار دولار، وأحد أبرز المتورطين فيها وزير الطاقة الأسبق «شكيب خليل»، ولكن الحكومة الجزائرية قررت عدم توجيه اتهام رسمى له ورفض وزير العدل الكشف عن أسماء المتورطين فى قضية الفساد تلك حتى الآن.

ومارس معظم الجزائريين المتورطين أعمالهم فى جزر فيرجن البريطانية عن طريق وسطاء فى سويسرا، والعديد منهم لا تزال أعمالهم مستمرة مع مكتب المحاماة البنمى حتى الآن.

ضمت وثائق بنما أيضا عددا من رجال الأعمال توانسة يعملون فى مجالات عديدة مثل الإعلام وصناعة الحديد والفولاذ والخشب والقطاع المالى والمقاولات، ولعل أبرزهم سيدة الأعمال فاطمة الجوادى، التى استخدمت وسطاء فى جنوب إفريقيا لتنفيذ أعمالها.

ولعل أبرز ما يتعلق بوثائق بنما فى تونس هى الضجة السياسية، التى أعقبت الإفراج عنها؛ ما دفع البرلمان لتشكيل لجنة تحقيق فى تلك المستندات، ورغم استئثار الحزب الحاكم بها، إلا أن المعارضة أصرت على تعديلها لضمان نزاهتها، كما وعد وزير المالية ووزير مكافحة الفساد التونسيين بسرعة التحقيق فى تلك المستندات للكشف عما إذا كان رجال الأعمال التونسيون تورطوا فى عمليات غير مشروعة من عدمه.

سارت المغرب إلى نفس درب تونس فى سرعة رد الفعل تجاه تسريب وثائق بنما لتورط رجال أعمال مغاربة فى التعامل مع مكتب المحاماة البنمى لتأسيس شركات أوفشور، وفتحت لجنة تحقيق سريعة حول تلك الوقائع.

وتورط نحو 4 رجال أعمال فى تأسيس شركات أوفشور مقراتها فى بنما وجزر فيرجن البريطانية عن طريق وسطاء فى سويسرا وبنما وجزيرة جيرسى البريطانية.