المحتوى الرئيسى

50 عامًا من البحث والدراسة تؤكد خطورة ضرب الأطفال على مُؤخراتهم - ساسة بوست

05/17 17:18

منذ 11 دقيقة، 17 مايو,2016

كلما ضربت طفلك على مؤخرته أكثر، زادت احتمالات تحديهم لآبائهم، وزاد نمو السلوك المعادي للمجتمع داخلهم، أضف إلى ذلك زيادة العنف، ومشاكل الصحة العقلية، وصعوبات تواجههم في عملية الإدراك.

كانت هذه النتائج هي خلاصة دراسة تحليلية استمرت لمدة 50 عامًا كاملة لبحث نتائج ضرب الأطفال وتأثيراتها عليهم عند الكبر. الدراسة أجراها خبراء من جامعتي تكساس وميتشغان الأمريكيتين، ونشرت في مجلة علم نفس الأسرة.

وألقت هذه الدراسة النظر على خمسة عقود من الأبحاث، التي تضمنت 160 ألف طفل. ويقول الباحثون إن هذه الدراسة هي التحليل الأكثر اكتمالًا حتى وقتنا هذا، فيما يتعلق بالنتائج المرتبطة بضرب الأطفال، كما أنه التحليل الأكثر تحديدًا للآثار الناجمة عن ضرب الأطفال على مؤخرتهم مقارنةً بالأوراق البحثية التي نشرت قبلها والتي تضمنت أنواعًا أخرى من العقاب البدني.

الكثير من الناس يعتقدون أن ضرب الأطفال ومعاقبتهم بشكل بدني ليس في جميعه سيئًا، فتجد من يقول إنك يجب أن تعاقب طفلك بالضرب أحيانًا لكن إياك أن تصفعه على وجهه. آخرون يقولون إنه يمكن الاكتفاء بضرب الطفل على يديه، وتحديدًا على ظهر يديه، فهي وسيلة جيدة لعدم الإفراط في الضرب كما أنها تكون موجعة للطفل.

البعض الآخر يتحدث عن الاكتفاء بضرب الطفل على مؤخرته لأنها تكون ضربات غير موجعة بشكل كبير ويتحملها الطفل بسهولة، لكن تأثيرها نفسي على الطفل الذي يشعر بالفعل أنه عوقب على خطئه. حتى إن بعض المدارس في دول عربية كانوا يتبعون هذا الأسلوب حتى وقت قريب للغاية. الدراسة التي نتحدث عنها هنا توضح لنا طبيعة الآثار السلبية الناجمة عن اتباع هذا الأسلوب من الضرب تحديدًا.

تقول إليزابيث جيرشوف، الأستاذ المشارك في علوم الأسرة والتنمية البشرية بجامعة تكساس الأمريكية، إن هذا التحليل لا يتحدث عن الاستغلال العنيف للأطفال، لكنه يركز على أحد أبرز أنواع الضرب البسيط الذي يلجأ إليه عدد كبير من الآباء حول العالم، وهو الضرب على المؤخرة. وأضافت «لقد وجدنا أن الضرب كان مرتبطًا بنتائج ضارة غير مقصودة، ولم يترافق مع امتثال الأطفال بشكل أكثر فورية أو طويلة الأجل لأوامر وتعليمات آبائهم، والتي هي الغرض الرئيسي المقصود من قبل الآباءعندما يلجؤون لضرب أطفالهم أو تأديبهم».

الدراسة التي شارك فيها إلى جانب جيرشوف الأستاذ المشارك في العمل الاجتماعي في جامعة ميتشغان، أندرو غروغان كايلور، وجدت أن ضرب الأطفال بهذه الطريقة (الضرب باستخدام راحة اليد على مؤخرة الطفل) كان مرتبطًا بشكل كبير مع 13 من بين 17 نتيجة قام الفريق بالتعامل معها، جميع النتائج كانت نتائج ضارة على الطفل.

ويقول كايلور إن نتائج الدراسة أشارت إلى أن الضرب يزيد من احتمالية وجود مجموعة واسعة من النتائج غير المرغوب فيها للأطفال، واستعمال هذه الطريقة في العقاب يؤدي إلى نتائج عكسية عما كان الآباء يريدونه من معاقبة الطفل.

ثقافة الضرب على المؤخرة منتشرة منذ القدم

واختبر الباحثان بعض الآثار طويلة الأمد، بين البالغين الذين تعرضوا لهذا النوع من الضرب عندما كانوا أطفالًا، ليلاحظا أنه كلما تعرض هؤلاء للضرب في صغرهم كلما اكتسبوا على الأرجح سلوكًا معاديًا للمجتمع، كما أن بعضهم واجه مشاكل تتعلق بالصحة العقلية.

ومن النتائج المخيفة التي بينتها الدراسة فكرة التفاعل المتسلسل، فالأطفال الذين تعرضوا لهذا النوع من الضرب في صغرهم، يقومون بدعم طريقة العقاب هذه عندما يبلغون ويطبقونها على أطفالهم أيضًا. هذه النتيجة تسلط الضوء على واحدة من الطرق الرئيسية التي يتم من خلالها تمرير سلوك العقاب البدني من جيل إلى جيل.

وألقى الباحثان نظرة فاحصة على مجموعة واسعة من الدراسات، ليلاحظوا أن الضرب تزامن مع نتائج وآثار سلبية على الدوام في جميع الدراسات بلا استثناء، حتى في تلك الدراسات التي تستخدم أقوى المنهجيات مثل التصاميم الطولية أو التجريبية في بناء الدراسة.

وأشار تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) صدر عام 2014، أن 80% من الآباء والأمهات حول العالم يستخدمون طريقة الضرب على المؤخرة في معاقبة أبنائهم. وتشير جيرشوف إلى أن الآباء والأمهات يستمرون في استعمال هذه الطريقة للعقاب على الرغم من عدم وجود أي آثار إيجابية واضحة لاستعمال هذه الطريقة، بل العكس هو الصحيح، فهناك الكثير من الآثار السلبية التي تظهر على الأطفال سواء على المدى القريب (أبرزها زيادة عناد الطفل وتحديه لأوامر والديه) أو على المستوى البعيد (مشاكل مجتمعية ومشاكل الصحة العقلية).

وأشارت الدراسة إلى تشابه النتائج السلبية الناتجة عن كل من الضرب على المؤخرة والاعتداء الجسدي على الأطفال، فالنتائج الناجمة في الحالتين تتطابق تقريبًا في نفس الاتجاه وبنفس مقدار القوة. وتشير جيرشوف إلى أن غالبية المجتمعات أو كلها تنظر إلى الضرب البسيط للطفل والاعتداء الجسدي عليه باعتبارهما أمرين منفصلين، لكن «ومع ذلك، يظهر بحثنا أن الضرب مرتبط مع النتائج السلبية نفسها للاعتداء الجسدي على الأطفال، لكن بدرجة يمكن أن تكون أقل قليلًا»، على حد تعبيرها.

وأشارت جيرشوف أيضًا إلى أن نتائج الدراسة تتفق مع تقرير صدر مؤخرًا من قبل مركز السيطرة على الأمراض والوقاية الأمريكي، والذي دعا إلى ضرورة القيام بحملات المشاركة والتعليم العام، بالإضافة إلى حملات لسن القوانين والتشريعات التي تهدف للحد من العقاب البدني، بما في ذلك الضرب على المؤخرة، بوصفها وسيلة للحد من سوء معاملة الطفل بدنيًا. وأضافت أنها تأمل أن هذه الدراسة يمكن أن تساعد في تثقيف الآباء والأمهات حول الأضرار المحتملة من الضرب، وتدفعهم إلى محاولة خلق أشكال إيجابية وغير عقابية من الانضباط لتوفير الانضباط عند الأطفال.

مكافأة الأطفال أفضل من معاقبتهم

هناك بالفعل عدد من الآباء الذين يلجؤون إلى ضرب أبنائهم، بوصفها وسيلة عقابية لهم على أفعال خاطئة ارتكبوها، فإذا أخطأ الطفل في أمر ما، كان الضرب عقابه الفوري. لكن عددًا كبيرًا من الآباء لا يحبون أن يعاقبوا أبناءهم بالضرب، لكنهم مضطرون أو مجبرون على ذلك، كيف هذا؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل