المحتوى الرئيسى

حظر النشر أسلوب السلطة المصرية المفضّل لتغييب الحقائق

05/16 16:16

تعالت الأصوات أخيراً مطالبة بالإسراع في إصدار قانون حرية تداول المعلومات وبفتح المجال العام، وذلك وسط تزايد المؤشرات على تعمّد النظام المصري الانغلاق على نفسه والتحفظ تجاه التعامل مع وسائل الإعلام.

ويرى مراقبون وخبراء إعلاميون أن نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يولي أهمية كبيرة للإعلام لكنه يتعامل معه كأداة من أدوات التوجيه الأيديولوجي للدولة. وظهر هذا جلياً في قول السيسي، في إحدى خطبه، "يا بخت عبد الناصر، الإعلام كان كله معاه".

ويؤيد هذه الفرضية، على مستوى الشأن القضائي، صدور 18 قراراً بحظر النشر في قضايا مختلفة. فمنذ فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في أغسطس 2013، أصدر النائب العام تلك القرارات تباعاً.

وكان أول هذه القرارات قرار بحظر النشر في قضية مقتل اللواء نبيل فراج، مساعد مدير أمن الجيزة الذي قُتل أثناء الحملة الأمنية على قرية كرداسة في 19 سبتمبر 2013 بهدف ضبط المتورطين في مذبحة اقتحام أفراد قسم شرطة كرداسة.

كما صدر قرار بحظر النشر في القضية المعروفة إعلامياً بـ"أحداث كنيسة الوراق" في منطقة الجيزة، والتي أسفرت عن مقتل أربعة وإصابة نحو عشرين، في هجوم بالرصاص استهدف حفل زواج أمام الكنيسة.

شارك غرد"يا بخت عبد الناصر، الإعلام كان كله معاه"، قال السيسي. ولأن الإعلام ليس معه فإنه يمنعه من الكلام​

شارك غرد18 قراراً بحظر النشر في مصر منذ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في أغسطس 2013

وصدر حظر النشر أيضاً في قضية اغتيال المقدم محمد مبروك، الضابط بقطاع الأمن الوطني، إلى جانب حظر النشر في القضية المعروفة إعلامياً بـ"التخابر مع حماس" والمتهم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسي وقيادات في جماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن حظر النشر في القضية المعروفة إعلامياً بـ"التخابر مع قطر".

كذلك صدر قرار بحظر النشر في القضية المعروفة إعلامياً بـ"الآثار الكبرى" والمتهم فيها مدير نيابة مدينة نصر وشقيقه وعدد من ضباط الشرطة، وقرار آخر في قضية تلقي رئيس هيئة موانئ بورسعيد رشوة مالية، فضلاً عن حظر النشر في حادث كمين شرطة الضبعة.

وتم حظر النشر في قضية تزوير الانتخابات الرئاسية لعام 2012 التي فاز فيها الرئيس الأسبق محمد مرسي على منافسه أحمد شفيق، وقرار آخر بحظر النشر في قضية الضابط أيمن إبراهيم الدسوقي الذي كان قد اختطف في شمال سيناء، فضلاً عن حظر النشر في مقتل شيماء الصباغ، وقضية أنصار بيت المقدس، ومقتل المحامي "كريم حمدي" داخل قسم شرطة المطرية.

وفي 2 يوليو 2015، أصدر المستشار علي عمران، القائم بأعمال النائب العام، قراراً بحظر النشر في التحقيقات التي تجريها النيابة في شأن واقعة اغتيال المستشار هشام بركات، كما صدر قرار بحظر النشر في ما سُمّي بـ"التسريبات العسكرية"، إلى جانب صدور قرار آخر في 27 يوليو 2015 بحظر النشر في قضية اتهام رئيس جنح مستأنف مدينة نصر المستشار رامي عبد الهادي بطلب رشوة جنسية من إحدى السيدات مقابل إصدار حكم لمصلحتها.

وأخيراً، صدر قراران بحظر النشر أولهما في قضية تصريحات المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، والمعزول بقرار جمهوري، عن تكلفة الفساد في مصر والتي قدّرها بـ600 مليار جنيه، وثانيهما في قضية اقتحام نقابة الصحافيين واعتقال الصحافيين عمرو بدر ومحمود السقا المتهمين بالتحريض على العنف ومقاومة الشرطة والقوات المسلحة.

يأتي ذلك في الوقت الذى تنص فيه المادة 68 من الدستور المصري على أن "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات وإعطاء معلومات مغلوطة عمداً، وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقًا للقانون".

وقد أبدت لجنة الحريات في نقابة الصحافيين قلقها من توسع النائب العام وجهات التحقيق في إصدار قرارات حظر النشر.

ويرى مراقبون أن المشكلة تكمن في إصدار مثل هذه القرارات في ظل غياب تشريع لحرية تداول المعلومات، وذلك وسط تأكيدات حول أن صدور هذا التشريع هو السبيل الأفضل للتعامل مع تلك القضايا التي تشغل الرأي العام، بدلاً من اللجوء إلى حجبها، وهو ما يفتح الباب أمام الشائعات والمعلومات والأقاويل المغلوطة.

ورأى الدكتور محمد نور فرحات، أستاذ القانون في كلية الحقوق في جامعة الزقازيق، أنه لا بد أن يكون هنالك طريق قضائي للطعن بتلك القرارات، خاصةً مع التوسع فيها، مطالباً بوضع ضوابط قضائية على إصدار هذا النوع من القرارات، لأنها تخالف الأصل الدستورى العام، وهو حق المواطنين في الحصول على المعلومات.

وأشار فرحات لرصيف22 أن ذوي الشأن الذين يجب أن يُعطوا حق الطعن بقرارات حظر النشر هم المتضررون منها كنقابة الصحافيين والمجلس الأعلى للصحافة والمؤسسات الإعلامية، باعتبار أها تحد من عملها وتوقع عليها ضرراً جراء حجب المعلومات.

من جانبه، قال أستاذ القانون الدستوري الدكتور شوقي السيد إنه ضد التوسع في إصدار قرارات حظر النشر بشكل عام حتى لا يصبح المجال العام زاخراً بالشائعات، معتبراً أن حظر النشر لا يمنع إصدار بيانات من النيابة لتوضيح تفاصيل القضايا للرأي العام، ومؤكداً أن الأصل في إصدار تلك القرارات هو الاستثناء وليس العموم.

ورأى السيد أن سلطة التحقيق، ممثلةً بالنيابة العامة، من حقها أن تأمر بحظر النشر عندما يكون أمامها تحقيق قائم، والسبب في إصدار مثل تلك القرارات يكون حماية الأمن القومي أو سرية المعلومات.

وأوضح أن القرار يجب أن يُعتبر ملغىً في حالتين، أولهما انتهاء التحقيقات وبالتالي يسقط قرار حظر النشر، وثانيهما أن يكون القرار محدداً بمدة زمنية ويسقط لدى انتهاء تلك المدة، مثلما حدث في انتخابات الرئاسة 2012 وكانت مدة سريان الحظر لقرار مماثل ثلاثة أشهر.

وكانت محكمة القضاء الإدارى قد ألغت قرار النيابة العامة بحظر النشر في القضية المعروفة إعلامياً بـ"تزوير الانتخابات الرئاسية" التي أجريت عام 2012، وأسفرت عن فوز الرئيس الأسبق محمد مرسي.

وأكدت في قرارها أن "الأخبار والمعلومات التي تخص الشأن العام تعتبر من أدوات تشكيل الرأي العام، وأن للمواطنين ولوسائل الإعلام الحق في اللجوء لمصادر المعلومات الصحيحة للحصول عليها وتداولها ونقلها، وإجراء النقاش والجدال حولها، ليشكل كل مواطن رأيه في الشؤون العامة على هدى من نور الحقيقة ودون حجر على حرية الفكر".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل