المحتوى الرئيسى

هل يعتذر أوباما عن إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما؟

05/17 22:44

تثير الزيارة التي يقوم بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى هيروشيما الأسبوع المقبل، نقاشا حادا حول قرار الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان تنفيذ أول قصف ذري في التاريخ.

ففي 25 أبريل/ نيسان 1945، وبعد ثلاثة عشر يوما على وفاة فرانكلين روزفلت ووصول ترومان إلى البيت الأبيض، اطلع هذا الأخير على مذكرة سرية مذهلة.  

وقال وزير الحرب هنري ستيمسون في تلك المذكرة التي سلمها إلى ترومان باليد "في غضون أربعة أشهر، سنكون (...) قد صنعنا السلاح الأكثر رعبا في التاريخ البشري، قنبلة واحدة يمكنها تدمير مدينة كاملة".

وحتى تلك اللحظة، لم تكن لدى ترومان أي فكرة عن "مشروع مانهاتن" القاضي بصنع أول قنبلة ذرية في العالم، رغم أنه كان نائب روزفلت وعضوا سابقا في مجلس الشيوخ اشتهر بقيامه بالتحقيق في العقود الدفاعية إبان فترة الحرب.

وفي غضون أربعة اشهر، تم اختبار القنبلة الذرية بنجاح، واختيرت الأهداف، وتم إلقاء "ليتل بوي" و"فات مان" على هيروشيما وناغازاكي، ما أدى إلى مقتل نحو 214 ألف شخص واستسلام إمبراطور اليابان هيروهيتو.

وتبقى السرعة التي اتخذ فيها ترومان قراره وظروف هذا القرار وتداعياته مثيرة للجدل. ولا تزال غالبية الشخصيات التي ستستقبل أوباما في اليابان تعتقد أن القصف الجماعي للمدنيين جريمة ولم يكن ضروريا.

وقد حض المعلقون الذين يعتبرون أن زيارة اوباما هي بمثابة اعتراف بالذنب، الرئيس الأمريكي على عدم تقديم اعتذار.

وكتب أستاذ التاريخ في جامعة نوتردام ويلسون ميسكامبل "عندما يزور أوباما هيروشيما في 27 مايو/ أيار، يجب ألا يضع أي مسافة بينه وبين هاري ترومان". وأضاف "يجب أن يشيد بالرئيس الذي أدت إجراءاته إلى إنهاء حرب رهيبة".

بالنسبة إلى مؤيديه، لم يكن ترومان يملك خيارات كثيرة. ففي أواخر ربيع عام 1945، التقت القوات الأمريكية والروسية عند نهر الألبة، وكان أدولف هتلر محاصرا، والحرب في أوربا توشك على النهاية.

لكن حصيلة الضحايا في المحيط الهادئ كانت مرتفعة أكثر من أي وقت مضى. ولم تظهر اليابان أي إشارات على الاستسلام، رغم الخسائر الفادحة والهزيمة التي كان لا مفر منها.

وقال المؤرخ والكاتب ديفيد ماكولو إن أي وحدة يابانية لم تكن قد استسلمت حتى تلك اللحظة.

بالنسبة إلى ترومان، وهو من قدامى المحاربين في الحرب الكونية الأولى، بدا أن خيار استخدام القنبلة، هو أولا وقبل كل شيء، وسيلة للاستعاضة عن غزو بري وحشي لليابان.

ولو حصل الهجوم البري الذي أطلق عليه اسم "عملية السقوط"، لكان شارك فيه مليون جندي أمريكي وما يصل إلى 2.5 مليون جندي ياباني.

ورأى المخططون العسكريون الأمريكيون في حينه أن العملية البرية ستودي بحياة ربع مليون شخص وتوسع الحرب لمدة عام أو أكثر.

وبعدما تم اختبار القنبلة في نهاية شهر يوليو/ تموز بنجاح، أعطى ترومان فرصة أخيرة لليابان.

وخلال لقائه بجوزيف ستالين وونستون تشرشل في بوتسدام، دعا الزعماء الثلاثة طوكيو إلى "الاستسلام بلا قيد أو شرط"، أو مواجهة "التدمير الفوري والتام".

وانتظر الحلفاء بفارغ الصبر الجواب الياباني الذي أعطاه رئيس الوزراء كانتارو سوزوكي.

وعندما سأل الصحافيون سوزوكي عن موقفه، أجابهم بكلمة "موكوساتسو"، أي "لا تعليق" التي ترجمت إلى "لا يستحق التعليق".

وبحسب تقرير لوكالة الأمن القومي الأمريكي حول مخاطر سوء الفهم، جاء "قرر المسؤولون الأمريكيون الغاضبون اتخاذ إجراءات صارمة بسبب لهجة بيان سوزوكي الذي من الواضح أنهم رأوا فيه مثالا آخر على التعصب (...) والروح الانتحارية".

وكانت هناك أصوات ضمن الدائرة المقربة للرئيس ترومان تعارض استخدام القنبلة النووية، بمن فيهم دوايت أيزنهاور، الرئيس المستقبلي الذي كان آنذاك جنرالا.

وكتب أيزنهاور لاحقا "كنت واحدا من أولئك الذين شعروا بأن هناك عددا من الأسباب المقنعة للتشكيك في حكمة هذا العمل".

لكن ليست هناك أدلة كثيرة على أن ترومان فكر جديا بالتخلي عن ثمار برنامج كلف ملياري دولار عمل عليه روزفلت سرا على مدى سنوات. والأرجح أنه رأى في السلاح الذري امتدادا رهيبا لكن مفيدا للأسلحة التقليدية.

ولا يبدو أنه كان هناك إدراك بأن إسقاط القنبلة الذرية سيحفز سباق تسلح مع الاتحاد السوفياتي، وهو سباق سيطبع القرن الذي تلا الحرب العالمية الثانية.

وكتب المؤرخ شون مالوي "ما ناقشه القادة الأمريكيون على نطاق واسع، وأحيانا بحماسة، هو أين ومتى تستخدم القنبلة. (...) هل ينبغي أن تستخدم ضد ألمانيا أو اليابان؟ ما الأهداف التي قد تكون مناسبة لسلاح كهذا؟ هل ينبغي أولا إصدار تحذير؟".

عندما ألقيت القنبلة، لم يذكر ترومان فورا عدد الخسائر في صفوف المدنيين، حتى أنه وصف بعد بضعة أيام هيروشيما بأنها "قاعدة عسكرية"، ما دفع إلى طرح تساؤلات حول ما إذا كان مدركا لحجم الدمار.

واستبعد البيت الأبيض أن يتطرق أوباما مجددا إلى القضية الأوسع وهي ما إذا كان ينبغي إسقاط القنبلة أم لا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل