المحتوى الرئيسى

مبادرة محطة الكهرباء.. هل تطوي أحلام الفلسطينين بالعودة ودولة عاصمتها القدس؟!

05/18 09:18

على غير توقع، حول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حفل افتتاح محطة كهرباء في صعيد مصر إلى مناسبة لإطلاق مبادرة مفاجئة لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهي المبادرة التي سرعان ما رحب بها رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس السلطة الفلسطينية، ولكنها خلفت كثيرا من التساؤلات حول حقيقة مضمونها وعما إذا كانت جزءا من اتفاق سري يتم الإفصاح عنه تباعا.

بلغة الأرقام، استغرق خطاب الرئيس السيسي 22 دقيقة، تحدث في 8 دقائق منها فقط في الشأن المصري فيما خصص 14 دقيقة للحديث عن أهمية تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

المفارقة أن السيسي لم يبد في مرات سابقة وفي أوج اشتعال المواجهات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في غزة والضفة أي اهتمام بالتدخل لطرح خطة تسوية ما عرضه لحملة انتقادات اتهمته بالتخلي عن الدور التقليدي لمصر في القضية الفلسطينية.

في كلمته تحدث السيسي عن لقائه الأخير بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في القاهرة قبل أيام، وأشار إلى المبادرة العربية والمبادرة الفرنسية والجهود الدولية الأخرى ووجه خطابا خاصا إلى الداخل الإسرائيلي داعيا الحكومة في تل أبيب إلى عرضه على المواطنين أكثر من مرة مؤكدا فيه على أهمية أن تكون هناك دولة فلسطينية من أجل تحقيق السلام.

ويمكن بالإجمال رصد الملحوظات التالية على ما قاله وما لم يقله السيسي في مبادرته:

١- لم يشر للقدس واللاجئين والأراضي المحتلة

أكد السيسي على أهمية وجود دولة فلسطينية وأشار إلى مبادرة السلام العربية ولكنه لم يربط بين الدولة التي يقترحها وبين المبادرة العربية التي أطلقها الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز حينما كان وليا للعهد عام 2002، كما لم يكشف ما إذا كانت مطالبه ملتزمة بسقف المطالب العربية التي تنص على أن تقوم الدولة على كامل الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس، وموقفه من قرار الأمم المتحدة رقم 194 والخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين لأراضيهم، وجميعها تمثل الحد الأدنى للمطالب الذي تبنته جامعة الدول العربية ودأبت الدول العربية على المطالبة به.

لم يشر الخطاب إلى وجود حقوق فلسطينية قانونية، وبدت الصياغات تحمل قدرا عاليا من الحياد، وتضع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في كفة واحدة، فقال مثلا: "منذ عدة أيام (كان هناك) ناس تحتفل بالانتصار والاستقلال ، وناس تحتفل بالهزيمة والانكسار ، وكلاهما في نفس المكان"، في إشارة إلى احتفال إسرائيل بما تسميه عيد الاستقلال وهو ذات اليوم الذي يحيي فيه الفلسطينيون والعرب ذكرى "النكبة".

وبينما خلا الخطاب من الحديث عن حقوق الفلسطينيين، باستثناء إقامة دولة لهم فإن خطابه ركز على توفير ضمانات لإسرائيل لإنشاء هذه الدولة، مقترحا أن تكون الضمانات من مصر.

كان لافتا العبارات الحميمية التي استخدمها السيسي في حديثه عن المسؤولين والمواطنين الإسرائيليين، فعندما كان يوجه طلبه لهم كان مشفوعا بكلمة "من فضلكم"، كما قدم له بحديث مطول عما يمكن أن تعود به هذه الخطوة على دولة إسرائيل من رفاه.

الرئيس المصري وجه حديثه أكثر من مرة إلى من يستمع إليه من الإسرائيليين رغم أنه قال في مطلع خطابه أن ما سيقوله عفوي وغير مخطط له، كما دعا الحكومة الإسرائيلية إلى إعادة بث كلمته على شاشاتها أكثر من مرة.

وتحدث السيسي عن الثقة المتعاظمة بين مصر وإسرائيل في الفترة الأخيرة والتي سمحت بتواجد قوات مصرية لمحاربة الإرهاب في سيناء على عكس ما تنص عليه اتفاقية السلام مع إسرائيل، كما طالب الإسرائيليين في حديثه بالاستماع إلى ما يقول إن كانوا يثقون فيه.

٤- المطالبة بما لا يفعل

أحد المفارقات الرئيسية فيما طالب به السيسي وتحدث عنه مطولا كان مطالبته إسرائيل والفلسطيني بحل سياسي وتنازلات فيما يصر هو نفسه على تجاهل أي حل سياسي للوضع المحتقن في مصر منذ وصل إلي السلطة عقب إطاحة الجيش بالرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2013 إذ يقبع نحو 60 ألفا من معارضيه وراء أسوار السجون منذ ذلك الوقت ويواجهون محاكمات تتعرض لانتقادات دولية لجهة حيادها وشفافيتها ودقتها، ويواجه المئات من هؤلاء المعارضين (الإسلاميين على وجه الخصوص) أحكاما بالإعدام والسجن المؤبد.

وأثار توقيت المبادرة عددا من التساؤلات ولا سيما أنه جاء بعد أقل من شهر من خطوة مفاجئة أخرى ساهمت في رفع درجة التوتر في مصر، وذلك عندما أعلنت القاهرة بشكل مفاجئ أن جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين على مدخل خليج العقبة تابعتان للمملكة العربية السعودية، ثم كشفت الصحف الإسرائيلية أن حكومة نتنياهو كانت قد أحيطت علما بشكل مبكر بالقرار المصري بنقل السيادة على الجزر إلى السعودية وباركت ذلك القطار.

ويستلزم نقل السيادة على الجزر إلى السعودية إلى دخول المملكة طرفا في اتفاقية كامب ديفيد للسلام التي وقعت بين إسرائيل ومصر عام 1979 الأمر الذي دفع البعض للتساؤل عما إذا كانت خطوة تسليم الجزر ومن بعدها المؤتمر المزمع في باريس الشهر المقبل لبحث القضية الفلسطينية بحضور الدول الكبرى هو جزء من عملية تسوية كاملة في المنطقة.

وتسعى فرنسا الى عقد مؤتمر دولي لاستئناف عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية، المجمدة منذ فشل المبادرة الأميركية الاخيرة في نيسان/ابريل 2014. لكن المؤتمر الذي كان مقررا أواخر ايار/مايو 2016، أرجئ الى حزيران/يونيو كي يتسنى لوزير الخارجية الاميركي جون كيري حضوره.

وفيما رحبت الرئاسة الفلسطينية بالمبادرة فإن رد الفعل الإسرائيلي عليها لم يتأخر حيث رحب بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قائلا إن “إسرائيل مستعدة للتعاون مع مصر ودول عربية أخرى للمضي قدما في العملية الدبلوماسية واستقرار المنطقة".

وأضاف أنه "يقدر ما يفعله الرئيس السيسي، وتشجعني زعامته التي يبديها في هذه القضية الهامة".

وكان السيسي استذكر في خطابه معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية المبرمة في 1979 قائلا"إن نصف المصريين ونصف العالم الحالي لا يعرف احاسيس هذه الفترة وحجم الكراهية والغضب قبل ما حققته مصر من قفزة هائلة لانهاء الحروب والاقتتال (...) التي مهدت للسلام الحقيقي المستقر بين مصر واسرائيل".

ووقعت مصر معاهدة سلام مع إسرائيل 1979 لكن العلاقات بين البلدين ما زالت موضوعا حساسا في الاعلام والراي العام.

كما دعا الفلسطينيين الى المصالحة وسط الخلافات الحادة المستمرة بين السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس وحركة حماس المسيطرة على قطاع غزة مؤكدا ان "المطلوب تحقيق مصالحة حقيقية وبسرعة" بين الفصائل الفلسطينية وان بلاده مستعدة للمساهمة في ذلك.

وقال السيسي "أنا مش مجهز (كلمة)، ولكن سوف أتكلم بتجربتنا، تجربة إنسان، عاش بتجربة ماقبل 1967 ، و1973 و1977 (معاهدة السلام مع إسرائيل ) وعايش حتى الآن".

وقال إنه يلتقي برؤساء وفود من كل دول العالم منهم رؤوساء وفود للجاليات اليهودية في العالم وأضاف "اقول لهم الخطوة دي اللي اتعملت منذ نحو 40 عاما وعملت سلام حقيقي في المنطقة كانت خطوة جريئة جدا، وعملت في تاريخ المنطقة صفحة مضيئة جدا بين الشعوب وبعضها، مكانش حد في الوقت ده يتصور إنه يمكن يكون فيه سلام حقيقي مستقر بين مصر وإسرائيل بعد معاهدة السلام ، ولكن بالواقع ومرور الزمن هذا تحقق بشكل جيدا".

واستدرك قائلا "ممكن حد يقول إن هذا السلام ليس دافئا.. وأضاف "أنه عندما يقولون لي ذلك أقول لهم سيكون سلام أكثر دفئا إذ استطعنا حل المسألة الخاصة بأشقائنا الفلسطينيين، ويصبح لديهم أمل في وجود دولة، ويصبح هناك ضمانات لكلتي الدولتين، ونحن مستعدون لتقديمها."

وكان لافتا قوله "أقول للإسرائيليين الذين يسمعوني وأرجو إن القيادة الإسرائيلية تسمح لهذا الخطاب أن يتم إذاعته في إسرائيل مرة واثنين، لأنه قد يكون هناك فرصة حقيقة لإيجاد سلام رغم أن بعضهم يرى أنه ليس هناك فرصة لذلك في ظل الظروف التي تمر بها منطقة".

وأضاف أن "الأمر إرادة قيادة وإرادة رأي عام أيضا، ومن فضلكم الأحزاب الإسرائيلية والقيادة الإسرائيلية توافقوا على أجل إيجاد حل لهذه المشكلة، ولن يكون هذا مقابله إلا كل أمر جيد وعظيم للأجيال القادمة والأحفاد، لو تحقق الأمل لهذه القضية، بإيجاد دولة فلسطينية، بضماناتنا كلها سيكون هناك أمن وأمان للجانبين ، وسوف ندخل مرحلة جديدة".

وتابع "أرجوا أن تتفق الأحزاب والقيادة الإسرائيلية على أن هذا الموضوع في منتهى الأهمية، سوف نرى في المنطقة العجب، هذه المنطقة التي تتفجر اليوم، لو تحقق ذلك" .. حسب قوله

ولفت إلى أنه خلال المفاوضات المصرية الإسرائيلية في السبعينيات كان يتم التركيز من قبل الجانب الإسرائيلي على أن تكون المنطقتين (ب) ، و(ج) في سيناء خاليتين من القوات المصرية ، معتبرا أن المفاوضين الذين خاضوا هذه المفاوضات لو رأوا حاليا حجم القوات المصرية الموجودة في هاتين المنطقتين لمحاربة الإرهاب من مدرعات وطائرات ، كانوا سيستغربون لأن أصبح هناك ثقة بأن الهدف الوحيد هو الأمن والاستقرار والبناء .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل